موريتانيا تشارك في اجتماع G7 :|: الأمم المتحدة : نلتزم بدعم التنمية في موريتانيا :|: اعتماد 56 بحثا للتنافس على جوائز شنقيط :|: لص يعيد المسروقات لأصحابها بعد 30 عاما !! :|: اجتماع اللجنة الوطنية للمنح :|: ولد غده يستنكر الإحالة لمحكمة الجنح :|: ترشيح سفير جديد للاتحاد الأوروبي للعمل في موريتانيا :|: أبرز ملفات زيارة الرئيس السنيغالي :|: نص مقابلة السفير الموريتاني بالسنيغال :|: وزير : تكلفة الكهرباء تبلغ 7 أضعاف ما يدفعه الصينيون :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
ثلاث وفيات في حادث سير لسيارة تهرب ذهبا
 
 
 
 

مدينة النخيل" مراكش" :عبق الماضي الأندلسي ..ومعالم تاريخية تخبو تحت وطأة الأيام..! محمد أعبيدي شريف

samedi 31 juillet 2010


ابتسامة ساحرة صادرة عن وجه بريء خفيف الظل، وملامح توحي بالصدق والآمال وأنغام موسيقية سرمدية تتيح للمتلقي أن يتخيل نفسه في ليلة وضاءة بإحدى باحات قصر الباهية أو البديع أو بلاطات غرناطة وجنانها، صورورحلة إلى الماضي الجميل حيث عبق التاريخ لن تفارق مخيلة زائر مدينة "مراكش" أو وردة الجنوب التي تلهم الكل بما فيها من "ورود" وقصور لا تزال شاهدة على حضارة عربية ضاربة في الجذور.

مراكش التي كان لي موعد لزيارتها من اجل حضور الجامعة الصيفية التي يقيمها مشروع منبر الحرية بالتعاون مع معهد كيتو الأمريكي وجامعة القاضي عياض ومختبر الدراسات الجنائية بكلية الحقوق بالجامعة " القاضي عياض" التي تم تصنيفها ضمن أحسن الجامعات.

كان موعدا حافلا بالعطاء بإشراف كوكبة من الباحثين والمحاضرين العرب من مختلف البلدان بدءا بالمغرب ممثلا في الدكتور إدريس لكريني والدكتورنوح الهرموزي وعزيز مشواط والدكتورة إكرام وأستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة فاس يوسف تيبس الذي استطاع بأسلوبه الذي اعتبره البعض خروجا عن المألوف- وهذا ديدن العرب كلما تمرد أحد على الواقع العربي الذي لم يساهم في تقدمهم بعد- طرح فلسفي حمل في ثناياه الكثير من التهكم الذي أثار حفيظة المشاركين واغضب البعض لكنه في النهاية قاد إلى التوليد وكأن سقراط بعث من جديد ليولد المعرفة من عقول الرجال.

أما من أمريكا أرض الفرص فقد كان هناك حضور متميز للبروفسور العراقي محمد الدعمي من جامعة أريزونا الذي قدم محاضرة حول" أصول التذمر و التمرد الشبابي في العالم العربي"وكان في عرضه أستاذا ومحنكا ومن كندا خاصة من مدينة "مونتريال" الصحفي المبدع الجزائري الأصل محمد اللمداني صاحب الكاريزما القوية الذي ثمن الجهد وقدس الكلمة ورفع من شأن "صاحبة الجلالة" والقائمين على خدمتها.

بعد انطلاق فعاليات الجامعة الصيفية في جامعة القاضي عياض بحضور رئيسها وعميدها ورئيس مشروع منبر الحرية د.نوح الهرموزي، توجهنا إلى" منتجع رمادا" القابع في أطراف المدينة حيث الهدوء والرتابة ليتبتل الكل في ذلك المحراب بعيدا عن ضجيج المدينة وصخبها.

بدأت المحاضرات والنقاشات تحتدم حول أكثر المواضيع إثارة وأهمية والذي من شأنه أن يغير من واقع العالم العربي " تعثر استراتجيات التنمية : مقاربة في الفكر والممارسة"شعار حملني للوهلة الأولي إلى الرغبة في المشاركة وما إن تلقيت دعوة من منبر الحرية بعد إجابتي عن سؤال الأمان حسب اعتقادي الذي طرح للمترشحين " كيف يمكن للحرية ان تكون محركا وآلة فاعلة لحل المشكلات التي يتخبط فيها العالم العربي..؟

لكن فترة الجامعة تزامنت مع رحلة لم تكن متوقعة لي إلى جمهورية مصر لحضور فعاليات هناك، لم يكن أمامي إلا الاعتذار عن الرحلة ...شيء ما بداخلي كان يشدني إلى مدينة مراكش الحمراء وأنا الشغوف بحب أم الدنيا وبزيارة الأهرام وقاهرة المعز و قهوة الفيشاوي حيث كان يجلس أستاذنا الكبير ورائد الأدب يحتسي كأسا من القهوة وينظر إلى ملامح المارة، ليبدع في كتاباته التي جسدت واقع الشعب المصري والعربي ليترك بصماته في الرواية الأدبية قبل الرحيل من خلال رواياته المتميزة مثل خان الخليلي إلى أولاد حارتنا إلخ..

الجامعة الصيفية لمنبر الحرية شهدت مشاركة واسعة للعديد من الشباب العربي الذي اثبت من خلال مشاركته تميزه وقدرته على التغيير لو وجد فضاء يحتضنه، لكن الذي أعجبني أكثر هو الرغبة الجامحة التي لمستها في الشباب المشارك و ذلك التمرد والسعي نحو التجديد، كما أن الآمال والطموحات التي انكشفت لي في مجالسنا الليلية في ذلك السمر بين الطبيعة البكر ونسيمها العليل الذي يداعب أجفان الحاضرين ليزيل كل الهموم، وفي اغلب الأحيان تكتمل العناصر الثلاثة التي تزيل عن القلب الحزن...الماء...الخضراء...الوجه الحسن.. في ذلك الجو الهادئ لم يكن ينقصني غير كؤوس من الشاي الموريتاني على إيقاع نغمات " الأردين" و" التدينيت"
ولعل في مقدمة تلك التطلعات التي يطمح إليها الشباب هي محاولة إثبات الذات والرغبة في المشاركة في بناء مجتمعاتهم وإعلاء قيم الحرية والعدالة والمساواة وتجسيد الديمقراطية.

قبل انتهاء الجامعة كنا على موعد مع زيارة بعض المعالم التاريخية مثل قصر الباهية وساحة جامع الفناء وجناح المنارة، ولم أفوت الفرصة لمعرفة أكثر عن ذلك التاريخ الذي لا يزال شاهدا على حضارة عربية كان يحسب لها ..من حضارة عربية امتزجت بحضارة الأندلس من قصر البديع وقبور السعديين وضريح السلطان المجاهد يوسف بن تاشفين الذي يضفي على المشهد أجواء رائعة ومتناغمة مع الزمان والمكان.

وتأكدت بعد التجوال بين أزقة القصور ومتاهاتها وأحياء المدينة وشوارعها أن مراكش لا تزال تحمل بين ثناياها شيئا من عبق التاريخ، حيث طرق القوافل التي ظلت تعبر منها دائما نحو تومبكتو وفاس وغرناطة وموريتانيا وتلمسان، لكن بعض تلك الشواهد التاريخية اليوم يخبو تحت وطأة الزمان.

ورغم ذلك هي تصارع لتبقي لها نكهتها المتميزة وسحرها الخاص، حين تتجول بين تلك القصور وترى النقوش والزخرفة والحدائق وتسمع أحيانا نغمات موسيقية او موشحات أندلسية تحلم أنك في الماضي الأندلسي بين ظهران جواريه وفنانيه وكأن لسان الدين الخطيب يشدو بموشحاته الرائعة ليشنج مسامعك.

ساعة الرحيل عن مراكش أصبحت قريبة وفراق الأصدقاء والإخوة الذين ألفتهم وألفوني أصبح صعبا لكن لا خيار مع الزمان ..! غادر الكل إلى بلداهم بعد أيام حافلة بالعطاء، لكن وجهتي كانت مدينة أكادير عروس البحر حيث قمت بزيارة بعض المؤسسات الإعلامية وخاصة الإذاعة التي تحتضن مجموعة من الأصدقاء ممن عشقوا "مهنة المتاعب" وكان لي معهم حوار بناء، لكن زائر تلك المدينة لا يمكن آن يفوت مشاهدة شاطئها ومدينتها السياحية الآسرة للألباب، الناس لا تنام ولا تغادر جنبات البحر وكأنها تحمل كل همومها ومشاكلها اليومية لترمي بها بين تلك الأمواج الهادرة، كنت أنظر إلى تلك الأجواء الكرنفالية التي تمتد لساعات الليل الأخيرة، لكن الذي حرك ما بي من شوق وحنين للوطن والأهل والإخوة هو ذلك الصوت القادم من مجلس للغناء غير بعيد عني حيث كانت" الأغاني الحسانية" تسمع من بعيد أحسست برائحة الوطن تفوح ودفعني ذلك الإحساس القريب إلى المجلس فإذا بفتاة تشبهني في السمرة تغني
" بشويرات" مع صديقات وتتكلم الحسانية بطلاقة وترتدي " الملحفة" أسمعتنا كلمات ناعمة، مهدئة للأوجاع… إنها باختصار طائر مغرد، حملنا فوق جناحيه، ليسافر بنا بعيدا عبر جغرافية الزمان اللامتناهي، جاعلا دون شك من رحلتنا أن نحب العودة إلى شنقيط لنستمتع بأعذب الألحان والنغمات التي لا تخلو من التوحيد او التذكير من " ردات" للفنانة " ديمي "أيام زمان ...!

*كاتب صحفي

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا