القطيعة الانتخابية أقوى من المقاطعة :
السيكولوجي و السوسيولوجي في التصويت القادم :
إن الواقع في موريتانيا اليوم هو انقسام الأصوات الانتخابية إلى " جزر" إيديولوجية مختلفة، هناك القطيعة الانتخابية كما دعا إليها "المنتدى"، لكن هناك أيضا القطيعة الانتخابية التي سيصوت الناس انطلاقا منها. القطيعة هي التصويت بناء على الميْل الثقافي و الاجتماعي التقليدي. إن اغلب المصوتين يخلقون قطيعة ناتجة عن تخندقهم بناء على إملاءات عرقية و قبلية و جهوية و إملاءات براغماتية سياسية بشكل اكبر..
في حالة إقامة الانتخابات في موعدها المقرر فسيكون المشهد الانتخابي هكذا :
أصوات الموريتانيين الذين سيقترعون ستكون مقسمة على حسابات عرقية أساسا و قبلية تحالفية تاريخية ثانيا، ثم مصالح سياسية نفعية ثالثا، و جهوية رابعا..
"البظان" المعارضين لعزيز ينتمون في اغلبهم إلى الأحزاب المقاطعة.. الجزء الأكبر منهم سيصوت في الانتخابات، بينما ستأتمر أقلية منهم بأمر المقاطعة الصادر من "المنتدى".. هؤلاء البظان المعارضين سيصوتون أساسا لبيجل ولد هميد، لا لقناعة منهم بوجاهةِ طرحه السياسي و إنما لأنهم يريدون أن يعطوا تلك الأصوات لغير المرشح "عزيز"، و لكون صاحب العمامة أيضا سياسي ذو طرح معتدل استطاع استقطاب رجال من "البظان" لهم وزنهم و قدرتهم الكبيرة على الحشد ( لن تأثر الانشقاقات الأخيرة كثيرا في هذه الحالة). لن يصوت إذن هؤلاء "البظان" لبيرام الذي تعاديه الأغلبية الساحقة منهم نتيجة مواقفه السابقة ( المحرقة، اللهجة الحادة اتجاه البظان...الخ )، كما أن "ابراهيما صار" احتمال مستبعد جدا نتيجة للمقولة المتداولة في أوساط "البظان" عن تعاطف الرجل الشديد مع حركة " أفلام" السيئة السمعة عند البظان. هناك أصوات نشاز ستخرج عن هذه القاعدة لكنها لن تؤثر في الوزن الانتخابي.
بالنسبة " للحراطين" فإن الأصوات كانت تتوزع في السابق إلى قطبين كبيرين : قطب ( و هو الأكبر ) يصوت لاتجاه السلطة بحث من مجموعات البظان المتنفذة، أما القطب الثاني فهو الموالي لمسعود المخلص ( هناك أصوات نشاز لن تؤثر في الوزن الانتخابي).. كان "مسعود" يتمتع بكاريزما حقيقية بالنسبة للكثيرين بوصفه حامل مشروع الانعتاق الاجتماعي و الاقتصادي، لكنه لم يستطع الوصول بهؤلاء إلى الانعتاق السياسي.
أما اليوم فإن اغلب أصوات "لحراطين" التي كانت تتجه إلى مسعود ستنقسم بين "بيجل" و "عزيز".. البعض الآخر و هو من فئة الشباب "المتمدرِس" خصوصا سيصوت "لبيرام" ، لن تكون هناك أصوات من طرف "لحراطين" ذاهبة إلى "ابراهيما صار" إلا أقلية قليلة جدا لا يُعتَد بها.
بالنسبة للمرشح "ابراهيما صار"، فمن المتوقع أن تصوت الأغلبية الساحقة من شريحته له، بينما ستذهب الأقلية المتبقية لتَتَفتَّت بين "عزيز" أساسا و "بيرام".. كما أن ما يقارب نصف الشرائح الزنجية الأخرى ستصوت له نتيجة الارتباطات العرقية التي تعتبر قوية في مواجهة الآخر الثقافي ( البظان).. و هناك بقية معتبرة من هذه الشرائح ستصوت في الخانة الأولى على اللائحة، بناء على ما يعتبرونه إنصافا لهم في العديد من القضايا ضد " البظان".
أما بالنسبة لبيرام فإن من سيصوت له ليس أكثر من جماعات قليلة من "الحراطين" ( ربما يمكن إضافة بعض لمعلمين= الصناع ) مقتنعة بطرحه.. التعيين الأخير في ( صوملك ) ربما ينتزع بعض الأصوات القليلة من "بيرام" لصالح "عزيز"..
يضاف إلى كل ما سبق أن اغلب المصوتين في المناطق الشرقية ( خاصة الحوضين و لعصابة )، و هم اللذين يمثلون اغلب الأصوات، سيصوت لعزيز.. من الصعب لدى البظان هناك أن يصوتوا ل"حرطاني من أهل الگبلة"، خاصة انه لا يُمركِزُ دعوته هناك، كما انه يفتقد "لآليات الإخضاع الانتخابي" الموجودة بحوزة النظام.. لحراطين هناك سينقسمون و يصوت اغلبهم لعزيز بينما تذهب أصوات قليلة لبيرام و أصوات اقل للمرشحين الآخريْن.
بالنسبة لولايات الترارزة و لبراكنة، سيكون هناك حضور قوي تقريبا لكل من المرشحين باستثناء "بيرام" الذي سيكون حضوره باهتا هناك.. يستحوذ عزيز على الأغلبية يليه "بيجل" في الترارزة و "صار" في بعض اجزاء لبراكنة و مناطق كبيرو من "غورغول" و "كيديماغا"..
بالنسبة للجهات الشمالية، التي تمثل اقل عدد من الأصوات، سيكون الحضور قويا جدا لعزيز يليه "بيجل" ( عدد كبير من بظان الوئام ينتمون لتلك المناطق)، أما "صار" و "بيرام" فسيكون حضورهم باهتا هناك( سيحقق "بيرام" نجاحا اكبر في الزويرات و انواذيبوا من أي مكان آخر في الشمال)..
ملاحظات :
سيكون حضور المال السياسي مؤثرا قويا في التصويت. كما أن الغالبية الساحقة من أهل "الگزرة" السابقين في انواكشوط ( سواء بظان او احراطين) ستصوت لعزيز، تنضاف إليها أغلبية فئة الشيوخ و العجائز..
هناك قبائل لها وزن بشري كبير ظلت حاضرة في اغلب برامج عزيز ( التعيين ، امتيازات آخر) ، هذه القبائل ستشكل فارقا كبيرا لمصلحة الرجل.. هناك قبائل في مناطق أخرى يُعرَف عن اغلبها اقتناعه برموزه من المعارضة المقاطِعة سيذهب اغلب أصواتها إلى "بيجل"..
المناطق الوسطى ستصوت في غالبيتها العظمى لعزيز.
ينبغي ملاحظة أن الفئات "الارتودوكسية" من حزب "تواصل" ستكون اكثر مقاطعة من بقية احزاب المنتدى نتيجة الية الضبط القوي في نفوس هؤلاء و تمسكهم بقرارات المرجعية الحزبية، هذه الفئات ستقتنع كثيرا بالمقاطعة و ستعبئ لها (بشكل اكبر من بقية فئات المنتدى)، البظان و الحراطين في " تواصل " متساوون في ذلك، أما " الزنوج" فإن حضور مشروع الخلاص "التواصلي" الإسلامي باهت لديهم و بالتالي لن يتأثروا كثيرا بدعوة تواصل للمقاطعة ..
و بناء على كل ما تقدم فإن نتائج التصويت ستكون على التقريب التالي :
محمد ولد عبد العزيز : بين 57% إلى 65 %
بيجل ولد هميد : بين 12% إلى 18 %
ابراهيما صار : بين 6% إلى 11%
بيرام ولد اعبيدي : بين 6% إلى 10% .
باحث بمركز بحوث الثقافة و المجتمع بتاريخ 23/05/2014
عن مقرِّر لجنة نشر الاستطلاعات الطالب بوي ولد الشيخ