تحتل الإدارة أهمية بالغة في نجاح الموظف وإحقاق جهود التنموية، فهي الأداة الرئيسة التي تتمكن الدولة بواسطتها من تحقيق سياساتها وإشباع الحاجات العامة للأفراد، وبما أن المواطن هو من يحكم على آداء هذه الإدارات، فإن مشاكلها تزاداد يوما بعد يوم مما أدي إلى ظهور أنوع الخلل المتعدد الأولوان "الفاقع اللون" الذي يعانيه نظامنا السياسي في كل المؤسسات الإدارية، وغير ذلك من الإشكاليات التي يعرفها المواطن، وحسب تقرير منظممة الشفافة العالمية 2012 الذي صنف موريتانيا في المرتبة 123، ليتحول الخلل الإداري من مرض غير معدي إلى مرض حاد ومزمن عسير العلاج في الوقت ذاته !!! هذا الارتباط الوثيق ما بين الخلل والفساد السياسي من جانب، والخلل والفساد الإداري من جانب آخر، راجع لسببين الأول مباشر والثاني غير مباشر.
السبب المباشر : هو أن السلطة السياسية مطالبة بتشخيص هذ الداء الذي ينخر كل المؤسسات العامة والخاصة، والذي ظهر مؤخرا وهو ماتشهده الساحة السياسية محسوب على فئتين : فئة الأغلبية وفئة المعارضة، مما أدى إلى فشل وفساد في الإدارات التي صارت تحت أيدي هؤلاء، وأيضاً ومن خلال إنعدام نظم الرقابة الحقيقية المخلصة، وفساد النظام المتبع في الحكومة لتقييم أداء الموظفين، وعدم مكافأة الموظف المنتج والمخلص، ومحاسبة المقصر والمتلاعب !!
أما السبب غير المباشر : وهو الأخطر،هو إدخال عادات دخلية على مجتمعنا، بسبب انعدام الرقابة والمتابعة من طرف الجهات المعنية، وتكوين جيل غير شاعر بالمسؤولية إتجاه هذ الشعب المخلص، بل إن الأمور تجاوزت ذلك فأصبحت أكثر سوءاً، إذ إن الكوادر المخلصة والنشطة، أصيبت بالإحباط وعدم الرغبة في العمل الجاد، وهي تشاهد أن النظام الإداري والمسؤولين لا يفرقون بين من يعمل ومن لا يعمل، ولا يميزون بين الصالح والطالح، وأن الترقيات والامتيازات في العمل لا علاقة لها بالأداء والإنتاج !!!
إن المتغيرات والتحولات التي يعيشها البلد من إرتفاع الاسعار وإعتصامات أمام القصر الرمادي أدي إلى تعطيل مصالح الناس والبطء في تقديم الخدمات وتدني مستوى المرافق العمومية، بحيث ساهم في تعطيل الطاقات (العاملين) .
وذلك ماأدي إلى اهتزاز الثقة لدى المواطنين، في أداء المؤسسات الحكومية، مما جعل هناك قلاقل ومشاكل يعيشها البلد...
إن مانسعى إليه هو إدخال إصلاحات جوهرية في المؤسسات الإدارية مع بداية السنة الجديدة، فليس معنى هذا وجود فساد « وهو موجود »، وإنما إصلاح من أجل مواكبة المستجدات التي يريدها المواطن ... فكلما كانت الخدمات التي تقدمها الإدارة أكثر فعالية وأقل تكلفة، كلما تحسن الوضع الاقتصادي والسياسي والإجتماعي، والعمل على سد كل الثغرات، وتلافي أوجه الخلل في المؤسسات الإدارية فإن الشعور السائد عند المواطنين والواقع العملي الملموس يثبت أن الكثير مازال أمامنا .
نقلا عن "الطواري"