في أواخر شهر دجمبر من عام 2008 كنت أسمع أن مؤسسة "صحراء ميديا"ستستغني عن خدمات بعض العاملين فيها،لكن لم أكن اهتم لذلك.(تبين في ما بعد أن ذلك الافتراض مجرد سلامة صدر).
بنيت ذلك الافتراض السابق انطلاقا(أنني من الباقين في المؤسسة بعد الفصل) على أساس اعتبارات درستها في الاقتصاد والتسيير بتونس مفادها أن أي مؤسسة إذا أرادت تخفيض عدد عمالها فهنالك معيارين أساسيين :
1- ضعف الأداء مما ينعكس سلبا على إنتاج المؤسسة (ضعف الشهادة أوالخبرة في المجال الصحفي).
2- حسن العلاقة مع الادارة والطاقم والتميز في العمل والانضباط.
واصلت عملي بكل اجتهاد كعادتي ومع مرور الأيام صرت أسمع عن قرب فصل فلان وفلان وكانت القصة تترى لكن من طبيعتي أنني لا أعير اهتماما للشائعات التي تكثر في مجتمعنا.
ذات ليلة من شهر فبراير 2009 اتصل بي أحد الأصدقاء الكرام وكانت مضمون المحادثة من طرفه كالتالي :"اهلا استاذي فلان... هل علمت بآخر خبر؟ صحراء ميديا فصلتني وإياك والزميل فلان قبل يومين أو ثلاثة".
كان وقع الخبر صادما لي..حيث أنني لم أكن أصدق يوما من الأيام أنني معني بالفصل في تلك المؤسسة بناء على المعايير المنطقية.
أذكر انني اتصلت برئيس التحرير لجريدة "الأخبار" وقتها الزميل الشيخ ولد سيدي عبد الله وقد عبر لي عن حزنه لقرار فصلي وقال إنه خاض معركة مع الادارة لعدم فصلي وعبر لي عن تضامنه مع تقديره لي .
ايضا كان الخبر محزنا كثيرا نظرا لأنه وقع على كثير من زملائي كالصاعقة نظرا لمايعرفون في من مميزات مهنية وأخلاقية تؤهلني للبقاء بالمؤسسة.
في صباح الغد أكملت تدريس الفصل الصباحي في المدرسة ساعتين حتى العاشرة وتوجهت إلى المؤسسة لأتبين الخيط الأبيض من الأسود من الموضوع(مضت مدة 5 أيام لم ازرها قبل ذلك).
بادر الزملاء باعلان تضامنهم معي والاشادة بمهنيتي وأخلاقي وأنا ادلف من باب المدخل بدء بالبواب وانتهاء بالزملاء الصحفيين،جلست مع بعض الزملاء علي أستجلي الأمر فإذا الزملاء لا معلومات لديهم عن الموضوع نهائيا وبعضهم متخوف من الخوض فيه بسبب ضغوط الادارة.
اتكلت على الله وصعدت إلى الادارة حيث وجدت المدير العام الشيخ الداه ولد الزين واستقبلني بابتسامته المعهودة وشرح لي ان الأمر فقط ترتيب إداري فرضته ظروف مالية صعبة في المؤسسة،وأضاف سيكون لديك راتب شهرين مع الشهر الجاري تعويضا عن الفصل.
ذهبت بعد ذلك للمدير المالي للمؤسسة الخلوق الطيب أحمد ولد موسى ولدهاه الملقب "ودو" وأكملنا الموضوع بكل محبة وتقدير.
ودعت الزملاء وبي حسرة على فراقهم، وعلى وداع ذكريات صنعتها الأيام لتبقى شاهدة على مرحلة مهنية أعتبرها الأكثر القا في مساري المهني المتواضع.
وللتاريخ أذكر انني تلقيت معاملة حسنة في المؤسسة طيلة عملي بها معنويا وكانت المساعدات المادية يتم توزيعها على مع الزملاء في اوقات الحاجة كالأعياد وكنت اتقاضى راتبا عن شهر أغسطس الذي عملت لسنوات في الصحافة دون أن أجد طعما لراتب العطلة فيه.
وقبل نهاية هذه المرحلة أسجل للأيام العلاقة الطيبة والأخوية والمعاملة الخاصة التي كنت موضعا لها من طرف مدير التسويق بالجريدة الاستاذ اباه ولد محمد سيديا ولد اباه والتي بقي يعاملني بها حتى اليوم فله جزيل الشكر مني.
هكذا طويت صفحة مشرقة من تاريخ ...
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثاني من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 67حلقة" ولمن يرغب فيها أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني.
الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).)
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com