abekkaye154@gmail.com
ارتبط مستوى الحظ الذي يحظى به القائد عند الموريتانيين بقدرته على تسيير الأمور دون هزات أمنية و دون أزمات ويتفاءلون خيرا بقابل أيامهم في عهده والأمثلة على ذلك كثيرة في تاريخنا السياسي القريب، ولسنا هنا بصدد استدعاء الذاكرة لسرد بعض الأمثلة ( للمحظوظين و غير المحظوظين)،
بل سنحاول تتبع و تجميع بعض الملاحظات - التي قد توافقني عليها أخي القارئ الكريم أو لا توافق – ومحاولة تحليلها لتوضيح مدى مساهمتها في النجاح الذي حظيت به الحركة التي قادها الجنرال محمد ولد عبد العزيز والتي حازت على تسمية " التصحيح " حسب قاموس من تولى ذبح العقيقية و تسمية الانقلاب عند من يشعرون بأن آمالهم تم الانقلاب عليها.
وسأهمل الجانب الوطني لهذه الملاحظات لأن تفسيراتها و تأويلاتها قد يتم الاختلاف فيها و اكتفي بالأحداث ذات الطابع الدولي، التي يرى البعض أن لها أيادي عديدة على المصححين وأصابت المنقًلـَب عليهم بانتكاسات متلاحقة ما إن يصحوا من إحداها حتى يغمى عليهم من الأخرى وكل أملهم أن يمن عليهم القدر ولو بواحدة على أن تكون قبل ستة ستة ،
و لأنصار التغيير كامل الحق في عدم قبول حصر إنجازاتهم و تضحياتهم الجسيمة بمسألة الحظ فقد مارسوا، و الشهادة لله، اللعبة السياسية على أصولها إلا أن غرضنا من سرد هذه الأحداث ليس التحجيم من الإنجازات التي حققها المجلس الأعلى للدولة و من آخرها زيارة منطقة آفطوط التي استعاد من خلالها المواطن كرامته وشعر الوزير و الوالي و الحاكم أنهم مسئولين أمام سكان آدوا به وغيرهم وأنهم معرضون للمساءلة إذا قصروا في تحمل تلك المسئولية واقتصرت على ذكر هذه الأحداث من باب لفت الانتباه وكونها حديث الصالونات في نواكشوط هذه الأيام.
سبعة أحداث في صف الجنرال
1/الأزمة المالية :
هذه الأزمة استفحلت عند نهاية 2008 حيث أصبحت الدول تردد نفسي نفسي ولسان حالها يقول " إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله اذهبوا إلى غيري" وأصبح هاجس الإفلاس يطارد مؤسسات هذه الدول و سرحت ملايين العمال من وظائفهم وأصبحت معالجة قضايا الدول الأخرى من النوافل، ويرى البعض بأن الجنرال استفاد من هذه الوضعية سيما أنه بدا مقتنعا بموارده الداخلية مبديا زهده فيما عند الغير مشددا على محاربة الفساد و المفسدين ولم يسجل أن اشتكى يوما أو أعلن عجزه ولسان حاله يقول "عود لسانك ذكر الخير تحظى به...).
2/متغيرات السياسة الخارجية الأمريكية :
حيث ذهب بوش وما رافقه من صقور ومحافظين و أتى أوباما و ما يمثله عهده من الاحترام المتبادل و المصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤون الأمم الأخرى – على الأقل فيما هو معلن - الأمر الذي أصاب تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الأزمة الموريتانية بشيء من الفتور.
3/عدوان إسرائيل على غزة :
وفر هذا العامل تعبئة للشارع الموريتاني ضد التواجد الصهيوني بالبلد – رغم أنه كان كذلك – مما جعل أحد أقطاب الجبهة الوطنية للدفاع عن الديموقراطية يربط انضمامه لحركة الجنرال بقطعه للعلاقة مع إسرائيل واستدعت الخارجية الموريتانية جميع عمالها من تلابيب ليعلن بعد ذلك الجنرال في قمة غزة بالدوحة تجميد علاقات موريتانيا و إسرائيل،
وهي الخطوة التي لاقت استحسان واسع في الداخل و الخارج و من أعداء التغيير قبل أنصاره وساهمت دون شك في تقوية اللحمة الداخلية و تماسك التفافها حول التغيير و أكتسب العسكر من خلالها بعض المواقف الخارجية مثل تعزيز العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الارانية تلك العلاقة التي راهنت الجبهة على أنها ستضر بسمعة الجنرال عند الأمريكان فإذا بأوباما يمد يده للصلح مع إيران و يطالب بفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما فلا حول و لا قوة إلا بالله.
4/تعدد وتزامن الانقلابات في إفريقيا :
بدأ الاتحاد الإفريقي في رفضه المطلق لما حدث في موريتانيا وأرغى و أزبد ، فإذا بالانقلابات تتتابع في أفريقيا وذهب ضحيتها رئيس في غينيا بيساو و قائد أركان الجيش و انقلاب آخر في مدغشقر وغيرهم وأصبح التغيير السلمي الذي وقع في موريتاينا أخف الضررين حيث أنه لم يمت فيه رئيس و فترته الانتقالية أقل من سنة والمؤسسات الدستورية لم ينالها التغيير وعادت موريتانيا للواجهة من جديد من حيث خصوصيتها حتى في أشد مراحلها حساسية .
5/مذكرة البشير :
هذه المذكرة ذكرت العرب بمساوئ تدويل الأزمات وذلك من خلال استحضار نموذج دار فور و الصومال ولبنان، وبدت رياح التغيير في المواقف الدولية تتبدى للعيان فهاهو وزير الخارجية الفرنسية يطالب بما عبر عنه الجنرال منذ شهور، بضرورة الاستقالة من أجل التمكن من الترشح في الاستحقاقات القادمة.
6/تولي القائد معمر ألقذافي رئاسة الاتحاد الإفريقي و المغرب العربي و تجمع(س-ص)
وقريبا مجلس الأمن الدولي وتكليفه بالوساطة بين المتنازعين وقدومه إلى موريتانيا ليفاجئ من خلال الاستقبالات التي حظي بها بأن جل الموريتانيين مع التغيير الذي حدث، فتذكر أيام الثورة و اشتعلت فيه حمية مساندة الجماهير في خياراتها و أعلنها مدوية من قصر المؤتمرات لا لتدويل الشأن الموريتاني و موعدنا ما بعد ستة ستة.
7/قمتي الدوحة المرتقبتين :
وأتصور من خلالهما الجنرال بين احمدي نجاد و اتشافيز و حمد بن خليفة وغيرهم من القادة الذين طبعوا ببصماتهم ملامح القرن الواحد و العشرين، ولا أشك لحظة أنه سينال التقدير و التبريكات على قراره الأخير بطرد طاقم السفارة الصهيونية من نواكشوط نهائيا.
ولا شك أنني نسيت العديد من المواقف الدولية التي لعبت إلى جانب الجنرال المحظوظ و صحبه مما جعل الشارع الموريتاني يتفاءل به خيرا ويتساءل هل يَفشل حظ الجنرال مساعي الجبهة في تدويل الأزمة؟