عجبا له من رئيس يرتجل في كل الأمور..حتى القضايا التى لها صلة مباشرة بمصير دولة بأسرها ومستقبل أجيال قادمة..
عجبا له كيف يفكر هذا الرجل؟
لقد فوجئ الجميع من بالتعديلات الأخيرة على الحكومة، التى استحدث فيها رئيس الجمهورية مناصب جديدة ما عرفتها الحكومات المتعاقبة منذ استقلال البلاد وحتى اليوم..حيث كانت المفاجئة الأكبر هي تعيين وزير -عجز عن إصلاح القطاع الذى كلف بتسييره-على التهذيب بمجمله جامعا له ثلاث قطاعات مهمة في وزارة واحدة، متجاهلا الانتقادات اللاذعة التى وجهها له النواب في الدورة الحالية للبرلمان.
إنها في الحقيقة تصرفات مربكة، جعلت غالبية المهتمين بإصلاح التعليم في بلادنا يخشون على هذا القطاع، ويشككون في الوعود التى أطلقها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز لإصلاحه، وانتشاله من الواقع المتردى الذي يعيش فيه اليوم.
فالمتتبع للإصلاحات المتعاقبة لنظامنا التعليمي يجد أنها كانت كلها مبنية على قاعدة "ابركماتية" بحتة مفادها هو الحصول على أكبر قدر من التمويلات مقابل التنازل عن الجدية والصرامة في إصلاح العملية التربوية.
وليس واقع التعليم الأساسي النظامي –اليوم- إلا خير دليل على ذلك، فهو التعليم الذي انهار بالكامل، نتيجة لهيمنة التعليم الثانوي عليه من جهة، ولإهمال الدولة لصيحات العارفين به من جهة أخرى.
ولا يعتبر التعليم الثانوي –هو الآخر- بالبعيد عن هذه المقاربة، فالحديث عن فساده مجرد تحصيل حاصل، فما دام التعليم الأساسي فاسد فلن تقوم للتعليم قائمة.
زد على ذلك أن تعليمنا العالى يشهد انتكاسة حقيقية في ظل وجود جامعة يتيمة لا تتوافر فيها ظروف مريحة للدراسة، أو البحث العلمي بمفهومه الحقيقي غير المزيف.
ولذا فإنه لابد أن تضع الدولة في أولوياتها إصلاح نظامنا التعليمي، وذلك بتنظيم أيام تشاورية جادة يشارك فيها الجميع من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وصحافة وفاعلين تربويين ورابطات آباء التلاميذ..لوضع استراتجية متكاملة لإصلاح هذا النظام بجميع مراحله.
ثم إنه لابد –أيضا-من الفصل بين التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والعالي، لأن التعليم الأساسي يستحق وزارة بمفرده تكون ذات استقلالية تامة، وقادرة على أخذ المبادرات التى تتعلق بإصلاح هذا القطاع الذي يعتبر هو الركيزة الأساسية لبناء الدولة وتنميتها.
أما أن نكتفي بتعيين وزير أثبت عجزه عن إصلاح القطاع الذى كان يتولى تسييره، فذلك لايكفي وليس هو المدخل لإصلاح النظام التعليمي، وإنما قد يكون محلا لفهم المثل الشعبي الشهير "غلب حطب كام أزاد".