تصريح ولد داداه بعد لقاء الرئيس غزواني :|: رئاسيات يونيو : غزواني أول المترشحين رسميا :|: دراسة ملف مؤسسة "قمم" لنيل ترخيص قناة تلفزيونية خاصة :|: لقاء بين الرئيس غزواني وولد داداه :|: موريتانيا تشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي :|: الأغلبية : شروط منح التزكية للمترشحين للانتخابات الرئاسية :|: "فترة عصيبة".. البنك الدولي يحذّر من تفاقم التضخم العالمي :|: الرئيس يبحث "استغلال مناخ الاستثمار" في موريتانيا مع وفد أوربي :|: إجازة خطة حكومية لعصرة الادارة :|: "دومين" : تسجيل العقود عن طريق منصة رقمية :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
 
 
 
 

لا أقول وداعا يا موريتانيا/روكان نومان/ القائم بالأعمال في سفارة جمهورية العراق

mardi 20 juillet 2010


عندما أبلغت منذ ثلاث سنوات بأنني مدعو إلى خدمة وطني في موريتانيا، لم يكن هذا البلد الذي لم أكن حينئذ أعرف عنه الكثير هو المكان المفضل بالنسبة لي، إلا أنني كجميع الدبلوماسيين في بلدي اعتبرت نفسي جنديا أخدم وطني حيث ومتى طلب مني ذلك.

وكانت مفاجأتي كبيرة عندما اكتشفت لأول مرة العاصمة الموريتانية نواكشوط، والتي لم يسبق أن زرتها إلا لليلة واحدة في مهمة رسمية عام 1994، هذه المدينة المترامية الأطراف التي تعيش نهضة عمرانية وبنيوية لم أكن أتصورها.

ولم تكن هذه المفاجأة الوحيدة التي كان يخبؤها لي هذا البلد العجيب حقا والذي تتباعت لي فيه المفاجآت بسرعة كبيرة، إذ ما فتئت أن استوعبت مفاجأة المناخ المعتدل جدا بعد ما كنت أتوقع من حر شديد على شاكلة من نعيشه في العراق حتى فاجأني الإنسان الموريتاني الذي لا حد لما يخبؤه من مفاجآت حيث أنني أستطيع أن أجزم بأنه لم يمض يوم إلا وتعلمت فيه من الموريتانيين أمرا لم أكن أعرفه.

فمن المؤكد أن مشرقيا مثلي عاش جزءا كبيرا من حياته بين أوروبا والولايات المتحدة يصاب بدهشة كبيرة عندما يكتشف أن وراء هذا الثوب المترامي الأطراف الذي يسمونه الدراعة وهذا اللثام الذي يلف الوجه رجلا عالي الثقافة يتمتع بحس فني مرهف وأخلاق رفيعة واطلاع كبير على ما يدور في العالم، وأن وراء هذه الملحفة سيدة متعلمة وواعية ومتحررة مع المحافظة على دينها وأخلاقها، وأنها تزاحم الرجل في كافة مجالات الحياة حتى أن من بينهن وزيرات وسفيرات ونائبات وسيدات أعمال ناجحات... وأبلغ مثال على ذلك تولي إحداهن وزارة الخارجية حيث أصبحت أول سيدة تتولى هذا المنصب في بلد عربي.

لا يمكن لشخص مثلي أن يتصور أن هذا الشيخ المجعد الوجه ذا اللحية المنتثرة والرأس الملفوف في قطعة من القماش الأسود يحفظ القرآن الكريم وعددا لا يحصى من دواوين الشعر ومتون الفقه وعلوم اللغة والأدب ويتصرف في الكل كما يتصرف النجار الماهر في الخشب. ولا يمكن لشخص مثلي أن يتصور أن هذا الشاب النحيل القابع تحت ثقل دراعته يجيد اللغة الفرنسية ويكتب شعرا رفيعا باللغة العربية ويحلل قضايا السياسة الدولية بخبرة واطلاع فائقين.

وقد تكون المفاجأة الأكبر هي أن هذا كله لم يكن أكبر مفاجأة خبأها لي الإنسان الموريتاني إذ لا شك أن الأزمة السياسية التي عاشها هذا البلد في سنة 2008 كانت مليئة بالمفاجآت الكبرى بالنسبة لي والتي كان من أعظمها القدرة الفائقة التي تمكنت بها الطبقة السياسية الموريتانية من تجاوز هذه الأزمة التي أعرف جيدا انطلاقا من خبرتي الطويلة في هذا المجال أنها لو حدثت في أي بلد آخر لما تمكن من حلها بهذه السهولة وبأقل ضرر ممكن.

لقد فاجأتني أيضا قدرة الإنسان الموريتاني على تفهم الآخرين وبناء علاقات ودية معهم وهو ما سهل لي كثيرا مهمتي التي تتلخص في إعادة بناء العلاقات بين العراق وموريتانيا بعد التوقف الناتج عن الأحداث التي يعرفها الجميع، إلا أن ما سهل هذه المهمة أكثر هو الحب الاحترام الكبير الذي يكنه جميع الموريتانيين للعراق والذي لم أر غيرهم يكن لنا مثله، ولذلك لم أشعر يوما واحدا بأنني في بلد غير بلدي حتى أنني لم أكن أشعر بضرورة التقيد ببعض الأعراف الإدارية والبروتوكولات الدبلوماسية لما وجدته من تعاون وبساطة في التعامل لدى المسؤولين الموريتانين على اختلاف رتبهم.

لم يكن قدومي إلى هذا البلد كقدومي لأي بلد آخر في العالم، ومن المؤكد أن ذهابي عنه لن يكون كذهابي عن أي بلد آخر. لقد أصبحت موريتانيا جزاء مني وأصبحت جزءا منها. لن أستطيع أبدا الاستغناء عن موريتانيا، وأنا متأكد أنها لن تستغني عني لأنني أعرف أن من أخلاقها أن لا تستغني أبدا عمن يحبها.

وأنا أشرف على انتهاء مهمتي في موريتانيا، لا أقول وداعا يا موريتانيا. أنا حزين حزن من يفقد والديه.
حفظ الله موريتانيا شعبا وحكومة... وإلى المزيد من التقدم والازدهار...

روكان نومان حمه العنبكي
الوزير المفوض/ القائم بالأعمال
في سفارة جمهورية العراق
تموز 2010

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا