مقاربة Øول أساس المسؤولية الجنائية وعقوبة الط٠ل القاتل من خلال الشريعة والقانون.
د٠ونَ تَعَم٠ّق٠؛...
ليس من الهي٠ّن أن نناقش مسألة جوهرية كمسألة المسؤولية الجنائية للط٠ل\ القاصر\ الØدث Le mineur \ L’enfantدون أن نعرض إلى الإشكال الأهم Ø§Ù„Ù…Ø·Ø±ÙˆØ Øول مبنى المسؤولية بصورة عامة.
٠إذا كان الم٠جرم هو لَوْلَب٠الجريمة وم٠Øرّكها وهو المسؤول الأول لكونه Ù…ØÙ„ انطباقها ØŒ باعتباره الم٠كر Ùˆ المØضر والمخطط لها والمن٠ذ لها اختيارًا أو اضطراراً Øسب المنطلق ال٠لس٠ي، ٠إن السائد المستقرَّ أن المجرم لا يكون مسئولا عن أ٠عاله٠إلا إذا كان يتمتع بالقدرة على الت٠كير والإرادة الØرة، خاليًا من أي عارض ين٠ي عنه٠الص٠ة الإجرامية، بمعنى أدق أن الإنسان يكون أهلاً للمسؤولية عندما يكون ذا قوة ن٠سية من شأنها الخلق والسيطرة، وهي الإرادة الم٠عتبرة قانونًا، الم٠تجهة اتجاهًا م٠خال٠ًا للقانون، أي "الإرادة الآث مة"ØŒ التي تجس٠ّد خطورة الجاني، الأمر الذي جعلها أساسًا للمسؤولية الجنائية ØŒ وتعكس هذا الضابط Ø« لاث Ø© معايير : [ السن؛و الاختيار؛و خرق القانون ] تجيز م٠عاملة م٠رتكب ال٠عل Øينها كم٠جرم.
إن أهم هذه المعايير هو السن لأنها Ù…Øدد جوهري للمسؤولية الجنائية انطلاقا من التباين الجدلي الذي تعكسه النظريات ال٠لس٠ية الوضعية Ùˆ العقدية الإسلامية التي تØاول الإجابة على التساؤل الم٠دو٠ّي ( هل مرتكب ال٠عل م٠خير أم م٠سيَّر ØŸ).
لقد تمخض عن هذا الت٠كير اتجاهان أساسيان تمَّ التو٠يق بينهما ٠يما بعد، الأول يجعل أساس المسؤولية Øرية الإنسان Ù ÙŠ الاختيار، وتقدير أعْمَاله٠الم٠ختل٠ة التي يكون مسئولا عنها أخلاقيا ما دام قد ٠علها اختيارا؛ ٠يعطي للمسؤولية الجنائية طابعا أخلاقيا لقيامها على الاختيار أي الØرية، والإدراك بمعنى التمييز(النظرية التقليدية)ØŒ والث اني يجعل أساسها الخطورة الإجرامية ٠المسؤولية الجنائية لا تقوم على أساس أخلاقي Ù ÙŠ نظره، لأن الإنسان م٠سيَّر وليس م٠خيَّرا ٠إرادته ليست Øرة لخضوعها لمؤث رات أقوى، منها ما هو كامن Ù ÙŠ شخصه٠، ومنها ما هو اجتماعي (النظرية الوضعية الجبرية)ØŒ وأمام هذا الجدل Øاول البعض التو٠يق بجعل Øرية الاختيار أساسا للمسؤولية الجنائية لتسليط العقوبة كجزاء، ٠إن لم يكن ذلك الأساس موجودا، تسلط عليه تدابير اØترازية لمواجهة خطورته٠.
Ùˆ Ù†ØÙ† نؤمن ونسل٠ّم أن الإدراك والاختيار أهم أسس المسؤولية الجنائية ونرى من الث ابت أن الإنسان ي٠ولد ٠اقد الإدراك، Ø« Ù… تدريجيًا بتقد٠ّم س٠ن٠ّه٠ونضج عقله٠يتكامل إدراكه. لذا ٠إن السن كعاكس لذلك تبقى أهمّ أسس المسؤولية الجنائية.
لقد Øددت غالبية التشريعات الØديث Ø© سنًّا م٠عينة للمسؤولية الجنائية ØŒ هي تمام سبع سنوات تأسيسًا على عدم إدراك الصغير لعواقب العمل الإجرامي ممَّا يمنØÙ‡ قرينة غير قابلة للدَّØض على عدم قدرته على خرق القوانين الجزائية، ÙˆØªØµØ¨Ø Ù‡Ø°Ù‡ القرينة بسيطة إبتداءا من سبع سنوات [المواد : 2 Ù‚ Ø Ø¬ Ø· الموريتاني، Ùˆ94 ع أردني،64 ع لبناني، 49 ع سوداني ØŒ236 ع سوري،18 ع كويتي] ØŒ Ùˆ تتجه بعض التشريعات الأخرى إلى أزيد من ذلك Ùˆ أقل من Ø« لاث عشر سنة كالمشرع ال٠رنسي، Ùˆ Ù ÙŠ كل الأØوال نجد أن تلك التشريعات تعاملت مع الجريمة المرتكبة من قبل الأط٠ال الذين ØªØªØ±Ø§ÙˆØ Ø£Ø¹Ù…Ø§Ø±Ù‡Ù… بين 7 Ùˆ 15 سنة بمعاملة خاصة وأخضعتهم لإجراءات الØماية، بدل المعاقبة.
وقبل٠انطلقت الشريعة الإسلامية Ù ÙŠ تØدديها لأساس المسؤولية الجنائية من مبدإ الØرية والاختيار، وجعلت الأساس العاكس لهما هو بلوغ سن التكلي٠٠لا مسؤولية جنائية على غير البالغ شرعا.
بيد أن طبيعة العقوبة Ù ÙŠ المنظومة الوضعية التي تعتمد أساسا العقوبة السالبة للØرية "السَّجنية" ØŒ ٠رضت اعتماد التجنيØØŒ وتنصي٠العقوبة Ù ÙŠ مجال الأØداث ØŒ غالبا ونادرا ما تسلط عقوبة الإعدام على الط٠ل القاصر، تختل٠تماما عن طبيعتها Ù ÙŠ المنظومة العقابية الإسلامية التي تتنوع ٠يها العقوبة تبعا لتنوع غايتها [الوقاية، Ùˆ الن٠عية] إلى عقوبات الØدود ØŒ والقصاص ØŒ Ùˆ التعازير ٠هل يمكن أن تطبق هذه العقوبات وبشكل خاص الØدود والقصاص على الط٠ل القاصر غير المكل٠أم لا وهل المعتبر لقيام المسؤولية الجنائية هو سن 18 سنة، أم أن المعتبر هو بلوغ سن التكلي٠بالم٠هوم الطبيعي؟.
إن هذا لا ÙŠØ·Ø±Ø Ø£ÙŠ إشكال Ù ÙŠ التشريعات الØديث Ø© ذات الخل٠ية الوضعية لانطلاقها من أن أساس المسؤولية يعتمد على بلوغ الإنسان للسن القانوني الذي عينه المشرع وغالبا ما يكون 18 سنة، لكنه يث ير جملة من التساؤلات Ù ÙŠ منظومتنا الجنائية ذات الخل٠ية الإسلامية الواضØØ© التي تعتمد الث لاث ية الآن٠ة [الØدود، القصاص، التعازير] بالإضا٠ة إلى تدابير الØماية الخاصة بالأØداث التي كر٠ّست لها مقتضيات خاصة، خصوصا إذا تعلق الأمر بجرائم القصاص والØدود Ùˆ الديات.
لقد ات٠ق ٠قهاء الشريعة على انه يشترط لوجوب القصاص والØدود أن يكون ال٠اعل مكل٠ا أي بالغا عاقلا عند ارتكاب ال٠عل الج٠رْم٠ي٠ّ. Ùˆ أجمعوا على عدم ش٠م٠ول الØدود وكذا القصاص للط٠ل القاتل سواء قتل ط٠لا أو بالغا، يقول ابن عر٠ة "Ùˆ شرط إيجاب القَوَد كون الجاني بالغا عاقلا"ØŒ وقد أطنب الش٠ّرَّاØÙ Ùˆ الم٠Øَش٠ّون Ù ÙŠ ذلك عند قول خليل "بابٌ : إن اتل٠مكل٠و إن ر٠قَّ غير Øربي ولا زائد Øرية أو إسلام.."ØŒ
وكذا عند قوله :" وعلى شريك الصبي القصاص إن تمالآ على قتله لا شريك مخْطئ٠ومجنون"ØŒ قال Ù ÙŠ الك٠ا٠: الشَّرْط٠٠٠ي القَوَد٠كَوْن٠الم٠جْتَر٠ي\ م٠كَلَّ٠ا وع٠صْمَة الم٠تَبَّــر٠، ÙˆÙ ÙŠ شرØÙ‡ "وعمد الصبي والمجنون خطأ Ù ÙŠ مالهما إن كان Ùˆ إلا Ù Ù ÙŠ ذمتهما ٠ان بلغ عمدهما أو خطؤهما Ø« لث ديتهما أو دية المظلوم ٠أكث ر ٠على العاقلة ومن ي٠يق Ø£Øيانا نظر Ù„Øاله Øين جَنَى"ØŒ Ùˆ قد أورد الØَطَّاب عند قول المصن٠انه يشترط Ù ÙŠ وجوب القصاص على القاتل Ø« لاث Ø© شروط الأول أن يكون مكل٠ا وهو العاقل البالغ ٠لا قصاص على صبي ولا مجنون وعمدهما كالخطأ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ر٠ع القلم عن Ø« لاث عن النائم Øتى يستيقظ وعن الغلام Øتى ÙŠØتلم وعن المجنون Øتى ي٠يق" رواه أبو داود.
وقد نبه الØَطَّاب إلى أن : "المر٠وع Ù ÙŠ الØديث إنما هو الإث Ù… وهو من باب خطاب التكلي٠وأما الضمان ٠هو من باب خطاب الوضع ٠الأول شرط ٠يه علم المكل٠وقدرته بينما لا يشترط ٠يه العلم والقدرة ٠يضمن النائم ما أتل٠ه Ù ÙŠ Øال نومه من الأموال Ù ÙŠ ماله وكذلك ما اتل٠من الدماء غير انه إن كان دون Ø« لث الدية ٠عليه وان بلغ Ø« لث الدية ٠أكث ر ٠هو على عاقلته، قال : وليس هذا بمعارض للØديث المذكور".
بيد أن ال٠قهاء اختل٠وا Ù ÙŠ وضع معيار مطَّرد للبلوغ أو الإدراك، أو العقل أو التكلي٠أو الرشد،أو الØÙ Ù„Ù Ù…ØŒ أو الأش٠دَّ، وان ات٠قوا على أن معنى تلك المتقاربات إن لم تكن Ù ÙŠ نظرهم متراد٠ات لغوية يختل٠أØيانا مدلولها ال٠قهي دون مغزاها، ٠قالوا إن البلوغ قوة تØدث للشخص تنقله من Øال الط٠ولة إلى Øال الرجولة ØŒ Ùˆ أن الإدراك الوصول والانتهاء إلى وقت التكلي٠، Ùˆ أن التكلي٠إلزام المخاطب بما ٠يه كل٠ة ومشقة من ٠عل أو ترك، وأن الر٠ّشد Øسن التصر٠٠ي المال والقدرة على استث ماره واستغلاله استغلالا ØŒ Ùˆ أن الأش٠دّ طور يبتدئ بعد انتهاء Øد الصغر من وقت بلوغ الإنسان مبلغ الرجال إلى سن الأربعين وقد Øدَّه ابن عباس بث ماني عشرة سنة وهي اقل ما ٠يه.
٠نرى أن جميع تلك المدلولات المتقاربة أو المتراد٠ة توصل إلى غاية ونتيجة واØدة هي البلوغ العاكس للتكلي٠، لكنهم اختل٠وا Ù ÙŠ علامة Øصوله الطبيعية كالاØتلام والØبل والØيض، كما اختل٠وا أيضا Ù ÙŠ الس٠ّن الدالَّة عليه عند عدم Øصول العلامة الأولى، ٠رأى الجمهور [الشا٠عية والØنابلة Ùˆ أبو يوس٠ومØمد من الØن٠ية] أن البلوغ بالس٠ّن يكون عند تمام خمس عشرة سنة قمرية للذكر والأنث ى، ٠يما رأى المالكية أن البلوغ يكون بتمام Ø« ماني عشرة سنة وقد روى الØَطَّاب٠خمسة أقوال Ù ÙŠ المذهب تØدد سنَّ البلوغ بـ : 17- 18- 16- 15- 19 سنة، و٠رَّق أبو Øني٠ة بين الذكر والأنث Ù‰ قائلا إن البلوغ بالسن للغلام 18 سنة والجارية 17 سنة.
إن هذا التباين الجل٠ي٠ّ Ù ÙŠ ال٠قه يمك٠ّننا من ٠هم التصور الإسلامي للإجابة على التساؤل المل٠ØÙ Ù‘ عن مدى تØديد سن٠ّ البلوغ ØŒ Ùˆ من Ø« Ù…ÙŽÙ‘ ٠هل البلوغ الجسمي أو الجنسي الطبيعي هو المعيار للمسؤولية الجنائية، أم أن البلوغ العقلي هو أساسها.
والجواب بدون بَداهة هو أن سن التكلي٠أو الرشد الجنائي لا يمكن أن يكون تابعا للبلوغ الجسمي ٠قط. و أبسط دليل على ذلك أننا نرى ٠ي ال٠قه الإسلامي تلازمَ البلوغ مع العقل، ولذلك استث ني المجنون ال٠اقد للعقل من المسؤوليات والتكلي٠الشرعي رغم بلوغه بدنيا وجنسيا لأنه ٠اقد العقل والرشد غير قادر على تمييز الأمور.
إن الإشكالية ناشئة من الجمع بين معياري : سن البلوغ الشرعي المعتبر Ù ÙŠ الأØكام العبادات، وسن الرشد العقلي المعتبر لقيام المسؤولية الجنائية ØŒ رغم أن القرآن أشار بصورة رائقة إلى ال٠رق بين البلوغ Ùˆ الرشد Øيث يضع الرشد شرطا Ù ÙŠ صØØ© المعاملة المالية إضا٠ة إلى شرط البلوغ قال تعالى : "وَابْتَل٠وا الْيَتَامَىٰ Øَتَّىٰ إ٠ذَا بَلَغ٠وا الن٠ّكَاØÙŽ ٠َإ٠نْ آنَسْت٠م م٠ّنْه٠مْ ر٠شْدًا ٠َادْ٠َع٠وا إ٠لَيْه٠مْ أَمْوَالَه٠مْ Û– " [النساء : 6 ] .
Ù Ù ÙŠ الطبري وغيره أن المراد ببلوغ Ø§Ù„Ù†ÙƒØ§Ø Ù‡Ùˆ الØÙ Ù„Ù Ù…ØŒ Ùˆ ببلوغ الرشد العقل ÙˆØ§Ù„ØµÙ„Ø§Ø Ù Ø§Ù„Ø¢ÙŠØ© دليل على أن الرشد خاص بالمسائل المالية Ùˆ الجزائية لأنها تؤكد على قضية الرشد وليس البلوغ Ù ÙŠ مسألة المال ٠إذا كان القرآن يؤكد على ضرورة الرشد عند الأط٠ال كشرط لتسليم المال ٠من الأولى أن يكون الرشد معيارا للعقوبة أيضا ٠معلوم أن Ø٠ظ الن٠س مقدم على Ø٠ظ المال شرعا وضرورة.
Ùˆ انطلاقا من هذا يمكن أن نجعل سنّ البلوغ 18 عاما معيارا لسن الرشد لقربه من السياق الشرعي العام وقواعد الشريعة الكلية، خصوصا مع تذبذب تØديد مدة الرشد المترددة Ù ÙŠ القرآن بين الأشد بمعنى الاستØكام والقوة البدنية والن٠سية، أو سن٠ّ الأربعين سنة كما Ù ÙŠ آيات الأنعام : 53 والإسراء : 34 Ùˆ الأØقا٠: 15ØŒ أو الشيخوخة كما Ù ÙŠ سورة غا٠ر : 67ØŒ أو أهلية النبوة كما Ù ÙŠ سورة القصص : 4 Ùˆ يوس٠: 22 .
٠من خلال تتبع السياق القرآني نجد أنه Øدد سنا معينا للرشد ولم ÙŠØدد سنا للبلوغ، ٠البلوغ Ù ÙŠ القرآن ÙŠØتوي على عدد من الم٠اهيم والأعمار Ùˆ غير Ù…Øدد بسن معينة ٠هناك بداية البلوغ ولم يتطرق القرآن الكريم إلى تØديد سنه قال تعالى :" الَّذ٠ينَ لَمْ يَبْل٠غ٠وا الْØÙ Ù„Ù Ù…ÙŽ م٠نك٠مْ Ø« َلَاث ÙŽ مَرَّات٠ۚ " النور 58ØŒ ٠القرآن لم ÙŠØدد له عمرا معينا إنما أكد أن البلوغ شرط المسؤولية والتكلي٠، كما أننا لا نجد Ù ÙŠ السنة تØديدا واضØا لسن البلوغ وان قيل سبعا Ùˆ تسعا وعشرا، وهناك بلوغ الأش٠دّ والذي يبدأ من سن 18 إلى 40 عاما .
Ùˆ نلاØظ تØديد القرآن له قال تعالى " Øَتَّىٰ إ٠ذَا بَلَغَ أَش٠دَّه٠وَبَلَغَ أَرْبَع٠ينَ سَنَةً " قيل الأشد 33 سنة قال الطبري :"إن العرب إذا ذكرت مث Ù„ هذا من الكلام ٠عط٠ت ببعض على بعض جعلت كلا الوقتين قريبا Ø£Øدهما من صاØبه كما قال جلّ Ø« ناؤه : Ø¥Ù Ù†ÙŽÙ‘ رَبَّكَ يَعْلَم٠أَنَّكَ تَق٠وم٠أَدْنَى م٠نْ Ø« Ù Ù„Ù Ø« َي٠اللَّيْل٠وَن٠صْ٠َه٠". إن هذا يوØÙŠ لنا بوجود نوعين من البلوغ بلوغ بدني غريزي ترتبط به التكالي٠الع٠بَاديَّة، وبلوغ جسمي عقلي تربط به المسؤولية الجنائية وتكمل به الأهلية.
إن هذا الاستنتاج يتعزَّز بالواقع ٠البلوغ يختل٠Øسب الواقع الجغرا٠ي للإنسان ٠الأ٠راد الذي يعيشون Ù ÙŠ المناطق الØارة يصلون إلى سن البلوغ الجنسي قبل الأ٠راد الذين يعيشون Ù ÙŠ المناطق الباردة كما تذكر موسوعة BRITANNICA ،ومنه نستنج بأنه لا يمكن تØديد ع٠مْر معين للبلوغ تابع للظرو٠الجغرا٠ية والطبيعية بل لا يمكن تØديد سن معينة له Øتى تكون قاعدة عامة تنطبق على الجميع ÙˆÙ ÙŠ هذا نكتة عجيبة جعلت القرآن يتطرق إلى البلوغ ٠لا ÙŠØدد له سنًّا Ù…Øددة بل ي٠وك٠ل أمر معر٠ة بلوغ الرشد إلى الأولياء عن طريق التجربة والابتلاء والاختبار.
لقد ات٠قت الأمم اليوم على تØديد سنَّ 18 سنة كدليل مطرد على رشد الإنسان العقلي عندها يمكنه تØمل تبعات أ٠عاله ويكون مسؤولا جنائيا عنها، وهذا الات٠اق تجسده الات٠اقية الدولية Ù„Øقوق الط٠ل التي تنص Ù ÙŠ مادتها الأولى على انه :لأغراض هذه الات٠اقية، ي٠عْنى بالط٠ل أي إنسان لم يتجاوز الث امنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه"،وتطبيقا لهذه المادة والمادة 40 من ن٠س الات٠اقية التي صادقت موريتانيا عليها وقامت بنشرها بالجريدة الرسمية [العدد 1326] نصَّت المادة :الأولى من الأمر القانوني رقم : 015\2015 المتضمن الØماية الجنائية للط٠ل على انه : يعتبر ط٠لا Ù ÙŠ م٠هوم هذا الأمر القانوني كل إنسان يقل عمره عن Ø« ماني عشرة سنة.
لقد ميَّز المشرع الوطني كغيره من التشريعات الØديث Ø© بين Ø« لاث مراØÙ„ من مراØÙ„ القصور الجنائي MINORITÉ PÉNALE بØسب سن٠ّ القاصر أو الط٠ل :
مرØلة انعدام الأهلية تنعدم ٠يها المسؤولية العقابية Ùˆ هي المرØلة التي تسبق سن السابعة [المادة : 2 Ù‚ Ø Ø¬ Ø·].
مرØلة نقص الأهلية يكون ذا مسؤولية مخ٠٠ة وتمتد من سن السابعة إلى سن الخامسة عشرة ويتم إخضاع القاصر لتدابير الØماية أو التربية.
مرØلة دن٠و٠ّ البلوغ مع نقص الأهلية وتمتد من سن 15 إلى 18 يكون ذا مسؤولية ناقصة Ùˆ ÙŠØ³Ù…Ø Ø¹Ù†Ø¯Ù‡Ø§ بتطبيق العقوبات المخ٠٠ة Ù ÙŠ Øقه على أن لا تتعدى نص٠عقوبة البالغ [المادة:61- 63 Ù‚ ج، 147 Ù‚ Ø Ø¬ Ø·] مع إمكانية Ø§Ù„ØªØ¬Ù†ÙŠØ Ù ÙŠÙ…Ø§ عدا جناية القتل،[المادة:6 Ù‚ Ø Ø¬ Ø· ] Ùˆ أوجب المشرع تسليط تلك العقوبة Ù ÙŠ مؤسسة اعتقال خاصة بالقصر [المادة : 159 Ù‚ Ø Ø¬ Ø·] مع إمكانية إعمال كا٠ة البدائل عن الاعتقال كوق٠العقوبة وغيره [المواد:170-171-172].
لكن الذي يشكل هنا هو أن المادة : 6 الآن٠ة تنص على عدم إمكانية ØªØ¬Ù†ÙŠØ Ø¬Ù†Ø§ÙŠØ© القتل ÙˆØدها ÙˆÙ ÙŠ ن٠س الوقت نجد المادتين:60 Ùˆ 61 من القانون الجنائي تـنصَّان صراØØ© على أنه : "ÙŠØكم بالبراءة على المتهم الذي تقل سنه عن ستة عشر سنة ويث بت أنه تصر٠دون تمييز...... إذا Ø« بت أنه [الط٠ل] تصر٠بتمييز [discernement] ÙŠØكم عليه بالعقوبات التالية : إذا استØÙ‚ عقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة ÙŠØكم عليه بالØبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة... ».
Ø« Ù… إننا نجد [المادة : 147 Ù‚ Ø Ø¬ Ø· ] تنص على انه إذا كانت العقوبة المستØقة السجن المؤبد، ٠لا يمكن النطق بعقوبة تزيد على اث ني عشرة سنة من السجن المشدد"ØŒ ورغم ال٠ارق بين هذا النص وترجمته [Si la peine encourue est la réclusion a perpétuité Ile ne peuvent prononcer une peine supérieure a 12 ans de réclusion criminelle] إلا إننا نجزم أن هذه المادة تعني عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة les travaux forcés à perpétuité ،التي تعتبر عقوبة جنائية بدنية مخلة بالشر٠طبقا للمواد:1-6- 7ØŒ من قانوننا الجنائي.
ويؤيد هذا ال٠هم مدلول النسخة ال٠رنسية، ٠إذا راجعنا معنى réclusion criminelle Ù ÙŠ معجم DALLOZ القانوني \2010 نجد أن معناها Øبس جنائي مع أشغال شاقة مؤبدة، بالإضا٠ة إلى انه لا وجود لعقوبة السجن المؤبد أو المشدد بهذا الل٠ظ Ù ÙŠ منظوماتنا الجنائية طبقا للمواد:6-7 من القانون الجنائي كعقوبة أصلية Peine Principale من٠ردة، كما هو شأن أغلبية التشريعات اليوم كالتشريع مصري المادة:14 معدلة، Ùˆ الجزائري المادة:5 ،والمغربي ال٠صل 16ØŒ التونسي المادة:5 من المجلة الجزائية ØŒ كما لا يمكن أن يتجه ال٠هم إلى أن المشرع استبدل الإعدام بعقوبة السجن المؤبد Ø« Ù… قلَّص عقوبة السجن المؤبد إذا ما استØقت Ù ÙŠ ØÙ‚ القاصر إلى 12 سنة لان هذا يجعل النص الخاص [147 Ù‚ Ø Ø¬ Ø·] أكث ر غموضا من النص العام [61 Ù‚ ج] Ùˆ هو ما لا يعقل بل ينا٠ي ما بين العام والخاص من تقييد. ذلك أن عقوبة القتل العمد هي القصاص\الإعدام وليست السجن المؤبد أو السجن المشدد ٠بهذا تكون هذه المادة [147 Ù‚ Ø Ø¬ Ø·] غير منطبقة على واقعة القتل العمد ØŒ وان انطبقت على شيء إنما على عقوبة الأعمال الشاقة المؤبدة الواردة Ù ÙŠ المادة : 7 من القانون الجنائي، ويكون المشرع Ù ÙŠ هذا النص الخاص بالØماية الجنائية للط٠ل أهمل عقوبة القاصر القاتل "عمدًا" رغم أنه نص على أنها لا تقبل Ø§Ù„ØªØ¬Ù†ÙŠØ Ø¨Øَال [المادة:6 الآن٠ة].
ونصًّ على استبدال العقوبة المستØقة عندما تكون الإعدام بالسجن كعقوبة بديلة Peine alternatives Ù ÙŠ القانون العام طبقا للمادة :[61 Ù‚ ج]ØŒ ويبقى اØتمال السهو أو سقوط كلمة الإعدام أو سوء الترجمة واردا ولا تسع٠نا الأعمال التØضيرية لهذا النص Ù ÙŠ تبديد هذا الريب للأس٠لعدم وجودها. لكن الإطلالة على التشريعات المشابهة تعزز هذا الاØتمال ٠على سبيل المث ال قانون العقوبات الجزائري ينص Ù ÙŠ المادة : 50 على انه : "إذا كانت العقوبة التي ت٠رض على القاصر هي الإعدام أو السجن المؤيد ٠إنه ÙŠØكم عليه بعقوبة الØبس من 10 سنوات إلى 20 سنة"ØŒ ÙˆÙ ÙŠ المجلة الجزائية التونسية ال٠صل : 43 " يقع تطبيق القانون الجنائي على المتهمين الذين سنهم أكث ر من Ø« لاث Ø© عشر عاما كاملة وأقل من Ø« مانية عشر عاما كاملة. لكن إذا كان العقاب المستوجب هو القتل أو السجن بقية العمر ٠يعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشرة أعوام". وبناء على ما تقدم يكون المشرع أهمل Ù ÙŠ التشريع الخاص بالØماية الجنائية للأØداث رغم أنه قانون لاØÙ‚ÙŒ عقوبة القاصر عندما تتعلق بجريمة القتل العمد أو القصاص.
إن العقيدة التشريعية الØديث Ø© Øول العدول عن عقوبة الإعدام Ù ÙŠ ØÙ‚ القاصر الجاني[ الممي٠ّز دون سن 18] المستØÙ‚Ù Ù‘ إلى سجنه كما هو سائد تعتمد أساسا على ٠لس٠ة الأعذار القانونية : Ùˆ هي Øالات Ù…Øددة Ù ÙŠ القانون على سبيل الØصر يترتب عليها مع قيام الجريمة Ùˆ المسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذار مع٠ية، Ùˆ إما تخ٠ي٠العقوبة إذا كانت مخ٠٠ة" [المادة:52 ع مصري]ØŒ Ùˆ الأعذار المخ٠٠ة منها العام كصغر السن، الاست٠زاز، Ùˆ وقوع الجريمة إث ر Ø« ورة غضب شديد ناتج عن عمل غير Ù…ØÙ‚ Ùˆ على جانب من الخطورة أث اره المجني عليه [ المادة 277 ع مصري] Ùˆ [61-62-297-298-302 القانون الجنائي الموريتاني].
ومنها الخاص المقرر Ù ÙŠ جرائم خاصة Ùˆ Ù…Øددة مث لا أن ي٠اجئ الزوج زوجته Ùˆ هي Ù ÙŠ Øالة بالزنا ٠يقتلها هي Ùˆ شريكها [المادة:279 ع مصري]ØŒ وأما الاعذار المع٠ية هي التي تؤدي إلى عدم عقاب المتهم رغم مسؤوليته الجنائية [ المواد:59- 166- 247- 411 Ù‚ ج موريتاني] ومعلوم ما بين الأعذار القانونية excuses juridiques ØŒ والظرو٠المخ٠٠ة circonstances atténuantes [437 Ù‚ ج موريتاني] من ٠روق .
ولاستنطاق ما أراد المشرع من وراء عدم التنصيص على عقوبات الØدود والقصاص المرتكبة من قبل الأط٠ال نجد أن المشرع الوطني اعتمد مقاربتين Ù ÙŠ مسألة المسؤولية الجنائية للقاصر دون سن 18 سنة :
الأولى : تنطلق من تØديد سن البلوغ بـ:18 سنة مع التركيز على التمييز ØŒ Ùˆ من هنا اتجه إلى Øظر معاقبة الط٠ل Ø§Ù„Ø¬Ø§Ù†Ø Ø¨Ø¹Ù‚ÙˆØ¨Ø© تساوي العقوبة المقررة Ù ÙŠ Øال البلوغ، تأسيسا على أن المقصود بالبلوغ إنما هو البلوغ العقلي الذي جعل له السن Ù…Øددا لا بالبلوغ التكلي٠ي الذي يث بت بالعلامات الطبيعية وعليه يكون الط٠ل Ù ÙŠ م٠هومه Ù ÙŠ منأى عن عقوبة الإعدام والأعمال الشاقة المؤبدة Ùˆ العقوبة السجنية الكاملة مع ملاØظة أن المشرع أهمل المرØلة الممتدة من 16 إلى 18 مكت٠يا بالت٠ريق بين تصر٠ات الط٠ل المميز وغير المميز قبل سن 16 سنة وبهذا يكون متشبث ا بم٠هوم التمييز وعلاماته أكث ر من التركيز على السن ومهملا للبلوغ التكلي٠ي الطبيعي أي انه يعتمد معيار الرشد العقلي بدل البلوغ التكلي٠ي Ù ÙŠ تØديد سن المسؤولية الجنائية.
ومن هنا أهمل الØديث عن الدية الشرعية التي جعلتها الشريعة على الضامن العاقلة\ أو الولي ØŒ مغلبا نظرية العذر القانوني ØŒ مقتنعا أن الط٠ل المميز دون 16 عاما مطلقا مسؤول لكنه متمتع بعذر مخ٠٠، أما غير المميز ٠لا يمكن أن ÙŠØكم عليه إلا بالبراءة طبقا للمادة 60 من القانون الجنائي. وهذه المقاربة اعتمدها المشرع Ù ÙŠ [الأمر القانوني رقم 162- 83 بتاريخ 9 يوليو 1983 المتضمن القانون الجنائي] .
الث انية : تنطلق من عدم الت٠ريق بين الط٠ل المميز وغير المميز ٠القاصر Ù ÙŠ نظره كل إنسان يقل عمره عن Ø« ماني عشرة سنة سواء كان مميزا أو غير مميز ٠انه يعامل معاملة خاصة ولا يمكن بØال أن تسلط عليه العقوبة التي تسلط على البالغ اعتمادا على مبدأ تخ٠ي٠المسؤولية، وبهذا يكون المشرع قد Øدد معيارا واØدا مطلقا ومجردا لأساس المسؤولية الجنائية هو بلوغ سن 18 سنة مطلقا ØŒ بغض النظر عن أي شيء آخر، مع تنصيصه على أن الط٠ل الذي لم يبلغ سن السابعة لا يمكن أن يساءل جنائيا، أما ما ٠وق ذلك ودون سن 18 سنة ٠يعتبر مسؤولا مسؤولية خ٠ي٠ة Øتى ولو كان عاقلا مميزا، وبالتالي يعتمد على العقوبة السجنية ٠قط Ù ÙŠ هذه الØالة دون الأخذ بمعيار البلوغ التكلي٠ي أو التميّي٠ز العقلي كما هو الØال Ù ÙŠ القانون الجنائي العام.وهذه المقاربة يكرسها [الأمر قانوني رقم : 015\2005 بتاريخ:05 \12\2005 المتضمن الØماية الجنائية للط٠ل].
إن هذا الإشكال يمكن تجاوزه بالجمع بين المقاربتين بواسطة التشبث بمعيار سن البلوغ 18 سنة كضابط للرشد الجنائي Ùˆ الت٠ريق بين الط٠ل المميز وغير المميز (دون السابعة) عند إعمال العقوبة التعزيرية ذات الطابع التأهيلي الإصلاØÙŠ Ùˆ اعتبار أن الط٠ل دون الث امنة عشر غير مكل٠و ليس بعاقل Ø› لأن التكلي٠والعقل متلازمان.
٠يكون لزاما الجمع بين عقوبة السجن على أن لا يتجاوز 20 سنة طبقا للمادة 61 Ù‚ ج، والدية الشرعية كتعويض عَما أتل٠القاصر على المسؤول عنه لان عمد الصبي وان كان خطأ إلا انه يضمنه Ù ÙŠ ماله، أو يضمنه من ÙŠØرسه ولي أمره ØŒ وأما خطأ البالغ ٠تتØمله العاقلة لان الأول من باب خطاب الوضع Ùˆ الث اني من باب خطاب التكلي٠،.Ø« Ù… تØديد سن القصور بـ 18 سنة وسن التمييز بـ7 سنوات ٠ما ٠وق طبقا للمادة:2 Ù‚ Ø Ø¬ Ø·ØŒ Ø« Ù… الت٠ريق بين الصبي المميز وغير المميز Ù ÙŠ العقوبة التعزيرية لا Ù ÙŠ تبعات ال٠عل وضمانه، طبقا لمقتضيات المادة : 449 Ù‚ ج التي تØيل إلى الشريعة الإسلامية، ÙˆÙ ÙŠ هذا مَنْد٠وØÙŽØ©ÙŒ تمكننا من مسايرة الركب الدولي دون أن نخرج عن كلياتنا الشرعية الجامعة، Ùˆ خروج من إشكال مستعص يلقي بن٠سه على الأذهان رمت الإسهام Ù ÙŠ Øله دون تعم٠ّق.
بقلم : الدكتور : هارون ولد عمَّار ولد إديقبي.
رئيس Ù…Øكمة ولاية نواكشوط الجنوبية