يزعجني حقا خوف اصدقائي البيظان خصوصا من مناصرة حقوقي اعزل يتم سجنه في مفوضية للشرطة بعد اسكات صوته اثناء تتبع حادثة انتهاك لحقوق الانسان.. الغريب ان الموضوع تحول الى قضية عرقية، وقال احد المعلقين ان "بيرام عبيد غير مهم".. وقال كثيرون ما مضمونه نفس الجملة.. على فكرة اغلب هؤلاء هم من البيضان وهم نفسهم الذين يقولون ان بيرام يستحق الموت.. هذا ليس جيدا ولا يمثل فكر البيضان في عمقه ولاهو ايضا فكر المسلمين في عمقه.. ولا فكر العرب في عمقه.. ولا فكر افريقيا الطيبة باسودها وابيضها ولا فكر الانسانية المتجذرة.. !!
وينهش اليوم بعض الناس الرجل بكلامهم في غيابه وهو امر غير جيد وغير اخلاقي..
اختلف مع بيرام في كثير من القضايا وهو يعرف ذلك، وقد تحدثنا في كثير من القضايا ودارت بيننا نقاشات سواء في مكتبه عندما كان مستشارا في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان او منزله اوفي اماكن اخرى ومكاتب لصحفيين.. لكنني اعتبره مناضلا حقوقيا يعمل وفق ردة فعل وليس فعلا.. بيرام "حرطاني" حقوقي يناضل عن قضيته وفق ما يراه مناسبا مع مبادرته ونضاله وطريقته في الحياة.. بيرام ليس هو من استعبد البشر وانتهك حقوقهم وعذبهم ودمر حياتهم وعيشهم في الجهل والفقر، ويجب ان يتجاوز مجتمع البيظان قضية ان يكون القائد في كل شيئ.. طيب نحن لا يمكن ان ننتهك حقوق الناس ونرسم لهم النهج الذي يجب ان يسيروا عليه لكي تكون ردة الفعل اخلاقية.. لا يجب ان نصفع شخصا على وجهه ونحدد له كيف يصرخ.. انها الدكتاوتورية على المشاعر وهي اسوأ انواع ظلم البشر.. من وضع يده في النار لا يجب ان يغضب لانها احترقت.. لان اقرب الاحتمالات ان تتشوه يده لان هذا ما تفعله النار عادة..
اذا كان الدفاع العنيف عن حقوق الانسان جريمة.. فاسوأ منه استعباد الناس واستخدامهم بطرق غير شرعية لا دينية ولا اخلااقية ولا انسانية.. واسوأ من ذلك التكتم على الموضوع وتبسيطه.. واكثر من كل ذلك تبريره دينيا.
واذا كان مناضل حقوقي لا يمكن ان يصرخ في وجه رجال امن وهو يراهم يعتقلون الضحية ويتركون جلادها ولا يجوز له الاحتجاج مع مناضلين آخرين امام مفوضيات الشرطة فهذا بلد قمع وليس بلد عدالة.
انا شخصيا اختلف مع بيرام في كثير من الامور.. ومع امنة منت المختار في الكثير ايضا.. ومع بوبكر ولد مسعود ومع حقوقيين آخرين.. لكن اختلافي معهم لا تغذيه اي نزعة عرقية ولا خلاف طبقي، انه اختلاف على الطريقة وكيف نعالج امرا ما.. وبالتالي فهو اختلاف يسمح لي بالتضامن مع الازمات وقول الحقيقة.. ان اعتقال ناشط حقوقي معروف وعزله عن العالم هو جريمة حقيقية ومحاولة لاسكات اصوات نشطاء حقوق الانسان.. ورسالة لكل من يحاول مناصرة ضحاليا الانتهاكات بان السجن والقيود وجلادي نواكشوط بانتظاره.
ثم فيما يتعلق بالصور التي وظفتها الشرطة -بحسب المواقع الاخباريبة- نحن نعرف الشرطة في بلادنا، ونعرف انها هي نفسها الشرطة التي اعتقلت العلماء والسياسيين، هي نفسها التي اعتقلت الداعية الطيب محمد ولد سيدي يحي والشيخ محمد الحسن ولد الددو واعتقلت ايضا الزعيم السياسي احمد ولد داداه واعتقلت السياسي المعروف الشبيه ولد ماء العينين واعتقلت الصحفي المحترم حننفي ولد الدهاه.. واعتقلت رجال الاعمال الموريتانينن المعروفين لدى موريتانيا خاصة في زمن الازمات الاقتصادية.. وهذا العدد الهائل من ابناء الوطن الذين اعتقلوا وعذبوا وانتهكت حقوقهم.. لا اتعامل هنا من باب مقارنات بين اشخاص مختلفين في العمر والتجربة والقيمة.. ولكنني الافت الانتباه الة ان الشرطة عندنا عندما تريد ان تعتقل او تشوه شخصا لا يعجزها ذلك، فهي متخصصة في تكريب وانتاج وفبركة الفضائح على كل الاشخاص كل بمقاسه.
وتصديق بعضنا للشرطة ضد بيرام وتكذيبها عندما يتعلق باخرين فيه ظل وعدم انصاف.. و لا ينم عن نية حسنة عند مجتمع يعرف شرطته جيدا (يا جماعة.. صمبا يعرف دمبا) وليس من العدل ان نكذب جهة ما على الاطلاق ونصدقها على الاطلاق.. لا اتحدث هنا عن الصور بالمعنى الفني ولست متأكدا ما اذا كانت صحيحة ام لا.. لكنني اتحدث عن جهاز لا يختلف الموريتانيون على ان مصداقيته في الحضيض وليس من البريئ ان نصدقه ضد شخص لم نسمع رأيه حتى وهو معزول عن العالم في مخفر شرطة.. ربما ثقتي في القضاء اكبر من ثقتي في الشرطة.. في العالم عندما يعلم مواطنون ان الشرطة قريبة من مكان ما يبدو على اساريرهم الفرح والسعادة لانهم يعرون انها ستوفر لهم الامن والحماية.. وعندما لا يكاد المرء يلفظ كلمة بوليس حتى يضع الرجال والنساء المحترمون احذيتهم في ايديهم ويتخذون اي وجهة ويستمرون في الجري باسرع ما يمكنهم ذلك.
كونوا منصفين يا عالم.. ولا تمارسوا ثقافة النهش على من يخالفكم الفكرة.. ضعوا الموضوعية اولا ولا تضبيعوا في الطبقية والعرقية وتصفية الحسابات.
شخصيا اندد باعتقال بيرام.. واعتبره اعتداء على ناشط حقوقي اثناء كشفه لحالة رق.. واطالب باطلاق سراحه في اسرع وقت ممكن وان تشعر الشرطة الوطنية بمزيد من الاحترام للمناضلين الحقوقيين.
هذ المقال ينشر بالتزامن مع نشره علي صفحة الربيع علي الفيس بوك