لماذا غزواني ثانية؟ / محمد محمود أبو المعالي :|: وزير : أشغال 34 من المشاريع تسيربشكل غير مقبول :|: ولد داداه يعلن مساندة غزواني في الرئاسيات القادمة :|: لجنة حقوق الانسان : لا يمكن تجاهل التحديات التي تواجهها الصحافة :|: وزارة الثقافة توضح أسباب تقدم البلد في حرية الصحافة :|: رئاسيات يونيو : مرشح ثان يودع ملفه :|: وفد من حلف شمال الأطلسي يزور موريتانيا :|: توزيع جائزتي مسابقة الخط والخطابة :|: التكتل يشكل لجنة لتحديد خياراته من الرئاسيات :|: قفزو كبيرة لمورريتانيا على مؤشر حرية الصحافة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
الكودالوجيا وصناعة التأثير/ المصطفى ولد البو كاتب صحفي
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
AFP : موريتانيا أرسلت أدلة على مقتل مواطنيها لمالي
بعد تحديد معايير التزكية... من هم مرشحو الرئاسيات ؟
أصغر دولة في العالم يسكنها 25 نسمة فقط !!
تحديث جديد على "واتساب" يثير غضب المستخدمين !
محامي يحذر من تضررصحة موكله الرئيس السابق عزيز
 
 
 
 

أحمدفال ولد الدين يكتب : هل من قرار بالانحدار؟

lundi 10 février 2014


صحوت صباح السبت هذا وهو يوم أدخره عادة للقراءة الحرة. ففيه أهرب من الكتب العابسة التي يخيل إليك أن مؤلفها كتب صفحاتها تحت ظل السيف، أو قرب بخيل يطالبه بديْن. كما أحرص فيه عادة أن لا أرى ثقيلا أُحَم لرؤيته حتى منتصف الأسبوع. فأقسّم ساعاته قافزاً بين كتب الأدب والتاريخ، وبين المقهى والبيت.

أبدأ السبت عادة مطمئن النفس هادئ البال لفراغه من الالتزامات الحدّية. لكن هذا الصباح كان استثناء. فما إنْ قربتُ مربط النعامة –الحاسوب- حتى وقعت عيني على خبر ملأ جوانحي ضيقا وأفسد علي بداية يومي.

يتحدث الخبر عن تأسيس عصبة لـ”أهل الشرق” ضد التهميش !

والنفس البشرية لا تستشير العقل أحيانا إذا ارتبط الأمر بتعكر المزاج، فقد تمر بالخطب الجلل ولا توليه كبير اهتمام، ثم تمر بخطب أقل شأنا فتقْلس له نفسك.

لقد عجزتُ عن فهم المرجعية الأخلاقية التي يرجع إليها المهتمون سياسيا – حتى لا أقول “النخبة السياسية” في البلاد السائبة.

وقد خطر ببالي – بعد سبْر وتقسيم- أن المرجعية الأخلاقية المحتملة لساكنة المنكب البرزخي لا تعدو إحدى طريقين. إما أن يكون أحدهم يصدر عن قيم أخلاقية مؤسَّسة على الدين ومنفتحة على خلاصات العقل البشري، أو يكون مؤمنا بعجز الدين في الفضاء السياسي والأخلاقي، متشبثا بالمحكية الغربية الكبرى بنظرتاتها المختلة.

ثم وجدت أن كل الفكر المتكئ على الاتجاهين لا يُجمع على فكرة إجماعَه على نبذ داء القبلية وأختها الجهوية.

روى البخاري أن النبي صلى الله عليه غضب عندما حاول جهجاه إثارة العصبية المهاجرية ضد الأنصارية وتدخل قائلا : دعوها فإنها منتنة ! ثم وصفها بأنها دعوى الجاهلية. واختيار المصطفى لكلمة النتن – وهو الرائحة الكريهة- دال جدا. فكأنه يريد تعليمنا أن لا نقترب أصلا من العصبية، بل نتجنبها كما يتجنب الرجل الكيّس النتنَ. وقد استخدم صلى الله عليه هذا المصطلح مرة أخرى حين أشار إلى أسرى بدر قائلا : لو كان المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيّاً فكلمني في هؤلاء النَّتْنَى لأَطْلَقْتُهم له”. فوحّد في الصفة بين عتاة الكفر والعصبية القبيلة.

وتذكرون ما بذله صلى الله عليه وسلم في سبيل تزويج الموالي من بنات عمّه وبنات القبائل الأخرى لهدم هذه النزعة ووأدها.

أما ألئك الذي لا يجدون في تراث المسلمين مرجعية فحسبهم تراث النهضة الأوروبية وكتابات رواد النزعة الإنسانية المتمركزة حول قيمة الإنسان فردا ومجتمعا بغض النظر عن لونه أو عرقه أو جنسه.

أذكر أني ما إن بدأت أحتك بالمتصدرين سياسيا وثقافيا في المنكب البرزخي حتى صدمتني الصورة التالية.

أجلس مع الرجل الذي لا بأس بعقله وخلقه وعلمه ممن جرّ ذيله في القارات واطلع على تجارب الأمم وخلاصة الحضارات فيفاوضني الحديثَ في أمور كثيرة. ثم أراه فجأة يقول : “نحن أهل الشرق” ونحن “أهل القبلة” فيسقط من عيني حالا. ثم أتساءل وأنا أرمقه، وهو يتضاءل في عيني : أين ذهبت آلاف الساعة من ثنْي العطف على الكتب وتصفح عقول العظماء؟ أين ذهب رصدك لجزئيات الحياة في عواصم الدنيا الناجحة التي رأيت؟

وزاد من استغرابي أن هذا الداء منتشر بين الطبقات كلها –بفرنكفونييها وعروبييها- بتساوٍ مقلق حتى كأنهم فيه أعذارُ عام واحد.

صدمت لتأسيس هذا الجسم المناوئ ل”تهميش أهل الشرق”. كما صدمت خلال الفترة الماضية من عبارات رأيتها كثيرا تتحدث عن القبيلة الفلانية وتمثيلها فيما يسمى مجازا “الدولة” “والحكومة”.

أما لهذا الانحدار الأخلاقي من قرار؟

لماذا لا يؤسس الجميع حزبا ضد تهميش موريتانيا كلها بابتعادهم عن الجهوية والقبيلة والعداء الإيديولوجي؟

أذكر أن سيدة طاعنة في السن طلب منها أحدهم التصويت له لقرابته منها في النسب فردت عليه : “أقسم بربي لو كان مرشح حزبكم ابني فلان – تقصد أحب أبنائها إليها- لما انتخبتُه. فأنا أصوت انطلاقا من قناعاتي بالأصلح للشأن العام، لا على علاقات القرابة”. فبُهت المسكين.

ثم تحاولون إقناعي أن هذه “نخبة” ووجوه “مجتمع مدني”. تلك العجوز الهرمة الأمية أكثر نخبوية وألصق رحماً بالمجتمع المدني من هؤلاء وإن لووْا ألسنتهم بالرطانات وادعو الفهمَ ونجحوا في بيع الوهم لقطاعات عريضة من الناس !

أتمنى أن تسْلم لي بقية يومي هذا بعد نفثة المصدور هذه.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا