انتهت العطلة سريعا وعدت للمنزل في حي "الصفا والمروة" قرب :منفلوري" لتبدأ حكاية جديدة...
عدت إلى المنزل وكان زملائي لما يأتوا بعد فعشت يومين وحيدا لا يؤنسني أحد استمتعت فيهما بالانفراد بذاتي وعمل جرد حساب لما فات من زمن والنتيجة التي تحققت في الدراسة،و"خارطة الطريق" التي يجب علي اتباعها في مسارين متوازيين :
الأول : يتعلق بالمعاملة مع زملائي وكيف يمكن أن أستغل الوقت وهم يضعونني في دوامة من الفوضى والتشويش لا تكمن معها الدراسة البتة..وإن كانوا يخفون عدم رغبتهم في نجاحي حتى لا أبقى متفوقا عليهم في المعرفة بالأرض وسابقا عليهم في الدراسة.
الثاني : كيف يمكنني أن أضمن النجاح في 17 مادة لا يدرس منها بالعربية إلا القليل جدا وهي كلها جديدة علي في هذه السنة، رغم ظروف السكن التي شرحت في الحلقات الماضية والصعوبات المادية التي عرفتها في بداية السنة بسبب "خيانة الأمانة" من طرف صديق كنت أحسبه أمينا وأودعت لديه 3 أشهر من المنحة" منحة أشهر الصيف"، ولما جئت لم أجده ،وتكالبت على هموم كثيرة من مشاكل التسجيل والسكن والنقل والمعيشة ..ولكن كما يقول المثل الحساني :"أوفه تعيش".وكالعادة عرفنا تأخرا في المنحة عن وقتها المرغوب.
رغم كل تلك المشاكل حاولت أن أعيش معهم طبيعيا، وبعد يومين بدأ زملائي بالوصول جلست معهم ونصحتهم وبينت لهم خطورة ما ضاع من الوقت،وقيمة المتبقي منه وضرورة حسن استغلاله،وعدوني خيرا لأنهم وقتها تحت تأثير النتائج السلبية التي حصدوها في امتحان "دورة الشتاء"،بينما نجحت انا في كل المواد التي أجريت فيها الامتحان وهي 7 مواد.
وبما أن المثل يقول :" الطبع يغلب التطبع" فسرعان" ما عادت حليم لعادتها القديمة" ولكن هذه المرة بكثافة في دعوات الأصدقاء وجلسات السمر وغيرها من أمور لا تساعد على الهدوء والدراسة إطلاقا.
لم يكن بيدي إلا الصبر ومواصلة الدراسة في تلك الأجواء وبعد شرين من ذلك جاءت "عطلة الربيع" في مارس،وكالعادة تفرق الزملاء عني وبقيت في المنزل وحيدا.. لم أستطع البقاء لأكثر من يومين غادرت بعدها لزملائي الكرام في "حي الحديقة".
قضيت مع العطلة وحرصت على المراجعة قدر الامكان،وكالعادة شجعوني وحرصوا على حسن ضيافتي وأن أتفرغ وبكل هدوء للمراجعة.
في بداية شهر ابريل انتهت الراحة وكنا على بعد شهرمن الدورة الأولى من الامتحان وقبلها سلسلة من الاختبارات في شهر ابريل.صبرت على الأجواء التي كانت قد هدأت قليلا بفعل خوفهم من الامتحانات وتظاهرهم بالمراجعة..ولما انتهت سلسلة الاختبارات في الأسبوع الأخيرمن شهر ابريل وقبل نصف شهرمن الدورة الأولى حتى كانوا قد بالغوا في المجون والسمر والتدخين ولعب الورق وممارسات اخرى..
عانيت أيضا مع هؤلاء "الأصدقاء الأعداء" من عدم الثقة والخوف على ممتلكاتي الخاصة على اعتبار أنني أصبحت أعرف نواياهم وأنني "دخيل" عليهم وهم يستهدفونني بكل المكدرات ويرغبون في ضياع السنة الدراسة علي ولسان حالهم يقول" من ليس معنا فهو ضدنا" وعليه الرحيل.وكأن المثل الفرنسي القائل :" اللهم احفظني من أصدقائي" ينطبق علي".
كان لزاما علي إذن البحث عن مكان آخر للقيام بمراجعة أخيرة قبل الامتحانات المصيرية وكان زملائي الكرام في "حي الحديقة" رحلوا هم أيضا لظروف تخصهم إلى منزل جديد في "بن عروس" الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس.
فكرت في الأمر ومن يمكنه مساعدتي وفجأة...
بقلم : محمد ولد محمد الأمين (نافع)
للتعليق والملاحظة : oulnafaa.mohamed@gmail.com
ملاحظة : هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة "جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية (رأي))....