اعتماد سفيرجديد لموريتانيا في قطر :|: مواعيد الافطارليوم8 رمضان بعموم البلاد :|: الرئاسة تنظم إفطارا لنحو 70 من تلاميذ مدارس الامتياز :|: نجاح أول تجربة لزراعة القمح في موريتانيا :|: المراحل الأخيرة في محاكمة المتهمين بقتل الصوفي ولد الشين :|: اتفاق شراكة مع الأمم المتحدة بشأن التحول الرقمي :|: انواكشوط : مركز الملك سلمان” يوزع مئات السلال الغذائية :|: 4 فئات أكثر عرضة للإصابة بالجفاف في رمضان.. ماهي؟ :|: موريتانيا تشارك في مؤتمر "حوار برلين حول تحول الطاقة " :|: تحديد تكلفة الحج عبرالوكالات (موسم1445ه) :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

إطلاق اسم المجاهد ولد الباردي على المعبر الحدودي الموريتاني مع الجزائر
بدعوة من نظيره الجزائري : رئيس الجمهورية في تيندوف الخميس القادم
الحصاد ينفرد بنشر الصور الأولى لمعبر المجاهد اسماعيل ولد الباردي
طول أصابع اليد يكشف سمات شخصية !!
الموعد الأنسب لممارسة الرياضة في رمضان
تعيينات هامة في قناة الموريتانية
الجزائر والمغرب والصحراء.. يكرهونه أكثر مني..
3 عادات واظب النبي عليها في أول أيام رمضان..
احذر ..8 عادات يومية قد تؤذي الدماغ !!
توقيف لصوص سرقوا 60 مليون أوقية من شركة بنواكشوط
 
 
 
 

موريتانيا تخوض تجربة التغييرالهادئ/ عبد الله ولد محمدي *

samedi 12 octobre 2019


بالكاد مرّ شهران وبضعة أيام على تسلُّم محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسة موريتانيا، بعد انتخابات شهدت تنافساً حادّاً بين المعارضة بأطيافها المختلفة، والرجل القادم من خلفية عسكرية طويلة. وعلى غير العادة والتوقعات، هدأت بعد الانتخابات المواجهة التي شكلت طابع الحياة السياسية في موريتانيا طيلة العقود الأخيرة. مواجهة تلوَّنت أحياناً بلون الدم، وشهدت محاكمات وسجوناً ومحاولات انقلابية، إلا أن الحاكم الجديد تسلم مقاليد السلطة بهدوء تام، فما السر في هذه الحالة النادرة من التوافق التي طبعت الأسابيع الأولى من حكم رئيس موريتانيا الجديد؟

في البدء، لا بد من الإشارة إلى الظروف التي مهّدت لتولي ولد الشيخ الغزواني الحكم في موريتانيا، فهو واحد من خمسة ضباط جمعهم مصير مشترك من الدراسة والتكوين بكلية مكناس العسكرية في المغرب، وصولاً إلى الجيش ثم السلطة. هذه الرفقة دفعت اثنين من الخمسة إلى واجهة الأحداث في أغسطس (آب) 2005، عندما أطاحا بالحكم المترهّل للرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع، ويتعلق الأمر هنا بمحمد ولد عبد العزيز، ومحمد ولد الشيخ الغزواني. ولكن واجهة السلطة يومئذ عادت للراحل المرحوم العقيد اعلي ولد محمد فال، أحد أبرز ضباط الجيش الموريتاني وقتها، وصاحب الخبرة الطويلة في إدارة ملفات السياسة من موقعه كمدير للأمن الوطني لأكثر من عقدين.

عوامل مساهمة ...

الطبقة السياسية، ومنها أطراف من المعارضة، فقد تبنَّت ما وصفته بالإجماع الوطني حول الرجل، أما ولد عبد العزيز الخارج من السلطة بجراح كثيرة، فلم يجد أفضل من صديقه للملمتها، وربما الحيلولة دون فتح ملفات الماضي؛ السياسية منها والمالية والحقوقية.

وباستثناء سيدي محمد ولد بوبكر، الذي جمع حوله أطيافاً من مختلف المشارب والألوان، فإن بقية مرشحي الانتخابات في الشق المعارض استفادوا في الغالب من تأثير الشحن الشرائحي، الذي كانت نتيجته طبقة سياسية منقسمة، إن لم تكن متشظية إلى أبعد الحدود.

كل هذا المناخ تلاشى، وهدأت فورته، تحت الأسلوب الهادئ والرزين لرئيس موريتانيا الجديد، مستعملاً فيما يبدو إرثين طاغيين في تربيته وسلوكه : الجيش والحياة. في الجيش، تولى ولد الشيخ الغزواني مسؤوليات متعددة ومتنوعة، بعضها معقّد وشديد الحساسية، ولعل من أكثرها تأثيراً قيادته للجيش الموريتاني في مرحلة عصيبة عرفت فيها البلاد مخاطر المواجهة مع الإرهاب، وتهديد جماعاته التي امتدّ خطرها إلى كامل منطقة الساحل الأفريقي، فأعاد الرجل بناء الجيش الموريتاني، ووضع استراتيجية عصرنته وتحديثه، من خلال التركيز على العتاد والعمل الاستخباراتي، ونجح في طرد هذه الجماعات بعيداً عن الحدود الموريتانية، فكان هذا النجاح محل إشادة من الطبقة السياسية، موالاة ومعارضة، كما أثنى عليه المجتمع الدولي.

العامل الآخر هو تربيته الدينية، التي تلقاها في عائلته المعروفة في منطقة بومديد بنشرها منذ قرون كثيرة لقيم تحبذ التعامل بأناة مع القضايا المستعصية، وتحث على الزهد والتواضع، وتقدّس قيم العمل وخدمة المجتمع، واحترام الآخر والاستماع إليه وفهمه، والتعامل معه بناء على ذلك.

ولعل هذا « الأسلوب الرائق »، كما يصفه به المقربون منه، هو الذي سهّل عليه مهمة التعاطي مع مختلف الأطياف السياسية، حتى أكثرها تشدّداً ونكراناً لنتائج الانتخابات الرئاسية، أي أنها تشكك من الأساس في شرعية حكمه.

على مدى الأسابيع الأخيرة، التقى ولد الشيخ الغزواني بقادة المعارضة، وبدا كأنه قد حصل على تفويض للتغيير بشكل هادئ، وبناء أسس الدولة التي انهارت في أجزاء كثيرة منها (كما تقول المعارضة) في عهد رفيقه في السلاح وفي المدرسة العسكرية.

فما الذي قدمه ولد الغزواني للحصول على هذه التنازلات وبدء مرحلة جديدة من التعاطي مع السياسة، في بلد يقال إن به أكثر من مليون سياسي، بدل المليون شاعر، التي اشتهر بها عند العرب.

لعل السر كما يفسره من عرفوا الرجل عن قرب يكمن في طريقته وجملته الشهيرة، حين قال إن زمن المواجهات قد ولى، وإن بابه مفتوح للتشاور مع الجميع في القضايا التي تهم البلد. وهو أسلوب يختلف كلياً عن نهج رفيقه الذي رفض إشراك أي كان فيما اتخذه من قرارات، ودخل في مواجهة مع الجميع، بمن فيهم أقرب المقربين إليه، معتبراً أن السلطة قرار فردي، ودفع ثمناً غالياً مقابل ذلك، حين ساد جو من الفرقة والتأزم بين الأطياف المختلفة.

ربما يقول البعض إن ولد الغزواني استفاد من جو الأمل الذي أشاعه، لكنه بلا شك سيواجه التعامل مع جملة من القضايا المقلقة، منها حالة ترهُّل الإدارة وإرث التحكم في دواليب الاقتصاد من قِبَل فئة قليلة من رجال الأعمال المحسوبين على سلفه، وفوق ذلك كله الطموح العارم لطبقة سياسية في الاستفادة من السلطة والثروة التي يقولون إن قلة قليلة تتحكم فيها. ويبدو الامتحان الأصعب : كيف سيتعامل ولد الغزواني مع إرث سلفه، ومع الذين تركهم في مفاصل السلطة، وهل سيكون امتداداً للنهج، كما روّج سلفه، أم أن نهجاً مستقلاً يُبنى بتؤدة ورزانة دون أن يصطدم بأي أحد.

ما تتفق عليه الطبقة السياسية في موريتانيا اليوم هو أن البلد يحتاج إلى المصالحة مع ذاته وأبنائه، وأن يُشاع جو من التفاهم والتصالح في أفق وضع مبشِّر للاقتصاد، حيث تقبل البلاد على استغلال أحد أكبر حقول الغاز في أفريقيا، وكذا الحال نفسه بالنسبة لمعادن أخرى، بينها الذهب واليورانيوم، ومعادن أخرى لم تُستخرج بعد من باطن الأرض، مما يجعل موريتانيا في دائرة إحدى أغنى بلدان القارة، وربما لاحقاً العالم العربي.

لكن التحديات كبيرة مقابل ذلك، من الشحن الشرائحي وتدني مستويات التعليم والصحة والبطالة، وفوق ذلك كله مخاوف حقيقية من صراعات تغذيها طبقة سياسية يصفها خصومها بأنها لا تملك الرؤية ولا الطموح للعبور فوق صراعاتها وأنانيتها المفرطة للتوافق حول مشروع يعبر بالبلاد نحو أمان التنمية ومخاطر التطرف والتغلب على الفقر والجهل والمرض.
ولربما أراد ولد الغزواني حين مدّ يده للجميع، أن يفتح آفاقاً جديدة، لكن الزمن وحده هو القادر على معرفة مدى قدرة الجميع على التلاؤم؛ فالحالة في موريتانيا يلخصها أحد السياسيين بقوله إن هذه البلاد تُقاد بالحكمة، وليس بالثروة، فكرامة سكان الصحاري لا تُباع ولا تُشترى بثمن، وفي سبيل الكرامة يمكن العبث بأسس وجودهم ووحدتهم إلى حد التلاشي.

نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط"

* كاتب متخصص في الشؤون الأفريقية

* تصرف طفيف في المقال

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا