توقعات عام 2025 للاقتصادات الأعلى نموًا في الدول العربية :|: اجتماع المجلس الأعلى للرقمنة :|: الرئيس يلتقي مع رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي :|: مذكرة لإكمال إجراءات دمج أمن الطرق في الشرطة :|: انطلاق المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي :|: إضراب الأطباء المقيمين يدخل يومه الثاني :|: وزير : ندرس إقامة طريق سريع بين نواكشوط ونواذيبو :|: ورشة تدريبية وتوعوية حول مكافحة الفساد :|: اطلاق برنامج لإصدار شهادات الباكلوريا المؤمَّنة :|: CENI تعلن حصيلة المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
 
 
 
 

نظامنا التربوي إلى أين؟ القسم الأول 1/3

mardi 25 janvier 2011


*الحديث عن النظام التربوي في بلادنا -بلاد شنقيط- طويل وشاق؛ طويل نظرا لطول الفترة الزمنية التي يتناولها، أي منذ شرع المستعمر الفرنسي في مسلسل تدابيره الرامية إلى زرع مدرسته الغربية، ونشر ثقافته الغازية في ربوع هذا البلد العربي الإفريقي المسلم، وشاق لندرة المراجع عن تلك الفترة البعيدة نسبيا، وتبعثر ما قد يعثر عليه الباحث منها، وفي غير مظانه في أغلب الأحيان، ولتدافع -بل وتناقض- بعض الأرقام والمعطيات التي تتضمنها تلك المصادر، سواء منها المستفادة من المراجع الوطنية، أو تلك المستفادة من مصادر المستعمر نفسه، علما أنه المستعمر قد غيب -عن عمد- وثائقه الأساسية التي تتضمن أهم ما قام به وما توصل إليه من معلومات وخطط استراتيجية وتكتيكية لتحقيق أهدافه السياسية والثقافية والاجتماعية في هذا البلد العصي.

وبما أن المدرسة النظامية -وبالتالي النظام التربوي- قد تأسست في بلادنا أول ما تأسست من طرف المستعمر الفرنسي، وطبقا لإرادته، ووفقا لشروط ومتطلبات وجوده الآنية ومرتكزات استمراره في المستقبل.

ونظرا لأهمية -بل وضرورة- الاطلاع على المحاولات والتجارب التي قام بها، والسياسات الإجرائية التي انتهجها -أو ابتكرها- للوصول إلى أهدافه المرسومة.

وبما أن جميع تلك الترتيبات والمحاولات التي توخاها واعتمدها المرة تلو المرة، وتلك التي أجريت في عهد الاستقلال على سنته، بدءا بمرحلة التأسيس من سنة 1905 – 1939، ومرورا بمجمل المحاولات ذات الصبغة التحسينية المموهة التي قام بها في المرحلتين : من 1912 – 1939، ومن 1940 – 1947، وانتهاء بما قامت به الدولة الفرنسية والدولة الوطنية بعدها من تدابير و"إصلاحات". يربط بنيها جميعا خيط سميك يمتد بأولها ليصله بآخرها، وينمي فروع آخرها إلى وشائج أولها، رغم ما يعترض طرق انسيابه في الاتجاهين من منعرجات ومسالك وعرة في الكثير من الأحيان.

وتأسيسا على ما تقدم؛ فإننا سنحاول أولا إلقاء نظرة على تاريخ المدرسة الفرنسية في بلادنا أهدافها ومراحل تطورها والنتائج التي حققتها على مدى نصف قرن من الزمن.

أولا- أهداف المدرسة الفرنسية :

من خلال تتبع الإجراءات والمراسيم والتوجيهات والتصريحات الصادرة عن الحكام الفرنسيين العسكرين والمدنيين منذ -بل وقبل- دخولهم إلى هذه البلاد ومحاولتهم زرع تعليمهم النظامي فيها؛ فإنه باستطاعتنا تلخيص أبرز الأهداف التي رسموها لهذا التعليم في المحاور التالية :

1- تكوين الموظفين الضروريين للإدارة والترجمة وما يرتبط بذلك من المهام.

2- خلق جيل من المتعاونين من شيوخ المجموعات ومن عامة الشعب، يحسنون التخاطب مع المستعمر بلغته هو.

3- نشر اللغة الفرنسية على أوسع نطاق في البلد.

4- محاربة الدين الإسلامي الحنيف والوقوف في وجهه ومحاصرته.

5- القضاء على اللغة العربية وغيرها من اللغات واللهجات المحلية وإقصاء الجميع من الحياة العامة للشعب.

6- بث روح التفرقة والكراهية بين أبناء الشعب على أسس عرقية وفئوية وطائفية.

7- طمس الهوية العربية الإسلامية للبلد، ومحو مميزاته الروحية وخصوصياته الحضارية، وصهره بدلا منها في بوتقة الثقافة والفكر الفرنسي.

8- زرع محبة فرنسا في قلوب المواطنين باعتبارها المثال الأعلى للرقي والتحضر والإنسانية في زعمهم.

ثانيا- مراحل إنشاء وتطور المدرسة الفرنسية في بلادنا :

يعود تاريخ المحاولات الأولى التي قام بها الفرنسيون لتأسيس مدارس لهم في موريتانيا إلى بداية القرن الماضي؛ فقد بادر المستعمر فور دخوله إلى المناطق الجنوبية من البلد بالسعي لفتح بعض المدارس على مراحل متفاوته وتحت أسماء وعناوين متنوعة :

 ففي سنة 1905 أسس مدرسته الأولى في كيهيدي.

 وفي سنة 1912 أسس مدرسة في بكي.

وكان جميع تلاميذ هاتين المدرسيتين من الزنوج باستثناء اثنين.

 وفي نفس السنة 1912، وفي محولة لتحسين صورة المدرسة لدى المواطنين؛ قام الكولونيل موري بتأسيس مدرسة جديدة تحت اسم المدرسة العربية، وكانوا ينطقونها كذلك (لا مادرسا) في بوتليميت وأدخلوا في مناهجها مواد عربية، وأسندوا التدريس فيها إلى بعض الشخصيات المعتبرة ثقافيا واجتماعيا، وقد حولت فيما بعد إلى المذرذرة ثم أعيدت إلى بتليميت لأسباب معلومة لدى العارفين بالشأن المحلي في ذلك الوقت.

 وفي سنة 1933 أسسوا مدرسة في تنبدغة.

 وجاءت سنة 1936 ليؤسسوا في أطار مدرسة (لا مادرسا) على غرار مدرسة بوتلميت الآنفة الذكر،

 وفي سنة 1939 أسسوا في كيفه مدرسة ثالثة على نفس النه، لتتلوها رابعة في تنبدغة، وخامسة في بتليميت للبنات.

وبالرغم مما قام به المحتل الفرنسي من محاولات لفرض مدرسته على المواطنين؛ فقد باءت جميع تلك المحاولات بالفشل الذريع، وتحطمت كلها على صخرة الصمود والرفض الشعبي المطلق ومنذ اليوم الأول.

وقد أحس المستعمر نفسه بهذا الفشل وعبر عنه أكثر من مناسبة، وحاول جاهدا وبكل ما أوتي من قوة التغلب على هذه المعضلة ولكن دون جدوى.

 ففي سنة 1929 أصدرت السلطات الاستعمارية تعميما إلى حكام لبراكنة وتكانت وآدرار يتضمن -من بين أمور أخرى- حث هؤلاء الحكام على "بذل الجهود لتسجيل 4 أو 5 أطفال من أبناء الأعيان في السنة القادمة" لاحظوا لفظ أربعة أوخمسة وما يعبر عنه من يأس !!

 وفي تقرير إحصائي عن حالة التعليم في موريتانيا سنة 1931 نجد أن مجموع التلاميذ لهذه السنة 415 فقط.

 وفي سنة 1932 كان عدد تلاميذ المدارس النظامية 438 تلميذا موزعين على سبع مدارس.

وقد علق مفتش فرنسي في تقرير له على هذا العدد قائلا "إنه أقل من تلاميذ مدارس ابودور وحدها الواقعة على الضفة الأخرى من نهر السنغال".

وقد وضع الحاكم ديبي حصيلة 25 سنة من التعليم في مدرسة بتليميت فذكر "أن العدد الإجمالي لمن مروا بالمدرسة خلال ربع قرن لم يتجاوز 350 تلميذا تخرج ثلثاهم في السنوات التسع الأخيرة 1930 - 1939".

وانطلاقا من هذه التقارير وغيرها، خصوصا التقرير السري للحاكم الفرنسي السابق دبيي الذي ذكر فيه أن "أعلى عدد حصلوا عليه هو عدد للسنة الدراسية 44 – 45 وهو في عامة مدارس موريتانيا 107 تلميذا، وإذا أخذنا في الحسبان كذلك ظروف الشدد والمخاوف المتزايدة وهجران المدرسة والتي ألمح لها نفس التقرير لاحقا، إذا أخذنا جميع هذه المعطيات والمؤشرات في الحسبان واعتبرنا مع ذلك الأعداد التي تكون قد تخرجت لتتوظف كمترجمين وإداريين، أو تسربت من المدارس لسبب من الأسباب أمكننا أن نقول إن العدد الإجمالي للتلاميذ حتى سنة 1939 كان في حدود 800 تلميذا.

هذه النتائج وغيرها كافية لتفسير الاستياء وخيبة الأمل التي نقراها في العديد من تقارير ومراسلات الحكام الفرنسيين في هذه الفترة ولعل أوضح مثال على ذلك ما جاء على لسان أحدهم حيث يقول من غير المعقول بعد أربعين سنة من الاحتلال أن نجد جميع الشيوخ غير قادرين على التحدث معنا مباشرة بدون ترجمان رغم أن علاقات عمل تربطنا وإياهم لاحظوا بعد أربعين سنة أي حوالي سنة 1943 في عز الحرب العالمية الثانية.

ولكن ما هي الأساليب والحيل التي استخدمها المستعمر وجربها طيلة هذه الفترة؟ وما هي أبرز التحسينات والإصلاحات المموهة التي ابتكرها؟ وما هي نتائج كل ذلك؟

هذا ما سنحاول الإجابة عليه فى الحلقة القادمة إن شاء الله.

يتواصل

بقلم الأستاذ الباحث أحمد فال بن أحمد الخديم

ملاحظة : هذا المقال جزء من دراسة شاملة عن التعليم النظامي أعدت سنة 2007 ونشر منها ثلاث حلقات في جريدة العلم الأعداد : 400 بتاريخ 28 نوفمبر 2007 و 408 بتاريخ 13 ديسمبر 2007 و 414. بتاريخ 31 ديسمبر 2007.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا