فشلت الأسبوع الماضي آخر محاولات الحكومة بيع عشرات الأملاك العقارية والتجارية لشركة "نافتاك" الجزائرية لنقل وتوزيع المواد البترولية، في موريتانيا، في تحقيق النتائج المرجوة منها، بعد عام ونصف عن دخول قرار تصفيتها حيز التنفيذ.
واطلعت "الشروق" على وثائق جديدة تحصي إحداها أملاك "نافتاك" المعروضة للبيع لأول مرة، وأخرى مرحلة بعد عرضها للمرة الثالثة على التوالي للبيع في المزاد العلني، دون أن تجد مشتريا، ومنها 90 محلا تجاريا في ميناء العاصمة نواكشوط، وعشرات محطات بيع الوقود، منها محطة خدمات كبيرة تصل سعتها التخزينية من الوقود إلى 62 ألف لتر، تضاف إلى أخرى عرضت للبيع الصيف الماضي، فضلا عن عشرات القطع الأرضية عرض منها للبيع قطعة أرض كبيرة.
وكشفت للشروق مصادر تتابع الملف أن أجل التصفية انتهى مع نهاية شهر جانفي المنقضي "ولكن عروض الشراء كانت هزيلة بسبب إشكالات قانونية وإدارية تمنع المهتمين من المجازفة بتقديم عروض مرضية"، فأصحاب المحلات الموجودة في ميناء نواكشوط يرفضون إخلاءها ولا يعترفون بأي عقد بيع يجريه المصفي، ويقولون أن عقود الإيجار التي تربطهم مع "نافتاك" تمنحهم حق الشفعة.
وتكشف وثيقة أخرى، اطلعت عليها الشروق، أن "نافتاك موريتانيا"، كانت حتى وقت قريب تسير نحو 160 محطة وقود "نافتاك الجزائر (تذكر فقط 104 محطة) تسيطر على 70 بالمائة من السوق الموريتانية، وهو رقم كان يدر عليها أرباحا بعشرات الملايين، قبل ان تنهار بسبب سوء التسيير"، وتوقفت "نافتاك" رسميا عن النشاط في ماي 2009.
ويقول محررو الوثيقة، أن إطارات سابقة اشتغلوا لسنوات في مؤسسة "نافتاك" أن : "نفس المسيرين الذين أوصلوا المؤسسة إلى الإفلاس هم من يشرفون على تصفيتها وبيع أملاكها ويتقاضون على عملهم حتى اليوم أجورا وتعويضات مالية كبيرة بالعملة الصعبة"، ويورد أصحاب المراسلة أمثلة عن حالة التسيب التي تعيشها المؤسسة، وهي في طور التصفية، منها أن "أحد المحاسبين هرب في نهاية 2009 بعد عدة أشهر من وقف نشاط الشركة بمبلغ يزيد عن 10 ملايين أوقية (300 مليون سنتيم).
وتكشف وثيقة ثالثة، أن ديون "نافتاك" في موريتانيا لدى البنوك بلغت نحو 200 مليار سنتيم نتيجة قروض لتمويل استثماراتها المفلسة تحصلت عليها خلال السنوات العشر الأخيرة، لكن الغريب أن نصف ديون نافتاك هي نتيجة قروض بفوائد عالية تحصلت عليها من بنكين مملوكين حصريا لرجلي أعمال موريتانيين يتقاسمان مناصفة 15 بالمائة من أسهم نافتاك، وبالأرقام تتحدث الوثيقة عن 270 مليار سنتيم قيمة ديون نافتاك لدى البنك الوطني الموريتاني، المملوك لرجل الأعمال "محمد ولد نويقظ"، وديون بقيمة 30 مليار سنتيم لبنك "جي بي أم" المملوك لرجل الأعمال الآخر "محمد ولد بوعامتو" إضافة إلى أكثر من 50 مليار سنتيم لصالح بنك بين أن بي باريبا الفرنسي ،والبقية موزعة على بنوك أخرى، وتحظى هذه البنوك قانونا بالأولوية في أخذ كل دينار يدخل من عمليات بيع أملاك نافتاك، حتى سداد ديونها..
ويروي مصدرنا كيف ان عملية بيع أملاك وعقارات نافتك - موريتانيا، تتعرض للاحتيال لأخذها بأبخس الأثمان، ومن ذلك ما حدث عندما عرضت للمرة الأولى بيع حصة تضم مجمعها الواقع في سوق الميناء، بالإضافة إلى صيدلية، فعند فتح العروض انسحب من المزايدة صاحب العرض الأول الذي قدم حوالي 30 مليار سنتيم لصالح صاحب العرض الثاني الذي انسحب بدوره لصالح صاحب العرض الثالث الذي قدم رقما يقل بالنصف عن العرض الأول، بالرغم من أن ذلك اضطر الأول والثاني لدفع غرامات مالية كبيرة. .
نقلا عن "الشروق"