تتوفر موريتانيا على أحد أغنى السواحل في العالم، وهو ما يحتم عليها اعتماد سياسات تكفل لها أكبر استفادة من إيرادات هذا القطاع، من حيث تكوين العمالة الوطنية الماهرة، وترشيد الموارد السمكية. وبطبيعة الحال، ينبغي أن يجري ذلك في ظل احترام المورد والحفاظ التام على الأنظمة البيئية حتى يتسنى تفادي نضوب الأعماق البحرية.
وإذا ما تأملنا الجهود المبذولة حاليا تبيّن لنا حرصُ السلطات العمومية على تطوير القطاع والعمل على ازدهاره. ولا أدل على ذلك مما يأتي :
يتميّز قطاع الصيد اليوم بالاتفاق الأخير المبرم مع الاتحاد الأوربي. وكما أوضح رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في "لقاء الشعب" يوم 5 أغسطس بأطار، فإن التعويض المترتب على هذا الاتفاق الذي يغطى الفترة من 2012 حتى 2014 يبلغ 113 مليون يورو بدل 84.5 في الاتفاق السابق. غير أن بموازاة هذه الزيادة المعتبرة، يوجد بند أكثر أهمية يتمثل في إلزام البواخر الأوربية العاملة في المياه الإقليمية الوطنية بأن تدمج 60% من البحارة الموريتانيين ضمن طواقمها، وأن تفرّغ حمولتها في نواذيبو، وأن تخصص 2% من إنتاجها، أي 6 آلاف طن، لمَسْمَكات السوق الوطنية.
وهناك ترتيبات أخرى تم إدخالها لحماية الثروة السمكية، منها على سبيل المثال إبعاد مناطق الصيد عن الشاطئ واستثناء رأسيات الأرجل من الأصناف المسموح بصيدها. ومن هذه الترتيبات الجديدة الرامية لحماية استغلال مياهنا الإقليمية، إتاحة الإمكانية لبلادنا بأن تراقب عن طريق الأقمار الاصطناعية البواخرَ الأروبية التي تصيد في منطقتنا الاقتصادية الحصْرية.
ولتقدير التقدم المحرز، يجدر التذكير بأن الاتفاق السابق لم يكن ينص على تفريغ الكميات المصطادة، ولم يكن يفرض سوى استخدام 15% من الموريتانيين ضمن الطواقم الأوربية، وكان الالتزام بهذا البند يبقى في الغالب نظريا.
كما أن من المستجدات في الاتفاق الجديد كون المراقبة بالأقمار الاصطناعية كانت تتم انطلاقا من أوروبا، وهو أمر لا معنى له، بينما ينص الاتفاق الحالي على أنها تجري انطلاقا من موريتانيا.
والواقع أن هذا تقدم ملموس يعكس إرادة قوية في التحكم بهذا القطاع. فإذا ما أضفنا إليها مساعي السلطات العمومية لإقامة منشآت صناعية على البر تأكد لنا أن الأمور تتجه نحو التغيير الإيجابي، كما أوضحه لنا البحار سيدي إبراهيم وهو يرنو ببصره صوْب مجمّع هوند دونغ الذي بلغ الاستثمار فيه 120 مليون دولار أمريكي بهدف إنشاء وحدة لإنتاج دقيق السمك وورشة لصناعة وصيانة مَرْكبات الصيد التقليدي.
كاتب صحفي