بحث التحضيرللرئاسيات مع الامم المتحدة والاتحاد الأروبي :|: السيدة لأولى تنظم حفل إفطارلمجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة :|: النيابة العامة تستأنف الحكم في قضية قتل الصوفي :|: حزب التكتل يدين سجن ولد غده :|: مواعيد الافطارليو م18 رمضان بعموم البلاد :|: وزيرالدفاع وقائد الاركان بزويرات ..قبل زيارة الرئيس :|: منظمة الشفافية تندد باعتقال رئيسها وتطالب بإطلاق سراحه :|: تكوين لمفوضي وضباط الشرطة حول القوانين المجرمة للعبودية :|: منظمة الشفافية تندد باعتقال رئيسها :|: اتفاق مع شركات عربية لاستغلال حقلي "باندا" و "تفت" للغاز :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

الموعد الأنسب لممارسة الرياضة في رمضان
من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
تعيينات هامة في قناة الموريتانية
الاعلان المشترك : شراكة استراتيجية تؤسس لعلاقة جديدة *
توقيف لصوص سرقوا 60 مليون أوقية من شركة بنواكشوط
الوجيه والسياسي عبد الحي ولد محمد لغظف يطالب من مقاطعة تامشكط بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية
ما أقصروأطول ساعات الصيام في رمضان 2024/1445؟
دولتان عربيتان بين أكبرمنتجي ومصدري الطماطم عالميا
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
 
 
 
 

من واقع الحياة : دموع كاتب على موت "عمود صحفي"

dimanche 16 mai 2010


في إحدى سنواتي الدراسية بالخارج كنا في مجلس جمعنا كأصدقاء نتجاذب أطراف الحديث ونتحسر على أيام جميلة ولحظات ممتعة في صغرنا ولت وقتها إلى غير رجعة... فجأة تدخل أحد الأصدقاء وقال :"من أكثر اللحظات التي عشتها تأثيرا هنا هي عندما قرأت قصيدة طريفة لصديقنا فلان " لم يكن موجودا" رثا فيها جهاز تلفزيون عتيق كنا نستخدمه للتسلية "كان ذلك في بداية التسعينات". ثم أردف قائلا :" لقد رثاه بقصيدة عندما تقرؤها تلمس فيها صدق الإحساس وقوة التأثير ومتانة الروابط التي جمعته بهذا الجهاز حتى تتخيل كأن القصيدة قد كتبها في رثاء أمه".

مناسبة هذا الحديث طبعا ليست كتابة مرثية في عزيز أو صديق من البشر وإنما تقليد صديقي السابق ولكن في كتابة نص نثري ابكي من خلاله زاوية صحفية رافقتني خلال الفترة الأولى من مشواري الصحفي المتواضع في الصحافة المكتوبة (مارس2002- يوليو2006).

هذه الزاوية "العمود الصحفي" كنت شغوفا بها لدرجة الوله ليس لأنها ربما من أكثر المقالات الصحفية إبداعا" يقول الفرنسيون :"الكاتب يكتب والقارئ يقيم" ولكن لأنها أول ما سطرته أناملي في مهنتي التي أحبها وأعيش لها ومن اجلها التي تعرف ب" مهنة المتاعب" لدى من لا يدركون أسرارها ومكامن المتعة فيها وغرائب الصدف فيها وجديد الاكتشافات فيها".

لقد رافقتني تلك الزاوية خلال6 سنوات كانت حافلة بالكثير من الأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد, أبكي تلك الزاوية لأنها كانت بمثابة مرآة تعكس لي صورة الواقع الحقيقي للبلد "دون رتوش"، وقتها لم تكن الصحف اليومية قد وجدت أحرى أن تعصف ب"مقالات الرأي لصالح التخمة بالسياسة كما نعيشها اليوم في صحفنا اليومية التي لا تكاد تجد فيها مقال رأي غير مشبع بالسياسة وملحقاتها إن لم تكن الوطنية فالإقليمية العربية "قضايا مثل فلسطين والعراق..." كما كانت بعض الزوايا تحلق في سماء الفكر والأدب والتنظير بلغة لا يفهمها إلا الراسخون في تلك العلوم "لغة الصحافة لا تحتمل التعقيد اللفظي والمعنوي كما لا تتحمل الابتذال بالقابل".

كانت تلك الزاوية أسبوعية نظريا ولكن في النهاية يبقى الحكم في تحديد الصدور خاضعا لاعتبارات أخرى :إيجاد التمويل لطباعة العدد وسحبه وإخراجه من ناحية ومدى جاهزية المطبعة الوطنية العتيقة التجهيزات وقتها من ناحية أخرى، بالإضافة إلى تيسر الظروف الدنيا للعمل في إعداد الجريدة "كانت مصادر التمويل شحيحة وأجهزة المعلوماتية ضعيفة وقليلة العدد والصيانة صعبة ومخزن المادة الجاهزة "للقص والتركيب" اليوم "الانترنت" غير متاح" بصورة كبيرة.

وفي ظروف العمل القاسية تلك وتقلب الطقس السياسي في تلك الفترة وإصابة جمهور القراء بإدمان السياسة وانعدام دورية الصدور بشكل مهني- في الغالب "أسبوعيا" وقلة قراء ا الجرائد وقتها وضيق مساحة التوزيع- رغم كل ذلك فقد سارت قافلة العمود الصحفي" نبض الحياة" طيلة خمس سنوات وضع فيها هموم المواطن البسيط تحت ضوء الحقيقة الكاشف بكل حياد وموضوعية ومهنية لا تلومه في الله لومة لائم ولا يسعى من وراء ذلك لأكثر من نيل رضى القارئ وبسط واقعه بكل جرأة ومصداقية لعل وعسى أن "تعيها إذن واعية" خاصة من طرف المسؤولين عنه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" .

وعلى سبيل المثال بقيت عناوين ثابتة على جدار الذاكرة منها "متى يشفى قطاع الصحة؟متى يزور الرئيس العاصمة انواكشوط؟ الأسعار في موريتانيا وأحجية الصعود، التعليم في موريتانيا :من ينقذه؟ النقل في موريتانيا وأسئلة الواقع".

لم تتطرق تلك الزاوية إلى أي موضوع سياسي في تلم الفترة ليس لعجزها وإنما لأن السياسة في تلك الفترة ملغومة بأكثر من مسرح متفجر"تخدم النظام والقبيلة والجهة" بينما لا يجد المواطن المسكين من ينافح عن همومه ويشاركه أتراحه الكثيرة التي تقطع قلبه مع فجر كل يوم جديد.

واليوم "أتذكر ذلك العمود الصحفي" الذي وافته المنية بعد مرض عضال قبل 4 سنوات وخلفني وحيدا مهيض الجناح رغم أني لا استطيع رؤية الواقع الحقيقي للمواطن إلا في مرآته الصقيلة".

لم يجد من يرغب في نشره من الصحف الأسبوعية التي انصرفت في معظمها لتخصيص مساحة الرأي للفضائح على نهج " الصحافة الصفراء" ولا في الصحف اليومية التي لا ترغب في كتاب رأي لا يخدمون السياسة أو الايديولوجيا ويؤمنون بأن "رسالة الصحافة هي من المواطن البسيط واليه، وان قيمتها تتجلي في "أنك كلما كنت مفيدا للناس زاد قدرك"، وأن الذين طبقت شهرتهم الآفاق في المهنة أحرزوا ذلك بالتزام أمرين :النزول من البرج العاجي إلى واقع المواطن البسيط مع التحلي بالمهنية العالية في الكتابة والمعالجة من جهة وكسب ثقة الجمهور من خلال الاتصاف بالأخلاق العالية من جهة أخرى.

لم ولن أنساك يا "نبض الحياة "حتى ولو مضت حقب طويلة ، لن أنساك حتى ولو تسلى ذوو الفقيد بعد طول وقت على فاجعة موته.

رحمك الله ولتهنأ في قبر النسيان ومصادرة الرأي لصالح السياسة ودعائي لك : "ليهنك الله ويتقبل منا ومنك صالح الأعمال ويدخلك فسيح جنانه بما كشفت من واقع وعريت من خبايا ذلك المواطن الموريتاني البسيط في زمن عمى الألوان".

سوف تذكرك أناملي دوما ويترحم عليك من رافقوك خلال تلك الفترة من تاريخ الصحافة البلد .

(خاص للحصاد)

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا