لم تكن الزيارة الأولى له لإحدى ولايات الوطن وبالتأكيد لم تكن المرة الأولى التي يهرع فيها مثل هذا العدد المهول لاستقباله والترحيب به وإعلان الولاء والمساندة له، لكنها حسب علمي كانت المرة الأولى التي تقف فيها الجماهير على بعد أقل من مترين من المكان المخصص لفخامته، وحين حضر تعالت الهتافات المؤيدة له فوق اللافتات المعددة لإنجازاته ؛ تقدم الرئيس بخطى ثابتة غير مكترث بالزحام الذي أوصل البعض إلى حد الاختناق فالمكان لم تراعى في معايير اختياره قابلية تلوث محيطه بالغبار متأثرا بالحركة الدافقة والنشاط الخارق لأنصار وجماهير أحزاب الأغلبية الداعمة لعراب الحركة التصحيحية وقائد مسيرة التغيير البناء ..
كل ما سبق مفهوم ومتوقع غير أن المفاجأة لم تكن لتتأخر عن موعد تم التحضير له فما إن أخذ صاحب الفخامة مكانه المحجوز مسبقا بين علية القوم حتى أطلق مجموعة من الشباب سمر الأولان مفتولي العضلات يشقون الصفوف في مشهد يبين مدى حرصهم على توصيل الرسالة التي حملوها حتى ضاقت بها صدورهم أو أشربوها ساعة غياب عقولهم حتى تخمرت في رؤوسهم وأعمت أبصارهم وأصبح كل شيء يهون في سبيل توصيلها متمثلين القاعدة الميكافيلية "الغاية تبرر الوسيلة" ولو كانت تلك الوسيلة الدوس بالأرجل على النساء والضعفاء الذين قدموا لتحية الرئيس وإعلان الولاء له والبراء من كل ما يروج له مناوئوه باسمهم،وفي غفلة من أجهزة الأمن القليلة العدد أصلا أجهزت مجموعة الشباب ــ التي لا يتجاوز عددها السبعة ــ على المكان المخصص للإعلاميين المساكين وشرعوا في ترديد شعارات مناوئة للحكومة والسلطات الإدارية بالولاية محملين إياها ما تعانيه ساكنة الولاية من بطالة وفقر وتخلف في شتى المجالات وفي نفس الوقت هاتفين بمساندتهم ودعمهم لصاحب الفخامة معددين إنجازاته ؛ شاكين إليه جور وظلم السلطات الإدارية المحلية مما أوصل بعض شباب الولاية بحسب الهاتفين إلى احتراف السرقة من أجل العيش أو الخمر والمخدرات لعل ذلك ينسيهم مرارة الواقع المعاش ..
ما حدث في روصو حري بالتدبر وإعادة النظر في ما يهمس به البعض من صراع محتدم بين تيارين داعمين للرئيس أحدهما ممسك بزمام الأمور منشغل بترجمة برنامج وتعهدات فخامة الرئيس على أرض الواقع وآخر متربص به مستعد لحرق الأخضر واليابس متنكر للتحسن الملحوظ والمعاش في سبيل وصوله إلى أهدافه المشبوهة ..