Africa Intelligence : جدل حول جدوائية البنك الجزائري بموريتانيا :|: توقيع مذكرة تفاهم حول التعاون العسكري بين موريتانيا والصين :|: القبض على عصابتين تتاجران بالمخدرات :|: تساقط الأمطارعلى مناطق متفرقة من البلاد :|: الاتحاد الافريقي : نحتاج 600 مليون دولار للتغلب على جدري القردة :|: أسعارالنفط تتراجع بتأثير من تباطؤ نمو الطلب العالمي :|: عادات ستجعلك أكثر نجاحًا بسرعة... ماهي؟ :|: التداوي الذاتي ومخاطره على الفرد والمجتمع* :|: توقعات بأسبوع ماطر على معظم مناطق البلاد :|: تحديد موعد مسابقة دخول أقسام تقنية رياضيات الهندسة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

تدني النجاح في المسابقات قنبلة موقوتة تهدد مستقبل البلد
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
مادة غذائية غير متوقعة تخلصك من رائحة الفم الكريهة
مدير “بوليتكنيك” : إجراء المنح تم تضخيمه
وفاة مصمم أبرز أغلفة الكتب العربية
تحويلات وتعيينات بقطاع الدرك الوطني
"كولا غزة" تغزو السوق الأوروبية !!
تفاصيل زواج أميرة النرويج بـ"المشعوذ" !!
أسعار النفط لشهرأكتوبر ترتفع فوق 80 دولارًا
5 وظائف هي الأكثر إرهاقا ...ماهي !
 
 
 
 

نهاية أسطورة “اتفاقية البترودولار” : الوهم والحقيقة؟

mardi 10 septembre 2024


تناقلت وسائل الإعلام مؤخرًا خبرًا مفاده أن اتفاقية “البترودولار” المزعومة بين السعودية والولايات المتحدة، والتي تنص على تسعير النفط بالدولار الأمريكي، قد انتهت في يونيو 2024. والحقيقة انه لا يوجد أساس لصحة وجود اتفاقية رسمية تُسمى “اتفاقية البترودولار”. وأن ما حدث عام 1974 كان عبارة عن اتفاق بين السعودية والولايات المتحدة على زيادة مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة مقابل استثمار السعودية جزءًا من عائداتها النفطية في سندات الخزانة الأمريكية وقد أدى هذا الاتفاق إلى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي، مما عزز مكانته كعملة احتياطية عالمية كما أن السعودية ودول أوبك الأخرى فعلت نفس الشيء وذلك لعدم وجود عملة قوية واقتصادية عظمى بعائدات استثمارية مجزية وآمنة كالولايات المتحدة الأميركية في ذلك الوقت، كما أن المملكة ودول كثيرة استمرت بربط عملاتها بالدولار الأمريكي منذ ذلك الحين، بينما يعود تسعير النفط بالدولار إلى تطورات اقتصادية وسياسية معقدة ومن أهمها أن نظام تسعير النفط بالدولار هو النظام الوحيد آنذاك والذي ساهم في استقرار أسواق النفط العالمية وسهّل التجارة الدولية والاستثمارات في ذلك الوقت.

ولكن ومع أن خبر انتهاء اتفاقية البترودولار خاطئ، إلا أنه يثير أسئلة مهمة ومنها ماهي أسباب هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية. ولماذا يتم تداول النفط والغاز بالدولار الأمريكي؟ وهل يوجود بديل عملي للدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية، وهل من الممكن للدول العربية بيع نفطها وغازها بعملة غير الدولار الأمريكي؟ وما مصير الدولار والاقتصاد الأمريكي في حال حدوث ذلك؟ وما البديل للدولار؟ وهل تُفيد هذه الخطوة “الجريئة” الدول المنتجة للنفط والغاز؟

ولفهم هذه الأسئلة بشكل أفضل، من الضروري العودة بالزمن إلى الوراء لفهم سبب تسعير النفط والغاز في جميع أنحاء العالم بالدولار الأمريكي منذ القرن الماضي.

هيمنة الدولار الأمريكي :

بعد الحرب، كانت الدول المنتصرة، مثل الولايات المتحدة، في وضع اقتصادي أفضل بكثير من الدول المهزومة، مثل ألمانيا واليابان وكذلك الدول الحليفة مثل فرنسا وبريطانيا التي انهكتها الحروب وفي عام 1944، عقدت الولايات المتحدة مؤتمرً بريتن وود حضره ممثلون عن 44 دولة. اتفق المشاركون في المؤتمر على القاعدة الذهبية وهي ربط الدولار الأمريكي بالذهب وبسعر 35 دولارًا للأونصة وبضمان الولايات المتحدة الأمريكية بتحويل دولارها وفق هذه القاعدة الذهبية. وبالتالي، أصبحت العملات الأخرى مرتبطة بالدولار “الذهبي”، مما جعل الدولار الأمريكي العملة الوحيدة القابلة للتحويل بشكل مباشر إلى ذهب. وبالتالي أدى ذلك إلى تحول الدولار إلى احتياطي أساسي للدول، وازداد الطلب عليه بشكل كبير لسهولة التعامل به. وأصبح الدولار أيضًا العملة الأساسية المستخدمة في التجارة الدولية، بما في ذلك تجارة النفط والتي يسيطر عليها شركات النفط الغربية المعروفة بـ “الأخوات السبع”، وكان البترول سلعة رئيسية في ذلك الوقت كما هو الحال في الوقت الحاضر.

انهيار قاعدة الذهب وتأثيره :

في عام 1971، فاجأ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون العالم بإعلانه عن تعليق ربط الدولار بالذهب. وأدى هذا القرار إلى انخفاض قيمة الدولار، لكنه لم يُؤثر على هيمنته على تجارة النفط الدولية. وفي عام 1973، فرضت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حظرًا على تصدير النفط إلى الدول الغربية لدعم تلك الدول للكيان الصهيوني، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير وبالتالي زادت إيرادات الدول المصدرة للنفط لدول أوبك بشكل كبير. والتي في استثمار جزء من هذه الإيرادات في سندات الخزينة الأمريكية نظراً لعدم وجود أي استثمارات أخرى آمنة وتدر عوائد مجزية، مما ساعد في تعزيز قيمة الدولار.

الدولار والدول المنتجة للنفط :

ظلت الدول المنتجة بما فيها المملكة العربية السعودية، بصفتها أكبر مصدر للنفط في العالم، حريصة على ضمان استمرار تسعير النفط بالدولار الأمريكي. وكان لذلك سببان رئيسيان : وهما الحصول على عائدات مرتفعة، حيث ساعد ربط النفط بالدولار في الحفاظ على قيمة الصادرات السعودية، مما أدى إلى حصولها على عائدات مرتفعة. والسبب الآخر الحفاظ على الاستقرار المالي : حيث ساعد ربط النفط بالدولار في الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي، مما أفاد الدول المنتجة ومنها المملكة العربية السعودية بشكل غير مباشر. وهنا نرى أن الصين التي حققت عوائد كبيرة من جراء نجاحها الصناعي هي الأخرى لم تجد في العالم استثمارات مجزية كما هي الحال مع المستندات الأمريكية وتقدر استثمارات الصين في الولايات المتحدة الأمريكية بما يقارب ترليون ونصف الترليون دولار في الأسواق الأمريكية.

التحديات والفرص :

وفي الوقت الحاضر يواجه الدولار الأمريكي حاليًا بعض التحديات، مثل صعود الصين حيث تزداد قوة الاقتصاد الصيني، مما قد يؤدي إلى زيادة الطلب على اليوان الصيني كعملة احتياطية. كما أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى زيادة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، وخصوصاً تعسف أمريكا في المقاطعة الاقتصادية والتلويح بمصادرة أكثر من نصف تريليون دولار من الاستثمارات الروسية مما قد يدفع بعض الدول إلى العزوف عن الاستثمارات في الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي البحث عن بدائل للدولار الأمريكي.

ولكن في الوقت نفسه، هناك بعض الفرص للدولار الأمريكي، مثل قوة الاقتصاد الأمريكي حيث لا يزال الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر والأكثر قوة في العالم، مما يدعم استمرار هيمنة الدولار. وكذلك عمق السوق المالية الأمريكية التي تتمتع بأعلى مستوى من السيولة والتنوع، مما يجعلها جذابة للمستثمرين الدوليين كذلك تمكن الدولار في البنية العالمية للبورصات النفطية. ولكن التفريط بهذه المنجزات التاريخية سيضعف الدولار وكذلك الاقتصاد الأمريكي على المدى المتوسط وربما إحلال عملات أخرى لتجارة النفط.

استخدام عملات أخرى لتجارة النفط :

منذ سنوات، أبدت الصين اهتمامًا بتسعير تجارة النفط والغاز باليوان. كما ان هناك عدد من الدول الأخرى التي بدأت أيضًا في تجربة استخدام عملات أخرى لتجارة النفط، بما في ذلك اليورو والين الياباني. ومن الايجابيات والسلبيات المحتملة لاستخدام عملات أخرى لتجارة النفط، هي تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، حيث يمكن أن يساعد ذلك الدول المنتجة للنفط على تقليل اعتمادها على الاقتصاد الأمريكي والسياسة الخارجية الأمريكية بالإضافة الى تعزيز التجارة البينية نظراً لأن استخدام عملات أخرى يمكن أن يؤدي إلى تعزيز التجارة البينية بين الدول التي تستخدم هذه العملات. ومع ذلك، هناك أيضًا بعض السلبيات المحتملة، مثل عدم الاستقرار فالعملات الأخرى، مثل اليورو واليوان، ليست مستقرة مثل الدولار الأمريكي، وقد تكون أسواق الصرف للعملات الأخرى أقل سيولة من سوق صرف الدولار الأمريكي، مما قد يجعل من الصعب على الدول المنتجة للنفط بيع نفطها.

مستقبل تجارة النفط : ضبابية تخفي فرصًا

يغلف مستقبل تجارة النفط ضبابية كثيفة، وتتعدد التكهنات حول العملة التي ستُهيمن على تسعيره. بينما يتمتع الدولار الأمريكي بمكانة قوية نسبيًا واستقرار يجعله مرشحًا للحفاظ على هيمنته لبعض الوقت، وتلوح في الأفق احتمالات تصاعد نجم عملات أخرى مثل اليوان الصيني، خاصة مع تنامي نفوذ الصين الاقتصادي وتذبذب السياسات الأمريكية. ولكن مسيرة تجارة النفط تبقى معقدة ومتداخلة، تشمل الأداء النسبي للاقتصادات العالمية، واستقرار العملات المختلفة، وسياسات الدول المنتجة للنفط والاستثمارات الآمنة بعوائد مجزية. وبينما يصعب الجزم بشكل قاطع بالعملة التي ستُزيح الدولار عن عرشه، تشير المؤشرات الحالية إلى حدوث تحول تدريجي في سوق النفط العالمية، قد يُفقد الدولار الأمريكي بعضًا من هيمنته المطلقة.

ويُرجح أن نشهد مستقبلًا على المدى المتوسط يتم فيه تسعير النفط بسلة من العملات، بدلاً من الاعتماد على عملة واحدة مهيمنة. وتُعد السنوات القادمة حاسمة لتحديد مسار تجارة النفط والعملة التي ستُستخدم لتسعيره، حاملًة معها فرصًا وتحديات جديدة لجميع الأطراف الفاعلة في هذا السوق العالمي الحيوي.

بقلم : د. راشد ابانمي

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا