الرئيس السنيغالي يختتم زيارته الأولى لموريتانيا :|: موريتانيا تشارك في اجتماع G7 :|: الأمم المتحدة : نلتزم بدعم التنمية في موريتانيا :|: اعتماد 56 بحثا للتنافس على جوائز شنقيط :|: لص يعيد المسروقات لأصحابها بعد 30 عاما !! :|: اجتماع اللجنة الوطنية للمنح :|: ولد غده يستنكر الإحالة لمحكمة الجنح :|: ترشيح سفير جديد للاتحاد الأوروبي للعمل في موريتانيا :|: أبرز ملفات زيارة الرئيس السنيغالي :|: نص مقابلة السفير الموريتاني بالسنيغال :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
ثلاث وفيات في حادث سير لسيارة تهرب ذهبا
 
 
 
 

لا مكان للفتنة، ولا بد من الإصلاح / د.حماه الله ولد السالم

mardi 1er février 2011


كتبت سابقا خاطرة كان عنوانها صادما (موريتانيا تشتعل)، وهي والحمد لله لم تشتعل ولن تشتعل، لأن دين أهلها ونظام حياتهم وواقع صلتهم بسلطتهم، يمنع ذلك. هذا في الظروف العادية، لكن الحال قد يتغير رغما عن السلطة والناس، لأن العالم يتبدّل، وبسرعة مرعبة، وتتوالى التجارب القاسية في الصراع والتنافس والوعي، تنقلها الميديا الماكرة والسريعة، لتستقر في الأذهان ومن دون حاجز، لتتفاعل مع واقع مأزوم في مجتمعنا وغيره من المجتمعات، ويتأثر بها ويتفاعل معها جيل فتيّ متقلب المزاج سريع التأثر بالغ القلق والمرارة، تواق للأحلام الوردية ضعيف الثقة في الدولة والنخبة والأسرة والمجتمع.

انقضى عام عشرة وألفين وجاء تاليه بانفجار كوني، وفي بلاد العرب القريبة منا لسانا ومكانا، ولسنا محصنين إزاء ما جرى ويجري.

ذلك ما قصدته بـ موريتانيا ستشتعل... لأنها قد يصبها ما أصاب غيرها وبسرعة غريبة، وقد لا يصبيها على النحو المباشر لكنها ستعرف نتائجه وآثاره طال الزمان أم قصر.

لقد وصلنا قبس من نهضة الشرق، وجاءتنا أمواج من أتراحه وأفراحه، بعد أن وصلت قبلنا إلى آخرين، لأنهم أسْبق منّا في المكان فصاروا أسْبق منا في الزمان، أي في التاريخ بخبراته وصراعاته وتجاربه.

لا مكان للحتمية التاريخية عموما، بأي وجه من وجوهها، مادية أو مثالية، لكن الخبرة التاريخية دلت على أن ما عرفته كل بلدان العرب من تيارات وحركات وتقلّبات، نالنا بعضه كاملا أو مجزوءً، ولو بعد حين.

كيف سيكون منطق تلك الخبرة التاريخية وقد صارت الميديا تصنع الحدث، لأنها تنقله غضا طريا، ثم تغذوه وتجلوه، وقد تنفخ فيه فيصيرا عنقاء مهولة.

ما أردته في رأي سابق هو التنبيه على ضرورة الإصلاح، وبصورة مضاعفة أكثر من ذي قبل، لما تموج به الساحة العربية، من ثورات وانتفاضات، اكتمل بعضها وما زال الأخير قيد الاكتمال، أو قيد التشكل.

صار الإعلام، عبر الفضائيات والشبكة العنكبوتية، نافذا وفاعلا وأكثر مضاء، ولم يعد بمكْنة أي كان أن يزعم نجاته من تأثير الصور والخطاب والرأي العابر للحدود والعقل معا.

لم أدْع قط إلى فتنة ولن أفعل التزاما بصريح الشرع ثم بالصالح العام، لاسيما وكنت ابتليت بشكوك من مرضى النفوس حين "بالغت" في وصف جهود حميدة للدولة والنظام، ثم جاء الرأي نفسه ليجعلني في صف "دعاة الفتنة"، لمجرد التنبيه على خطر داهم ومخاطر مهولة، قد تنفجر في أية لحظة بفعل فاعل أو من تلقاء نفسها، تحت تأثير الشحن الإعلامي الذي يجيّش النفسيّة الجماعية ويخطف الإدراك العام، بكل السبل، ولمختلف المرامي.

لا يفهم أكثر المُسيّسين من المتعلمين، في بلدنا، الفرق البيّن بين المراجعة المعرفية للوضع السياسي ـ المجتمعي، والرؤية السياسية الحزبية، وبينهما والنظرية السياسية الإيديولوجية التي تصدر عن حركة أو تيار سياسي فكري.

ولذلك يتّهمون الكاتب في ولائه للوطن حين يحلّل الحالة السياسية أو الاجتماعية من منظور نقدي.

ويقدحون في شخصه إذا اختار الدفاع عن رأيه الخاص بشأن سياسة بعينها ينهجها حاكم أو نظام، ثم ينْبزُونه بالألقاب إذا تجرّأ ودافع عن خياره المذهبي أو الحركي أو انحيازه لسياسة أو جماعة.

كلها صنوف من الخلط والعجلة والريبة التي نتجت عن الرداءة الفكرية والسياسية طيلة عقود مضت، وزاد من حدتها ضعف القدرة على الحجاج العلمي والنقدي والمنهجي، بسبب تدهور تدريس العلوم والمعارف والفكر الإنساني في مؤسساتنا الجامعية، وتراجع مستوى القراءة الجادة لنتاج الثقافة الأصلية والمعاصرة.

المعارضة في العرف المحلي هي القدح والهجر والتدابر والسب واللعن في جملة إجراءات عقابية رمزية وحتى محسوسة للرأي المخالف.

أما الموالاة فهي الإفراط في المدح للحاكم والتبرير للسلطة وتسييرها للشأن العام..

أما من يريدون أن يضربوا بين أولئك طريقا يبسا ينقذ من الغرق، فمآلهم الريبة والشكوك وحتى الطعن في حسن نياتهم.

إذا قيل إن الرئيس يحوز شرعية دستورية، وهو أمر معروف وجلي، قيل إنه تزلف له وتقرّب ونفاق، لكن تبرير إطلاق هذه الأوصاف يبقى معلقا !

وإذا قيل إنه لا يحمل مشروعا للتغيير، كان ذلك تشهيرا بالحاكم وبحثا عن الشهرة.

ويبقى الرأي والبحث والنقاش، تزيُّدا في القول والفعل، وربما نوعا من ملئ الفراغ إن لم يكن علامة خبال وهلوسة.

خلق الثروة والقضاء على الأزمة الأخلاقية

أقرأ وأسمع ما يصدر عن رأس الدولة وعن معارضيه، ومنه تعليق للرئيس، جاء عرضا ـ في حديث عام، مفاده أن هناك من الكُتّاب أو المواطنين المثقفين من يقولون شيئا (أي رأيا) ثم يرْجعون عنه.

فهمت الرسالة لأنني كتبت للرئيس كثيرا، مباشرة، ومن طريق غير مباشر، وكتب آخرون مثلي على النحو ذاته.

لقد كتبت وناديت بأن خلق الثروة هو أهم عمل لأية سلطة قادمة، تريد لأهل البلاد الأصليين البقاء فيها والاستمرار عليها، ثم لأن ذلك سيكون أهم عامل في القضاء على الأزمة الأخلاقية الفردية والجماعية التي اخترقت مفاصل المجتمع بنية ونظاما وسلوكا، وظهرت جلية في الحياة العامة وفي السلوك الشخصي.

لم أتراجع عن تلك الثابتة، لكن حقيقتها ليست أمرا بدهيا لا من حيث العمل الفني المباشر، بل من حيث ارتباطها، بأمور أخرى وجيهة، بل لعلها أكثر وجاهة لكنها وشيجة الصلة بالسياسة والأهواء، ولذلك فيحسن العمل لها لكن من غير إعلان ولا تسويف أيضا، لكن يجب إنفاذها ابتداء، ومنها تعريب الإدارة والقضاء على الدعوات المنتنة بالرأي الحر والكفاءة والعدل وهيبة الدولة والأمانة.

وعد الرئيس الحالي في خطاب شهير بعد انقلاب 2008 بتغيير بنية التعليم، وحفظ هيبة الدولة وأموالها، وبمكافحة الفساد بكل السبل.

جرْد الحساب بشأن عمل النظام من الانقلاب إلى الانتخاب، تكشف جهدا كبيرا، و وعدا مبالغا فيه، وإخفاقا هنا أو هناك !

الجهد

تمت السيطرة بشكل كبير على صرف أموال الدولة التي كانت تضيع وتتبدد في كل وجهة، وجرى تمويل عدة ورشات مفيدة مثل الطرق وتنظيم العشوائيات ومواجهة تردى أحوال الأسر الفقيرة.

لكن عملية "مكافحة الفساد" تمت بأسلوب يجمع بين الغموض، الانتقاء، الاختزال، وأيضا قليلا من القسوة. لكن النتائج بالقطع كانت بارزة لكنها غير مكتملة أبدا.

الوعد

جرى الحديث عن تغيير بنية التعليم وهو ما لم يحصل، وكان قرار السلطة الحالية بتغيير نصوص التعليم العالي بربط إجراءات الانتخاب بحزمة مرعبة من المراسيم، صادما بكل المقاييس.

أما التعامل مع "تعديل 99" سيئ السمعة والفعل معا، فقد كان غامضا ومؤجلا، ولم يخفف من غلواء تأثيره السيئ المستمر، الوعد بـ "منتديات عامة للتعليم" باتت معلومة النتائج سلفا.

وبقيت القضية الجوهرية في الدولة والمجتمع وهي اللغة العربية، مسكوتا عنه، أو منطوقا معلّقا.

جرى التعامل مع المالية العامة بطريقة تراوحت بين الحزم والشدة والارتجال، وكان من الغريب إسنادها لعدة مواطنين يحوز بعضهم كفاءة وانضباطا، لكنهم ظلوا يتنقلون ويستبدلون وبطريقة فيها شيء من روح شعار "الولاء قبل الكفاءة".

لكل نظام الحق في تثبيت نفسه، والحذر من خصومه وحتى أصدقائه، لكن قطعا تبقى نتائج السياسات هي الفيصل في الحكم على نجاحه أو فشله.

لم يتغير شيء كبير في جوهر السياسة العامة لأن كل هوية الدولة ومؤسسة العدل ونظام الكفاءة ما يزال معلقا.

والسؤالات القلقة مطروحة دواما : ما الذي يمنع من احترام الكفاءة، ولماذا الحساسية من النقاش العلني لمشاكل المجتمع، وأيضا لماذا ما تزال هوية الدولة أمرا مؤجلا رغم مضي نصف قرن؟

كل نظام يأتي يعِد بالإصلاح، تشتعل جذوة الفعل والقول، حقا أو باطلا، ثم ما تلبث أن تخبو أو تستحيل ضوءا يعشو أبصار المبْصرين، لتعمى بصائرهم بعد أن كلّت أبصارهم، تبقى الغالبية من الناس نصف مبصرة، تماما كالأعور بين العميان، فتسود حالة من الريبة والشك تنتشر لتصبح واقعا ينوء الجميع بحمله أو يكادون، تصير الدعوة للإصلاح نذير شر والتنبيه على الخصاص في التدبير هدما وردما، ويفيء الجميع إلى ظلال الخوف من المستقبل والخشية من الغد.

حال خبرْناه، ووضع عشْناه، ولا مانع من تكراره ورجوعه، لأن دار ابن لقمان ما تزال على حالها، ولم يتغير شيء كبير، لا في قناعات الناس ولا في ما يُراد لهم أن يقتنعوا به. لكن الأعجب هو أن ينجو بلدنا من الاشتعال، لكنه ما يلبث أن ينْطفئ، وليست هناك مسافة بين الجنة والنار !

ولله الأمر من قبل ومن بعد

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا