انتهت الفحوص الطبية ..ولكن بقيت مرارة الانتظار والخوف المجهول تلازمني ولست بالتأكيد وحدي ومردها هو صعوبة الوثوق في أي شيء يتعلق بنزاهة المسابقات في هذه البلاد نظرا لعقود طويلة من التزوير والتحايل وأبطال الحقوق وجلب من لهم حظوة وإبعاد من ليس لهم إلا شهاداتهم وكفاءاتهم من المسابقات تحت أعذار مختلفة ولكنها تشترك في كونها واهية .
بعد عطلة نهاية الأسبوع زرت المدرسة الوطنية للإدارة فإذا إعلان جديد يقول "إن المقابلة الشفهية مع لجنة التحكيم يوم 4سبتمبر2011 أي بعد عطلة عيد الفطر الذي حل في تلك السنة في 31 أغسطس.
وحدد الإعلان مكان المقابلة الشفهية ومكونات الملف الذي يجب على المؤهل للنجاح اصطحابه معه لتسليمه للجنة .
بدأ الجميع في الاستعداد لعيد الفطر وأخذ قسط من الراحة في الأسبوع الأخير المتعب من رمضان ،وكنت بدوري معنيا بالبحث عن لوازم العيد لأسرتي، وقد يسر الله كل الحال وخلدت العيد مع أفراد العائلة في أجواء من الحبور وان كانت تشوبها في بعض الأحيان نوبات من الإحساس بعدم التفاؤل والخوف من المجهول بسبب انتظار "المقابلة الشفهية" بعد العيد قبل صدور النتائج النهائية، ناهيك عن القلق من نتائج الفحص الطبي التي قد يشوبها شائب من عدم الدقة فترميني بعيدا من حلبة المنافسة .
خلال رحلتي في البحث عن النصائح الهامة قبل المقابلة الشفهية لقيت صديقا حميما مجربا ونصحني بالتالي" ارتد بذلة أنيقة، أحضر الملف المطلوب، تكلم في الموضوع باختصار، لا تجادل أعضاء اللجنة، تحل بكل التواضع،لا تظهر القلق أو التعصب أمام اللجنة".
وقد عملت منذ ذلك اليوم أي قبل الشفهي بنصف شهر تقريبا على التحضير الجيد للملف ولبذلة فاخرة أقابل فيها لجنة المقابلة.
في يوم 4 سبتمبر أخذت زينتي وغادرت في حدود الثامنة صباحا إلي المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء حيث مركز "الامتحان الشفهي"،كان الاستدعاء في التاسعة صباحا وقد وصلت قبل موعده ب 20 دقيقة كانت كافية لتبادل التحية والأحاديث الجانبية مع بعض من يفترض "وقتها" أنهم سيكونون زملاء في المدرسة.
وطبعا كم كان سروري عندما علمت من بعضهم بأن لجنة المقابلة "الامتحان الشفهي" وضعت توزيعا جيدا للنقاط خلال المقابلة الشفهية من أهم محتوياته توزيع أكبر النقاط على مادة التخصص والثقافة العامة وضبط النفس وطريقة الحديث وأقل درجاته كانت الهندام واللغة الثانية.
وللتاريخ أذكر أنها المرة الأولى التي أرى فيها مثل هذه الشفافية حيث سيدخل الجميع إلى المقابلة الشفهية وكل منهم يعرف في قرارة نفسه كم من النقاط سيحصل عليه طبقا للتوزيع والمعايير المبينة في تلك الورقة المثبتة وبلغتين "عربية وفرنسية على باب مدخل المدرسة.
كان ذلك اليوم يوما صيفيا قائظا وكان يحظر الدخول إلى مباني المدرسة وبالتالي فلم يكن أمام الطلبة إلا التجمع تحت سقيفة معدة للتظليل على سيارات إدارة المدرسة،وطبعا كان القيظ شديدا ولا يوجد حانوت أو مشرب قريب.
قضيت سحابة ذلك اليوم...
يتواصل
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
نعتذر عن تأخير هذه الحلقة وذلك لأسباب تخص الكاتب
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثالث من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 66حلقة والثاني تحت عنوان :"رحلة البحث عن الوظيفة الرسمية في 55 حلقة".
ولمن يرغب فيهما أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com