منصة إنتاج وتخزين الغاز "FPSO" تتوجه إلى حقل "آحميـم " :|: البرلمان يصدق على اتفاقيات قضائية مع السنغال :|: Afrimag : "المعارضة في صفوف متفرقة" بالرئاسيات :|: تهنئة أمريكية لموريتانيا بتقدمها في حرية الصحافة :|: على هامش المعرض الجزائري : مؤسسة أجود للأبواب توقع مذكرة تفاهم مع شركة "سارال آزا" الجزائرية :|: اغلاق "نقطة ساخنة" بعد مواجهات بين الشرطة والباعة المتجولين :|: ورشة لإطلاق مشروع إنشاء معاهد جهوية للتعليم العالي :|: تصادم وانقلاب سيارات في حادث بنواكشوط :|: وزير يحذر من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي السلبي على الأمن :|: قمة العالم لاسلامي تدعو إلى التحرك لوقف الإبادة الجماعية في غزة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
 
 
 
 

الغضب في رحاب ابن عباس ! /محمدو ولد عابدين

lundi 19 décembre 2011


لست من حفاظ الحديث للأسف الشديد، ولم أرجع إلى كتبه لأعرف هل ابن عباس رضي الله عنه هو من روى أن النبي عليه الصلاة والسلام قد نهى عن الغضب فقال لأحد صحابته لا تغضب. لما للغضب من انعكاسات سلبية على النفس والسلوك، وقد أثبت العلم الحديث الأثر الهدام للغضب على عمل الهرمونات والانزيمات والخلايا العصبية بالجسم.. ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ). وأيا كان الراوي فالحديث صحيح.. والأماكن التي تصلح لأن تنطلق منها الدعوات للثورة وتعكير صفو وسكينة حياة الناس كثيرة غير تلك التي سيكون الركع السجود في مسجد ابن عباس شاهدون على دعوات أهلها، أما إذا رفع فيه الآذان فهرع الداعون للفتنة - أو بعضهم - لإجابة داع الله فسلموا من صلاتهم وعادوا لما نهوا عنه من سب الناس وشتمهم وسوء الظن بهم واتهامهم دون بينة، وزادوا على ذلك بشحن عواطف الحاضرين وتحريضهم على ما لا ينفع الناس ولا يمكث في الأرض، فسيكون ذلك مفارقة كبيرة وإن كان النقص ليس في المفارقات والتناقضات..

وعلى أية حال فلا عاقل في موريتانيا سيبادل قدميه في سبيل القيام بثورة، أولا لأنه يدرك أن تلك المغامرة ستجلب له من الويلات ما سيبدأ بتعطل كامل أوجه حياته بما في ذلك النوم ولو على الطوى، وينتهي بالاحتمال الكبير والوارد لتلاشي الدولة.. مما يجعله - إن فعل - يتمنى لو أنه ما فعل وحين لا ينفع الندم، إذ لم يحدث وأن استرجع الدقيق بكامله قط بعد أن يختلط بالتراب وتلعب به الرياح..

وكأني بدعاة الفوضى يقولون فليكن ولتتلاشى الدولة ! وثانيا لأن لديه نظاما عمره سنتان أنجز فيهما الكثير مما له معنى في موريتانيا، استتباب أمن وسيادة على الحوزة الترابية طمأنت الشركاء وأنقذت الدولة بعد أن كادت توضع على لائحة الدول الفاشلة، بالإضافة إلى بنى تحتية وإصلاحات وتفاصيل أخري لا يحسها إلا من لامستهم كسكان الأحياء العشوائية والمتقاعدين وأفراد الجيش الذين هم حماة الأوطان وهيبتها، والذين كانوا - وهم مرابطون على الحدود - يعتمدون في معالجة الصداع على قرص باراسيتامول يقدمه المحسنون ! ويعتمدون في التنقل على سيارات المارة.. وكذلك حريات كاملة بل مفرطة في مجتمع لا يحسن استغلال الحريات ولا يدرك قيمتها بعد.. ويدرج البعض اليوم كثرة المتظاهرين المطالبين بالحقوق وتحسين الأوضاع على قائمة مآخذه على النظام، وكأنه يريد القول إنه قبل هذا كانت الحقوق تأتي لأصحابها وهم على أسرة نومهم أو في المقاهي يتسامرون.. في حين أن الأمر بعيد من ذلك، فالضرب بحقوق الناس عرض الحائط كان أكبر وأشنع، لكن كلما في الأمر أن أي مطالبين بحقوق لهم زبانية بالمرصاد تجهض أي تحرك لهم وهو لا يزال مجرد فكرة !

وقد تمت الانجازات والإصلاحات التي ذكرنا في بحر متلاطم الأمواج من التحديات والمعوقات الداخلية والخارجية، وينكر البعض وجود هذه الانجازات أصلا مع أنه يستخدمها يوميا، سواء كانت بنى تحتية أو فضاء حريات أو غيرها، بينما لا يجد البعض الآخر بدا من الاعتراف بها لكنه يلجأ إلى تنغيصها بالقول إنها قد تمت بصفقات مشبوهة ! ونحن لم نعرف منذ أن عرفنا نظام الصفقات سوى صفقات تبرم ولا تترك أثرا إلا على من أبرموها، فأي شبهة فوق هذا؟ نحن إذا خُيرنا فإننا نختار صفقات نحصل منها على جيش مجهز و طرق ومصانع وجامعات ومعاهد ومستشفيات وشوارع وماء وكهرباء.. ولتكن بعد ذلك مشبوهة إذا كانت الشبهة هي قدرنا..

لا، لم تكن وعود وتعهدات النظام مجرد شعارات، فقط لنعدد تلك الوعود واحدة واحدة لنجد أن ما سمح الوقت و الظروف والإمكانات الفنية والمادية والبشرية بتحقيقه منها قد تحقق أو جار تحقيقه، مع ميزةٍ جديدة هي أن موارد الدولة حاضرة في إنجازه وبقوة، بعد أن كانت حتى المراحيض العمومية تُنجز عندنا بتمويل أجنبي ! أما ما تبقى من هذه الوعود فالوقت أمامه والمؤشرات قوية على أنه في البال وتجرى الترتيبات لإنجازه أولا بأول وفي حينه، وربما كان ذلك هو السر وراء حرص البعض على التشويش وتعفير الأجواء بسموم الاضطرابات كي لا يتحقق شيء، على طريقة صاحب الغزال " إلما كتلُ بعد إخصرْ معشاه " أو على قاعدة علي وعلى أعدائي، فحكم لست أنا فيه فاسد وديكتاتوري قمعي، ونعيم لست أنا صاحبه هو بالنسبة لي جحيم، وسعيد لست أنا هو ولي نعمته هو في عيني شقي محروم..

فعلا هناك من الغوغاء والدهماء واللصوص والخمارين والحشاشين والأجانب الذين لا يمكن تمييزهم عن المواطنين، من لا ينتظر لإشعال الفوضى سوى من يشير له أو يسير أمامه، وفي ذلك - لعمري- فائدة لدعاة الثورة، عندما يُمسك بأحد هؤلاء متلبسا بالسرقة أو النهب فيُعتقل أو يُصاب أو ُيقتل فعندها لن يحول الحياء دون تصويره والقول إنه مواطن حقوقي ناشط شريف مقموع ! ولا يخلو أي بلد اليوم من جماعات غير راضية لأسباب موضوعية أو ذات طبيعة أخرى لا علاقة لها بحال البلد الذي تعيش فيه من حيث الظروف السياسية أو الاجتماعية.. وتتفاوت تصرفات تلك الجماعات في التعبير عن عدم رضاها تبعا لأهداف كل منها ومستواه الفكري والثقافي، وحسه الوطني وطبيعة النظام الذي يعيش في ظله..

من سيثور إذن نزولا عند رغبة جماعة الغضب هذه التي هي نتاج انقسامات منذ نشأتها وحتى اليوم؟ حيث نشأت منقسمة ومتنافرة كأقطاب المغناطيس بفعل التعارض الصارخ للإديولوجيا والخلفيات الفكرية والثقافية، وقسمتها بعد ذلك الأطماع في السلطة والغنائم تقسيم المقسم، ثم انقسمت حول الموقف من الحوار وما توصل إليه، وهي عشية وقوفها بالأمس على سيارة " البورتيشير " أيضا منقسمة، فبعضها يقول نحن لسنا من دعاة الثورة والفوضى، وبعضها يقول نحن صمام أمان البلد، والبعض الآخر يلقي باللائمة على الجيش في ما يعتبره تخريبا للبلاد، ثم يلمح إلى رغبته في انقلاب عسكري تارة، وكأن من قاموا بالانقلابات في السابق قد استشاروه أو أخذوا رأيه.. وتارة يتودد لهذا الجيش ويستجديه تنظيم انتخابات لن يقبلها بالتأكيد إذا لم يكن هو الوحيد المدعوم فيها من قبل هذا الجيش.. ويهدد بأن البديل عن ذلك هو الثورة " حنك للعنف وآخر للديمقراطية " ! بينما يقولها بعضهم الآخر صراحة : إنها الثورة وقد جاءت أشراطها، متجاهلا أنه قد تقدم لدورتين انتخابيتين متتاليتين كانت آخرهما سنة 2009 وأعطاه الموريتانيون حينها نصيبه فيها غير منقوص وحددوا له مكانته في الساحة ( 4% ) ، وقد اعترف بنتائج تلك الانتخابات وعلل ذلك بأنه لم يلاحظ بها تجاوزات، أما الانقسام الأكبر والأعمق بينهم والذي سيكون فيه سلاح الانفراد بالقصعة والتمسك بالأنا هو العصي والسيوف، فسيكون يوم زوال الدولة لا قدر الله. ويومها سيموت ويتشرد ويجوع وتنتهك أعراض وأموال الآلاف، وسيأخذ الأمر سنين عجاف وطويلة قبل أن تقوم الدولة من جديد، هذا إن قامت.. نعم نحن نُخوف المواطنين ونصيح بذلك عاليا، لكننا نخوفهم مما هو حقا مخيف بل رهيب ووخيم، ونسمعهم كلاما يبكيهم ولا يضحكهم ولا نستغل معاناتهم إلا بما يخفف من تلك المعاناة لا ما يزيدها ويجعلها متعددة الأوجه والأبعاد، فلسنا أحزابا وليست لنا أطماع في السلطة ويضفي ذلك مصداقية أكثرعلى كلامنا..

إذن والحالة بالنسبة لمن يدركها هي هكذا، يتبين لنا أن ما يُغضب الغاضبين ليس أوضاع الشعب الموريتاني، بل لكل واحد منهم أسباب غضبه بمعزل عن أسباب غضب الآخر، فبعضهم سيضعه الدستور جانبا بعد سنة أو اثنتين بسبب السن وما سيترتب على ذلك من مرارة تحطم للحلم.. وبعضهم يعتقد أن فوز شيوخه في بعض البلدان هو انفلوانزا طيور أو خنازير عابرة للحدود.. وما دام الفائزون قد فازوا على إثر ثورات فإنه لا ينقصنا لنفوز سوى أن نثور ! متجاهلين كذلك أن الشعب الموريتاني هو شعب مسلم لكنه ليس بالضرورة إسلاموي، والكلمة الأولى والأخيرة عنده لا زالت للقبائل والجهات والطرق الصوفية والمصالح المادية وليست للأحزاب والإيديولوجيات، وستأخذ تلك الخصوصية وقتا ليس بالقصير قبل أن تتغير " والعجلان يتْخط " كما قال الدب لذيله.. ففوز الإسلامويين في بلدان عاشت العلمانية لعقود حتى ظنت شعوبها أنه لا يهتم بالدين ولا يؤتمن عليه إلا من يتكلم باسمه وينظرله وينتظم في تنظيماته السياسية، لايقاس على مجتمع لم يعرف العلمانية قط ولا زال الدين عنده نقيا طازجا، مما يجعل كل فرد منه يعتبر نفسه معنيا بالدين ومتكلما باسمه، ويجله و يعظمه عن الاستخدامات الأخرى.. ضف إلي ذلك العمرالممتد لنشاط هذه الجماعات الذي يُعد بقرن في مصر مثلا وبعقود في بقية البلدان الأخرى، على العكس من جماعتنا التي كان بعض قادتها إلى الأمس القريب مناضلون في اتجاهات فكرية أخري مناقضة تماما.. وهناك طرف ثالث غاضب ويدعي أنه مستهدف قبليا، ويتمنى لو أبيد كل أفراد قبيلته أو وضعوا خلف القضبان ليُشهد الناس على أن ما يقوله عن استهدافه صحيح.. أما بقية الغاضبين فأشخاص أمثالي لا يتبعني إلا ظلي الذي - حتى هو- يفارقني وقت الزوال أو كلما حل الظلام..

هذه مجموعة من البديهيات التي كان بإمكاني أن لا أخوض فيها لشدة بداهتها، لكني تعرضت لها كي أريح نفسي وأطمئنها بأنني قد أنتمي إلى أحد أصناف المغفلين لكنه ليس بالضرورة الصنف الذي يبدو أن جماعة الغضب تخاطبه بأسلوبها - أو أساليبها - المغالطة، وتريد منه أن يصدق ما تعرف هي في نفسها أنه غير صحيح ووسائلها لعلاجه مدمرة..

والرد على مهرجان الغضب هذا قد لا يتطلب بالضرورة بيانا من الأغلبية أو التعبئة لإقامة مهرجان مضاد، إذ يكفي إن يقيم كل موريتاني بالغ عاقل مهرجانا في بيته أو محله أو مكتبه أو خلف قطيعه مهرجانا يسميه مهرجان الرضي بنعمة الأمن والعافية ، في انتظار أن تفتح مكاتب التصويت وصناديق الاقتراع أبوابها، وما ذلك الموعد ببعيد، ويومها هو سيد نفسه والخيار بيده فيمكنه - إن أراد - الاحتفاظ بالنظام إذا كان يرى فيه ما يجعله يحتفظ به، أو تنحيته إذا كان يرى أن ما يذهب إليه الغاضبون من أنه فعلا وبال على البلاد هو الصحيح . أما اللجوء إلى أساليب أخري غير هذا، فذلك هو الوبال الذي ما بعده إلا مزيد من الوبال والضياع . فما أعجل الغاضبين عن هذا الموعد؟ ! ليست المرة الأولى التي يفعلها الغضب بأهله.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .

محمدو ولد عابدين

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا