نص مقابلة السفير الموريتاني بالسنيغال :|: وزير : تكلفة الكهرباء تبلغ 7 أضعاف ما يدفعه الصينيون :|: اسبانيا : تفكيك عصابة لسرقة وتهريب السيارات إلى موريتانيا :|: وصول الرئيس السنيغالي إلى انواكشوط :|: الرئيس السنيغالي يؤدي زيارة لموريتانيا :|: الناطق الرسمي :اختيار الرئيس السنيغالي زيارة موريتانيا رسالة خاصة :|: مجلس الوزراء : تعيينات في عدة قطاعات "بيان" :|: وزيرالمالية يستعرض الوضعية الاقتصادية لموريتانيا :|: صندوق النقد : الاقتصاد الموريتاني سيسجل نموا بـ 5.1 % :|: الناطق الرسمي :حدودنا مع مالي مضطربة :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
ثلاث وفيات في حادث سير لسيارة تهرب ذهبا
 
 
 
 

بنواكشوط :مسجد أسامة قلعة مقاومة للتطبيع والتطرف

lundi 16 août 2010


لا تتميز مساجد موريتانيا غالباً بثراء فنها المعماري، وذلك عائد إلى نظرة الموريتانيين أنفسهم المتحفظة تجاه الفن عموماً والفن المعماري خصوصاً في المساجد التي يرى بعض الموريتانيين أن زخرفتها تشغل المصلين والمتعبدين عن التركيز على عباداتهم، وعن الصفاء الروحي المطلوب في المسجد بالذات .

رغم أن الخلاف حول الجانب الفني للمسجد تم تجاوزه في موريتانيا من طرف العامة والخاصة، إلا أن أغلبية المساجد لا تزال ضمن النسق البنائي التقليدي بحيث لا يميز المسجد سوى منارته .

ولهذا لا يعكس الشكل المعماري للمساجد بتاتاً دورها في موريتانيا، فالمظهر العادي للمسجد لا يعبر عن دوره بالضرورة ولا عن مدى خدماته الدعوية والإصلاحية التي يقدمها للمجتمع وللأمة .

ولعل خير مثال على ذلك “مسجد أسامة” في مقاطعة “عرفات”، كبرى مقاطعات العاصمة نواكشوط، فقد أدى هذا المسجد دوراً محورياً في حياة الموريتانيين، بل في توجه الدولة والمجتمع .

أسس هذا المسجد من طرف العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، وقد ورث هذا المسجد دور “مسجد الذكر” بحي تنسويلم، المشهور ب”منبر الخميس” في التسعينات من القرن الماضي، بل وأصبح هذا المسجد مركز إشعاع علمياً ودعوياً لا نظير له في البلاد .

يقع المسجد في حي شعبي، وفي وسط المقاطعة، ويتكون مبناه من طابقين، الأرضي ويضم قاعة الصلاة الكبرى التي يتربع فيها المنبر، والطابق العلوي، وأصبح مخصصاً لصلاة النساء عند الحاجة، كما يشمل المسجد العديد من الغرف الأخرى المخصصة للإمام والمؤذن، وغرفة للطهارة، بينما تشكل الممرات الداخلية وحتى المساحات المجاورة مكاناً إضافياً للمصلين الذين يضيق بهم المسجد غالباً .

وألحقت بالمسجد منذ البداية مدرسة دينية لتعلم القرآن الكريم وعلومه، وعلوم الشريعة الإسلامية واللغة العربية، كما يعتبر المسجد مقصداً للمواطنين الذين يستفتون في أمور دينهم ودنياهم، وخاصة في المسائل العويصة .

مركز تكوين العلماء

ولتوسيع خدمات المسجد أنجزت داخل محيطه بنايات كبيرة لمجمع علمي كبير وفريد من نوعه في البلاد، يقوم بدور التكوين اللازم للعلماء الشبان حديثي التخرج .

ذلك هو “مركز تكوين العلماء” في موريتانيا، والذي تكفي شروط دخوله للدلالة على المكانة العلمية الرفيعة التي يوفرها هذا المركز .

وهناك طرفة وقعت إبان نشر شروط الالتحاق بمركز تكوين العلماء في وسائل إعلام موريتانية، حيث اشترط الإعلان أن يكون المتقدم للدراسة في المركز حافظاً للقرآن الكريم بروايتين على الأقل، وفقيهاً وضليعاً باللغة، وغير ذلك، فتساءل أحد الدعاة الموريتانيين ما إذا كانت هذه شروط الدخول أم شروط التخرج .

فتوى أغضبت الرئيس

ودور هذا المسجد لا يقاس بالسنين وإنما بحجم الخدمة والهدف الذي يتحقق . فمن “مسجد أسامة” دشن الموريتانيون عهداً جديداً عبر الفتاوى التي ضربت في الصميم خدمة لقضايا الأمة . من هذا المسجد شهدت مقاومة التطبيع في موريتانيا نقلة نوعية، مع نهاية التسعينات وبداية الألفية الجديدة، وكان نظام ولد الطايع قد تجاوز كل حد في تحديه لمشاعر الموريتانيين، حيث تبجح بعلاقاته مع “الكيان” الصهيوني، والأخطر أنه حاول تشريع العلاقات مع “إسرائيل”، معتمداً على “فتاوى الطلب” .

لكن الأمر أخذ منحى جديداً، بعد الفتوى الشهيرة التي أصدرها إمام مسجد أسامة العلامة محمد الحسن ولد الددو، والتي حرم فيها إقامة علاقات مع “إسرائيل”، واعتمد في فتواه على ما لا يمكن إنكاره من نص القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف .

أغضبت هذه الفتوى نظام الرئيس معاوية ولد الطايع، خاصة بعد أن وقع عليها كبار العلماء الموريتانيين، المشهود لهم بالضلوع في العلم والصلاح، والذين لا يمكن المساس بمكانتهم علمياً واجتماعياً من أمثال المرحوم العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود، والعالمين الكبيرين الحاج ولد فحفو ومحمد فال ولد عبدالله ولد أباه، وغيرهم علماء كثيرون يمثلون صفوة علماء البلاد .

وأمام هذا التحدي، قام ولد الطايع بحرب إعلامية وسياسية طاحنة ضد العلامة ولد الددو، مصدر الفتوى، وحاولت الآلة الإعلامية لولد الطايع الزج بالعلامة ولد الددو في خانة التطرف، بل وفتح جبهات ضده تروج أنه ضد المذهب المالكي الذي يدين سكان البلاد به، وضد الحركات الصوفية التي لها امتدادات مؤثرة في موريتانيا وفي الساحل الإفريقي . ولم يكتف النظام بذلك، بل وقام بزج الإمام ولد الددو في السجن مرات عدة .

وبعد هذه الفتوى وما تبعها من تطورات أصبح المسجد رمزاً علمياً كبيراً ضد التطبيع، بل وأصبح وجهة أكبر التظاهرات والأنشطة المؤيدة للقضية الفلسطينية، والمهرجانات التي شهدتها البلاد ضد العلاقات مع “الكيان الصهيوني” .

كما ظلت خطب هذا المسجد تحث على وجوب نصرة المقاومة ضد الاحتلال والهيمنة الإمبريالية على بلاد المسلمين، وعزز هذا الدور بمحاضرات ودروس توعوية ودعوية، مقدمة من طرف علماء ودعاة ومفكرين وزعماء سياسيين، بلورت وأطّرت بشكل كبير وعي الموريتانيين حول العديد من القضايا المعاصرة المعاشة . ومن أهمها طبيعة الصراع بين الأمة العربية والإسلامية والكيان الصهيوني .

ومما لا شك فيه أن “مسجد أسامة” كان من أبرز مساجد موريتانيا المقاومة للتطبيع، ولعب دوراً رئيساً في تعبئة الجمهور الموريتاني ضد العلاقات مع الكيان الصهيوني التي انتهى مصيرها رسمياً سنة 2009 بطرد سفارة “الكيان” من نواكشوط .

دور سياسي مؤثر

الجبهة الأخرى المهمة التي أدى فيها هذا المسجد دوراً كبيراً، يمكن فهمها عند العودة لواقع الساحة الموريتانية خلال التسعينات وبداية القرن الحالي .

فقد دخلت موريتانيا سنة ،2000 وهي تعاني من شرخ كبير بين الجماعات الدينية أو التوجهات الفكرية والعقدية بتعبير أدق . إذ تفرق الموريتانيون إلى ناكر للعملية السياسية برمتها ومن اعتبر الديمقراطية شراً مستطيراً وتقليداً غربياً لغزو الأمم والتغلب عليها، واعتزل على إثر ذلك الحياة السياسية، وتزامن ذلك مع انطلاقة التيار السلفي الجهادي، حيث دشن العنف والغلو مساره في قلوب عشرات الشباب الذين لم يعرفوا الطريقة المثلى لتسيير عاطفتهم الدينية على هدى من ضرورات وممكنات العصر .

وهنا كان لمسجد أسامة عبر إمامه العلامة محمد الحسن ولد الددو دور مؤثر مرة أخرى عبر فتواه الأخرى الشهيرة التي أوجبت على جميع المواطنين المشاركة في الحياة السياسية السلمية عبر الانتخابات واختيار أفضل من يرونه صالحا لقيادة البلد . وصدرت الفتوى قبيل الانتخابات الرئاسية ،2003 ما أعطاها زخماً كبيراً، ودفع بالآلاف الذين كانوا ينوون مقاطعة العملية السياسية إلى المشاركة فيها عبر المشاركة في الانتخابات .

وبدا أن “مسجد أسامة” يؤدي دوراً بالغ الأهمية في حياة الموريتانيين، وخرج بذلك إلى الدور المفترض للمسجد في الحياة العامة للناس والأمة، خاصة بعد أن ظهر أن الفتوى الموجبة للمشاركة في الانتخابات لم تكن إلا مقدمة لحرب فكرية هادئة ضد الغلو والتطرف في المجتمع الموريتاني . وهو ما كان له نتائج كبيرة مع قناعة الأغلبية المطلقة من المواطنين الموريتانيين اليوم، وبغض النظر عن تخندقهم المذهبي أو التأويلي، بضرورة انتهاج الوسطية والبعد عن التطرف وفق التعبير المأثور “ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا” .

لقد أدى “مسجد أسامة” دوراً كبيراً، عبر الدروس، والمحاضرات، والخطب، في محاربة الغلو في الدين والتطرف في فهم النصوص المقدسة . ومن بين جنباته تمكن آلاف الموريتانيين من الاقتراب من الفهم الصحيح للإسلام ودور الإسلام في هذا العصر، وفهم أفضل الآليات لمعايشة القضايا الإسلامية المعاصرة .

وهذا الدور “مسجد أسامة” جعل العشرات من الموريتانيين يأتون كل جمعة من أماكن بعيدة للصلاة في هذا المسجد والاستمتاع بالخطب البليغة التي تلقى فيه، كذلك حضور جلسات الاستشفاء بالاستماع للقرآن الكريم والأدعية المأخوذة من السنة النبوية الخالدة .

ولعل اللافت في هذا المسجد دون غيره من مساجد نواكشوط، هو الحضور النسوي المؤثر للأنشطة التي تقام في المسجد من صلاة وأنشطة دعوية وتوعوية، إذ يتميز هذا المسجد بحضور كبير للنساء من مختلف الأعمار، وربما يكون ذلك عائداً إلى حرص مؤسس المسجد على مشاركة فاعلة للمرأة المسلمة في حياة مجتمعها وأمتها .

نقلا عن الخليج الاماراتية

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا