دعوة لتعزيزالتضامن مع العمال الأكثر هشاشة :|: رئاسيات يونيو : "تواصل"يحسم مرشحه مساء اليوم :|: محادثات موريتانية - سودانية :|: إلغاء زيادة الرسوم الجمركية على الخضروات المغربية :|: الوزير يتسلم العرائض المطلبية للعمال :|: في عيد الشغيلة : مسيرات عملية تطلب برفع الأجور وخفض الأسعار :|: من يوميات طالب في الغربة(6) :نزهة في "أريانة" مع ضيافة موريتانية أصيلة :|: خبيرعالمي : أسبوع مثيربانتظار الاقتصاد العالمي :|: امنعوا أطفالكم عن الهواتف قبل 13 عاماً.. لماذا؟ ! :|: تهنئة الرئيس بعيد الشغيلة الدولي :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
 
 
 
 

"تمبكتو" الإسلام و "تمبكتو" الغرب/ أحمد سالم ولد عابدين *

lundi 22 septembre 2014


هناك "تمبكتو" الإسلامية التي تحوي اكبر مخزون من المخطوطات الإسلامية المهملة في العالم و التي ما تزال لحد الآن تأكل منها عاديات الزمن ، هذه المدينة التي همشت من طرف الدولة المالية و نهبت آلاف المخطوطات منها من قبل فرنسا و بريطانيا و ألمانيا و ما زالت تنهب إلى اليوم .

هذه المدينة الإسلامية لن يتعرض الفيلم لتاريخها المجيد و ما حل بها من تدمير من قبل الاستعمار الفرنسي . هذه المدينة التي عرفت في زمانها أنها مدينة إسلامية بامتياز يتم فيها تطبيق شرع الله و دينه و يبتعد أهلها عن الفحش و الدعار ة و العصيان و لهذا استحقت لقب عاصمة الثقافة في الغرب الإسلامي .

هناك بالمقابل "تمبكتو" المغايرة التي يريد الفيلم أن يصورها للفرنسيين و للغرب بصورة عامة، تمبكتو التي كانت عامرة بالملاهي و ملذات الحياة المخالفة في اغلبها للشريعة الإسلامية ، هذه المدينة التي كانت تعيش طراز الثقافة الغربية إلى اللحظة التي جاء "الإرهابيون الإسلاميون" و دمروها و خوّفوا أهلها .. من هنا ربما أراد المخرج أن يكون رد الفعل و التدخل الفرنسي مشروعا بل و مطلوبا بإلحاح بوصفه سعي لرد المدينة إلى حاضنتها الثقافية الغربية.

إن هذا النوع من الأعمال السينمائية الذي يصف الظواهر مجتزأة و يغفل أسبابها و ينسى ( أو يتناسى ) أن هذه الظواهر( الإرهاب ) ما هي إلا آثار لتلك الأسباب ( الاستعمار ) ، أقول إن هذا النوع من الأعمال السينمائية أكثر ضررا على بلداننا و ثقافتنا الإسلامية من النفع الذي يحقق لها ، فهذه الدراما حتى و إن اعتلت أرقى مصاف دور العرض و المهرجانات و حازت جميع سَعَفِ و أغصان الذهب لا تخدم في النهاية إلا البلدان الغريبة المسحية التي تحتفي بها و تتلقفها باعتبارها ذراعها الأيسر التي تنافح عن إيديولوجيات الغرب بدون سعر مقابل .

ربما كانت هذه الأذرع في النهاية اقرب إلى الذراع الخشبية الملتفة بالطين في حوار محمود درويش و البطل البابلي "انكيدو" في جدارية درويش التي تحاول ، على خلاف جدران تمبكتو ، أن تحول دون اخْذِ المكيدة مكانها في سياق الواقعي .

الفيلم يتحدث عن إرهاب القاعدة و لكنه يغفل الظروف التي أدت إلى نشوء هذه القاعدة ( ظلم أوربا و أمريكا للعالم الإسلامي ) .

تذهب قاعدة و تأتي قاعدة ، تذهب القاعدة الإسلامية لتحل محلها القاعدة ( القواعد ) الفرنسية ، يذكرنا هذا بالقصيدة الرمزية الجميلة التي ألفها نزار قباني بعنوان " الديك " عندما يقول " في حارتني يذهب ديك ، يأتي ديك ، و الطغيان هو الطغيان .. في حارتنا يذهب ديك يأتي ديك و المسحوق هو الإنسان " ، و بالفعل بإمكاننا عقد الكثير من الصلات ذات الإيحاء الغير بريء بين القصيدة و بين الفيلم عندما نتذكر إن العنوان الفرعي للفيلم هو : غضب ( شجن ) الطيور .

على الرغم من أنني لم أكن من المدعوين لمشاهدة العرض الأول من الفيلم الموريتاني الأحدث ( تمبكتو ) و لم أتلق دعوة لحضور أي من العروض الأخرى له إلى حد الآن ، إلا أنني كنت متابعا لكواليسه و أخباره من أول يوم تم التحدث فيه عن تصوير الفيلم إلى تقديمه في مهرجان كان إلى الخيبات التي مُني بها ، إلى الجوائز التي نالها ، إلى قدوم الرجل ـ الكاتب ـ المُخرج إلى موريتانيا إلى هذه اللحظة التي يعرض الفيلم فيها أول عرض له داخل الوطن .

قد يرد البعض على ما سأتحدث عنه بخصوص الفيلم على كون ذلك إنما هو ردة فعل مني ضد عدم الدعوة ، فليكن له ظنه ، لا أبالي بذلك ما دمت أقول وجهة نظر نقدية بامتياز، لكن لن أحاول فيها أن اجلس على بعد خطوات من ذاتي بل سأكون مدافعا عن ديني و ثقافتي و مبينا للضرر الحاصل من الفيلم .

1ـ منذ أن تربعت هوليوود على العرش السينمائي تاركة مسافة إبداعية كبيرة بينها مع اقرب الملاحقين ( السينما الايطالية ، الهندية ، الأوربية الأخرى ...الخ ) حاولت السينما في العالم الأخر الثالث و الرابع اللحاق بالركب لكن فقط من خلال اختيار مواضيع مغازلة للايديولوجية التي تتبناها هوليوود ، و طبعا فمن غير المعقول أن تطلب مني تقديم المساعدة و منح المال و أنت تظهر لي عداوة ، يقول المثل العربي ( طالما تأكل لقمتي فلتسمع كلمتي ) .

2ـ من النادر جدا أن تتبنى هوليوود سياسة مناهضة لسياسة الولايات المتحدة العسكرية و الاقتصادية و الأمنية و الثقافية ـ الإيديولوجية .. و لقد اتجهت السينما الغربية كذلك ـ بدافع من حس عميق بالوطنية ـ إلى متابعة سياسات تلك الدول التي تحتضنها ... و في محاولة من العالم الثالث ( و خصوصا الدول الإسلامية لترضية أمريكا و الغرب كان عليه أن يتبنى قيما إيديولوجية مشايعة للغرب من اجل أن تحصل أعماله السينمائية التي يتقدم بها لهم للحصول على جائزة أو ( بقشيش ) أو حتى مجاملة ترحب بالعمل ( الموت ) القادم من الشرق .

3 ـ لن تلاحظ أي انتقاد للاستعمار الغربي للعالم الإسلامي في هذه الأفلام ، بل ستلاحظ بدلا من ذلك تهجما و انتقادا لاذعا للكثير من الثوابت الإسلامية و الكثير من الأمور التي يكاد يجمع عليها علماء الأمة، كل ذلك التهجم بدعوى تبني "الإسلام المعتدل" كما يرى هؤلاء ، و لعلنا نلاحظ مباشرة من كلام احدهم عن الإسلام انه لا يكاد يعرف من الإسلام إلا عموميات ربما علم غير المسلمين أكثر منها ، ناقِشْ احدهم عن فهمه للإسلام المعتدل و سترى كيف يتخبط ، و لقد ناقشت بدوري الكثير من هؤلاء سواء هنا أم خارج البلاد .

4 ـ يحاول صناع المشايعة السينمائية للغرب هؤلاء أن يلعبوا على وتر إثارة أكثر الغرائز البشرية بدائية، المشاهد الجنسية ، مشاهد العنف ، الإثارة ، و يتفنن الكثير منهم في التركيز على قوة الصورة و مكانتها في اغتصاب عين القارء و إغفال دور العقل في التحليل حيث تذهب طاقة المشاهدة في التركيز البصري، هذا الأمر يُسَهِّل كثيرا تمريرَ رسائل إيديولوجية من طرف صناع الفيلم إلى لا وعي المشاهد .

لا تلعب نظرية " عدم غباء المشاهد " أي دور يذكر في التصدي للرسالة الموجهة له من طرف التلفزيون ـ السينما .. كثيرا ما يعوِّل المخرج على إغراء الصورة و اغتصابها لعين القارء لتنسيه التفكر في المحتوى .

أهم الأبحاث التي تناولت الدعاية و الحرب النفسية ـ الثقافية و حتى صناعة الإعلانات و التسويق أكدت على أن قوة نفاذ الرسائل التلفزيونية اكبر من أي وسيلة أخرى إلى استثارة لاشعور المتلقين .

5 ـ بخصوص فيلم تمبكتو :

سأتحدث عما اعرفه عن الفيلم من خلال المقاطع التي بثت منه في أوقات سابقة و من خلال قراءتي عنه في الصحف و المواقع ( بعضها وطني و بعضها أجنبي ) ،و سأتنبأ بما سيكون عليه الفيلم في الواقع ريثما أشاهده ، و إذا جاء الفيلم مطابقا للتنبؤات فسيكون ذلك مقصدي، و إذا جاء عكس ذلك ستكون تنبؤاتي سيئة لا تليق بالمقام .

اعتقد أن ما عرفته عن الفيلم إلى حد الآن يخولني الحديث عن الفيلم يمكنني من الكلام و كأنني شاهدته كاملا..

أ ـ اختار الفيلم على غرار أفلام العالم الثالث التي تريد نجاحا في الغرب التركيز على ظاهرة الإرهاب في المجتمعات الإسلامية الفقيرة ، و قد اغفل بطبيعة الحال مرد هذا الفقر المدقع الذي يتسبب في اغلب المشاكل التي يعاني منها العالم الإسلامي بما في ذلك مشكلة الإرهاب ، و قد أفادنا الفيلسوف المغربي المرحوم محمد عابد الجابري ، بأن الإرهاب الناتج عن التزمت و التنطع الديني عادة يكون تواجده في أطراف المجتمعات ، أما حين يظهر هذا الإرهاب في المراكز فيجب الالتفات إلى أسباب اخرى اهمها السبب الاقتصادي.

ب ـ خلط الفيلم بين بعض الأحكام المتعسفة التي يقوم بها الإرهابيون و بين الشريعة الإسلامية ، هكذا نرى الفيلم ينتقد قيام الإرهابيين بتحريم الموسيقى على انه عمل إرهابي غير إسلامي، و نلاحظ أن صناع الفيلم قد اغفلوا ( أرجو أن لا يكون عن عمد ) أن غالبية علماء المسلمين على مر التاريخ الإسلامي قد تحدثوا بتحريم الموسيقى كما صرح بذلك التحريم بعض الأحاديث النبوية ( على الأقل في أنواع معينة من الموسيقى ) .. مشهد جلد المغنية يوحي لنا بأن تحريم الموسيقى أمر مناف للإسلام و عمل ٌ إرهابي بامتياز.

ج ـ أغفل الفيلم الأعمال غير إسلامية المنتشرة في الشمال المالي و التي أدى بعضها إلى ردة فعل متشددة و إرهابية من أناس كانوا يغيرون في البداية لدينهم غير أن التنطع وصل بهم حدودا أخرى ، شاهدنا من خلال قنوات التلفزيون أن المدن التي احتلها الإرهابيون كانت مليئة بالأعمال غير إسلامية انتشار محلات بيع الخمور و دور عرض الأفلام الخليعة ...الخ و قد اغفل الفيلم ذلك في المقابل.

د ـ لم يتحدث الفيلم عن الظلم الذي تعرض له اغلب الذين وصفهم بالمنتمين إلى "الإرهاب" على أيدي القوميات الأخرى و كذلك تهميش الدولة لهم طوال عقود كثيرة ابتداء من الستينات إلى الآن مما جعل اغلبهم ينتمي للجماعات "الإرهابية" كنوع من محاولة استرداد الحقوق أو قلب موازين القوة .

ه ـ لن يتحدث الفيلم عن التدخل الفرنسي في الشمال المالي اللهم إلا بوصفه تحريرا لهذه البلاد ، بالطبع نسينا أن الاستعمار الفرنسي مازال قابعا هناك منذ عهد الاستعمار الفرنسي لإفريقيا قبل قرن من الزمن .

و ـ إن مفهوم "السن القانوني" ( المحدد بثماني عشرة سنة ) مفهوم غربي بامتياز ... و المخرج عندما ينتقد الإرهابيين على تزويجهم للقاصرات يحدث بذلك خلبطة كبيرة و فهما سطحيا للشريعة الاسلامية .. إن تحريم زواج القاصرات ( من هن دون 17 ـ 18 ) لا يعنينا نحن المسلمين في شيئ ما دام لا يلبي حاجاتنا و لا ينطلق من ثقافتنا . و هذا المفهوم الحديث في أوروبا ( لم يمض عليه اكثر من ثمانين او تسعين سنة على ابعد الاحتمالات ) .. ليس مبدأ كونيا يحكم الثقافات البشرية على اختلافها حتى و لو أراد الغرب لايديولوجيته احتلال السمة الكونية .

إن الإسلام لا يتعامل مع القصور العمري بقدر ما يتعامل مع القصور العقلي و عدم النضج النفساني ، و في ديننا الحنيف فالمخاطب هو العقل قبل الجسم ، و لنا في تاريخ التشريع الإسلامي و في سيرة النبي محمد صل الله عليه و سلم خير مثال نحتذيه في هذا الشأن .

ثم انه لمن الغريب حقا أن يكون التشديد كبيرا جدا من طرف هؤلاء على زواج القاصرات فيما لا نراهم يقدمون في المقابل سوى تشجيع هؤلاء القاصرات على ارتداء "الميني جيب" و "الجي سترينغ" و دخول بيوت الدعارة و تعاطي و إشاعة حبوب منع الحمل و الانحلال الاخلاقي باسم الحداثة و الرقي و العصرنة .. أليس في الأمر كيلٌ بعدة مكاييلَ تطفيفيةٍ ؟؟؟ !!!

إن الفيلم بتقديمه لزواج القاصرات على انه عمل إرهابي يقوم بانتقاد للإسلام كمنهج للحياة الاجتماعية .

ك ـ يقترح الفيلم أن إمام جامع تمبكتو هو الذي يحاور الإرهابيين ، هذا الدور المراد إيعازه للأئمة يتمثل في دعوة كل الأئمة إلى تبني وجه الخنوع الذاتي و محاربة كل أعمال الجهاد التي يريد الفيلم أن يصنفها في إطار الإرهاب ، هناك فرق كبير بين الجهاد و الإرهاب غير أن ذلك لا ينفي وجوب الجهاد بالحرب علينا نحن المسلمين حتى و لو قام الفكر الإرهابي بتشويه سمعة هذا الجهاد .

ل ـ إن مسألة عمل المرأة و إن اثبت فقه الواقع اليوم على أهميتها في بعض الحالات و المجالات إلا انه لا ينبغي الخلط بين ذلك و بين الأدوار التاريخية و الاجتماعية التي للمرأة و على رأسها دور العمل داخل البيت و تربية الأطفال .

إن الإسلام يشدد كثيرا على ضرورة ملازمة المرأة لبيتها في اغلب الأحيان ( و اكبر أنواع الأجر تجدها فقط في بيتها ) و لا داعي لخروجها للعمل ما دامت تجد من يكفيها ذلك... هل نسي المخرج ( أم جَهِلَ ) أن دولة ألمانيا ( اكبر اقتصاد أوروبي و ثالث اكبر اقتصاد عالمي ) قامت في الآونة الأخيرة بمكافأة ( راتب شهري ) كل امرأة تترك عملها و تجلس في البيت لتربية أبنائها؟

إن من الأخطاء الفادحة التي وقع المخرج كغيره من صناع الأفلام المسلوبين ثقافيا هي انه جعل الدعوة إلى ملازمة المرأة لبيتها و احتشامها عملا إرهابيا و الحقيقة انه من صلب الدعوة الدينية الإسلامية ( و قرن في بيوتكن ) .

و كمصداق لما تقدم نجد إمام الجامع يسأل الإرهابيين : من أرسلكم لتطبيق هذه القوانين البعيدة عن الإسلام ؟؟ نلاحظ ربط المخرج هنا بين زواج القاصرات و عمل المرأة و الموسيقى و بين البعد عن الإسلام و الحقيقة أن الإسلام ، بالحجج الواضحة، قد دعا إلى احتشام المرأة و حرم الكثير من أنواع الموسيقى و لم يمنع زواج الفتيات على أساس العمر و إنما منعه لأسباب أخرى أكثر جوهرية .

* باحث لدى مركز دراسات ابحاث الثقافة و المجتمع

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا