وزيرالخارجية : أي بلد يعول في غذائه على الخارج سيظل مهددا في أمنه استقراره :|: رئاسيات يونيو : مرشح ثالث يودع ملفه :|: إذاعة موريتانيا تطلق منصة بثها على الانترنت :|: مسؤول : نبحث عن مشغّل جديد لحقل بئر الله :|: جولة في حياة الفقيد محمد ولد إبراهيم ولد السيد :|: حملة لإخلاء الشوارع والساحات العامة بنواكشوط :|: توقيع دفتر التزامات قناة تلفزيونية جديدة :|: صدور تعميم يقضي بمراقبة حركة الأجانب :|: قادة الأغلبية يزورون ولد داده :|: موريتانيا تشارك في اجتماع وزاري افريقي حول الأسمدة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
 
 
 
 

رداً على ولد سيدي مولود... الإلزامات والتتبع (1)

محمد الأمين محمد المختار

lundi 14 mai 2012


كان شيخ الإسلام مصطفى صبري - رحمه الله تعالى – وهو يجادل العقلية العلمانية التي غزت النخبة المصرية في عهده، لا يأسى على شيء مثل أسفه على حال غالبية القراء والمتابعين، الذين تسحرهم أساليب الكتّاب وبلاغتهم، فينساقون وراءهم في الأفكار المناهضة لمنطق العقل الإسلامي، الذي يفترض أن يكون هو المرجع للجميع، ولكن قدرة الكتّاب على التلاعب بالألفاظ والأساليب مع تثاقل القراء عن التحقق من المسائل العلمية في مظانها الأصيلة، جعل الأفكار المستوردة تجد طريقها السالكة إلى الانتشار والاستقرار، فيكتب محمد حسين هيكل عن "حياة محمد" (صلى الله عليه وسلم) (لاحظ الاسم مجردا مثل غيره من البشر)، وفيه يقرر بأسلوبه الأدبي الساحر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن سوى إنسان عبقري وقائد ذكي، أما المعجزات وأما النبوة فتلك أفكار غيبية لا تتلاءم مع عقلانية القرن العشرين، ويكتب طه حسين بسحره وبيانه عن "ما شجر بين الصحابة" فيبعث الفتنة النائمة من رقادها، ويُجرّئ العوام على الخوض في أصحاب خير البرية رضوان الله عليهم.

وإنَّ حال النخبة المصرية في عهدهم ذلك، ليشبه حالنا اليوم في هذا المنكب البرزخي، حذوَك النعل بالنعل.. فتجد هذا الكاتب ذا الأسلوب الساحر، يخرج ببعض الغرائب، فينتصر له مريدون أعجبوا بكتابته، ولم يحققوا في صحة مقالته، ثم بعد تزايد المريدين، يصير الكاتب الصحفي "مفكرا إسلاميا"، وهي لقب يعني في عصرنا أكثر من "الاجتهاد" في الدين، بل يحق لصاحبه نسف كل ما سبقه، وبناء فقه جديد، تقوم قاعدته العظمى على الانتقاء – حسب التشهي والهوى – من شذوذات السابقين، وتطبيقات المعاصرين.

أسوق هذا الكلام تمهيداً، للرد على "الخرجة" الأخيرة للدكتور محمد ولد سيدي مولود، والتي أعتبرُها "حاشية على محرقة بيرام"..تستحق العصابةُ أن نهنئها عليها، فلن تجد العصابة "البيرامية" مرافعةً تدافع بها عن إجرامها، أحسن تنظيماً وأقدر تلبيساً، من تلك "الحاشية".

وقبل أن يتحسس أي من المريدين من أي عبارة قد يراها غير مناسبة في حق الكاتب (أو المفكر)، فإني ألفت الانتباه إلى بعض العبارات غير اللائقة التي استخدمها الكاتب في حق علماء الأمة الإسلامية، من قبيل : (التفاف الفقهاء على.. المصائب الفقهية الكبرى.. عزوف أغلب الفقهاء هنا عن ظاهر القرآن خطيئة .. وهذه وساوس سخِر الشيطان بِهِم فيها (نقلاً وإقراراً).. تلاعبت أقلام الفقهاء هنا تلاعبا غريبا بالنص القرآني.. لكن الفقهاء أهدروا العموم الواضح في هذه النصوص الشرعية.. انظر كيف ميَّع الفقهاء بعد ذلك الأمر.. وإليكم جوانب من كلام الفقهاء يهدرون فيه حق الحياة.. ويحررنا من الفقه الجامد..)
تتكرر هذه العبارات ومثيلاتها في كتابات صاحبنا الكثيرة، ولا أظن أنها هي أحسن العبارات احتراماً وتوقيراً للعلماء ورثة الأنبياء. ولكن من المفيد على كل حال أن المقال قد تجاوز الطعن في علماء الشناقطة، ليطعن في علماء الأمة جميعاً، فـ"المصيبة إذا عمت هانت".

ونظراً لتلك الاعتبارات، فلن أصف الكاتب بوصفه المشتهر "الشنقيطي"، فلا تشريف للكاتب أن يحمل صفة علماء كانوا مجموعة من "النخاسين" المتلاعبين بالدين.

وأما عن المنهج الذي سنتوخاه في هذا الرد، فإننا لن نستشهد بأقوال المفسرين، ولا بإجماع العلماء ولا بأقوال جماهيرهم، ولا بقواعدهم الأصولية في التعامل مع نصوص الكتاب والسنة، فكل ذلك لا يحمل أي قيمة في ميزان صاحبنا (المفكر الجديد)، فليس لدينا معه إذن أرضية مشتركة، سوى أرضية الجدل العقلي العام. فكيف سيكون النقاش إذن؟ وعلى أي مشترك؟

سوف يعتمد هذا النقاش على منهج "منطقي" خالص، يتكون من شقين؛ هما "الإلزام"، الذي به يتبين تناقض الخصم، حيث يقول بقول لا يستطيع أن يتبنى ما يترتب عليه، والثاتي "التتبّع"، الذي يتقفى أسلوب الكاتب في تركيب الجمل وما تحتويه من التلبيس المقصود.

الإلزامــات :
1 – الفقهاء في نظر صاحبنا "تلاعبوا بالقرآن الكريم"، و"التفوا على مقاصد الشريعة".. إلخ، من يقصد؟ هل يقصد بعضهم أو أقلية منهم؟ لا .. إنهم "الـ" فقهاء بأداة الاستغراق، كل فقهاء الأمة ومفسريها منذ نشأتها حتى يوم الناس هذا، باستثناء اثنين مختارَين (قائمين بالحجة لدين الله) في نظر الكاتب، أحدهما في القرن الخامس والآخر في القرن العشرين. ولذلك تراه يتجنب الاستشهاد في تفسير الآيات الكريمة بأعلام المفسرين ، من الطبري إلى البغوي إلى ابن عطية، لأنهم طبعا داخلون في هذا العموم. لكن يلزم على هذا أمور ينبغي أن لا يتهرب الكاتب منها :

 أن الأحاديث التي تستشهد بها أيها الكاتب (من مسند أحمد وسنن الترمذي ومستدرك الحاكم، إلخ..) لا قيمة لها علميّاً، ولا يمكن أن يوثق بصحتها تاريخياً؛ فناقلوها هم مجموعة من فقهاء النخاسة "المتلاعبين بالشرع الحنيف"، الذي استحلوا فروج الحرائر، وتواطؤوا على تحريف الدين، من أمثال أبي عبد الله مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأبي عبد الله أحمد بن حنبل.. إلى آخر قائمة المتلاعبين.

وإذا كان هؤلاء يقدمون "اجتهادات فقهية تُميّع الإسلام"، فلا مانع يمنعهم من أن يخترعوا الأحاديث التي يتقربون بها إلى الحكام والسلاطين، بل وحتى إلى العامة، ولا ورع يردعهم عن ذلك، بعدما اجترأوا على "التلاعب" بكتاب الله تعالى. فليس لديك - أيها الكاتب - سبيل إلى الاستشهاد بأحاديث لا يخلو لها سند من هؤلاء "المهدرين لحق البشر في الحياة". وحتى كتابُ الله تعالى، من أين وصلك؟ هل خلت أسانيدُه – مهما تواترت – من هؤلاء "المتلاعبين؟ ! أجزم أنك في موقف آخر، قد تطعن حتى في كتاب الله، فالثغرات التي فتحها المستشرقون ما تزال كما هي، ولا ينقصها سوى كاتب "عليم اللسان والقلم" يقدمها للقراء والمريدين في ثوب من البلاغة والانتصار لـ"روح الدين".!

 ويلزم على هذا أيضا أن الأمة المحمدية بعد الصحابة (ولم ينج منك حتى الصحابة) قد اجتمعت على الضلالة، وأطبقت على تحريف الدين (وجزء الدين مثل كله)، على الأقل لمدة أربعة قرون، قبل أن يأتي ابن حزم "القائم بالحجة".. ولن نحتج عليك بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في عصمة جمهور الأمة، لأنها – أيضاً - من رواية هؤلاء "المتلاعبين" : (هل يلاحظ أحد تقاطع صاحبنا مع الفكر الشيعي، في اعتبارهم أن أغلب الأمة منذ عصر الصحابة، محرّفون للدين ومخالفون لوصية سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام، وفي انتظارهم للـ"قائم بالحجة" (عجل الله فرجه الشريف)؟ ! وحين تذهب إلى الجانب السياسي من فكره، ستجد التقاطع مع فرقة الخوارج، حين يقرر أن الأمة الإسلامية منذ البدء "قد انحرفت سياسياً"، حتى جاء الله بديمقراطية الغرب، فآن لنا الالتحاق بها، بل يقرر ما هو أشنع من ذلك، أن الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام والهدى لم تكن سوى "توسع امبراطوري"، وأن "بناء الدول على أساس "الفتح" – كما كان في تاريخ الإسلام – لم يعد مناسبا أخلاقيا" (راجع مقال الكاتب : الناس على دين دساتيرهم).

2 – يستشهد صاحبنا بدرّة عمر بن الخطاب (هل هي مناسبة أخلاقيا في مفهومك الديمقراطي؟)، ولكن لا بأس ! لقد رأى سيدنا عمر رضي الله عنه فقهياً وجوب الاستجابة للمكاتَب إذا قدر على المكاتبة، وسيدنا أنس رضي الله عنه لم يوافقه – كما يزعم الكاتب – بل "أطاعه" طاعة ولي الأمر، لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف.. ولو كان وافقه في الاجتهاد، هل كان سيتمنع ويرفض حتى يهدد عمر بالدرة؟ !

وإذا كانت درة عمر دليلاً لدى الكاتب، فعليه أن يلتزم معنا شيئا من مقتضياتها :

 كان عمر رضي الله عنه يمنع الإماء من ستر شعورهن ومن لبس الجلابيب، لأن في ذلك تشبهاً بالحرائر، فإذا رأى منهن من تفعل ذلك، علاها بالدرة وزجرها قائلاً (أتتشبهين بالحرائر يا لكاع !) (سنن البيهقي (3305) وصححه)، على الكاتب أن يلتزم – إذن – بالاستدلال باجتهادات عمر رضي الله عنه ودِرّته، وحينها سيتهمه بالعنصرية ضد الإماء، واعتبارهن مواطنات من الدرجة الثانية. وأجزم أنه لا مشكلة عند الكاتب في أن يقول بذلك (في غير هذا الموضع الذي يحتاج فيه للاستشهاد بعمر)، فقد قال في مقاله (الناس على دين دساتيرهم) بالحرف : (لكن الإمبراطورية الإسلامية – شأنها شأن كل إمبراطورية - لم تتأسس على عقد اجتماعي يسوي بين مواطنيها، وما كان فيها من تسامح ديني وسياسي – يستحق الفخر والإشادة في سياقه التاريخي- ليس قريبا مما نطمح له اليوم من تحقيق مفهوم المواطنة المعاصر). فعمر بن الخطاب والصحابة الفاتحون – في رأي كاتبنا - لم يكونوا يطبقون المساواة بين البشر، إذن فلا داعي للتستر خلف العلماء الذين "ميّعوا" الدين في زعمك، بل يجب أن تُدين الخلفاءَ الراشدين قبلهم، حتى تكون لأفكارك مصداقية أو انسجام على الأقل.

لو كنا في مقام جدل فقهي غير هذا المقام؛ لقلنا إن اجتهاد عمر رضي الله عنه يظل رأياً له احترامه وتقديره، وأن اجتهاد أنس رضي الله عنه بنفس القوة من الاحترام، والتعامل معهما يكون على أساس احترام اختلاف المجتهدين، لا بالاتهام بالتلاعب ونحوه من مصطلحات التخوين غير اللائقة. وإن من التمحل البارد هنا ادعاء أن أنسا وافق عمر رضي الله عنهما، وأبرد من ذلك دعوى موافقة الصحابة الآخرين على أمر لم يحضروه أصلاً.

3 – ابن حزم "القائم بالحجة للدين ببيانه وبيناته"، لا أريد هنا أن أتطرق إلى مجازفاته الفقهية الغريبة، وحرفيته المضحكة في التعامل مع النصوص، فذلك خارج عن منهجنا، لكن لا أدري هل تجاهل الكاتب موقفه "الاستعبادي" أم أراد أن يتستر عليه، فقد قال ابن حزم عن مكاتبة الطفل الصغير : (مسألة : ولا تجوز كتابة مملوك لم يبلغ)، فابن حزم – على علاته – لا يصفو لك، ولا يمكن أن تخرجه من دائرة الاستعباديين "المتلاعبين بالدين"، فهو – حسب مفاهيمك – يشجع استغلال القُصّر، ويحرمهم من حريتهم، فما المشكلة لو أن صغيراً أراد أن يتحرر، ومفاتيح تحرره بيده؟ لماذا يجبر على الاستعباد؟ ! هذه الأسئلة نقدمها على ألسنتكم، إلزاماً لكم لا التزاماً بها من طرفنا، فلنا تفسيرات أخرى للموضوع، ليس هذا مقامها. وقد سبق الأستاذ يحظيه محمد عالي في رده الهادئ إلى تنبيهك على قول ابن حزم بـ(أن المكاتب عبد ما لم يؤد، فإن أدى شيئاً من كتابته فقد شرع فيه العتق والحرية بقدر ما أدى وبقي سائره مملوكا) (المحلى 8/226ــ229)، وهو يخالف ما جزمتَ به مجازفةً وتدليساً، فلا تزعم – بعد اليوم - أن ابن حزم يوافقك ببيانه وبيناته !

تلك بعض النقاط النموذجية التي لو التزم بها الكاتب لكان منطقه يحمل اتساقاً داخليا يمنحه على الأقل درجة من التماسك، تكون منطلقاً للنقاش، أما لو لم يلتزم بها فإن أطروحته ستبقى متهافتة، وهي في كلتا الحالتين تحمل من التناقض ما يكفي لإسقاطها.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا