لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي :|: وزير : أشغال 34 من المشاريع تسيربشكل غير مقبول :|: ولد داداه يعلن مساندة غزواني في الرئاسيات القادمة :|: لجنة حقوق الانسان : لا يمكن تجاهل التحديات التي تواجهها الصحافة :|: وزارة الثقافة توضح أسباب تقدم البلد في حرية الصحافة :|: رئاسيات يونيو : مرشح ثان يودع ملفه :|: وفد من حلف شمال الأطلسي يزور موريتانيا :|: توزيع جائزتي مسابقة الخط والخطابة :|: التكتل يشكل لجنة لتحديد خياراته من الرئاسيات :|: قفزو كبيرة لمورريتانيا على مؤشر حرية الصحافة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
 
 
 
 

تعديل الدستور بين الساسيين والقانونيين(2/2).

د/ محمد عبدالله محمد محمود باحث متخصص في العلوم الشرعية والقانونية.

jeudi 1er mars 2012


إن الملاحظات التي تناولناها في الحلقة الأولي من هذا المقال تجعل من الضروري إيجاد وسائل لبسط الرقابة الدستورية علي القوانين التي يثار عدم دستوريتها بعد صدورها ونفاذها، وسوف نتعرض لوسائل انعقاد الاختصاص في موضوع رقابة الدستورية judicial review لهذا النوع من القوانين، والذي تعد الولايات المتحدة وأوربا مهده.

ويتحقق هذا النوع من الرقابة باحدى طريقتين إما بطريقة الالغاء أو بطريقة الامتناع

رقابة الإلغاء (الدعوى)

معناها أن يرفع صاحب الشان (الذي منح له الدستور هذا الحق) دعوى يطالب فيها بالغاء قانون ما لمخالفته للدستور .
ورقابة الالغاء قد تكون سابقة على صدور القانون إذا اشترط عرضها على هيئة قضائية معينة للتحقق من مدى مطابقتها للدستور، وعادة ما يوكل أمر تحريك هذه الرقابة إلى بعض الهيئات العامة دون الافراد وذلك لانعدام المصلحة .

ومن الدول التي أخذت برقابة الالغاء السابقة ’ايرلندا’ في دستورها لسنة 1937 الذي نص على ان القوانين التي يقرها البرلمان و قبل المصادقة عليها من قبل رئيس الجمهورية يجوز له إحالتها على المحكمة العليا للنظر في مدى دستوريتها وعليها أن تصدر حكما خلال 60 يوما من تاريخ إحالتها القوانين عليها وإن قضت بعدم دستوريتها امتنع عن اصدارها .

ــ 1 رقابة الالغاء اللاحقة

تقرر بعد إصدارالقانون فعلا بحيث يجوز الطعن في عدم دستورية القانون أمام هيئة قضائية لإلغائه وتفاديا لبعض النقد فإن الدساتير التي تأخذ بهذه الطريقة، عادة ما تنص على إنشاء محكمة قضائية خاصة كالمحكمة الدستورية في إيطاليا، وفي حالة عدم وجود هذه المحكمة فإنه لا يسمح برفع دعوى الالغاء إلا أمام أعلى محكمة في الدولة، ولاستقرار المعاملات فإن الحق في رفع دعوى الالغاء يقيد بمدة محددة كأن تكون 60 يوما مثلا

2- رقابة الامتناع (الدفع)

(أ) وسيلة الدفع :

عند نظر أي قضية أمام أي محكمة سواء من محاكم الولايات أو المحاكم الفيدرالية . . فإنه يجوز لأطراف الدعوى وللادعاء العام الدفع بعدم دستورية القانون المطلوب تطبيقه علي تلك الدعوى، وتملك المحكمة – أيا كانت درجتها – أن تقرر الامتناع عن تطبيق القانون إذا رأت أن ذلك القانون يتعارض مع الدستور .

وأحكام المحكام في هذا الشأن الخطير ليست نهائية، وإنما يجوز أن يطعن فيها أمام المحاكم الأعلى وعليه فقد تؤيد الحكم أو تعدله أو تلغيه .

وهذه الوسيلة – وسيلة الدفع – هي أكثر الوسائل انتشاراً وهي التي تؤدي إلى " رقابة الامتناع " أي امتناع المحكمة عن تطبيق النص القانوني أو القانون المخالف للدستور، والمحكمة تقرر " امتناعها " فقد عن تطبيق القانون ولكنها لا تقرر شيئا أبعد من ذلك، فهي لا تقرر مثلاً بطلان القانون أو إلغائه، لذلك فإن محكمة أخرى قد تري غير ما رأته المحكمة الأولى وتحكم عكس ما حكمت، ويظل الأمر هكذا حتى تفصل فيه المحكمة الفيدرالية العليا حيث يعتبر حكمها من قبيل السوابق القضائية الملزمة، وإن كنا مع ذلك نظل في إطار رقابة الامتناع لأنه حتى المحكمة العليا نفسها لا تحكم بإلغاء النص ولا تملك ذلك وإنما تملك أن تمتنع عن تطبيقه، ومن الناحية العملية فإن التزام سائر المحاكم بما قضت به المحكمة العليا من امتناع تطبيق نص قانوني معين يؤدي في النهاية إلى الحكم بالموت الفعلي علي هذا النص القانوني.

وإلي جوار الرقابة بطريق الدفع المؤدي إلى الامتناع أوجد القضاء الأمريكي وسيلتين أخريين لمباشرة رقابة الدستورية، وهاتان الوسيلتان هما : الأمر القضائيinjunction والثانية هي الحكم التقريري declaratory indgement
(أ) وسيلة الأمر القضائي injunction :

مقتضى هذه الوسيلة أن يلجا صاحب مصلحة حقيقية إلى محكمة اتحادية مكونة من ثلاثة قضاة طالباً من تلك المحكمة أن تصدر أمراً قضائياً لموظف عام بالامتناع عن تنفيذ قانون معين في حالة معينة، استناداً إلى أن ذلك القانون يمس بمصالح ذلك الشخص وحقوقه وأن ذلك القانون مخالف للدستور .

وإذا صدر الأمر القضائي للموظف المعني بالامتناع عن التنفيذ وجب عليه الامتثال لأمر المحكمة إلا إذا طعن في ذلك الأمر وألغي .

ومن ناحية أخرى يجوز إصدار أمر قضائي لأحد الموظفين بتنفيذ نص قانوني أو قرار معين، وعلي الموظف أن يصرح بالأمر ويقوم بالتنفيذ فإن هو خالف أمر المحكمة . . عد مرتكباً لجريمة احتقار المحكمة " التي قد تؤدي إلى حبس ذلك الموظف " .

وهذا الحكم ذو أثر نسبي أي أنه لا يحتج به إلا من صدر لصالحه وفي تلك الحالة دون غيرها.

(ب) وسيلة الحكم التقريري declaratory indgement :

الحكم التقريري شأنه شان الأمر القضائي يعتبر وسيلة وقائية .

وقد بدأ العمل بهذه الوسيلة – الحكم التقريري – منذ عام 1918 واستمر حتى الآن .

وقد قر الكونجرس هذه الوسيلة بقانون اتحادي أصدره عام 1938 .

ويلجأ الإفراد إلى هذه الوسيلة عندما يثور خلاف بشأن ما يتمتع به هؤلاء الإفراد من حقوق والتزامات متبادلة، وما قد يكون هناك من تعارض بين القانون الذي يحدد هذه الحقوق والالتزامات وبين الدستور نفسه.

والمحكمة لا تفصل في نزاع عندما تصدر حكماً تقريرياً وإنما تكشف عن رأيها في مسالة معينة قد تؤدي إلى تجنب المنازعات القضائية مستقبلاً، وقد لا تؤدي إلى ذلك إذا لم يرتض الأطراف الحكم التقريري ورأوا استمرار المنازعة وطرحها علي القضاء.

وفي ختام هذا العرض السريع لموقف القضاء الأمريكي يجب أن نلاحظ أن القضاء الأمريكي لا يقضي ببطلان القانون لمخالفته للدستور فهو لا يملك ذلك، وإنما يقضي بالامتناع عن تطبيق ذلك القانون في القضية محل البحث.

ولكن نظراً لأن النظام القضائي الأمريكي يقوم علي السوابق القضائية وعلي اتباع المحاكم الدنيا لقضاء المحاكم العليا، فإن قضاء المحكمة الاتحادية العليا بالامتناع عن تطبيق قانون معين لعدم دستوريته يعني من الناحية العلمية أبطال مفعول ذلك القانون، اللهم إلا إذا عدلت المحكمة العليا نفسها عن قضائها بعد ذلك، فهي رغم تقيدها بالسوابق القضائية إلا أنها تعدل عنها في بعض الحالات، وهذا ما حدث فعلا بالنسبة للقوانين الاقتصادية التي استصدرها روزفلت وفقاً لما كان يسمي بالسياسة الجديدة آنذاك .N.E.P..

هذه هي الوسائل الثلاث التي يباشر بها القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية رقابة دستورية القوانين في تلك البلاد والتي بني علي أساسها صرحاً قضائياً ضخماً في هذا الموضوع.

3 النقطة الثالثة : ضرورة النص علي خضوع اللوائح التنظيمية للرقابة الدستورية باعتبارها قواعد قانونية مجردة، لا تقل شأنا عن القوانين الصادرة عن البرلمان، بل إنها أعظم شأنا لأنها تتجاوز كما وموضوعا ما يصدر عن البرلمان.

اللوائح هي قرارات إدارية تتضمن قواعد عامة مجردة وغير شخصية، مما يميزها عن القرارات الإدارية الفردية وتختص السلطة التنفيذية بإصدار هذه اللوائح استنادا إلي الدستور، وتتمتع اللائحة بقوة الإلزام باعتبارها عملا قانونيا يعبر عن إرادة الإدارة في إحداث أثر قانوني أو تعديل في المراكز القانونية، ولذا تعد عنصرا من عناصر المشروعية مما يحتم إدراجها في التنظيم القانوني للدولة واحترامها كسائر القوانين من وجهة النظر الموضوعية، في حين تعد اللائحة عملا إداريا طبقا للمعيار العضوي المأخوذ به فقها وقضاء، ومن هنا يحق التساؤل عن القوة القانونية للائحة وبالأخص اللوائح المستقلة في ظل دستور 1958 الفرنسي ودساتير الدول المتأثرة به كالدستور الموريتاني الذي حذا حذوه، بأن جعل نطاق التشريع محدودا وأطلق مجال اللائحة فيما عدي ذلك لتصبح هذه الأخيرة صاحبة الولاية العامة في التشريع !، لقد أجاب مجلس الدول الفرنسي علي هذا التساؤل حيث لم يتردد في القطع بأن هذه اللوائح ستظل كما كانت بالأصل أعمالا إدارية، وبالتالي تظل خاضعة لذات الرقابة القضائية التي تخضع لها اللوائح الأخرى، أما القانون فما زال هو العمل الذي لا يمكن المنازعة فيه خاصة وأن مصدره هو الشعب أو نوابه أي الإرادة العامة، في حين أن الحكومة وبالتالي أعمالها ليست كذلك، ومن ثم ستظل سلطة إدارية ويظل العمل الصادر عنها ولو كان لائحة مستقلة عملا إداريا خاضعا لنفس النظام القانوني الذي تخضع له اللوائح الأخرى، وخاصة فيما يتعلق بالرقابة القضائية عليها .

وعلي هذا الأساس استقر الفقه في هذا الصدد ــ بعد تردد وجدل ــ علي أن طبيعة اللوائح واحدة أيا كانت نوعها، ( واللائحة الآن هي اللائحة من قبل لم تتبدل طبيعتها ولم يطرأ شيء علي نظامها القانوني، وكل ما في الأمر أنها استقلت بدائرة معينة تعمل في حدودها، وأن هذه الدائرة أكبر من الدوائر المخصصة للقانون الذي اقتصر دوره علي تنظيم المسائل الكبري ذات الأهمية الخاصة وما عدي ذلك ترك الدستو أمره للائحة.

وسبب هذا الجدل يعود بالأساس إلي تلك المكانة الرفيعة التي منحها دستور 1958م الفرنسي، حيث أصبحت كما أسلفنا صاحبة الولاية العامة في التشريع ! مستندة مباشرة علي الدستور دون وسيط، مما أثار الكثير من الخلاف والمخاوف حولها عند بداية تطبيق الدستور المذكور، من بين تلك المخاوف حدود الرقابة القضائية علي مشروعيتها، فقد تخوف الفقهاء في بداية الأمر من أن تقتصر رقابة مجلس الدولة علي العناصر الخارجية لتلك اللوائح والتي تتعلق فقط بالشكل والاختصاص، دون أن تمتد إلي عناصرها الداخلية التي تتعلق بالسبب والمحل والغاية أو الهدف.

غير أن مجلس الدولة الفرنسي بدد مخاوف الفقهاء بقضائه الرصين، حيث لم يكتف ببسط رقابته علي العناصر الخارجية للوائح المستقلة ، وإنما تجاوزها إلي عناصرها الداخلية حيث فرض علي هذه اللوائح احترام قواعد الستور والمبادئ التي قررها إعلان حقوق الإنسان في عام 1789م وتلك التي تقررت في مقدمة دستور 1946م، ولم يقف مجلس الدولة عند هذا الحد وإنما قرر احترام كافة المبادئ القانونية العامة دون تمييز، حتى تلك التي لا تستمد من الدستور أو مقدمته.
وتنقسم اللوائح المستقلة إلي نوعين نوع خاص بإنشاء وتنظيم المرافق العمومية يطلق عليها اللوائح التنظيمية، أما النوع الآخر فيختص بالشرطة الإدارية ويعرف بلوائح الضبط أو البوليس، وهناك لوائح الضرورة واللوائح التفويضية واللوائح التنفيذية والقرارات الإدارية.

وقد يقول قائل بأن هذه اللوائح مادامت تخضع للرقابة القضائية فلا داعي للمطالبة بخضوعها للرقابة الدستورية، ألا أن هذا التساؤل في نظرنا لن يصدر إلا من شخص غير مختص، حيث أنه من الأبجديات في هذا الحقل أن القرارات الإدارية تتحصن إذا لم يتم الطعن فيها خلال فترة محددة تختلف من بلد لآخر، وعليه تبقي ضرورة خضوعها للرقابة الدستورية ضرورة قائمة ومؤكدة.

4 إشكالية شغور منصب الرئاسة ومنصب رئيس مجلس الشيوخ في آن واحد؟

في حالة شغور أو مانع اعتبره المجلس الدستوري نهائيا، تولي رئيس مجلس الشيوخ نيابة رئيس الجمهورية لتسيير الشؤون الجارية، هكذا نص القرة الأولي من المادة : 40 من الدستور الموريتاني، ولا مناص هنا من التساؤل عما إذا تزامن شغور منصب الرئيس مع شغور رئيس مجلس الشيوخ لأمر فما العمل؟ لا شك أن هذا سيعد حينها فراغا دستوريا وعليه ينبغي التعامل معه دستوريا قبل حدوثه بأن يحل محله أحد نوابه أو رئيس الجمعية الوطنية والذي هو أولي بهذا المنصب لكونه منتخبا مباشرة من قبل الشعب، بينما رئيس مجلس الشيوخ معين من جهة سياسية مما يجعل ولاءه لها وليس للشعب.

5 ضرورة تحديد عقوبات رادعة لمن يخالف النصوص الدستورية تتلاءم وجسامة المخالفة.

من المسلم به في أدبيات القانون أن الخاصية الأساسية التي تميز القواعد القانونية، هي كون مخالفتها ستوجب عقوبة محددة رادعة تتدرج بحسب جسامة المخالفة المرتكبة، وعليه يكون من غير المقبول أن تكون قواعد الستور والتي هي أسمي القواعد القانونية الوضعية لا عقوبة علي من يخرقها، حيث أن أغلب مواد الدستور لم تحدد عقوبة ولا جزاءات توقع علي من يخالفها؟ وحتى المواد التي حددت لها عقوبات في القانون الجنائي الموريتاني هي مواد غير جوهرية، وعقوباتها غير رادعة بل هي أقرب إلي الإغراء منها إلي الردع، إن هذه الوضعية تجعل الدستور منتهكا باستمرار حتي من قبل السلطات العلياء في الدولة، علما بأن الفقه متفق علي أن انتهاك الدستور من قبل السلطات العلياء يعد خيانة عظمي، يستوجب مرتكبها المحاكمة من قبل المحكمة السامية العلياء، وهو أمر مستبعد حدوثه في دول العالم الثالث، مما يحتم سن عقوبات رادعة لكل مواد الدستور وتحديد جهه تكون مسؤولة عن تطبيقها، وفتح الباب أمام المواطنين لرفع دعوي قضائية ـ ضد من يقوم بخرق الدستور ـ إلي الجهة المسؤولة، وإلا فإن الدستور سيظل حبرا علي ورق يتلاعب به السياسيون ويدوسونه بأقدامهم كما هو الحال الآن، فالسياسيون في بلدنا لا يهمهم من الدستور إلا ما كان منه في مصلحتهم، فالديماغوجية هي أبرز سمات السياسي الناجح في قطرنا، لأن السياسة عندهم مرجعيتها النظرية الماكفلية وليس النظرية الإسلامية التي بنيت علي العدل والصدق وكارم الأخلاق... لذا نجد خطاباتهم بعضهم ضد بعض كلها شتم وتجريح ...ومغالطة في أحسن الأحوال، حالة يندي لها الجبين في مجتمع كمجتمعنا والذي إن تجرد مما كان يتشبث به من مكارم الأخلاق يكون قد أعلن أفلاسه جنبا بجنب مع عوزه المادي والمعنوي لا قدر الله.

6 النقطة السادسة :

إن تعيين أعضاء المجلس الدستور بدل انتخابهم من بين المختصين في الميدان من ذوي النزاهة والاستقامة والكفاءة، قد يحد من فعالية هذه الهيئة الحيوية وذلك لعدة اعتبارات منها :

 أن الهيئة السياسة قد تنحاز إلى السلطة التي ساهمت في تكوينها.

 أن هذه الرقابة تكون وسيلة رقابية فقط، أي أنها تحرك قبل إصدار القوانين و توكل إلى أشخاص معينين، ولا يتم هذا التحريك إلا إذا كانت فيه مصلحة للهيئة.
 عدم توفر الحياد والاستقلال الكافي من طرف هذه الهيئة لأداء وظيفتها ( لكون الأعضاء تابعين للجهة التي عينتهم).
 نقص الكفاءة القانونية لأعضاء الهيئة في أداء مهمة الرقابة والتي يستحسن أن تكون ذات طابع قانوني.
 إعطاء تفسيرات سياسية – فالقوانين لا تحدد وفق مطابقتها للدستور لكن تحدد وفق الاختيارات السياسية لأعضاء الهيئة السياسة.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات نري أنه من الواجب أن يتم اختيار أعضاء هذه الهيئة بالانتخاب من قبل البرلمان بطريقة سرية ومن بين مترشحين من ذوي الاختصاص.

ونهيب بمشرعنا أن يقرر حق دعوي الإلغاء أو يتبني الدفع بعدم الدستورية علي أقل تقدير، لأن ذلك يعد ضمانة ضرورية للمواطن من أجل حماية حقوقه وحرياته، وله أسوة بالقضاء المصري الذي حالفه التوفيق إذ لم ينتهج منهج القضاء الفرنسي فيما يتعلق بالرقابة علي دستورية القوانين رغم تأثره البالغ به، ونري أن علي قضائنا العدلي والإداري الوطني بمختلف درجاته أن يقرر حقه في النظر في دستورية القوانين التي يريد تطبيقها علي النوازل المعروضة عليه، فإذا توصل إلي أنها غير دستورية أمتنع عن تطبقها دون إلغائها، وهذا حق دستوري له لأنه مكلف بتطبيق القوانين بما فيها الدستور، وهو بامتناعه عن تطبيق قانون معين نظرا لعدم دستوريته يكون قد طبق الدستور والقانون، حيث أنه من المسلم به في أدبيات القانون مراعات تدرج القواعد القانونية، وانطلاقا من هذا المبدأ يكون القضاء ملزما بعدم تطبيق قانون يخرق الدستور، ولا يمكن هنا التعلل بأن مراقبة دستورية القوانين هي من اختصاص المجلس الدستوري، لأن المجلس الدستوري لا صلاحية له في مراقبة دستورية قانون بعد صدوره، فالأمر يتعلق هنا بمسألة سكت عنها الدستور، ومادام الأمر كذلك فإنه محق القضاء النظر فيها باعتباره صاحب الاختصاص العام ولا نص يمنعه من النظر هكذا قضية، بل علي العكس فإن القوانين تعطيه حق النظر فيما يعترض من صعوبات بما في ذلك تفسير النصوص، وله أسوة بالقضاء الآمريكي والمصري حيث قررت المحاكم الآمريكية والمصرية مذ أمد بعيد حقها في التصدي لبحث دستورية القوانين، مؤكدة أن هذا هو التفسير السليم لمبدأ فصل السلطات وذلك بعد تردد طويل في ظل أول دستور آمريكي ودستور 1923م المصري وهكذا فقد قرر مجلس الدولة المصري بعد إنشائه سنة : 1946م علي أن له الحق في الرقابة علي دستورية القوانين في العديد من أحكامه، كان أولها حكم 10 فبراير 1948م مقررا أن المحاكم تطبق الدستور والقوانين، وأنه في مجال التعارض بين الدستور والقانون فإن علي المحاكم وعلي مجلس الدولة إعمال نص الدستور الذي يعتبر أسمي النصوص الداخلية ولطالما رددت محكمة القضاء الإداري في مصر أنه ليس في القانون ما يمنع المحاكم المصرية من التصدي لبحث دستورية القوانين واللوائح من ناحية الموضوع والشكل علي حد سواء، غير أن محكمة القضاء الإداري عندما كانت تتبين وجود تعارض بين الدستور والقانون تقتصر علي عدم تطبيق القانون المخالف للدستور في القضية المعروضة عليها، دون أن تلغي النص المخالف لأن ذلك لا يمكن إلا بنص صريح من المشرع الدستوري وهذا الموقف لا غبار عليه ونهيب بقضائنا الوطني أن ينتهج هذا المنهج السليم.

ولما أنشأت المحكمة العلياء الدستورية بمصر في 29 أغسطس 1979م تطبيقا لدستور 1971م فإنها أصبحت تتعهد بموجب إحالة من احدي المحاكم أو عندما يرفع صاحب الشأن دعوي بعدم دستورية قانون أو لائحة أو تري هي نفسها أن قانونا أو لائحة هي بصدد تطبيقها غير دستورية أثناء ممارستها لمهامها.

والخلاصة أن إتاحة الفرصة للمواطنين بالدفع بعدم الدستورية أمام القضاء أيا كان ضرورة ملحة، آمل أن ينتبه لها المعنيون بهذا الشأن ويأخذوا قرارا بإقرارها، لأنها تعد ضرورية لصيانة مبدأ المشروعية، وبالأخص إذا أخذنا في الحسبان أن المشرع لم يفرض عرض القوانين علي المجلس الدستوري إلا في حالتين هما القوانين التنظيمية والنظامان الأساسيان للجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، وما عدا ذلك من القوانين يصدر بدون رقابة دستورية، كما لم يشر الدستور كما أسلفنا إلى امتداد مجال رقابة المجلس الدستوري للقوانين الاستثنائية أو الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية بناء على المادة 60 من الدستور، أو في الحالة الاستثنائية عندما تكون البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها المادة : 71 من الدستور.

وحسب علمي لم يسبق أن تم عرض قانون علي المجلس الدستوري قبل صدوره إلا قانون مكافحة الإرهاب سنة 2011 وحكم بعدم دستورية بعض مواده، وكانت تلك المبادرة من قبل نواب المعارضة وفي فترة تتسم بالتوتر فيما بينها هي والأغلبية الحاكمة، مما يعني أن جميع القوانين التي صدرت طيلة العقود الماضية مظنة لأن تكون تحتوي علي مواد غير دستورية، وإن كانت القوانين التي صدرت قبل الدستور الجاري به العمل الآن قد تم الاتفاق في الأيام التشاورية التي نظمت 2005 علي مراجعتها لتلائم الدستور خلال فترة زمنية معينة، وإذا لم يتم ذلك خلال تلك الفترة اعتبرت لاغية، غير أن هذا الحل يبقي مقتصرا علي فترة زمنية محدودة قد انقضت وترك ما بعد صدور الدستور في غياهب عدم المشوعية، والغريب أن المشرع الفرنسي مازال يعتمد هذا المنهج، بل الأغرب من ذلك إحباط مجلس الشيوخ الفرنسي مشروع قانون تبنته الجمعية الوطنية سنة : 1990م يجيز الدفع باللادستورية.

المصادر
سورة الحشر الآية :
2 ــ أخرجه أحمد (1/131) من حديث علي، وأخرجه أحمد (1/409)، وعبد الرزاق (2/383) من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه الحارث في مسنده (2/632) (602)، وأحمد (5/66)، والطبراني في الكبير (18/165، 170)، والأوسط (4/321) من حديث عمران بن حصين، وأخرجه ابن أبي شيبة (6/545) مرسلًا عن الحسن.

سبب ورود الحديث عن عبد الله بن حذافة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سرية ، فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا ، فلما أوقدوها أمرهم بالقحم فيها ، فأبوا ، فقال لهم : ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي ؟ وقال : من أطاع أميري فقد أطاعني ؟ فقالوا : ما آمنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار . فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم وقال : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . الراوي : - المحدث : ابن عبدالبر - المصدر :

الاستيعاب - ا الرقم : 3/26

خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

3 ــ اتفق عليه البخاري ومسلم

1 ــــــــ دومنيك تيريان ص : 52 وما بعدها

2 ـــــــــ G. burdean Traite pe Soience Politique t. ivedition 1969. P. 415-42
Le monde sonde 12 avril 1990. P. 7
3 ـــــــــ لورد دنيس لويد : فكرة القانون ـ ترجمة سليم الصحوب ـ عالم المعرفة ـ العدد 47 الكويت 1981 ص : 6

4 ــــــــ د/ أحمد كمال أبو المجد : الرقابة علي دستورية القوانين في الولايات المتحدة الآمريكية والأقاليم الأقاليم المصرية (رسالة دكتوراه) القاهرة 1960 مواضيع متفرقة انظر بالذات ص : 221 وما بعدها بخصوص قيمة الحكم بدم الدستورية و ص : 185 وما بعدها بخصوص طريقة الأمر القضائي.
5 ــــ C.E. 26-6-1959. Syndicat général de ihgénieurs – cinseils. L. 394. C.E. 12-2-1960. Société EKY. L. 101.
6 ـــــــ Vedel. Droit administratif. éd. 1968. P. 40.
7 ــــــ De soto La loi et règlement dans la cons. Du 4 oct.1958. R.D.P. 1959. 295.
8 ـــــــ C.E. 30. Mars1962. Association nationale de la meuncrie. A.J.D.A. 1962. 298
9 ـــــــ C.E. 30. Janv. 1963. Caubert de cléry et fcrrc A.J.D.A. 1963.300.
10 ــــــــ سامي جمال الدين القضاء الإداري ص : 47 ــ 51
11 ــــــ حكم محكمة القضاء الإداري 10ـ2ـ1948م مجموعة المبادئ التي قررتها محكمة القضاء الإداري في خمسة عشر سنة ص : 978 من الجزأ الأول.
12 ــــــ حكم محكمة القضاء الإداري في 21ـ6ـ1952
13 ـــــــــــ د/ سعاد الشرقاوي القضاء الإداري ص : 58ـ59
14 ـــــــــ انظر G. Conac et D. Maus 1990 F. Luchaire الدفع باللادستورية إصلاح دستور مؤجل رقابة القانون الصادر بناء علي إحالة السلطات القضائية، مجلة القانون العام والعلم السياسي 1990م ، 1625، R.Bdinter الدفع باللادستورية ضمانة ضروري للمواطن، مصنف الاجتهادات الدوري 1992م ،1، 3584

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا