ملئنا الأرض والسماء بالهتافات، والخطابات، قامت الدنيا ولم تقعد، انطلقت الثورة، هرب عزيز، الشعب الموريتاني حر في اتخاذ القرارات بنفسه، حر فيمن ينتخب، حر فيمن يسير أموره، الله اكبر، الله اكبر، جاء الحق، وزهق الباطل...
أهذه ثورتكم المزعومة ؟ أهي ثورة الشعارات والنداءات، ثورة القادة الببغاوات؟ لم تكن ثورتكم الموعودة لتنجح أيها الكرماء، ففي البداية لم تبنى على الوضوح في الطرح والخطاب ولا الغاية والهدف، ارحل عزيز هكذا دفعة واحدة شيء عجيب..! لو خرج الناقمون على كل رئيس بهذه العبارة وامتثل لأمرهم، ترى كم كان عدد رؤساءنا؟ لا شك أنهم بالمئات أو الآلاف. الثورة تبنى ــ أو هكذا جرت العادة على الأقل في الدول المجاورة ــ على التدرج والتدريج، في المطالب والغاية والتنسيق، اما أن يكون آخر مطلب هو أول هدف فهذا لعمري علامة الفشل التي ما بعدها علامة، و اما عن سوء التنسيق فحدث ولا حرج، فهم كما قال تعالى " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" ولكل وجهة"...
ثورتكم أيها السادة مسرحية رديئة السيناريو، هزيلة الإخراج، فهي لم تكن من الضعفاء ولا للضعفاء، لم تكن تلامس أرضهم، وتترفع عن سمائهم، لم تكن لجلب العلم ولا التكنولوجيا... ثورتكم أيها السادة هي ثورة الرفاه ، ثورة الراحة والسكينة والطمأنينة ، ثورة الهدوء الذي يلفه الغموض، وانعدام الرؤية ، ثورتكم هي ثورة الخشب المسندة، هي ثورة الشيخ الهرم العاجز حتى عن الحركة والتصرف ، ثورة أعجاز نخل خاوية، هذه الثورة هي وليدة اللحظة فالمناسبة هي التي تحدد مصيرها فهي ثورة المناسبات.
ثورتكم أيها السادة ليست ثورة وإنما مهرجانا للتنديد بما اقترفته أيدي حليف الأمس، مجرم اليوم، كما تؤمن ألسنتكم، وتكفر قلوبكم، تستعطفون الناس للخروج معكم باستنكار فعل بيرام، تسوقون ثورتكم بمهزلة الشجب والإدانة، تسعون لإسقاط عزيز، وتتحدون معه، وتطبلون له، وهو من هو في سوء التمثيل، تختلفون على كل شيء وتتفقون على شيء واحد، أن ذلك الأسد القابع النائم في عرين العبودية، والتهميش، ينبغي أن لا يستيقظ، تناقض والله عجيب..! ألم يحرق طلاب المعهد العالي مراجعهم قبل أيام؟ ألم تكن تحوي آيات من القرآن الكريم وأحاديث الرسول؟ فلماذا لا تنددون؟ ألا تباع الخمر على مرأى ومسمع منكم جميعا؟ ألا تلاحظون الملاهي الليلية وما فيها من صخب؟ أهو قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار؟ أم على قلوب أقفالها؟ ولن أذكركم بالدعارة المنتشرة في كل مكان، ولن أذكركم برعايتكم لها، ألا تستحون؟ أم أنه ليس منكم رجل رشيد؟ ألا يسأل أحد منكم نفسه ولو مرة من أين له كل هذا المال؟ لماذا لا تذكرون الله وحرماته ومقدساته؟ أم أن كل هذا حلال عليكم وأبناءكم وبناتكم؟ حرام على غيركم.
لك الله يا بيرام ألانك عبد، ابن عبد، ابن أمة، فقط الآن قانون العدالة أو عدالة الشريعة ينبغي أن تأخذ مجراها، أف على عدالتكم ، أي نوع من العدل؟ أي نوع من الكيل بمكيالين؟ والله الآن وحده فهمت وآمنت بما كنت تقوله دائما، بأن هنا شبيهون باليهود هناك، ففي حديث الرسول ما معناه أنه كان إذا سرق القوي العزيز من بني اسرائيل تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. لا تستغربوا أي شيء فإذا كان لإنسان أن يضحك لان بيرام زج به في السجن ، وإذا كان لمسيرة أن تسير من إنسان واحد تنديدا وتنكيلا، وأن يسبح ويهلل استنكارا لهذا الخطب الجلل، إذا كان لأحد أن يطبل.. ويغني.. ويرقص.. ويقول بيرام المجرم.. بيرام الحقير، ويطالب بإعدامه.. بخنقه.. بشنقه، إذا كان لأحد أن يتشفى..أن يلعن ..أن يبربر، فأنا ذلك الأحد.ولكن.. ذلك الأسد يجمعنا ! وأيم الله إني أرى مالا ترون، وإنكم لكاذبون، ولحرمات الله لمنتهكون، وعلى شعبكم لتضحكون، وغدا عند ربكم تختصمون.
أيها العزيز في قصره المشيد، إياك إياك وبني جلدتك، فإنهم لا يؤمنون، ولا يفهمون ما يصورون، احذر صولة الأسد، فلا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. أيها الزعماء الصامدون في ميدان الرحيل، الهاربون لا تلوون على شيء، الحامدون ربهم على السلامة، أهكذا وفاءكم لشعبياتكم؟ أهكذا يكون النضال؟ أين نداءاتكم النفير.. النفير.. وشعاراتكم الرحيل.. الرحيل..أين خيامكم ؟ أين نعالكم؟ أين..وأين... لاغرو فلا أحد يتوقع الصمود من المتلونين، الناحتين من آمال شعبهم بيوتا فرهين، لاغرو إذا تساءل احدهم ـــ والشرطة عن الشمال وعن اليمين ــ أين رؤساؤنا زعماؤنا.. وانتم .. أنتم هاربون..هاربون.. لربكم على النجاة شاكرون.
رئيس منسقية وعي وقضية لمناهضة العبودية Saleck_012@yahoo.fr