تعاني الأسواق العربية من موجات تضخمية أكثر من الدول الغربية خاصة أن التضخم ضرب القسم الأكبرمن الأسواق العربية بقوة لكونها من أكثر أسواق الدول النامية ارتباطا بالتجارة العالمية التي ارتفعت تكاليفها. وهو الأمر الذي يعكس اعتماد غالبيتها في توفير سلعها الأساسية على الاستيراد بنسبة تزيد على 50 بالمائة.
وأدى تراجع أسعار المواد الأولية التي تشكل ما يزيد على 70 بالمائة من الصادرات إلى ارتفاع العجزالمزمن في الموازنات الحكومية والموازين التجارية، إضافة إلى تراكم المديونية التي زاد حجمها في بلد كلبنان مثلا على 150 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. في حين وصلت هذه النسبة إلى نحو 90 بالمائة في الأردن خلال العام الماضي حسب مؤسسة التجارة الخارجية والاستثمار الألمانية، وهو الأمر الذي قلص من الاحتياطات النقدية بالعملات الصعبة وأدى إلى تراجع قيمة العملة الوطنية كما هو عليه الحال أيضا في بلدان كالعراق والجزائر.
ارتفاع التضخم في العديد من دول العالم العربي
وأدى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى ارتفاع التضخم في العديد من دول العالم العربي، ومن المتوقع أن تستمر زيادة التضخم في عام 2022، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل خاص، ما سيكون له عواقب سلبية على الأسر في البلدان منخفضة الدخل حيث يستحوذ الغذاء على 40% من الإنفاق الاستهلاكي.
وتوقع صندوق النقد الدولي معدلات تضخم في مصروالجزائر وتونس والسودان بنسب تتراوح بين 6 وأكثرمن 10 بالمائة هذه السنة. وفي الدول العربية التي تعيش أزمات سياسية أو حروب مثل اليمن وليبيا توقع الصندوق نسب تضخم تتراوح بين 18 و31 بالمائة، أما في لبنان وسوريا فقد وصل التضخم إلى مستويات مفرطة تراوحت بين 50 و100 بالمائة خلال السنة الماضية 2020 على صعيد السلع التي لا تدعمها الدولة أو رفعت عنها الدعم.
التضخم
ووفق عدد من المحللين فإن مواجهة التضخم والحد من ارتفاعه في العالم العربي مسألة أكثر تعقيدا، لأنه مرتبط بضعف بنية الإنتاج والخدمات المحلية والاعتماد على الاستيراد وقلة مصادر الدخل أو هيمنة عائدات النفط الخام عليها أكثر من ارتباطه بالسياسات المالية، ومن هنا فإن ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية ينعكس بشكل مباشروأقسى على الأسواق العربية التي تعاني هي الأخرى من تراجع القوة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة وغياب الحد الأدنى العاملين لدى الدولة التي لا تزال رب العمل الأول والرئيسي في العالم العربي.