نظمت أحزاب منسقية المعارضة التي رفضت الدخول في الحوار، مهرجانا حاشدا يوم الخميس بالقرب من المسجد العتيق (مسجد ابن عباس) اختارت أن يكون"مهرجان الغضب"، وحسب قادة المنسقية، سيكون هذا المهرجان بداية لسلسلة من التظاهرات تجنح في اتجاه التعبير عن هذا "الغضب" الذي يبدو "أكثر فأكثر غير طبيعي".
بعبارة أخرى تبحث المنسقية في الأيام القادمة عن خلق توتر من خلال "احتكاكات" بين متظاهرين وقوات الأمن. ودائما حسب أوساط المنسقية،هذه الاحتكاكات ستأخذ شكل مظاهرات غير مرخصة، مهاجمة المباني الرسمية، وحتى السيطرة عليها من خلال متظاهرين مصممين... تقريبا على طريقة التونسيين والسوريين والمصريين أو اليمنيين. ولأن الهدف هو خلق وضعية توتر تساعد في زعزعة النظام وربما إسقاطه،فهذا هو منتهى ما تصبو إليه منسقية المعارضة.إن الخطب النارية لزعماء المعارضة تعطي أكثر من دلالة حول وضعية الأنفس داخل طبقتنا السياسية المعارضة.
لقد وصل الأمر إلى تمني تغيير النظام في أسرع وقت ،مهما كان الثمن ومهما كانت الوسيلة.ليكن عن طريق انقلاب،وهذا ما يفسر النداء الذي وجهه بعض زعماء المعارضة الذين أصبحوا" يغازلون" الجيش،مرة بالقول "إذا كان ولد عبد العزيز يخاف الجيش فإن المعارضة تنتظر منه الكثير"،ومرة بمخاطبته بكل وضوح بـ"تحمل مسؤولياته " في لحظة تصفها بـ"الأزمة المتعددة الأوجه"و "لحظة انسداد". والخلاص لا يأتي إلا من الجيش، بيد أن خيار الثورة الشعبية هو المطروح الآن في أوساط المنسقية. وحسب بعض المصادر فإن الإسلاميين سيشكلون حربة هذا الخيار،فهم متحمسون لما حصل في بعض البلدان العربية. بعض المصادر الأخرى ترى أن المنشقين عن التحالف الشعبي (حزب مسعود ولد بلخير) هم من يدفع في هذا الاتجاه. مهما يكن فإن السؤال المطروح هو : من هو المستفيد المفترض من تغيير الحكم، سواء عن طريق انقلاب أو ثورة شعبية؟
إن الفاعلين الحاليين عاشوا على الأقل محاولة يونيو 2003 التي تركت السلطة في الشارع،دون غطاء ولا دفاع،وشاهدنا كلنا كيف أنهم ظلوا مختبئين مثل بقية الموريتانيين (المساندين للنظام المستهدف وأعداؤه)،3 أغسطس 2005 ،6 أغسطس...كانوا هنا ولم يستفيدوا من التغيير ليفرضوا وجهة نظرهم. هذه هي اللحظات التي يفترض فيها خطاب المطالبة بعودة الجيش للثكنات ،والإصلاحات "الضرورية"،"الضامنة للديمقراطية"،وليس ست سنوات أو ثلاث بعد ذلك. كيف يكننا أن نحسن من وضعية الناس من خلال زعزعة بلد نحكم عليه أنه "في الهاوية" (وليس على حافة الهاوية)؟ هل يجب أن يعمينا كره ورفض النظام إلى هذه الدرجة؟ السياسة كما يقال هي فن الممكن. صحيح أن رفض الحوار كوسيلة لتوطيد الديمقراطية وكفرصة للحصول على بعض الإصلاحات الأساسية، لم يبق لهذه المعارضة سوى خيار الشارع. إنه منطق ليس من السهل تحمله ولا النجاح فيه. من السهل التعصب لرؤية لا تؤدي إلى نتيجة.
ليحفظ الله بلدنا من الجميع
من مدونة الكاتب الصحفي/محمد فال ولد عمير
ترجمة الصحراء