تفريق وفقة لمرشحين للرئاسة بنواكشوط :|: تكريم أربعة مفكرين وكتاب أدب موريتانيين :|: اجتماع لجنة التعويض للمتضررين من جسر روصو :|: CENI : نؤكد انسيابية عملية المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية :|: تحويلات جديدة في قطاع الصحة :|: وزيرالخارجية : أي بلد يعول في غذائه على الخارج سيظل مهددا في أمنه استقراره :|: رئاسيات يونيو : مرشح ثالث يودع ملفه :|: إذاعة موريتانيا تطلق منصة بثها على الانترنت :|: مسؤول : نبحث عن مشغّل جديد لحقل بئر الله :|: جولة في حياة الفقيد محمد ولد إبراهيم ولد السيد :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
 
 
 
 

الانتخابات التشريعية الجزائرية : عِبَرًُُُُُُُ لحزب تواصل

يعقوب ولد أحمد ولد حمين

mardi 15 mai 2012


إن الانتكاسة التي تعرض لها الإسلاميون الجزائريون في الانتخابات التشريعية الأخيرة، يجب أن تكون بالنسبة لمواطنينا الموريتانيين في حزب تواصل، موضوع تأمل جدي.

ومع أنهم لم يتوقعوا أبدا تلك النتيجة التي تمخضت عنها، فإنهم لم يكونوا الوحيدين في المفاجأة. ففي الجزائر، كما هو الحال في موريتانيا،كانت الحركات السياسية التي تتمترس خلف شعار ” الإسلامية” تطمح ، إلى تحقيق نتائج مشابهة، أو حتى أفضل، من تلك التي حققها إخوانهم في مصر، وفي تونس وفي المغرب هم يعتقدون، ككثير من المراقبين، أن فوز الإسلاميين في الانتخابات أصبح اليوم هو التوجه العام المطلق، ناسين أن اتجاهات الرأي دائمة التقلب : تلك الحقيقة الذي بدونها تفقد الانتخابات أهميتها، والديمقراطية معناها.

أما أنا،فلم تكن المفاجأة بالنسبة لي بنفس المستوي، وإذ أتفهم ما يترتب على ضغط هذه الظروف الصعبة من هموم ومتاعب، فإنني أهيب بالجميع أن يتحلوا بالكرامة والرؤية الملهمة المناسبة لتبني أحسن الخيارات الاستراتيجية في لحظات المفاجآت هذه والإحباط والخوف من المستقبل وأهواله والحيرة في المسلك المناسب.

ومهما يكن من أمر، فإنني واثق من أن النوايا الحسنة، الساعية-بإخلاص-إلى الرفع من شأن الإسلام وخدمته، بدلا من إستغلاله، ستستخلص ما هو مفيد لبلادنا من عِبرِ ودروسِ التجربة الجزائرية، ولاشك أن الذين يحملون تلك المثل الوطنية السامية هم أكثر المنتسبين للأحزاب السياسية الموريتانية، سواء كانت تلك الأحزاب معارضة ، أو ضمن الأغلبية.

فالتحليلات، أيا كان رافدها، ينبغي في تفسيرها للمعطى الجزائري الجديد أن تركز على الجوانب التي قد تؤثر، بشكل أو بآخر، في الوضع السياسي في بلادنا.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يجب أن يكون المحور المركزي للتفكير، هو السياق الجيو-استراتيجي في أبعاده الثلاثة : البعد الوطني والبعد الإقليمي والبعد العالمي، تلك الأبعاد التي يبدو أن التحديات الكبرى النابعة منها كانت حاسمة في خيارات الناخبين الجزائريين، ولا شك أنها سيكون لها نفس التأثير على الموريتانيين مستقبلا.

على المستوى الوطني. يؤكد أغلب المحللين أن الجزائريين أرادوا، بهذا التصويت، أن يجنبوا بلادهم العودة إلى ما يسمونه “العشرية السوداء” : فالحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، ما تزال ماثلة في الذاكرة الجماعية، مما يحول دون الاستغلال السياسي للإسلام، ويجعل أغلبية الناخبين تحجب ثقتها عن الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، مفضلة -هذه المرة-أن ترتاد فضاءات أخرى، وأن تجرب فاعلين جدد.

أما في موريتانيا، فهناك مؤشرات عديدة على أن حزب تواصل ليس بمنأى عن الوقوع في خطر مماثل : فخطابه الذي، يتخذ، أكثر بأكثر منحى راديكاليا، يذكِّر، في بعض جوانبه، بخطاب الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية في عقد التسعينيات الماضي، وهو ما يلامس –أحيانا- حدود التطرف الإيديولوجي، الذي ستتكفل، بكل تأكيد، صناديق الاقتراع، في الوقت المناسب، بجزائه.

ولتجنب الوقوع في مثل هذا المنزلق السيئ بالنسبة لحزب “تواصل” وللحركات الإسلامية عموما، فإنالدرس الأول الذي يفرض نفسه على “تواصل”، يبدأ بمراجعة الخطاب السياسي، وتدارك مظاهر التطرف فيه، وإظهار الاعتدال، ثم ترجمة ذلك في رفض العنف في الشارع، وتجنب المسلكيات الاستفزازية، والتخلي عن منهج الإثارة والخطب النارية، ومن ثَمَّ ضرورة التشبث المبدئي، النهائي و ألحصري بالطرق القانونية.

و لئن كان المواطنون يصنِّفون الحزب المذكور باعتباره أحد فروع شبكة “الإخوان المسلمين” عبر العالم، ويجسد، في نظر الكثيرين، مثالبهم، فإن صمت تلك الحركات عن ما يواجه الإسلام في موريتانيا من تحديات، يعتبره الجميع تواطؤا، لذلك فإن غضهم الطرف – على سبيل المثال- عن الأعمال الإجرامية التي قامت بها حركة (إيرا) أمر مرفوض.

وكيف لا وقد أقدم زعماء هذه المنظمة غير المشروعة، الذين يدعون أنهم جزء من المعارضة، على إحراق مراجع المالكية الرئيسية في البلد !.

ورغم ما للحدث من أبعاد رمزية، دينية وحضارية، وما عبر عنه الناس، عبر المسيرات الإجماعية التي عمت البلاد استنكارا لما وقع، فلم ترى فيه الأحزاب المنضوية تحت لواء “الإخوان المسلمين” أمرا ذا شأن.

ولكي لا يبقى خارج السرب، دان “تواصل” – على طريقته الخاصة- الأمر، لكن ليس بالمستوى الذي يرجوه المواطنون الموريتانيون الذين رأوا في موقفه الخجول مناورة سياسية مريبة.

ومن هذه القضية بالذات ينبغي لحزب تواصل أن يستخلص درسه الأساسي الثاني. لأن الأمر يتعلق هنا بمسألة تشكل شرطا وجوديا لكل تنظيم مُؤسَّس على مبدأ الدفاع عن الإسلام في موريتانيا، لذلك فإن على “تواصل” أن يبتعد عن أي موقف يمكن أن ينظر إليه على أنه متخاذل، كلما تعلق الأمر بقضايا تمس أسس الثقافة الإسلامية أو الموروث الحضاري للأمة.

فعلى الحزب، على هذا المستوى، أن يتحلى بصرامة وحزم أيديولوجي واضح وجلي، وأن يتصدى لأي انحرافات أو تطرف مهما كان مصدره، وخصوصا إذا جاء من خندق حلفائه.

على الصعيد الإقليمي. أغلب المراقبين للساحة السياسية في منطقة المغرب العربي والشرق الأوسط وبلدان الساحل، يرون في السياق الجيوستراتيجي وتبعاته الأمنية عنصر تفسير جوهري لنتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية، إذ يعتبرون أن هذا التصويت المضاد للإسلاميين هو في الواقع بمثابة عملية لقطع الطريق على العنف والسير نحو الهاوية والأخطار المحدقة والحيرة، التي لمَّا تزل تهز، وإن بدرجات متفاوتة، البلدان التي يجتاحها ” الربيع العربي” الآن بقوة : تونس، مصر ليبيا، اليمن، البحرين، وسوريا.

في هذه البلدان كانت الحركات الإسلامية قبل الثورة هي البادئة بالطعن في مؤسسات الدولة، وقد يكون في ذلك تفسيرا لكونهم هم الأكثر استفادة -لحد الآن- من تلك الثورات ومن عدم الاستقرار الناجم عنها.

أما في الجزائر، خلافا لذلك، فالتفسير الذي أُعطِي لهذه الانتخابات التشريعية، هو أن الناخبين لا يريدون التغييرات العنيفة المفاجئة، ولا القطيعة الفوضوية التي تعتمد أسلوب الطعن في كل شيء وبطريقة فجائية وعنيفة.

ورغم ذلك فإن “تواصل” لم يفتأ خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة يدعو الشارع إلى الثورة وإلى مضاعفة الأعمال في هذا التوجه. وهو مستمر في اتخاذ “الربيع العربي” نموذجه المرجعي، رغم ما في ذلك من خطر وتعريض للأمة نحو الهاوية والفوضى والعنف.

غير أن الموريتانيين، خلافا للدول التي اجتاحها ذلك “الربيع العربي” قد اكتسبوا تجربة غنية في الممارسة الديمقراطية، خلال السنوات الأخيرة، وهي فرصة لم يتخلف “تواصل” قط عن استغلالها، وللمواطنين الرغبة في صيانة هذه المكتسبات وتدعيمها، ومن ثم فإن رفضهم للفوضي وعدم الاستقرار لم يسبق له مثيل ، لذا فإن على الذين يتطلعون إلى دور سياسي كبير في البلاد، أن يعوا هذا الأمر وأن ينطلقوا منه في سلوكهم.

ومن هنا فإن على “تواصل” أن يستخلص الدرس الثالث : وهو الإقلاع عن المقاربات والمناهج التي من شأنها أن تقود البلاد إلى الهاوية والفوضى والعنف، وأن يتبنى ويطور منظورا جمهوريا مؤسَّسا على بعد النظر والشعور بالمسؤولية.

ويجب حتما أن تتجسد هذه الرؤية في اللجوء الحصري إلى الاقتراع كمنهج وحيد لتغيير النظام السياسي، وإلى التقنيات والإجراءات القانونية كوسيلة للتعبير.

ومن جهة أخرى، فإن تصويت الجزائريين يشكل حسب المحللين “تصويتا ـ ملجأ” من التهديد الإرهابي والعصابات المسلحة التي تتعاطى الجريمة المنظمة.

ومع التطورات الأخيرة في جمهورية مالي، وما ترتب على الحرب في ليبيا من تبعات لا يمكن القفز عليها، فإن مناخا من عدم الأمن في المنطقة بدأ يتطور ويتمركز بشكل خطير على طول الحدود الجنوبية الجزائرية، ليمتد باتجاه دول الجوار التي اصبحت آثاره فيها واضحة.

والواقع أن تهريب الأسلحة والمخدرات ومختلف أشكال التهريب الأخرى، قد تضاعفت وزادت حدتها وانتظمت بشكل لم يسبق له مثيل، كما اتسعت دائرة المستهدفين بالاختطاف لتشمل مواطني وأطر دول المنطقة، كما يشهد على ذلك اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين العاملين في تمبكتو من طرف بعض العصابات الإسلامية المسلحة، التي تحتل المنطقة منذ شهر مارس الأخير.

إن مواجهة هذه العصابات يتطلب التزاما صارما وإرادة سياسية صريحة واضحة، بيد أن أي غموض في الرؤية في هذا المجال قد يعتبر تواطأ، الأمر الذي اعتبره البعض مصدر حيرة لدي المواطنين، مما ساهم في مراجعة مواقفهم ودفع الناخبين الجزائريين إلى منح ثقتهم لأحزاب أخرى تقدم بدائل أمنية أكثر وضوحا ومصداقية.

وفي موريتانيا، فإن الرؤية الإستراتجية المناهضة للإرهاب لدى الاتجاه الذي يمثله حزب “تواصل” أقل مصداقية بقدر ما هي غامضة ، إذ ليس بمقدورنا إلا أن نشير، على هذا المستوى، إلي ما حاول العديد من أطر وقادة حزب تواصل زرعه في الأذهان من تشويش وريبة حول العمليات التي تقوم بها قواتنا المسلحة لحماية وتأمين حدودنا ضد هجمات العصابات الإرهابية التي تعيث فسادا في جمهورية مالي، وذلك بوصفهم إياها ”حربا بالوكالة”، بينما يعتبر ضمان الأمن هو الوظيفة الخاصة الأولى التي تحتكر شرعيتها الدولة، وعلى الأحزاب السياسية في بلدنا أن تجعل منها العنصر المحوري في عملها لمواجهة التهديدات الخطيرة التي تتطور في منطقتنا.

ومن هنا فعلى “تواصل” أن يستنتج الدرس الرابع : مراجعة برامجه الأمنية بغية تجاوز نواقصها التي دفع إخوانه في الجزائر ثمنها باهظا أثناء الانتخابات التشريعية الأخيرة، ولن يكون له ذلك إلا بالانخراط النهائي في مسار محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.

على المستوى الدولي. إن الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية الراهنة وتحديات العولمة والقضايا المجتمعية لها أثرها هي الأخرى في الانتخابات الجزائرية حسب كثير من المعلقين وعلماء السياسة. فبالنسبة لهم فإن الحركات السياسية الأصولية ليست هي الأكثر تأهيلا لتسيير الدول في هذا السياق الذي يتسم بعدم الاستقرار المالي والتقلبات الاقتصادية و تشابك العلاقات والمصالح، وكذا التحولات السوسيوـ ثقافية الكبيرة. وهنا يكمن عنصر مهم لتفسير خيار الناخبين الجزائريين : لقد أرادوا أن يجنبوا بلادهم دائرة الريبة والشك والتحفظات في أعين شركائهم في التنمية، ومما يؤكد صحة هذا الموقف ويزكيه جدية التساؤلات التي يثيرها اليوم وصول أغلبيات بقيادة اتجاهات تنتسب إلى الإسلاميين.

وسواء تعلق الأمر بتونس، أو المغرب، أو بمصر فإن رئاسة الحكومة أو السيطرة على البرلمان من شأنه أن يضع بعض شركاء التنمية في حالة توجس وترقب قد تكون له عواقب اقتصادية واجتماعية ضارة، وقد بدأت بالفعل بعض القطاعات في هذه الدول تتأثر جديا مثل السياحة .

أما فيما يتعلق بموريتانيا فلا مفر لحزب “تواصل” من هذا الأمر، بل على العكس من ذلك فإن الحالة تبدو أكثر تعقيدا بالنسبة له، وذلك بفعل الظرفية الخاصة بموريتانيا : فالبلد يعرف جفافا مزمنا تتفاقم آثاره السلبية هذه السنة، حيث وضعت الدولة مقاربة إستراتجية لمواجهته تجمع بين توفير مصادر مالية ضخمة مأخوذة من خزينة الدولة والعون الدولي المتحصل عليه عن طريق مساعدة شركائنا في التنمية في هذا السياق السوسيوـ اقتصادي الصعب الذي تجتازه موريتانيا اليوم والذي يتطلب تدخل جميع الفاعلين، فإن “تواصل” قد اختار مقاربة مختلفة أقل ما يقال عنها أنها غريبة، ذلك أنه أدار ظهره لتحديات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وللإنعكاسات الكارثية للجفاف، ليركز جهوده على الدعوة للعصيان والتمرد. وهي دعوات ونداءات لا تبعث على الثقة، لا بالنسبة للشركاء الأجانب ولا بالنسبة للمواطنين، فالجميع ينظر إليها بشكل مريب لكونها سياسة عقيمة توشك أن تسبب له مزيدا من الخسارة.

وهنا على “تواصل” أن يستخلص درسه الخامس الذي يتجسد في التوقف عن الهروب إلى الأمام المتمثل في الرفض الأعمى لكل شيء صادر عن السلطات الوطنية، بدون تبصر ولا أي حس للتمييز. بل يجب أن يتحلى بروح المسؤولية، لذلك فإن عليه أن يسارع إلى الالتحاق بالجهود المبذولة للتغلب على آثار الجفاف والأزمة الاقتصادية، وأن يعمل على تحسين صورته بتبني موقف ديمقراطي ومسؤول، خاصة فيما يتعلق بقضايا المجتمع وموضوع التحديات الأمنية سواء تعلق الأمر بالمستوى الوطني أو الإقليمي أو على الساحة الدولية.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا