بحث التحضيرللرئاسيات مع الامم المتحدة والاتحاد الأروبي :|: السيدة لأولى تنظم حفل إفطارلمجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة :|: النيابة العامة تستأنف الحكم في قضية قتل الصوفي :|: حزب التكتل يدين سجن ولد غده :|: مواعيد الافطارليو م18 رمضان بعموم البلاد :|: وزيرالدفاع وقائد الاركان بزويرات ..قبل زيارة الرئيس :|: منظمة الشفافية تندد باعتقال رئيسها وتطالب بإطلاق سراحه :|: تكوين لمفوضي وضباط الشرطة حول القوانين المجرمة للعبودية :|: منظمة الشفافية تندد باعتقال رئيسها :|: اتفاق مع شركات عربية لاستغلال حقلي "باندا" و "تفت" للغاز :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

الموعد الأنسب لممارسة الرياضة في رمضان
من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
تعيينات هامة في قناة الموريتانية
الاعلان المشترك : شراكة استراتيجية تؤسس لعلاقة جديدة *
توقيف لصوص سرقوا 60 مليون أوقية من شركة بنواكشوط
الوجيه والسياسي عبد الحي ولد محمد لغظف يطالب من مقاطعة تامشكط بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية
ما أقصروأطول ساعات الصيام في رمضان 2024/1445؟
دولتان عربيتان بين أكبرمنتجي ومصدري الطماطم عالميا
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
 
 
 
 

باسكنو انتعاش اقتصادي علي وقع أزمة انسانية

اعداد : محمدن ولد آكاه

mercredi 3 octobre 2012


الثلاثاء الثامن عشر من شهر سبتمبر الجاري غادرت مدينة النعمة عاصمة ولاية الحوض الشرقي، على متن سيارة نقل رباعية الدفع من نوع "تويوتا لاند كروزر" وذلك بعد أن اتضح عدم قدرة سيارتنا الشخصية على السير في تجاه باسكنو، سارت بنا السيارة عبر طريق يصل طولها الى 220 كلم، قطعناها في تسع ساعات متواصلة إلا لتوقف خفيف بعضه بسبب تعطل السيارة في الكثبان الرملية، وهو ما دفعنا للنزول منها أكثر من مرة لد فعها بالأيدى ومساعدة السائق في الخروج من المأزق.

الطريق كانت وعرة شيئا ما، باستثناء ستين كلم في بدايتها كانت مدعمة من طرف شركة "أنير" متوجهة إلى "انبيكت لحواش"، وهي طريق أختار السائق أن يسلكها بدلا من الطريق المعروف "الطريق السفلية"، لأنها وحدها التي يمكن السير عبرها بسهولة نسبية في موسم الخريف.

لم نحس بطول الطريق وتعبها، لأننا كنا في رحلة شيقة بمناظرها الخريفية الخلابة وبمرافقينا الذين سعدنا بالرحلة معهم، وإن كانت بداية الرحلة قد حدثت فيها مشكلة بسيطة بين السائق و"السمسار"، فرغم أننا كنا أول من قطع تذكرة في السيارة، فقد وجدنا أن جميع مقاعدها محجوزة، فعرض علينا السائق الجلوس معه علي مقعده، وهو ما رفضناه بمساندة من السمسار، ليتطوع عسكري كان من بين الركاب، فيقبل عرض السائق ويترك لنا مقعده.

سيارتنا في رحلتها تلك كانت تحمل أيضا طنيين اثنين من المازوت، لعدم توفره في باسكنو، نظرا لكون الصهاريج تعجز عن الوصول إلى هناك لوعورة الطريق خلال هذا الموسم بسبب مياه السيول التي خلفتها الأمطار، حيث وصل سعر نقل للتر الواحد من النعمة الى باسكنو 50 أوقية.

على جنبات الطريق بدت المراعي جيدة فالتساقطات المطرية لهذه السنة كانت الأفضل منذ عدة سنوات، إلا أن أحد مرافقينا أعتبر أن مصيرها هو الحرائق، لأن معظم المنمين سوف يغادرونها فور انتهاء موسم الشتاء، ويتوجهون إلى مالي، نظرا لعدم توفر الماء في المنطقة، وفرض أصحاب الآبار الارتوازية القليلة أسعار مجحفة على أصحاب المواشي، لأنهم يريدون احتكار المراعي لقطعانهم، وهو ما أكده لنا أيضا هذا المنمي الذي حضر لمساعدتنا في دفع سيارتنا بعد أن غاصت عجلاتها في الرمال في منتصف الطريق.

ورغم أن الدولة وفي إطار مشروع اظهر الذي يموله الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي قامت خلال السنوات الأخيرة بحفر مجموعة من الآبار في المنطقة، الا أنه لم يتم استغلالها حتى الآن لاستفادة السكان منها، وهم الذين يعولون عليها كثيرا في انهاء معاناتهم الطويلة من ندرة المياه.

بعد استراحة قصيرة في قرية "أزريبه"، واصلنا رحلتنا حتى وصلنا في حدود الحادية عشر ليلا إلى مدينة باسكنو التي كان يحظر دخولها ليلا وحتي وقت قريب، بسبب الظروف الأمنية في النطقة وخاصة بعد تعرض حاميتها العسكرية في الثامن من يونيو 2011 لهجوم انتقامي فاشل بعد معركة "واغادو" قام به تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

تصادف وصولنا مع جو محزن يخيم على المدينة، بسبب استشهاد ثمانية من أبناء المقاطعة في العملية الغادرة التي نفذتها فرقة من الجيش المالي ضد مجموعة من الدعاة إلى الله كانوا في طريقهم الى باماكو.

بت ليلتي في ضيافة أحد الأصدقاء وأنا أنتظر الصباح بلهفة ، لأباشر مهمتي في هذه المقاطعة النائية، والتي بدت لي في الساعات الأولى من الصباح شبه خالية من السكان، وبعد بحثي عن الأسباب تبين أن الأمر له علاقة بتوجه غالبية السكان إلى مخيم "امبره" للاجئين المالين، لأنه يوم تصادف مع ثاني أيام تدقيق المفوضية العليا للاجئين في هويات اللاجئين في المخيم، وغلب سكان "باسكن" الموريتانيين والموريتانيين من أصول مالية كانوا قد سجلوا أنفسهم كلاجئين، من أجل الاستفادة من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية للاجئين الفارين من شمال مالي ، وان كان البعض قد رفض ذلك ، باعتباره غير شرعي وغير شريف فضل البقاء في المدينة وممارسة عمله العادي، كما هو الحال بالنسبة للمواطنة آمنة بنت محمود التي تعارض "التحايل علي حقوق الآخرين" مفضلة أن تجلس في السوق لبيع اليسير من الخضروات والتوابل.

باشرنا رحلتنا في المدينة بزيارة لمنزل الشهيد اطول أيام ولد زايدنا ولد أباتي الموظف بمناء الصداقة والمستشار البلدي في بلدية فصاله عن حزب "تمام" والذي وجدنا والدته فاطمة الزهراء وهي منهمكة في رعاية ابنتيه "نسيبه" التي أخذت تهجي لها الحروف الأبجدية و "مريمه" التي تتناول فطورها عن يمين جدتها وتبتسم ببراءة.

قالت الوالدة والحسرة تخنق عباراتها وتغالب دمعة أم ثكلي ــ فقدت أعز أبنائها ــ إنها تعرف أن الأعمار بيد الله، وماحدث قضاء وقدر لكنها تطالب الرئيس الموريتاني بالانتقام من الجيش المالي وتقديم القتلة إلي العدالة.

زرنا أيضا أسرة الناجي من المجزرة للوله ولد سيد أحمد وكان ذلك قبل ساعات فقط من تسليمه من طرف الحكومة المالية للسفارة الموريتانية في باماكو، حيث التقينا شقيقه احميده التاجر في سوق باسكنو وهو منهمك في إجراء اتصالات للاطمئنان علي مصير شقيقه، وبعد ساعات فقط وقبل أن نغادر المدينة اتصل علينا ليخبرنا أن أخاه قد أطلق سراحه.

أهالي الضحايا عبروا للحصاد عن امتنانهم للدولة الموريتانية علي المواساة والمساعدات العينية التي قدمها وفد وزاري زار هاؤلاء قبلنا بيومين وقدم مليوني أوقية لكل الأسر المفجوعة بمن فيهم أسرة الأسير للولو، كما عبروا كذلك عن امتنانهم لما وصفوه بالموقف الصارم اتجاه الحكومة المالية والذي مكن من إجبارها علي الاعتراف بالجريمة وتسليم جثث الضحايا، عكس ماحدث في مطلع التسعينيات في حرب شمال مالي الأولي التي يقولون إن الجيش المالي قتل خلالها المئات من الموريتانيين دون أن يجدوا من يسأل عنهم،

توجهنا إلى سوق باسكنو، لرصد الانعكاسات الاقتصادية لوجود اللاجئين الماليين علي المدينة، فلاحظنا تباينا في آراء التجار، فالذين يوجهون نشاطهم الي السوق المالي ، اعتبروا أن نشاطهم التجاري قد تضرر أو شل بالكامل، ومن ضمن هؤلاء علي ولد محمد والذي لم يسمح لنا بتصوره واتضح لاحقا أنه شقيق القيادي في جماعة أنصار الدين في باماكو سنده ولد بوعمامه والذي هو نفسه كان يمتلك متجرا في المدينة ومستشارا في مجلسها البلدي عن حزب تواصل.

فئة الأخرى من التجار تري أن السوق قد شهد بالفعل انتعاشا مهما بسبب قدوم عشرات الآلاف من للاجئين من مالي، وأن القضية ساهمت في حل مشكل البطالة بالمدينة، الشيء الذي انعكس إيجابيا بعودة العشرات من الشباب من نواكشوط إلى باسكنو للعمل لدي منظمات الإغاثة الدولة خاصة في مجال الحراسة.

الشاب الجامعي محمد عبدو ولد محمد وهو صاحب محل لبيع الهواتف النقالة ومستلزماتها اعترف بأن السوق عرف انتعاشا بالفعل بعد وصول اللاجئين قبل سبعة أشهر، مستغربا من كون مقاطعة حدودية مهمة مثل باسكنو توجد بها كل المقومات الاقتصادية من ثروة حيوانية وحركة تجارة نشطة وكثافة سكانها لا تزال مهمشة ومعزولة ولا توجد بها مرافق صحية فحتى الكشف عن داء السكري غير موجود حسب ولد محمد.

الجزار آبه ولد حني ولد امعيتيك يقول إن الاستفادة من فرص التوظيف التي خلقها وجود المنظمات الأجنبية كانت خاصة بالبعض على حساب الآخرين، معتبرا أن الزبونية والوساطة كانت حاضرة في هذا المجال.

باسكنو شهدت أزمة سكن غير مسبوقة ، وإن كانت لها انعكاسات إيجابية على البعض، حيث وصلت أسعار تأجير المنازل إلى مئات الآلاف من الأوقية لبعضها، كما هو الحال بالنسبة لهذا المنزل الذي قام احد أبناء المدينة ببنائه خلال شهرين فقط، ليقوم بتأجيره لإحدى المنظمات بست مائة ألف أوقية كما يقول السكان هنا.

ارتفاع أسعار الإيجار انعكس سلبا على الموظفين في المدينة، الذين أصبحوا بين أمرين أحلاهما مر، فإما أن ينزلوا عند رغبة أصحاب المنازل ويدفعوا كامل رواتبهم أو معظمها في ايجار منازل طينية في الغالب أو يجدو أنفسهم في الشارع.

كذلك شهدت المدينة انتعاشا لقطاع النقل، وأصبح البعض يوفر سيارات يمارس بها النقل بين باسكنو و"أمبره"، وتضاعفت الأسعار من المدينة إلى نواكشوط، فأنتعش النقل بسبب ذلك.

كما شهدت المدينة تراجعا في أسعار بعض المواد الغذائية، التي يتم توزيعها في المخيم، حيث تتوفر بأسعار زهيدة في المدينة، وهو ما انعكس سلبا على بعض التجار، الذين وفروا مخزونات من تلك المواد الغذائية قبل إنشاء المخيم.

إلا أن المدينة شهدت ارتفاعا في أسعار اللحوم والفحم، إنها بعض الانعكاسات الاقتصادية لمخيم "أمبره".

ــ يتواصل ـــ

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا