في هذه الحلقة نتعرف على صورة من انقلاب الاربعاء 03 أغشت 2005 وكيف تعاملت معه الصحافة .
عموما لم يختلف تعامل الصحافة الرسمية والمستقلة(على ضآلة الأخيرة كما وكيفا) مع المحاولة الانقلابية2003 عن تغطية الانقلاب على الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع الأربعاء03 أغشت 2005.
ودون الخوض في الجدل حول الأسباب التي أدت لاسقاط نظام الرئيس ولد الطائع فإن هنالك أسبابا موضوعية يجمع عليها كل المراقبين كانت هي التي دقت المسمار الأخير في نعش نظام ذلك الرئيس وهي :
– فشل النظام الديمقراطي- بين قوسين- الذي دشنه 1991 في إيجاد تداول سلمي حقيقي على السلطة
– القمع المستمر للمعارضين وخنق حرية التعبير
– نقمة الشعب عليه بسبب اقامة العلاقات مع اسرائيل
– تخلي فرنسا عن دعمه بعد تحالفه الوثيق مع المعسكر الأمريكي
– استشراء الفساد بكل أنواعه في مفاصل الدولة
سوء الأوضاع المعيشية للمواطنين
النقمة عليه بشدة بسبب القبضة العسكرية والتضييق على علماء الدين والمشائخ في العامين الأخيرين لحكمه(2003-2005).
وطبعا كان للمحاولة الانقلابية 2003 أثر كبير في زعزعة حكمه والتمهيد لنجاح الانقلاب النهائي على نظام حكمه 2005.
التغطية الاعلامية اختلفت عنها في2003 بعدة أمور وهي أن وسائل الاعلام الرسمي لم يصبح بثها مقطوعا بل بدأت برنامجها العادي في التطبيل والتزمير للنظام في انتظار استقبال الرئيس ولد الطائع لدى عودته من السعودية حيث كان في رحلة ترضية لكام السعودية"شارك في تعزية بوفاة الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز".
أذكر أنني علمت بالمحاولة الانقلاب على نظام حكم ولد الطائع حدود الساعة العاشرة صباحا حيث كانت قناة الجزيرة اقطرية سباقة لنقل هذاالخبر،وبعد ذلك فتحنا الاذاعة للتأكد فوجدنا ارسالها قد قطع هي والتلفزة وهو المؤشر الرئيسي لتغير الحكم في موريتانيا حيث ظل انقطاع بثهما يرمز في وجدان المواطنين للانقلابات.
تسمرت أمام جهاز تلفزيون بشكل مباشر وكانت الأخبار العاجلة ترد كل دقيقتين أو ثلاثة حول طائرة الرئيس التي قيل إنها لم تحصل على اذن بالهبوط بسبب الانقلاب،وتواترت الأنباء أنها هبطت في دكار مرة وفي دول أخرى مرات أخرى إلى أن وصلنا للزوال حيث تأكد أن الرئيس معاوية أصبح رئيسا سابقا وقد لجأ فعلا لدولة غامبيا حيث أدلى منها بتصريحه الشهير وملخصه :"أنه لم يكن على اطلاع بواقع شعبه الحقيقي".
لم تكن قناة"الجزيرة" القطرية "لم تكن تبث وقتها على موجة "أف.أم" الاذاعية،وكانت هي وقناة"العربية "السعودية- الاماراتية، واذاعات"بي.بي.سي" العربية" وإذاعة فرنسا الدولية في تغطية مستمرة على مدار الساعة لهذا الحدث الكبير.
أما الصحافة المستقلة فلم يكن يوجد منها - في ذلك الوقت- إلا جرائد أسبوعية(السفير وحدها يومية) تخاف من ظلها بسبب "المادة11" التي "لا ترحمها مصادرة وحظرا"،في حين كانت قد بدأت إرهاصات لبعض المواقع الالكترونية المستقلة ولكنها ضعيفة التغطية الاخبارية بسبب الرقابة المشددة على الاعلام من طرف السلطة وضعف الامكانيات المادية والتقنية والبشرية.
وسائل الاعلام الرسمية ظلت مغلقة حتى انتهاء الانقلاب حيث بثت البيان رقم 1 وبدأنا فعلا نعيش واقعا جديدا والأسئلة الكثيرة مرسومة على الشفاه حول من قاد الانقلاب ومن هم أعضاء اللجنة العسكرية الجدد وماهو مصير البلد ولماذا لم يدافع أباطرة نظام الرئيس المخلوع عنه في الاعلام العربي والدولي.
في المساء كانت بواكير العهد الجديد قد اتضحت وهنالك وعودب خارطة طريق تؤدي لمسار ديمقراطي حقيقي.
في الأسبوع الموالي...
يتواصل
بقلم : محمد ولد محمد الامين(نافع)
ملاحظة : لفهم هذه اليوميات في جزئها الثاني من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان :" يوميات طالب الغربة في 67حلقة" ولمن يرغب فيها أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني.
الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).)
للتعليق والملاحظات :
ouldnafaa.mohamed@gmail.com