قفزت أسعار النفطـ اليوم الاثنين، بعدما فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية على كندا والمكسيك والصين، الأمر الذي يثير مخاوف من حرب تجارية واضطراب إمدادات الخام من اثنين من كبار الموردين للولايات المتحدة، لكن توقعات انخفاض الطلب على الوقود حدت من المكاسب. كما تترقب الأسواق نتائج اجتماعات تحالف أوبك+ المقررة اليوم.
وبحلول الساعة 00.42 بتوقيت غرينتش، صعد خام غرب تكساس الأميركي الوسيط 2% أو 1.44 دولار إلى 73.97 دولارا للبرميل، بعدما بلغ أعلى مستوى في أسبوع هو 75.18 دولارا في وقت سابق من الجلسة. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 0.8%، أو ما يعادل 62 سنتا، إلى 77.34 دولارا للبرميل.
وأصدر ترامب، يوم السبت، أمرا بفرض رسوم جمركية كبيرة على السلع الواردة من المكسيك وكندا والصين، ليشعل بذلك حربا تجارية قد تقوض النمو العالمي وتؤجج التضخم. وقال مسؤولون بالبيت الأبيض إن منتجات الطاقة الكندية فحسب ستفرض عليها رسوم جمركية بنسبة 10%، في حين ستخضع واردات الطاقة المكسيكية لرسوم جمركية كاملة نسبتها 25 %. وقال أماربريت سينغ، المحلل في باركليز، في مذكرة، إن "الموقف المرن نسبيا من واردات الطاقة الكندية ينبع على الأرجح من الحذر".
وأضاف أن " الرسوم الجمركية ستؤثر على واردات الطاقة الكندية سلبا على أسواق الطاقة المحلية أكثر من واردات الطاقة المكسيكية، بل وقد يكون لها تأثير عكس على أحد أهم أهداف الرئيس وهو خفض تكاليف الطاقة". ووفقا لوزارة الطاقة الأميركية، كندا والمكسيك هما أهم مصدرين لواردات الخام الأميركية، ويشكلان معا نحو ربع النفط الذي تحوله المصافي الأميركية إلى منتجات وقود مثل البنزين ووقود التدفئة.
وذكرت مصادر في القطاع أن الرسوم الجمركية سترفع التكاليف على درجات الخام الأميركي الأثقل التي تحتاجها المصافي الأميركية لتحقيق الإنتاج الأمثل، الأمر الذي يخفض أرباحها ومن المحتمل أن يؤدي إلى تخفيضات في الإنتاج. وقال سول كافونيك، محلل الطاقة في إم إس تي ماركي، إن الرسوم الجمركية ترفع أسعار النفط في الأمد القريب بسبب مخاطر انقطاع الإمدادات، وخاصة بالنسبة للدرجات الثقيلة.
وأضاف أن أسعار النفط قد تهبط بعد الربع المقبل مع تسبب الرسوم الجمركية في تدهور توقعات الطلب بشكل أكبر ومع تعرض أوبك+ لمزيد من الضغوط من ترامب لوقف تخفيضات الإنتاج. وتوقع مندوبون من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، وهي المجموعة المعروفة باسم أوبك+، لوكالة رويترز ألا تغير المجموعة الخطط الحالية لزيادة الإنتاج تدريجيا عندما تجتمع، اليوم الاثنين، على الرغم من ضغوط ترامب.
في السياق، قال بنك غولدمان ساكس، في مذكرة، إن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الواردات من كندا والمكسيك والصين من المرجح أن يكون لها تأثير محدود في الأمد القريب على أسعار النفط والغاز العالمية. وقال البنك، أمس الأحد، إن "الانخفاض المحتمل في واردات الغاز الطبيعي الأميركي من كندا بسبب الرسوم الجمركية صغير للغاية بحيث لا يؤدي إلى رفع أسعار الغاز الطبيعي الأميركي على نحو كبير".
وتوقع البنك أن " يتحمل منتجو النفط الكنديون في نهاية المطاف الجانب الأكبر من عبء الرسوم الجمركية مع اقتطاع أكبر من المعتاد يراوح بين ثلاثة وأربعة دولارات للبرميل على الخام الكندي نظرا لمحدودية الأسواق البديلة للتصدير، مع تحمل المستهلكين الأميركيين للمنتجات المكررة العبء المتبقي الذي يراوح بين دولارين وثلاثة دولارات للبرميل".
وبحسب المذكرة، ستتم إعادة توجيه واردات النفط المنقولة بحرا من كندا والمكسيك إلى أسواق أخرى، مع استبدال الولايات المتحدة تلك الإمدادات بالنفط الخام من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وأميركا اللاتينية والمنتجات المكررة من أوروبا. وأبقى البنك الاستثماري على توقعاته لأسعار النفط لعام 2025-2026دون تغيير، متوقعا تأثيرا ضئيلا على الأسعار في الأمد القريب بسبب استقرار إنتاج النفط العالمي والطلب عليه، فضلا عن الرسوم الجمركية على النفط الكندي التي تم الأخذ بها في الاعتبار بالفعل.
وفي الأسبوع الماضي، رفع غولدمان ساكس توقعاته لسعر خام برنت لهذا العام وللعام المقبل إلى 78 دولارا مقابل 76 دولارا سابقا و73 دولارا من 71 دولاراً على التوالي.
وتترقب الأسواق اجتماع وزراء من أوبك وحلفائها بقيادة روسيا، في ما يُعرف باسم (أوبك+)، والمقرر اليوم الاثنين الساعة 13.00 بتوقيت غرينتش، وذلك بعد أيام من دعوة وجهها ترامب لأوبك والسعودية لضخ مزيد من النفط.
وقالت قازاخستان العضو في أوبك+ يوم الأربعاء الماضي، إن المجموعة ستناقش جهود ترامب لزيادة إنتاج النفط الأميركي وستتخذ موقفا مشتركا بشأن هذه المسألة. وأجرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الأسبوع الماضي، محادثات مع عدد من نظرائه في أوبك+. وقال أحد المصادر من أوبك الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن هذه المحادثات جرت على هامش الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس الصندوق العربي للطاقة في الرياض، ولم تكن اجتماعا مزمعا لأوبك.
وتخفض الدول الأعضاء في أوبك+ حاليا إنتاج النفط بواقع 5.85 ملايين برميل يوميا، وهو ما يعادل نحو 5.7% من الإمدادات العالمية، وذلك في سلسلة من الخطوات المتفق عليها منذ عام 2022 لدعم السوق. ومددت أوبك+ في ديسمبر /كانون الأول أحدث مستوياتها من خفض الإنتاج ليستمر في الربع الأول من عام 2025، ما أدى إلى إرجاء خطة بدء زيادة الإنتاج إلى إبريل/نيسان. وكان تمديد خفض الإنتاج هو الأحدث في سلسلة من تحركات إرجاء زيادة الإنتاج تدريجيا بسبب ضعف الطلب وارتفاع الإمدادات من خارج المجموعة.
وبناء على هذه الخطة، فإن الإلغاء التدريجي لخفض ما قيمته 2.2 مليون برميل يومياً، وهي الشريحة الأحدث، وبدء زيادة الإنتاج من الإمارات سيبدأ في إبريل بزيادة شهرية قدرها 138 ألف برميل يوميا، وفقا لحسابات وكالة رويترز. ومن المقرر أن تستمر زيادات الإنتاج حتى سبتمبر/أيلول 2026.
وقال أحد مندوبي أوبك+ وبعض المحللين، فإن الإبقاء على خطة بدء زيادة الإنتاج في إبريل، بدلا من تطبيق إرجاء آخر، سيكون وسيلة مناسبة للرد على دعوة ترامب. وقال جون إيفانز، من شركة بي.في.إم للوساطة في النفط، "ربما تحتاج المجموعة فقط إلى التصديق على نيتها في مواصلة برنامج إعادة إنتاج النفط المتوقف في أبريل". وبناء على الممارسة السابقة لأوبك+، من المتوقع صدور قرار نهائي بالمضي قدما في زيادة إبريل في أوائل مارس/آذار.