كل من يزور موريتانيا يدرك أن هذا البلد ليس فقط بلد المليون شاعرا بل هو أيضا خليط بين الغطرسة العربية والحكمة الأفريقية.
شعب يقول "نعم" لكل شيء ولا يحاول أن يعرقل عملنا على الأرض. يكفي أن تكون شفافا مع الموريتانيين كي تفعل ما تريد وهو درس يجب أن تقتدي به بقية الدول المغاربية والعربية إجمالا.
موريتانيا تعد ثلاثة ملايين ساكنا على مساحة هي ضعف مساحة فرنسا. أكبر بلد مصدر للأسماك في أفريقيا وثاني بلد مصدر للحديد، وكشف فيه منذ فترة عن كميات لا بأس بها من النفط.
جامس اندريه والمسؤول عن الأمن في الرئاسة
أجرينا المقابلة مع رئيس المجلس الأعلى للدولة الجنرال محمد ولد عبد العزيز في القصر الرئاسي في ظروف جيدة. جامس اندريه تحول في انتظار وصول الجنرال لإجراء المقابلة مع فرانس 24 إلى صديق للمسؤول عن الأمن في الرئاسة، الذي اقترح عليه شايا وضحك معه وتمكن جامس من التجول في كل أنحاء القصر دون أن يضايقه أحد.
أجرينا المقابلة التي بث (مقدم النشرات الإخبارية على فرانس 24) حكيم بلطيفة أبرز نقاطها منذ النشرة الأولى، فعلم بمضمونها معظم الموريتانيين الذين التقيناهم. في اليوم نفسه انتقلنا لحضور تجمع كبير للمعارضة احتجاجا على ترشح الجنرال في ملعب لكرة القدم في نواكشوط. فوجئنا بحرية التعبير التي يتمتع بها الموريتانيون وأيضا بطيبة رجال الشرطة الذين كانوا يسهرون على تنظيم حركة سير السيارات أكثر من اهتمامهم بالآلاف من المتظاهرين الذين تقاطروا على الملعب.
خلال التجمع، أدركنا فعلا بأن المرأة الموريتانية هي المرأة الأكثر نشاطا في الحقل السياسي في المغرب العربي. علما بأن ليلة وصولنا ارتكبنا هفوة محاولة مصافحة امرأة في المطعم فأجابت أن المرأة لا تصافح الرجل عادة في موريتانيا.
لقاء مع الرئيس المخلوع في منزله المتواضع
الحضور كان قد اطلع على مضمون المقابلة مع الجنرال وقال لي احدهم أنت طرحت الأسئلة التي كان يفترض أن تطرح وهو أعطى الأجوبة التي كنا ننتظر منه أن يقولها.
يوم الخميس انطلقنا صباحا إلى لمدن مسقط رأس الرئيس المطاح به سيدي شيخ ولد عبد الله. قرية تقع على بعد 300 كلم من العاصمة منها 40 كلم على طريق غير معبدة. قرية صغيرة لا توجد فيها أي علامة من علامات البذخ. منزل الرئيس المطاح به هو منزل متواضع وهو محاط بأسرته وبفريق عمله يقضون وقتهم بين المنزل والمسجد الوحيد في القرية.
توجد مدرسة ابتدائية ولا توجد مدارس ثانوية في مختلف المدن الموريتانية باستثناء بوتلميت ونواكشوك، وتوجد جامعة واحدة في العاصمة. سؤال : كيف يتابع الموريتانيون دراستهم الثانوية"؟ الجواب : تتنقل الأسر مع أبنائها إلى المكان الذي توجد فيه مدارس ثانوية.
لمسنا بالتأكيد كرم الضيافة حيث اقترح علينا الفري في الغداء خروفا مشويا فقلت إن خروفا كاملا يكفيني سنة في فرنسا.
ماذا عن قرية الأب المؤسس لموريتانيا؟
في طريقنا إلى لمدن عبرنا قرية بوتلميت وهي قرية الأب المؤسس لموريتانيا مختار ولد داده الذي توفي 2001.
هذه القرية بنيت فيها أفضل مدرسة ثانوية في البلاد. عند عبور القرية تجد كل السكان يمشون على الطريق فتتعطل حركة السير بشكل ملحوظ ولا يتجرأ أي سائق على مطالبة السكان بفتح الطريق لأن الإجابة واضحة وهي أن ابننا ولد داده هو الذي قام ببناء الطريق وبالتالي فهي لنا.
علاوة على الصحراء، سال جامس اندريه عن الجمال التي تتجول على طول الطريق. الجواب هو ان كل جمل يحمل رقما أشاريا مثل السيارة وان الجمل يتفسح ولكنه يحمل "جي. بي. اس" ويعرف أين يعود في المساء خاصة وان الجمل يكلف 1000 دولارا على الأقل.
ظاهرة أخرى مختلفة تتمثل في العدد الكبير من الحمير. الحمار حيوان لا يملكه أي احد ولكن يستخدم عند الحاجة مثل "الكلينكس" من قبل سكان الأحياء الفقيرة أو بعض المزارعين. قيل لنا ان الحمار حيوان اضر برجل ثري ينتج السكر على الحدود مع السنغال فقام بإبعاد الحمير إلى موريتانيا. الغريب ان الحمار يقف أحيانا في قلب الطريق وتتجاوزه السيارة مثلما تتجاوز سيارة أخرى أي على اليسار ولا يخطئ أبدا في اتخاذ وجهة اليمين ولو أن الحمار تسبب في العديد من حوادث الطرقات.
أسهل بلد يمكن الطلاق فيه
موضوع آخر يهم هواة الطلاق في القسم العربي لقناة فرانس 24. موريتانيا هو أسهل بلد يمكن لك أن تطلق فيه. يكفي أن تطلب من الزوجة أن تعود إلى أسرتها فيتحقق الطلاق دون ان تدفع نفقة ودون ان يعترض احد.
لا بد من التذكير ان المرأة الموريتانية هي الوحيدة في العالم التي ترتدي اللباس الأسود ليلة الزفاف اعتبارا منها أن اللون الأبيض هو مخصص للقبر.
توجد في موريتانيا أربع لهجات، الولوف والسونوكي والبولار والحسانية.