كانت لدي عدة اعتبارات يجب توفرها في من اريد ان يتقبلوني ضيفا لديهم لا تتعلق طبعا بالبحث عن حسن الضيافة في المطعم والمشرب و المكان المرفه المريح، فهذه أشياء لم نكن في الغالبية الساحقة منا كأبناء فقراء طلبة في الغربة نحلم بها خاصة مع تلك المنحة الضئيلة(154دولار شهريا اي مايعادل وقتها 30000وقية)،والتي كانت تتأخر لأكثر من 3 أشهر.
لقد كان حسن الضيافة هنا يتعلق باعتبارات ثلاث في ذهني هي مدى توفر النقل إلى المعهد وقرب المسكن من مجمع سكن الطلبة الموريتانيين حيث هم مصدر الأخبار الأول عن ما يهمنا هنا بالغربة(المنحة،تذاكر السفر،نتائج الزملاء،مع ماتيسر من أخبار الوطن).
فجأة وأنا أفكر في الأمر ومازلت وقتها في مسكن زميلي"سيدي محمد وفضيلي " جاءني الزميل والأخ العزيز الخليل ولد اجدود(رفيق درب في الدراسة بالمعهد ومراسل قناة العربية حاليا وله علي منن أخرى لا أنساها ) وطلب مني مرافقته والسكن معه في منزله الفسيح صحبة قريبين له في عمارة أقرب الى محل باصات الطلبة تعرف ب"دوز- تروا اي اثنا عشر-ثلاثة".
شكرت لزميلي السابقين حسن ضيافتهما(أذكر أنني عانيت مثلهما كثيرا في المجاعة فقد كانت الظروف صعبة للغاية وتدهورت وجبات المطاعم الجامعية في حدود15 يونيو2001 بسبب سفر غالبية الطلبة التونسيين في العطلة الصيفية ثم أغلقت بعد ذلك في25 من الشهر نفسه.
أذكر أننا كنا مجموعة من الطلبة في حدود15 وكنا لا فطور ولاغداء وكل ما هنالك هو وجبة من المكسرات على الملح والزيت نسميها وجبة دون لحم وكل منا يقيم اوده بلقمتين لا أكثر ولفترة زادت على 10 لأيام.
انتقلت إذن لمسكن زميلي الخليل وكان اكثر رحابة ولكن بقيت مشكلة الجوع طيلة النهار ملازمة بسبب تأخر المنحة لأكثر من 3 أشهر وإن كان الزملاء والخليل يحرصون مشكورين على إعداد وجبة جيدة كل ليلة.
بعدما طاب لي المقام مع زميلي الخليل بدأت أفكر في النقاش الذي كان قد تحدد موعده يوم 25 يونيو أي بعد أحوالي أسبوع،أصبح شغلي الشاغل كيف أخرج من معركة "النقاش" بأعلى معدل، اتجهت إلى دفاتر قديمة كنت دونت فيها بعض ملاحظات الأساتذة الذين حضرت نقاشهم لرسائل زملاء سابقين لأستعين بها في تفادي الثغرات عند كتابة تقديم عن رسالتي وكيف أحضر للأجوبة في حفل النقاش(حضرتنقاش50 رسالة).
بعد استخلاص ما أمكن الاستفادة منه من تلك الملاحظات عمدت الى محل الهاتف العمومي واتصلت على الاستاذة المشرفة وطلبت منها توجيهي فأسدت لي 3 نصائح :"لا تتشنج عند الحديث،أجب باختصار على كل سؤال، لا تقاطع ولا تعترض على رأي اوفكرة للأساتذة الذين يناقشونك"،ثم أردفت قائلة :"لن أبخل في الدفاع عن عملك فهو يستحق ذلك مع ما تتمتع به من دماثة أخلاق فقد درستك لسنتين وأعرفك حق المعرفة".
شكرتها وانتهت المكالمة..ومضيت ل...
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة :
للتعليق والملاحظات :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
ملاحظة :
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية رأي).