الجيش : قمنا بتمرين ناجح لتجريب مختلف أنواع الأسلحة :|: منظمات تدعو إلى "التعريب الشامل" للخطابات والرسائل الادارية :|: موريتانيا تشارك في ملتقى للاقتصاد الرقمي بجنيف :|: وزيرالداخلية : يجب الابتعاد عن المخاطر قرب الحدود مع مالي :|: وزيرة : تمثيل النساء وصل 30‎%‎من القوة العاملة في موريتانيا :|: الحكومة : لا توجد أي مشكلة مع مالي :|: ماهي أنواع الرهاب الاجتماعي ؟ :|: أكبر 10 اقتصادات في العالم لعام 2024 :|: موريتانيا تشارك في القمة الافريقية-الأمريكية :|: عودة رئيس الجمهورية من العاصمة بانجول :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
 
 
 
 

لكي لا تضيع سمعتنا

mardi 25 septembre 2012


ظل الموريتانيون حتى الأمس القريب رمزا للصدق والوفاء والإخلاص والنقاء والبراءة، وبذلك ذاع صيتهم في جميع أصقاع العالم ومكنتهم تلك الصفات الراسخة في عمق كل فرد موريتاني من احترام الغير لهم وتقديره لقيمهم وأخلاقهم الرفيعة. فكان الموريتاني لا يتعرض لأي توقيف و لا مشكلة أثناء تنقله عبر العالم، لأن سمعته أهم تأشيرة يتزود بها المسافر في عالم مغمور بالمشاكل والصعوبات.

لم يكن ذلك المجد حقيقة من صناعتنا نحن أجيال اليوم، بل كان من انجاز اجدادنا الشناقطة الذين بنوا تاريخ أمتنا ورفعوا رؤوسنا في كل محفل وفرضوا ذاتنا بين زحام الآخرين رغم عوامل البداوة وقساوة الظروف. نعم كان الشنقيطي سفيرا لبلاده يسطر بيد ثابتة مجد أمة لولاه لفنت في غياهب النسيان.

أما اليوم فالموازين تغيرت وأصبحنا أمام حقائق مرة ينبغي علينا تفهمها بكل تجرد ورزانة لكي نساهم قدر الامكان في معالجتها بغية الحفاظ على صيت شنقيط وما بناه أسلافنا من مجد فاخر من جهة، ومحاولة التحسين من سمعة المواطن الموريتاني من الجهة الأخرى.

كنت في الماضي تقول انا شنقيطي فيقال لك بعفوية : أنت الصدق والوفاء والعلم والأمانة ... وإذا قلت اليوم أنا موريتاني فسيقال لك بعفوية أيضا : أنت التخلف والمكر والخداع و عدم المسؤولية... لا لأنك اغترفت جرما في حق الغير، و لا ارتكبت أي تصرف مشين ... لاكن سمعتك لطخت بفعل آخرين. نعم سمعتك باعها المنحرفون بثمن بخس وهاهم بين أحضانك أحياء يرزقون.

فنحن اليوم في عالم (العيينات) ونضج المجتمعات يقاس بمدى نضج أفرادها، بل أكثر من ذلك يعتبر كل فرد سفيرا لبلده لدى الآخرين. وبالتالي فكل فرد يتحمل جزءا من مسؤولية باقي أفراد مجتمعه ولذلك ينبغي أن يبذل أقصى جهده من أجل اختفاء كل التصرفات المتخلفة.

وإسهاما مني في اثارة النقاش حول هذا الموضوع، سأحاول التعرض لبعض مظاهر التخلف في مجتمعنا، تلك المظاهر التي تليق بأحفاد الشناقطة و لا تتماشى مع متطلبات التحضر.
في البداية أود أن أذكر بأنه هناك مظاهر تشاهد في مدننا لا تنم عن طيب أخلاقنا و لا عن مستوى نضجنا، أذكر منها على سبيل المثال :

• غياب النظافة العمومية :

النظافة من الايمان، وهي مظهر يرمز لوعي الشعوب وأحترامها، وللأسف الشارع الموريتاني سواء في العاصمة أو داخل الوطن، شارع بعيد كل البعد عن النظافة، شارع تغمره الأوساخ والمستنقعات. و الأعظم في الأمر أن هذه الأوساخ نحن من يلقيها في الشارع في ضحى النهار وأمام أعين الجميع، فلا أحد يستنكر ذلك التصرف، مع غياب تام لوسائل الردع التي تمتلكها الدولة وغياب أكبر لجهود المتطوعين من هيئات المجتمع المدني وذوي الاهتمام بالمجال.

ففي مدينة نواكشوط العاصمة السياسية للبلاد والتي من المفترض أن تكون على مستوى معين من النظافة، تنتشر بحيرات المياه والمستنقعات لتكون مأوى للغمامات، هذه المستنقعات بعضها سببته اللأمطار والبعض الثاني وهو الأخطر عائد لعدم نظافة مستخدمي مياه النظافة وغياب شبكات الصرف الصحي.

• فوضوية التسويق وتقديم الخدمات :

من حق كل موريتاني أن يمارس نشاط التجارة دون مضايقة كما من حقه تقديم خدماته للآخرين بحرية تامة، لكن يبقى ذلك كله في حدود النظام العام وبمراعاة حرية الآخرين وعدم مضايقتهم.

ففي نواكشوط تخلق ممارسة النشاطات التجارية والأعمال الحرة وتقديم الخدمات بشكل فوضوي مظهرا غير لائق يلوث الوجه الحضري لعاصمة البلاد، وتؤثر تلك الممارسات سلبيا على سمعة المواطن مستفيدا كان أو غير مستفيد من تلك الأنشطة.

ومع أن الدولة تبذل هذه الأيام جهودا مكثفة لمواجهة هذه الفوضوية من خلال تحرير الأسواق والشوارع من تلك المظاهر، إلا أن عامل الاستمرارية أساسي في هذا المضمار، فهناك هواجس لدى المواطن من أن تكون هذه الحملة مجرد نزوة سياسية ستختفي قريبا. كما أن الدور الأساسي والفعال في هذا المجال يبقى على عاتق المواطن فهو الذي يملك القدرة على تغيير ذلك الواقع.

• غياب التنظيم أثناء الاستفادة من الخدمات العمومية :

يحدث أثناء الاستفادة من خدمات الهيئات العمومية كإدارات الدولة، والمستشفيات والمؤسسات العمومية والشركات والبنوك ومراكز الخدمات ... الخ، الكثير من الفوضى ويرجع ذلك الى غياب ثقافة التنظيم لدى المستفيدين، ويتجلى ذلك في غياب الطوابير المنتظمة، والازدحام الشديد أمام المكاتب، وفوضوية التصرفات.

فعلى سبيل المثال يتبادر الى ذهنك وأنت تمر من أمام إدارة أو مستشفى أو مركز تقديم خدمات، أنه هناك معركة لما تسمعه من ضجة وما تشاهد من تحركات، ويعود ذلك الى رواسب البداوة وغياب الوعي و أبجديات التحضر.

• زحمة المرور :

يعتمد العالم اليوم بشكل كبير على الطرق كوسيلة لتنقل الأشخاص مع ما يحملون من أفكار، ولمرور والبضائع والخدمات أيضا. وبالتالي فكلما كانت حركة المرور داخل مدينة معينة سلسة كان تأثيرها الايجابي أكثر فعالية، أما إذا كانت بطيئة ومعطلة فسينعكس ذلك بجلاء على تلك المدينة وعلى المارين منها.

وفي موريتانيا تعرف حركة المرور ازدحاما شديدا بفعل عدم انتظام المستخدمين للطرق، من سائقين واصحاب عربات وراجلين، حتى أن استخدام الباعة المتجولين لتلك الطرق كقاعات عرض يؤدي الى زحمة مرور خانقة.

ويعود هذا كله الى غياب الوعي لدى الكثير من المواطنين أولا، وغياب دور الدولة كسلطة تنظيم عن الميدان ثانيا، وهشاشة شبكة الطرق من جهة ثالثة.

هذه مجرد نماذج من مظاهر التخلف الأكثر شيوعا ميدانيا في بلادنا وهي في الحقيقة مظاهر مشينة و غير لائقة، مظاهر سيئة لا تتماشى مع قيم الدين الاسلامي الحنيف كما أنها تتنافى مع فطرة الانسان ومبادئ الحضارة.

من جهة أخرى سأحاول التطرق لبعض التصرفات التي تعاب على جاليتنا في الخارج و تجعلنا محلا لذم الآخرين واستهزائهم، وتعكس بالنسبة للغير عادات الموريتانيين لذلك يصنفنا البعض بأننا متخلفون على أساس تلك التصرفات.
ففي السنوات الأخيرة انتشرت ممارسات سيئة قام بها أفراد موريتانيون في كثير من دول العالم، ففي السعودية بلاد الحرمين وأرض الطهارة وجوار خير البرية صلى الله عليه وسلم، في تلك البلاد مارس أفراد من جاليتنا نساء ورجال تصرفات يعجز الانسان عن تصورها، مارسوا الدعارة وأنواع الخبث والانحطاط الأخلاقي والتحايل والغمار ... الخ. وهو ما انعكس سلبيا على سمعتنا في تلك البلاد الطيبة المباركة.

وفي بلدان أخرى في شتى أطراف العالم مارس أفراد من تجارنا أنواع التدليس والسرقة والتحايل، هربوا بأموال الناس و خانوا أماناتهم وكذبوا في معاملاتهم، زوروا شهادات الوفاة لينالوا بها اموال الناس، و تصرفوا بلا حدود من أجل الثراء على حساب سمعة أوطانهم... الخ، وتناسوا قيم الاسلام وعادات الشناقطة. وقع ذلك في الصين في الخليج العربي، في دول الجوار الافريقية وفي بلدان أخرى معددة من العالم.

والأخطر في الأمر أن أصحاب هذه التصرفات القبيحة يمنحهم المجتمع أوفر أنواع الاحترام ويعيشون مبجلين في أوساطهم الاجتماعية، فبدلا من استنكار تصرفاتهم، يبدي لهم الجميع أقصى الارتياح عند عودتهم كأنهم أبطال شرفاء.
وعلى خلفية هذه التصرفات الآنفة الذكر، يعاني المورياتي اليوم في دول عديدة في العالم من أزمة ثقة وينظر اليه على أنه متخلف ومتحايل وغير مؤهل للمعاملات. وهكذا أصبحنا اليوم ندفع ثمن التصرفات الطائشة التي يقوم بها مجرمون من دولتنا في الخارج.

وعلى هذا الأساس فإننا اليوم بحاجة الى النظر بجدية الى واقعنا ومحاولة ايجاد حل لهذه الأزمة الحقيقية التي نعاني منها، وفي هذا السياق أقترح الاجراءات التالية :

• اتخاذ الاجراءات اللازمة من طرف الدولة لمعالجة هذه الظواهر عبر إنشاء مجلس تأديبي متخصص كفيل باستئصال تلك الظواهر بطرق فنية فعالة وجدية، كما يجب أن تسخر لذلك المجلس الوسائل المادية اللازمة لتأدية مهمته، وكذلك يمنح السلطة والصلاحيات الكافية لتمرير قراراته.

• القيام بحملات تحسيسية تعالج تلك الظواهر وينعشها علماء وأصحاب فكر ومتخصصون في المجال، ويجب أن تأخذ تلك الحملات وقتا مهما من وسائل الاعلام الرسمية والخصوصية كما يجب أن تتميز بالاستمرارية.

• حشد القوى السياسية والأهلية وهيئات المجتمع المدني على المستوى الوطني لمواجهة هذه الظواهر الخطيرة، عبر التنديد الدائم ونبذ أصحاب هذه التصرفات وتأنيبهم.

في نهاية هذا المقال أود التأكيد على أهمية الحفاظ على سمعة بلادنا و ضرورة معاقبة كل من يقوم بأي تصرف لا يخدم سمعة البلاد وطيب أهلها. وأحث الجهات المعنية على اتخاذ كل التدابير الضرورية من أجل إيقاف هذه الفوضى في أسرع وقت وبأنجع الطرق. و لا تفوتني الفرصة لأدعو الجميع كل من موقعه الى لعب الدور المناسب للمشاركة في القضاء على هذه الظواهر حتى يرجع لبلادنا صيتها وتحتل مكانتها الريادية.

عـبـــدي ولد البشيـر ولد أمحيحم

قانوني وباحث في قضايا التنمية

ouldbechir6@yahoo.fr

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا