في ذلك اليوم المشؤوم...كنت غارقا في متاهات الحسابات المعقدة بين الواقع والمستقبل في محاولة على الاجابة على أسئلة ذاتية مصيرية بالنسبة لي من قبيل :
ماذا لوكان المستوى ضعيفا جدا ولم احصل سوى على معدل 3 او 4 من20 مثلا؟
ماذا لوكانت إعادة الدورة الثانية المعرفة هنا بتونس باسم دورة"الكونترول" أي المراقبة لاتكفي للنجاح؟
ماذا ستقدم كمبررات لروسبك عند العودة إلى الوطن في العطلية الصيفة؟ (المجتمع الموريتاني لايرحم).
في الصباح الباكر بادرت إلى الرقابة العامة بالمعهد كغيري من الراسبين وطلبت كشف درجاتي فكانت أول مفاجأة سارة نسبيا في انتظاري (رغم الرسوب) وهي أنني حصلت على معدل 07من 20 وهو معدل مقبول(الحمد لله).
ورغم فرحتي بتلك المفاجأة السارة نسبيا فقد أزعجتني المفاجاة الثانية كثيرا وهي أن المواد التي سأعيدها في الدورة الثانية بعد 10 أيام تقريبا هي كل المواد الصعبة (اللغتان الفرنسية والانجليزية، الترجمة، الكتابة الصحفية بالفرنسية والاقتصاد وهو بالفرنسية)، وكل مادة (ضارب3 والكتابة الصحفية الفرنسية ضارب1.5 والاقتصاد بالفرنسية ضارب1).والمفارقة هو أن هذه المواد تحتاج مستوى علميا مسبقا والمراجعة خلال السنة الجامعية وأنا لا أمتلك المستوى وبالتالي لن تكون مراجعتي كافية بين الدورتين(عام لم يكف للتعلم والمراجعة لها فكيف تكفيني عشرة أيام)؟
ورغم هذه الصعوبة القاسية فإنها لم تكن الوحيدة بل كان الأصعب منها هو العودة للمراجعة في ليالي الصيف الحارة وتحت أضواء ساطعة جدا في المبيت الجامعي،وفي ظل أجواء مفعمة بالاحباط لدى زملاء الراسبين القاطنين معي في هذا الحي،والأمر من ذلك هو قتلنا بالغيرة من طرف بعض زملائنا الناجحين الذين يصرون على حزم حقائبهم وتوديعنا لتذكيرنا بأن سبب بقائنا بعدهم هو الرسوب.
قلت لا بأس ولأبذل مجهودا مهما يكن متواضعا على أخفف عن كاهلى مهمة البحث عن النجاح في العام المقبل.
بدأت في التحضير على قدر طاقتي وماهي إلا أيام قليلة حتى خضت الدورة الثانية وبعدها حزمت حقائب السفر وعدت إلى موريتانيا في العطلة الصيفية لكي أخفف عن نفسي من هول مفاجأة رسوبي لأول مرة في حياتي.
في ليلة 4 يوليو1997 وقبل صلاة المغرب بقليل حطت طائرة الخطوط المغربية التي كانت تقلني في طريق العودة الوطن بعد رحلة...
بقلم : محمد ولد محمد الأمين (نافع))
للتعليق والملاحظة :
oulnafaa.mohamed@gmail.com
هذه المذكرات واقعية نشرت جامعة " جورج تاون" الأمريكية مقتطفات منها في بعض كتبها المدرسية المترجمة باللغة الانجليزية التي تدرس بغالبية جامعات العالم(راجع الحلقات السابقة بالموقع زاوية رأي).