انطلاق المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي :|: إضراب الأطباء المقيمين يدخل يومه الثاني :|: وزير : ندرس إقامة طريق سريع بين نواكشوط ونواذيبو :|: ورشة تدريبية وتوعوية حول مكافحة الفساد :|: اطلاق برنامج لإصدار شهادات الباكلوريا المؤمَّنة :|: CENI تعلن حصيلة المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية :|: 5 نصائح للوقاية من ضربات الشمس :|: موريتانيا تشارك في الندوة 10 للتنمية المستدامة لأفريقيا :|: منتدى ألماني حول الهيدروجين الأخضر بنواكشوط :|: نقاش تعزيز التعاون بين موريتانيا وقطر :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
 
 
 
 

العرب والنهضة اليابانية ../ الدكتور السيد ولد إباه

dimanche 4 septembre 2022


ظهرت كتابات عربية كثيرة تتحدث عن النهضة اليابانية من حيث كونها نموذج يحتذى للمجتمعات العربية، لتوفيقها الناجح بين الحداثة في جوانبها التقنية والاقتصادية والمؤسسية والهوية الحضارية للمجتمع الياباني.

نذك من بين هذه الكتابات أعمال مالك بن نبي وأنورعبد الملك وشارل عيساوي، ومسعود ضاهر الذي كتب مؤلفات عديدة حول التجربة اليابانية وسبل الاستفادة منها عربيا، والمؤرخ المغربي محمد أعفيف الذي تميز بكتابه عن أصول التحديث المبكر في اليابان.

عكست الكتابات العربية الجدل المنهجي المعروف في الدراسات الاجتماعية والتاريخية اليابانية والغربية بين اتجاهين متمايزين : يركز أحدهما على المعايير الأداتية في النظرللحداثة اليابانية كتطبيق ناجح للسيناريو الغربي، ويذهب ثانيهما إلى المقاربة الثقافية باستكشاف خصوصية التجربة الإيجابية من حيث المقاييس والمميزات الحضارية.

ركز أصحاب الرؤية الأولى على ما عرف بإصلاحات المايجي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر التي اعتمدت نفس مسالك التحديث الأوربي من ثورة صناعية واقتصادية ومؤسسات ليبرالية ونظام اجتماعي قائم على التنافسية والحرية وربط البلاد بمركز الهيمنة الغربي.

لقد كان شعار المايجي هو " الخروج من آسيا " ،بما تمثل في الحروب التي انتصرت فيها اليابان على الصين وكوريا وروسيا ،ضمن عملية اندماج نشط في النظام القطبي الغربي دفعت ثمنها القومية اليابانية التوسعية.

كتب الكثير في هذا المنظور عن " الحداثة اليابانية غير المكتملة أو العرجاء " حسب عبارة الكاتب الياباني ناستوم سوسكي( المتوفي ١٩١٦) ، وهي مقولة تعني تعثر التجربة اليابانية في الوصول إلى النموذج الحداثي الأوربي في محطة اكتماله. فمع أن اليابان نجحت في التحديث الاقتصادي والتقني وفي البناء المؤسسي للدولة ، إلا أنها عجزت من هذا المنطلق عن استيعاب القيم الفردية الإنسانية ولم تصل إلى مستوى " نزع القداسة عن العالم "الذي هو الخلفية المعيارية للنظم الحداثية في علاقاتها بالدين والمعتقدات الجماعية .

أما المقاربة الثقافية فتوجه الاهتمام إلى الخصوصيات الحضارية للمجتمع الياباني الذي نجح في بناء تجربة حداثية غير غربية ، تجمع بين " الروح اليابانية والتكنولوجيا الغربية "

فما يعتبر تعثرا وكبوة هو في الحقيقة منعرجا خصوصيا متفردا ، ومن هنا ضرورة إعادة النظر في إصلاحات المايجي التي أطلق عليها البعض عبارة " الحداثة المحافظة " لكونها قامت على بعث النظام الإمبراطوري المقدس وتكريس الشنتوية ديانة مدنية للدولة ،وكرست القيم العائلية التضامنية في مختلف مسارات البناء الاجتماعي والعلاقات الإنتاجية.

لم يكن التيار التنويري الياباني (bunmei kaika) علمانيا في قطيعة مع الدين والتقاليد على الطريقة الأوربية، بل اعتمد نهجا متصالحا مع التراث الروحي والحضاري الياباني وحضور مفهوم الأنوار في الإصلاح السياسي والتحديث المؤسسي .

ومن هنا ضرورة مراجعة الأطروحة التقليدية حول القطيعة بين إصلاحات المايجي وحقبة " التوكوغوا " ( من نهاية القرن السادس عشر إلى ستينيات القرن التاسع عشر ) التي كانت تعتبر فترة عزلة طوعية وانقطاع قصدي عن العالم ( sakoku). لقد بين محمد أعفيف في كتابه الهام " أصول التحديث في اليابان " أن هذه الفترة شهدت وضع الأسس والمرجعيات المكينة والمستقرة للنهضة اليابانية من أمن سياسي واجتماعي وبناء مركزي للدولة وسياسات ثقافية وتعليمية ناجعة وتطوير اقتصادي فعال .ولذا لا سبيل للفصل بين هذه الفترة التأسيسية وإصلاحات المايجي اللاحقة .

في السنوات الأخيرة طغت المقاربة الثقافية في الدراسات اليابانية، بالاتكاء على مدرسة كويوتو الفلسفية التي ارتبطت بالفيلسوف البارز " كيتارو نشيدا " ( المتوفى ١٩٤٥) . من أهم أطروحات هذه المدرسة التنبيه إلى النظرة الأنطولوجية اليابانية المختلفة عن الرؤية الغربية في تصورها للوجود والحركة والسيرورة الزمنية ( النظرة الروحية المحايثة والملتصقة بالواقع المباشروالحي وبالطبيعة ..) .

اذا كان أنورعبد الملك قد بشر بحداثة شرقية صالحة للعالم العربي في تبنيه للنموذج الياباني، فإن الاتجاه الغالب على الدراسات اليابانية في العالم العربي ( من أهمها دراسات مسعود ضاهر ) اعتبر أن سبب نجاح التجربة اليابانية وفشل تجارب النهوض العربي يكمن أساسا في إضطلاع الدولة المركزية القوية بمسارالإصلاح والتحديث الاجتماعي والمؤسسي والتفاعل الإيجابي مع العالم في حين اتسم البناء السياسي العربي بالهشاشة والضعف والتفكك والتصادم مع القوى الدولية لأسباب موضوعية .

إنما نريد أن نخلص اليه هو التنبيه إلى ثلاث خلاصات كبرى في مقارنة النهضة اليابانية بمشروع النهوض العربي :

اولا : إن النهضة اليابانية تندرج في سردية طويلة بدأت منذ القرن السادس عشر، أي أنها تزامنت مع النهضة الأوربية والحداثة الغربية المبكرة ،ومن هنا استفادت من عملية التراكم التاريخي الايجابي التي لم تتوفر للمجتمعات العربية.

ثانيا : إن النهضة اليابانية استندت إلى فكر تنويري وإصلاحي متجذر في التقاليد الحضارية والمجتمعية المحلية، دون الوعي الصدامي مع المفاهيم والقيم الغربية الحديثة التي أعيد تمثلها وانتاجها في النسق الثقافي بسلاسة وانسجام.

ثالثا : إن عملية التحديث والإصلاح التي تمت في اليابان جرت بالتفاعل والتناغم مع القوى الدولية المؤثرة . وباستثناء حالة الحرب المحدودة مع الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية التي تلتها الرعاية الأمريكية لمشروع إعادة بناء اليابان المعاصرة، نجحت اليابان في أن تكون قوة مؤثرة وفاعلة في النظام الدولي.

إن هذه المحددات هي التي تفسرتفرد ونجاح التجربة النهضوية اليابانية في مقابل قصور وإخفاق مشاريع النهوض العربي.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا