في هذه الحلقة نكمل الجزء الثاني من رحلة عودتي من عالم الجنوب.
في تمام الساعة 9:00 دقيقة غادرنا "مدينة باي" ولكن السيارة كانت مهترئة وبطيئة الحركة وقد عرج السائق بنا الى طريق" اللوكة روصو سنيغال" ليتجنب الزحمة بالعاصمة دكار،وكان معنا شيخ كثير الطلبات للتوقف تارة لحاجة خاصة وتارة أخرى ليتزود بالشراب والطعام.
ارتفعت درجة الحرارة وبدا العرق يتصبب وكنا في السيارة في وضعية صعبة يضغط بعضنا على بعض "ولكن ما لعمل؟" إنها طريقة التنقل الوحيدة المتوفرة في هذا الجزء من الكرة الأرضية !
بعد رحلة مملة وطويلة ومتعبة ولخمس ساعات (15:00) وصلنا روصوسنيغال حيث رحب بنا أصحاب محطة هذه المدينة وصعدنا سيارة أخرى لتوصلنا في 30 ساعة للحدود السنيغالية جنوب النهر،وقد جمعنا الأوراق المدنية في يد واحد منا وجاء لنقطة الشرطة الحدودية السنيغالية ولما أخبرهم بأننا زوار ل" مدينة باي "فسحوا لنا الطريق ولم نقم يطلبوا منا القيام بإجراءات السفر المطلوبة .
كان علينا أن ننتظر العبارة الرسمية والتي لن تصل الجزء الجنوبي من نهر السنيغال وتغادر لتصل الجزء الشمالي إلا في حدود 17:00 وهو ما سيجعل من الصعوبة الحصول على وسيلة نقل بسعر معقول للعاصمة نواكشوط.
قررنا أن نعبر عبر الزوارق في 3 أفواج وبسرعة عبرنا لنصل الضفة الشمالية من النهر فأخذنا قسطا من الراحة وتناولنا شايا وما تيسر من المأكل في بعض الحوانيت المنتشرة هناك.
وبعد ذلك غادرنا لنصل إلى المحطة الطرقية لنواكشوط بروصو عاصمة ولاية ترارزه .
في حدود 18:15 انطلقت بنا سيارة "رينو" بسرعة لنصل إلى العاصمة نواكشوط في حدود الساعة20:30 وتنتهى رحلة بن الصحراء إلى عالم الجنوب.
من المؤسف مما دونته الذاكرة أن مدينة بحجم روصو وموقعها مازالت ضعيفة البنية التحتية حيث الطرق المعبدة قليلة ولا توجد فنادق ومطاعم راقية بل غالبية ما هنالك هو أعرشة وأسمال في الشوارع العامة "مطاعم في الهواء الطلق".
كما لا توجد محطة طرقية جيدة ولا نظام جيد لحصول الركاب على سيارات تقلهم بهدوء وتؤمن لهم أنفسهم وأمتعتهم وتوصلهم في زمن معقول مع ما تيسر من الراحة وحسن المعاملة.
في مدينة روصو هنالك "لوبيات" بعض من أهلها لصوص كثيرا ما يستولون عن طريق الاحتيال على أموال المغادرين الجدد أو القادمين الجدد للوطن بذريعة ما يسمى "إعداد إجراءات السفر او صرف العملة السنيغالية".
ملاحظة أخيرة تتعلق بسوء وضعية أهم طريق يربط مدينة روصو بوابة البلاد إلى دول غرب إفريقيا حي أن أكثر من 100 كلم منه تحتاج إعادة الترميم.
وصلت لبلدي واستنشقت أجواء الوطن الحبيب وحمدت الله على أن فرج عني الكروب وردني سالما.
أخذت في تلك الليلة قسطا وافرا من الراحة بعد حوالي شهرين من عذابات الغربة وجحيم الآمال المعذبة والبحث عن سراب العمل في بلاد لا "ناقة لي فيها ولا جمل".
في الصباح الموالي الأحد 1مارس 2010 وبعد ...
يتواصل ...
بقلم : محمد ولد محمد الامين(نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثاني من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 66حلقة" .
ولمن يرغب فيها أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com