بحث التحضيرللرئاسيات مع الامم المتحدة والاتحاد الأروبي :|: السيدة لأولى تنظم حفل إفطارلمجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة :|: النيابة العامة تستأنف الحكم في قضية قتل الصوفي :|: حزب التكتل يدين سجن ولد غده :|: مواعيد الافطارليو م18 رمضان بعموم البلاد :|: وزيرالدفاع وقائد الاركان بزويرات ..قبل زيارة الرئيس :|: منظمة الشفافية تندد باعتقال رئيسها وتطالب بإطلاق سراحه :|: تكوين لمفوضي وضباط الشرطة حول القوانين المجرمة للعبودية :|: منظمة الشفافية تندد باعتقال رئيسها :|: اتفاق مع شركات عربية لاستغلال حقلي "باندا" و "تفت" للغاز :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

الموعد الأنسب لممارسة الرياضة في رمضان
من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
تعيينات هامة في قناة الموريتانية
الاعلان المشترك : شراكة استراتيجية تؤسس لعلاقة جديدة *
توقيف لصوص سرقوا 60 مليون أوقية من شركة بنواكشوط
الوجيه والسياسي عبد الحي ولد محمد لغظف يطالب من مقاطعة تامشكط بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية
ما أقصروأطول ساعات الصيام في رمضان 2024/1445؟
دولتان عربيتان بين أكبرمنتجي ومصدري الطماطم عالميا
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
 
 
 
 

الديبلوماسي السابق ورئيس اللجنة المستقلة للانتخابات سيداحمد ولد الدي في مقابلة مع الفجر :فوجئت بنبإ تزكيتي للانتخابات الرئاسية

mercredi 19 mai 2010


لفجر : عرفكم المتابعون دبلوماسيا بارعا ، وأديبا ضليعا، فأين يجد سيد احمد نفسه؟ هل يجدها في السياسية أم يجدها في الأدب؟

سيد احمد ولد الدي : في الحقيقة سؤال لا يخلو من صعوبة، أن يصنف الإنسان نفسه فربما يكون في ذلك شيء من عدم الموضوعية، فلنترك الآخرين يصنفوننا، لقد اهتممت بالسياسة لكن ربما كان اهتمامي أو ميلي أكثر إلى الأدب، وإلى الثقافة.

الفجر : يرى البعض أن استقالتكم الأخيرة صادرة عن خلفية ثقافية أخلاقية أكثر من صدورها عن ممارسة سياسية محضة؟

سيد احمد : أشكركم على إتاحة الفرصة لي من خلال هذا السؤال كي أعطي توضيحات حول مسألة ما تزال تثير بعض الاستغراب، لأني قد قدمت استقالة وهو أمر غير مألوف في سلوك مسؤولينا، ولأن تلك الاستقالة جاءت غداة إعلان وسائل الإعلام الرسمية عن تزكية اللجنة لنتائج الانتخابات، وهنا أنبه إلى أمور :

أولا : أن اللجنة الوطنية المستقلة لم تمارس عملها إلا خلال أسبوعين قبل الانتخابات، فكانت تشكيلتها طبقا لاتفاق دكار تتضمن تمثيل حساسيات سياسية مختلفة مما أضاع الكثير من وقتها لتجاوز تمثيل هذه الحساسيات، ولتكون أقرب إلى الاستقلالية مما كانت عليه عشية تشكيلها.

ثانيا : ليس للجنة على المستوى المركزي من الأهمية ما لهياكلها اللامركزية أي على مستوى الولايات والمقاطعات والمراكز الإدراية ومختلف البلديات، وبما أن هذه الهياكل شكلت في مناخ تحضير انتخابات 6/ 6 / 2009 فإن اللجنة المركزية حاولت أن تضيف إليها دماء جديدة من أجل إضفاء نوع من التوازن على تشكيلتها، ولكن السلطة العمومية رفضت هذه الإضافات فبقيت الهياكل الداخلية على حالها قبل إنشاء اللجنة، وقد يكون في هذه الهياكل أناس مجربون نزهاء حياديون، ولكن قد يكون فيها أيضا غير ذلك.

ثالثا : لم تضع الحكومة الاعتمادات ا لضرورية تحت تصرف اللجنة إلا بأربعة أيام قبل الانتخابات مما كان له بعض التأثير على إرسال البعثات التي ستراقب الانتخابات، في السفارات والقنصليات خارج البلاد.

رابعا : بعد أن تمت عملية الاقتراع وأُعلنت النتائج المؤقتة شكلت اللجنة لجنة فرعية لدراسة المحاضر وإبداء الملاحظات على أساسها، وقد بدا أن المجلس الدستوري الموقر كان في عجلة من أمره، من أجل إعلان النتائج النهائية، إذ كانت لديه ثمانية أيام مفتوحة، أي عشرة أيام باعتبار عطلة الأسبوع، ولم يستغل منها إلا أربعة أيام، وبما أن النصوص التي تعمل اللجنة بمقتضاها تقصر التحقيق في الطعون على المجلس الدستوري بعد إعلان النتائج المؤقتة التي أعلنت نهاية يوم 19 يوليو فقد ظهر أن الطريق مسدود أمام اللجنة للتحقيق في المسائل المثارة، ضمن هذه الطعون والتي تتطلب وقتا ودراسات مخبرية قد لا تتوفر وسائلها إلا في الخارج؛ لهذا فإن تحقيق اللجنة قد توقف بقوة القانون وبطبيعة المناخ الاستعجالي لإعلان النتائج.

خامسا : عندما قدمت اللجنة الفرعية تقريرها مساء 22 يوليو وذكرت فيه أن العينات التي درستها من المحاضر لم تجد فيها ملاحظات كبيرة على سلامة الانتخابات من حيث الشكل ـ على الأقل ـ فقد ارتأت أن تعيد المحضر إلى اللجنة لإعادة صياغته، وإضافة ملاحظات تعتبرها أساسية لكي يتضمنها إعلان اللجنة، غير أن موظفا في اللجنة ليس عضوا فيها أخذ مسودة التقرير وختمها بختم اللجنة، ووقعها وأرسلها إلى وسائل الإعلام الرسمية، وقد فوجئت بعد انتهاء الجلسة، وأنا في السيارة عائدا إلى بيتي بالإذاعة تقول "إن اللجنة قد زكت نتائج الانتخابات !

سادسا : إن كل هذه الحيثيات لم يكن سبب الاستقالة، ولكن السبب كما أعلنته يوم 23/ يوليو 2009 هو أن الطعون أدخلت في نفسي بعض الشك مع انسداد بعض الآفاق في التحقيق بشأنها، مما جعلني أستقيل كي لا أزكي أو أستمر في تزكية ما لا تطمئن إليه نفسي. وهذا لا يعني إصدار حكم نهائي على الانتخابات أو التظلمات، فالأمر يحتاج إلى تحقيق دقيق محايد..

أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال فإن شخصا مثلي مستقلا لا ينتمي إلى أي تشكيلة سياسية، ويتمتع بامتيازات مادية ومعنوية، هامة يقدم استقالته من أجل المصالحة مع ضميره فإن هذا لا يمكن إلا أن يكون له علاقة بالجانب الأخلاقي.

الفجر : تؤثر عنكم آراء نقدية في ماهية الشعر الموريتاني ونشأته وتدوينه، وقد أثرت تلك الآراء ـ مع غيرها ـ ساحتنا الثقافية في العقود الماضية، فهل تعززت مع الزمن تلك الآراء أم تخلخلت؟

سيد احمد : لقد قدمت سنة 1969 فكرة وهي في الحقيقة مجرد افتراض بعد أن د رست مقومات نهضة الشعر العربي في المشرق، ولاحظت أنها لم تكن منصبة على التجديد بقدر ما كانت إحياء للشعر القديم وعودة به إلى نصاعته وأصالته، وتخليصا له من الكيمياء اللفظية التي كانت سائدة في عهد ما عرف بعصر الانحطاط؛ ولاحظت أن الشعراء الموريتانيين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري قد سبقوا المشارقة إلى هذا البعث، وقد نُشرت نماذج من هذا الشعر في كتاب "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" سنة 1911 عندما كان الشعراء مثل شوقي وحافظ ومطران وغيرهم من زعماء حركة ا لانبعاث الشعري في أوج عطائهم، فقد يكون هناك تلاقح ما بين الشعر الموريتاني الذي لم يعرف قبل ذلك الوقت وبواكير هذه النهضة، وقد افترضت أن ولع أحمد شوقي بالمعارضات الشعرية خاصة لأمهات القصائد المشهورة في الشعر العربي القديم، قد يكون استوحاه من معارضات محمد ولد الطلبه لبعض القصائد الجاهلية والاسلامية، وهذا مجرد افتراض، وقد حمل بعض من لا يثقون في قابلية الشعر الموريتاني للتأثير أن يصنفوه في خانة المغالاة في التخيل، بل سماه بعضهم مراهقة فكرية، وبما أن الأمر مجرد افتراض فِإني لم أجد بعدُ ما يجعلني أضرب عنه صفحا، إلا أنني لا أراه أكبر من حجمه، فالأدب والشعر ليسا كالعلوم التجريبية في القدرة على إثباتها بالتجارب المخبرية، عدا ذلك لا أعتقد أن لي آراء تميزت بها عن غيري، وإن كنت قد ذكرت أن الشعر الموريتاني لم يقع الاهتمام به خاصة في مجال التدوين إلا في منطقة القبلة، ولا شك أن أهل هذه المنطقة برعوا أكثر من غيرهم في هذا المجال، ولكن ذلك لا يعد عقما صارخا للجهات الأخرى من البلاد، فالمناطق كلها ساهمت إلى حد ما في النهضة الأدبية والشعرية، ولكن مساهماتها بقيت مغمورة، ونرجو من باحثينا وبالأخص طلبة الجامعة والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية في مذكرات تخرجهم أن يسدوا ببحوثهم هذا الفراغ المعرفي، ولقد قدمت لبعض دواوين الشعراء الشباب مقدمات فيها بعض اللمحات النقدية، لكنها لم تكن عملية نقدية متكاملة بالمعنى العلمي لهذا المنحى من المعرفة، وكتبت مقالات لعل أهمها مقال كتبته عن "الشاعرية" التي أصبحت الآن تسمى ب"الشعرية" دونت فيه ملاحظات حول إشكالية التأثير في الشعر، كتبت هذا المقال سنة 1983 ونشر في مجلة "الشعاع" التي كان يصدرها المعهد العالي آن ذاك، وأعدت نشره مع بعض الإضافات في جريدة الشعب سنة 2004 وتتلخص معالجة هذه الإشكالية في أننا نسمع شعرا ننفعل به وآخر لا يحرك فينا ساكنا وكلاهما صحيح فصيح تام الوزن محترم لكل أصول الفن الشعري، وقد أرجعت هذا الانفعال إلى صدق انفعال الشاعر نفسه، فالشاعر الذي يعبر بصدق عن معاناة تعرض لها، ينقل بطريق العدوى هذا الانفعال إلى المتلقي فينفعل بدوره، وأخذت بعض الظواهر مثل ظاهرة الشعر الخمري عند أبي نواس، فالقارئ ينفعل بهذا الشعر ـ رغم أنه لا يحب الخمر ولا يعاقرها ـ فقط لأن أبا نواس كان صادقا في تعبيره، وكذلك عندما يندم أبو نواس نحس بهذا الندم وبصدقه فننفعل أيضا بانفعال الشاعر، وخصوصا عندما يقول :

ولقد نهزت مع الغواة بدلوهم

وأسمت سرح اللهو حيث أساموا

وفعلت ما فعل امرؤ بشبابه

فإذا عصارة كل ذا آثامُ

كما تعرضت لظاهرة التكرار في الشعر الفصيح والشعر الحساني من حيث تعداد الأماكن فحين نسمع الشاعر وهو يذكر عددا كثيرا من مختلف الأماكن التي لا نعرفها ولا تربطنا بها أية ذكرى ؛ يؤثر فينا ذلك التكرار لأن للشاعر ذكريات حميمة في هذه المرابع أوحى بها إلينا فانفعلنا بها لأنه كان صادقا في التعبير عن ذكرياته تلك، وأخذت مثالا قول سيد عبد الله ولد احمدام :

وهل لي بجنبي "تغرريتَ" إلى الصفا

إلى الأجرع الغربي فالجرذان

إلى جنبتي ذي قسطل متنزه

فإني إليها دائم الهيمان

كل هذه أمور قد تطرقت إليها ولا أذكرها بالحصر، ولكنها كانت تعبيرا عن انطباعات وملاحظات حول شعرنا العربي والموريتاني بصفة خاصة.

الفجر : بعد أن خمدت نار الجدل حول الشعر الحر هل ترون أنه اكتسب الشرعية؟ سيد احمد : أولا ؛ لا أعرف هل خمدت فعلا هذه النار إلا أن موقفي من الشعر الحر هو أنه إذا كان مبنيا على تفعيلة تعطيه نوعا من الموسيقى التي لا بد منها للتفريق بين الشعر والنثر فإنه مفيد ممتع أحيانا، لأنه يتيح للشاعر من الانطلاق وانسيابية التعبير عن المشاعر ما لا يتيحه البيت العمودي الموضوع حسب المسطرة العروضية الصارمة وإكراهات القافية والروي التي تجعل الشاعر أحيانا يجبر على قول ما لا يريده حتى لا يخرج عن القواعد الموضوعة؛ فشاعر التفعيلة بحريته في إطالة السطر الشعري أو تقصيره وتنويع خواتم السطور يجد من الحرية ما لا يجده الشاعر العمودي، غير أن شعر التفعيلة لم يرق بعد في قدرته التأثيرية إلى مستوى الشعر العمودي، لذلك فإن الجمهور المتلقي لا يزال تجاوبه مع الشعر الحر محدودا بينما تلهبه القصائد العمودية، أما الشعر المنثور فهو تناقض معرفي لأنه لم يعترف بنثريته، ولم يكتسب شعريته لافتقاره إلى عنصر الموسيقى وكثيرا ما نستغرب تسمية هذا النوع شعرا، بينما النثر الفني له قيمته الكبيرة، وقدرته على إيصال الرسالة إلى المتلقي، وهو لا يقل في أهميته عن الشعر إلا أنه يبقى دائما نثرا.

الفجر : ظهرت أخيرا مسابقات شعرية تلفزيونية ذات طابع ربحي، كيف تنظرون إلى إفرازات هذه المسابقات وإلى الحركة النقدية في ظلها؟

سيد احمد : أعتقد أن الانتفاع بالشعر أو بالأدب بصفة عامة مسألة متأصلة في أدبنا منذ القديم فقد كان الأعشى والنابغة وغيرهما يتكسبون بالشعر، ولم يكن في ذلك أية غضاضة ثم درج الشعراء على ذلك، فالمتنبي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس كما قال ابن رشيق، كان يمدح هذا ويمدح ذلك طمعا في الحصول على جوائز أو على وظائف في السلطة، وكان المتنبي أشعر الشعراء، واليوم ظهرت مبادرات تحفيزية منها مسابقة "أمير الشعراء" في ابي ظبي ومسابقة "البداع" في الشعر الحساني في موريتانيا، وقد رصدت لهذه المسابقات جوائز مهمة، وهي مسابقات سليمة من حيث غايتها لأن فيها تنشيطا للساحة الثقافية، وتحفيزا للإبداع إلا أنه كان يجب أن لا يتجاوز تقويمها لجنة التحكيم، أما تصويت الجمهور فإنه لا يسلم من عناصر غير موضوعية كالتحيز للقطر أو للجهة أو للقبيلة، أو لغير ذلك من الصلات على حساب الإبداع، غير أن لجان التحكيم يجب انتقاؤها بحيث تتوفر فيها عوامل الموضوعية والذوق السليم والقدرة على التمييز بين الجيد والرديئ وبين الجيد والأجود، وإذا كان لا بد من تصويت فإنه يجب أن يقتصر على نخبة معروفة بقدرتها على تمييز السليم من السقيم، ويمكن ذلك عن طريق تحديد لائحة معينة من الناس، والاتصال بها هاتفيا لترفد اللجنة بآراء تساعدها في عملية التقييم.

الفجر : ما موقفكم من القول إن التجديد في الشعر الموريتاني اسخط المحافظين ولم يرض الحداثيين؟

سيد احمد : في الحقيقة عندما أقرأ الشعر الموريتاني الحديث لا أحس بفرق كبير بينه وبين ما ينشر في مختلف الأقطار العربية من حيث شكله ومضمونه الضبابي، وإيحاءاته الرمزية، غير أن شعرنا الحديث في نشأته هو مثل شعرنا القديم في نشأته، ومثل الشعر العربي الجاهلي في نشأته، إذ لم نجد تدرجا بين القديم والحديث، فبينما كنا نصول ونجول في مضامين الشعر التراثي إذا بنا تطل علينا من كل حدب وصوب قصائد الشعراء الشباب الذين يمارسون الشعر الحديث، وإذا كان من ملاحظة في هذا المجال فإن على الشاعر الحديث أن يتقن أولا الشعر القديم، فلا تكون حداثته عجزا عن مجاراة الشعر الأصيل، كما يجب عليه أن تكون له محفوظات غزيرة من الشعر العربي القديم، ثم إن عليه أن يتمكن من ناصية اللغة العربية، وأن تكون له ثقافة واسعة في مختلف المجالات؛ عندها يمكن أن نترك له الحبل على الغارب ليحدث ويجدد كما يشاء.

الفجر : كيف تنظرون إلى الحركة النقدية والشعرية في بلادنا اليوم؟

سيد احمد : بالنسبة إلى الحركة الشعرية فسأتناولها قبل الحركة النقدية لعلاقتها الوطيدة بها فأنا متفائل بعشرات الشعراء الشباب الذين يبدعون ويشاركون بحيوية في مختلف الفعاليات الشعرية، سواء في الداخل أو في الخارج، ولا شك أن اعتراف العالم العربي بشعرائنا الشباب واختيار أمير الشعراء منهم و"وصيفه" وشاعر الجماهير ووصول مجموعة إلى رتب متقدمة في ترتيب الشعراء يعتبر تثمينا وتزكية لمستوى شعرائنا مقارنة بأمثالهم في مختلف أقطار الوطن العربي، وقد كان عامل النشر ولا يزال معوقا دون انتشار إبداعات شعرائنا الشباب، ولكن دأب اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين منذ بعض الوقت على نشر مجموعة من الإبداعات في كل سنة يبشر بسد جزء من هذه الثغرة، وعلى السلطات العمومية ممثلة في وزارتي الثقافة والاتصال تأطير هذه الجهود ودعمها، حتى ينشر أكبر عدد ممكن من هذا الإنتاج، فيما يخص الحركة النقدية فإنها ما تزال مقيدة إلى حد ما بمختلف الاعتبارات، فالنقد عند الكثير خاصة إذا كان غير إيجابي يعتبر مساسا بالشخص وتحاملا عليه، ولذلك فإننا لم نجد بعدُ من يرفع هذا التحدي، ويسمي الأشياء بأسمائها ليميز السليم من السقيم، وليوجه الشباب الذي ما زال يتلمس طريقه؛ لهذا فإن النقد ـ كما قال طه حسين متحدثا عن بعض نقاد عصره "فالنقد عندهم ضرب من المدح" فإذا أردت أن تتناول أثرا ما فإن عليك أن تكتفي بالجوانب المضيئة فيه، وإذا أردت أن تتناول الجوانب الأخرى فلتكن رقيقا رفيقا مجاملا، وإلا تعرضت لغضب صاحب الأثر وأهله وعشيرته، ومع ذلك فإننا نجد أعمالا نقدية جادة مثل أعمال الدكتور محمد الأمين ولد مولاي ابراهيم التي يتناول فيها بعض الآثار وبعض الأعمال الدرامية والشعرية، ولكن من خلال ربطها بمفاهيم "الشعرية" التي ما تزال فوق متناول جمهور القراء، ولا شك أن الصحف والبرامج السمعية البصرية تتعرض لجوانب من هذا النقد، ولكن بأسلوب يغلب فيها دائما جانب الإطراء على جانب التوجيه.

الفجر : هل لكم أن تقدموا لنا تجربتكم الشعرية برؤيتكم النقدية؟

سيد احمد : لقد لخصت هذه الرؤية بأنني اقترفت الشعر فلم يعجبني فتركته؛ كنت في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات أقول قطعا في مختلف المواضيع ولكن كلما قارنتها بالشعر الجميل للآخرين أجدها قاصرة عن مستواه، فتركت الشعر؛ غير أن هذا الترك لم يثبط عزيمتي عن حفظ بعض روائع شعرنا التراثي والاستمتاع بهذا الحفظ وبهذه الرواية، فانصرفت إلى التعليق على شعر غيري بعد أن عجزت أن أكون مثله.

الفجر : هل لكم أن تعطونا شاهد إثبات من هذا الشعر؟

سيد احمد : أذكر أنني كنت في مدينة شنقيط سنة 1958 وجاء الاستفتاء على دستور الجنرال ديكول وكانت مدينة شنقيط معبأة من قبل حركة الشبيبة الموريتانية على أن تصوت ب "لا" فصوتت بأكثر من 90% وكنا ـ لساذجتنا ـ نظن أن موريتانيا ستكون على هذه الشاكلة، فلما ظهرت النتائج مخيبة للآمال قلت :

دعاني من ملامكما دعاني

فإني قد دهاني ما دهاني

دهاني الهمُّ وهنا فاستجاشت

له كبدي وأضحى القلب عاني

لأمر ما أبيت حليف شجو

أحد على الجنان من السنان

لموتك موريتان بكيت حزنا

وأسبلت المدامع كالجمان

عهدتك موريتان أخا حفاظ

فلم تك موريتان بموريتاني

إليك تحيتي وعليك مني

سلام لا أراك ولا تراني

الفجر : شكرا لكم

أجرى المقابلة التقي ولد الشيخ

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا