أمريكا تثمن التزام موريتانيا بمعالجة الهجرة غير النظامية :|: الداخلية تحدد ممرات للمسافرين إلى مالي :|: غريب : العزوبية.. تعجّل بالشيخوخة !! :|: إسكوا :حالة من عدم اليقين تلف كل الاقتصادات :|: شخصية جديدة تعلن ترشحها للرئاسيات :|: بحث التحضيرللرئاسيات مع الامم المتحدة والاتحاد الأروبي :|: السيدة لأولى تنظم حفل إفطارلمجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة :|: النيابة العامة تستأنف الحكم في قضية قتل الصوفي :|: حزب التكتل يدين سجن ولد غده :|: مواعيد الافطارليو م18 رمضان بعموم البلاد :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

الموعد الأنسب لممارسة الرياضة في رمضان
من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
تعيينات هامة في قناة الموريتانية
الاعلان المشترك : شراكة استراتيجية تؤسس لعلاقة جديدة *
توقيف لصوص سرقوا 60 مليون أوقية من شركة بنواكشوط
الوجيه والسياسي عبد الحي ولد محمد لغظف يطالب من مقاطعة تامشكط بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية
ما أقصروأطول ساعات الصيام في رمضان 2024/1445؟
دولتان عربيتان بين أكبرمنتجي ومصدري الطماطم عالميا
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
 
 
 
 

موريتانيا في أحضان آسيا الإسلامية مطارحة للهوى .. أم تبادل للمصالح ..! ؟

mercredi 10 février 2010


* يحيى ولد البيضاوي

تبدو زيارة الرئيس الموريتاني الأخيرة لبعض دول آسيا الإسلامية كأنها تسعى لتدشين مرحلة جديدة من تاريخ الدبلوماسية الموريتانية لم تكن مألوفة حتى تربّعه على العرش ، فلم يُعرف عن قادتنا الأوّل اهتماماتهم خارج محيطهم الإقليمي كثيرا ، وإن خرجوا عن تلك الدائرة الضيقة وقفزوا في الهواء عاليا حَطُّوا رحالهم في أحضان الصين باعتبار أن لها علاقات تاريخية اتسمت بقدر من الحضور الفعلي والمتميز لدى الشعب الموريتاني .

أما وأن يطير السيد الرئيس هذه المرة متجها صوب بعض الدول التي لم يكن بيننا وإياها علاقات في السابق وتفصلنا معها "أبحرٌ وجبال" ، بل وبعض هذه الدول غير مرحب به لدى القوى العظمى بما فيها فرنسا ـ راعية المستعمرات الفرانكفونية ـ إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول التي باتت توجه بوصلة الدبلوماسية لكثير من دول العالم الثالث ..! فإن الأمر يستحق أن ينال قدرا من القراءة التحليلية الجادة عسى أن نفهم دوافع تلك الزيارة و الخط الدبلوماسي الجديد الذي تسعى لتعبيده أمام الدبلوماسية الموريتانية مستقبلا ...

وبحكم بعدي عن الواقع السياسي الموريتاني وعدم تعرفي على المقربين من الرجل الذين قد يشيرون عليه بأخذ مثل هذه المبادرات ذات الأهمية العالية فإنني سأقف عن تحديد الجهات الداخلية التي قد يكون لها الفضل في توجيه سيادته في ذلك الاتجاه ؛ حيث جرت العادة أن تكون السياسات الناجحة ليست من صنع شخص وإنما هي من صنع فريق متخصص متكامل يسهر على وضع خطط مدروسة تخدم سياسة البلد ومصالحه واستراتيجياته الإقليمية والدولية ولن يكون ذلك بعيدا عن ذهن القيادة في موريتانيا.

لكن الذي أود أن أتناوله هنا أن هذه الزيارة بدت على قدر من الأهمية في الداخل والخارج لا يمكن تقديرها إلا من طرف المختصين الذين يدركون كنه الواقع المعقد في البلد حيث تترصّده نذر الإرهاب الدولي ويحيط به واقع من الفقر وسوء التنمية أفرزته السنون الخوالي بات يشكل عبئاً حقيقيا يطحن الفرد الموريتاني طحنا على كافة الأصعدة .

بالإضافة إلى ما تمارسه المعارضة من تثبيط وفَتٍّ في العضد ... إذ لم تكن تلك المعارضة على مستوى الحدث المتجدّد على الساحة الوطنية ولم تتجاوز عقدتها التقليدية متمثّلة في الشعارات المتجاوزة وعشية خطابها الوطني وانشغالها بالمهاترات الكلامية التي لا تقدم ولا تؤخر . والتي قد يدفعها فشلها الذر يع ـ حسب رأي البعض ـ إلى التموضع في جبهات داخلية وخارجية ليست الأولوية فيها لمصلحة البد .

إن واقع البلد قد بدأت معالمه تتحدد فعلا منذ فجر السادس من أغسطس عام 2008 عندما قررت القيادة الحالية أن تتخذ زمام المبادرة وتُخاطر ليس بذواتها فحسب بل وتخاطر بوطن كَسيحٍ غيرِ قادرٍ على النهوض ربما لعلمها أن المبادرة ـ كما يقال ـ سرُّ النجاح وأن الحالة التي يعيشها البلد لن تفضي إلا إلى الأسوأ من كوارث طبيعية ومجاعات وحروب واقتتال على موارد كان يمكن أن تتولى الدولة تسييرها بشفافية وبعدالة أكثر لو امتلكت الأهلية لذلك .

لقد تأسس التوجه العام لذلك العهد واتضحت معالمه الكبرى يومئذ وأدرك الجميع أنه يستهدف انتشال البلد من هاوية الضياع التي ألفها عقودا متتالية وأن الفقراء والضعاف باتوا أولوية الأولويات ومن ذلك الحين بدأت اهتمامات الناس من الضعفاء والمساكين والطبقات المسحوقة تتوجه صوب الخطاب الجديد الذي قد اقترن القول لديه بالممارسة وحينها انسحب البساط من تحت المعارضة .

وأفرغت هذه الأخيرة من مضمونها فعلا و باتت غير قادرة على أن تجذب اهتمام الشعب ممن كان تحت لوائها ذاتَ مرّة وفي حلفها حتى الأمس القريب .

وجاءت الانتخابات الأخيرة لتؤكد ذلك حيث زكت ذلك التوجه على حساب غيره ، وانطلق العهد الجديد في حماية المال العام وموارد البلد وانكفأ على الداخل لوضع سياسات تنموية حقيقية غير مفبركة ـ كما هو حال عهودنا الفارطة ـ نالت إعجاب كافة الطبقات المسحوقة والشرائح المبتلاة المحرومة ، فكان من نتائج ذلك التوجه داخليا أن انشطرت المعارضة نصفين نصف واصل في ترديد شعارات ممجوجة خالية من أي معنى يترنح يمينا وشمالا تدفعه العصبية السياسية المقيتة وتغذي غَـيَّه مواقفُه الخاسرة حينا بعد آخر.

ونصف آخر انخرط في المولاة بعد أن وجد نفسه بدون مبررات الانفراد والانعزال عن الحدث إضافة إلى أنه يعاني أصلا من سوء فهم من طرف إخوانه في الساحة الوطنية والإقليمية ، وقد تعقّل كثيرا ـ هذه المرّة ـ فقرّر الانجراف تحت لواء المولاة حتى تبقى منه باقية . علما أن اضمحلال المعارضة ليس في صالح أي نظام ديمقراطي حقيقي .

ولن يكون غيابها يخدم التنمية والبناء، إلا أنه ينبغي أن تكون تلك المعارضة معارضة جادة قادرة على خلق مناخ تكاملي يسعى لخدمة الوطن ، من غير أن تكون الأولوية لخدمة مواقعها في إطار الاصطفاف التقليدي على حساب المصلحة العليا للوطن .

وتأتي الزيارة الأخيرة لتركيا وإيران لتضيف مكاسب جديدة على ما تحقق في الداخل فتربط موريتانيا حاضرها بماضيها وتأسس لعلاقات وثيقة مع جهات كثيرا ما توصف بأنها دول مبدئية أي أن المبادئ لا تخضع في فلسفتها للمنافع ، وهي رسالة داخلية وخارجية في آن واحد :

فهي رسالة داخلية تقول إننا كقيادة وطنية قادرون على أن نُذكّر الشعب بامتداداته الحضارية وأن نخلق أرضية جديدة تتعانق فيها المبادئ والمصالح دون أن نشعر بالحرج أو نتهم بركود فكري أو الْتواء في خلق أو غُلوّ في معتقد ، وتؤكد كذلك أن قرار القيادة ينبع من إرادتها،وليست تمليه مصادر التوجيه والتحكم من بعد كما جرت بذلك العادة في معظم الدول النامية .

والرسالة الخارجية موجهة إلى أوروبا التي تحفظّت كثيرا على المرحلة الانتقالية وقصرت يدها تجاه موريتانيا وتعنتت في وجه قادة تلك المرحلة... ومفادها أننا قادرون على أن نتخذ مبادرات جريئة نغازل من خلالها بعضَ الأنظمة التي لا تصفونها بالطيّعَةِ، بل قد نعمل على إيجاد مجال حَيويٍّ للتعاون والإنماء يمتد خارج الإطار التقليدي الذي ترسمه القوى الاقتصادية الكبرى وتشترط الإذعان لأهدافه قبل بدء أيّ نوع من التعاون معها ، وهذا ما قد يجعل الآلة الاقتصادية الأوروبية تتحرك لتلافي أي تقارب حقيقي بين تلك الأطراف .

ثم هي رسالة بالأساس إلى محيطنا الإقليمي والعربي مفادها أننا قادرون على أن نوجد بدائل عندما نشعر بالجفاء من طرف إخواننا في الدم والتاريخ والمعتقد ويمنون علينا باستثمارات أموال باتت عرضة للضياع في بنوك الغير تخسر إن خسرت أسواقه وإن ربحت تربح في محيط الغير ليستفيد منها الغير أولا وقبل كل شيء .

إن الواقع العربي كما يقول عنه أحد الكتاب : أسوأ مما هو معلن ، فلقد انتهى عهد الحياء والحشمة حيث كانت بعض الأقطار الغنية في عالمنا العربي تتعامل بقدر من الحياء مع بعض الأقطار الضعيفة ، ولم يعد في هذه الواقع المعاش ما يتمّ الخجل منه فلا أحد في ذلك الواقع المنحط والمتآكل أحسن من الآخر .

ولنتذكر أزمتنا الأخيرة حيث حاصرتنا القوى المتكبرة فحرمتنا من "سخائها " المشبوه، وأحاطت بنا دوائر التأزم المالي والسياسي والاقتصادي إذ صادفت تلك المرحلة ـ آنذاك ـ غلاءً في الطاقة وشحا في مصادر الغذاء العالمي انتهى ذلك كله في أزمة مالية عالمية قصمت ظهر أبطال الإنتاج العالمي ، كل ذلك مر وإخواننا في عالمنا العربي يتفرجون علينا ،وكأننا من كواكب غريبة لا نستحق شفقة ولا رحمة ؟

وهنا أود مرة أخرى أن أشيد بدور دولة قطر في تلك الفترة حيث كانت حاضرة غير هيابة ولا خائفة ، إضافة إلى دور المغرب والسنغال كجارين عزيزين وقفا معنا في محننا الداخلية " فطوبى لهم وحسن مآب ".

إن زيارة السيد رئيس الجمهورية لهذين البلدين تأتي في سياق طموحات القيادة التي تسعى لكسب تجارب نافعة وخلق بيئات إستراتيجية تخدم توجهات البلد دون اشتراطات معيقة أو إملاءات محبطة . فلدى هاتين الدولتين ما تقدمانه – حقيقة - لموريتانيا في المجال العلمي والاقتصادي والسياسي... إضافة إلى أن كل السياسات في عالمنا الإسلامي المعاصر قد خَلَت من الفضيلة وشذت عن المبدئية ولم يحافظ على ذلك الخطّ إلا دول قليلة في أولها تركيا العدالة والتنمية ومن بعدها إيران .

لقد باتت تلك المواقف جلية – كالشمس في قائلة النهار- تجاه قضايا أمتنا المركزية وفي أثناء أزماتها الكبرى . فتركيا مثلا تعتبر دولة ذات وزن عالمي وهي دولة صناعية وتجارية في غاية الأهمية وتحتل موقعا استراتيجيا في الحاضر والتاريخ بوأها مكانة دولية مرموقة ، كما أن إيران أيضا دولة صناعية فتية معتبرة استطاعت أن تعتمد على قواها الداخلية في وجه حصار الأعداء وظلم الأقارب المتواصل بل لقد استطاعت أن تجعل من نفسها أهم دولة في محيطها الإقليمي ، وهي فعلا قوة عسكرية وصناعية وتجارية غاية في الأهمية .

ويمكن أن تستفيد موريتانيا من هذين السوقين الكبيرين – أيضا- تجاريا واقتصاديا حيث تزخر مواردنا بما يمكن أن يقدم لهما من حديد ونحاس وسمك ... كما يمكن أن نستفيد من خبرة إيران في مجال استخراج النفط والغاز . وقوتنا الشرائية المتواضعة جعلتنا ننكمش في الفترات الأخيرة على المنتجات المستهلكة في أوروبا، في كثير من المجالات، لقربها منا ولأن هذه الأخيرة تسعى إلى التخلص من زبالاتها الصناعية بأي ثمن فكانت أسواقنا تتلقف كل ما يأفكون من سيارات مستهلكة وآليات يتم إعادة تأهيلها بعد انتهاء عمرها الافتراضي في بلدان أوروبية مما أصبح يهدد بيئتا بالتلوث الخطير.

وفي هاتين الدولتين صناعات متطورة قد تكون بأسعار معقولة تتلاءم مع قوتنا الشرائية؛ ففي إيران مثلا مصانع للسيارات والمركبات والآلات الميكانيكية والالكترونية بحاجة إلى أسواق في ظل الحصار المفروض عليها ويمكن أن تجد في أسواق موريتانيا متنفسا لها بل وبوابة مفتوحة على أسواق إفريقيا الغربية التي تربطنا معها أكثر من علاقة وكذلك الحال في تركيا أيضا .

ويبقى على القيادة الوطنية أن تلعب دور الحجر والنحات في آن واحد تجاه هذين القطرين وبالذات تجاه إيران لتعمل على تلطيف سلوكها تجاه ذوي القرابة والرحم في منطقة الخليج وتحثها على نشر المحبة والتعاون وأن لا يظل هاجسها الأول نشر أفكار معينة غير مرحب بها في محيطها الإقليمي والعربي بالذات ، بل على القيادة أن تقوم بمبادرات جادة تسعى من خلالها للم الشمل ورأب الصدع بين فارس ويَعْرب خدمةً للدين والدنيا ، وحينها تكون قد ضربت سِربَ عصافير بحجر واحد .

* كاتب موريتاني مقيم في السعودية
Elbeydawi@gmail.com

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا