موريتانيا تشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي :|: الأغلبية : شروط منح التزكية للمترشحين للانتخابات الرئاسية :|: "فترة عصيبة".. البنك الدولي يحذّر من تفاقم التضخم العالمي :|: الرئيس يبحث "استغلال مناخ الاستثمار" في موريتانيا مع وفد أوربي :|: إجازة خطة حكومية لعصرة الادارة :|: "دومين" : تسجيل العقود عن طريق منصة رقمية :|: متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !! :|: اتفاقية لافتتاح وكالة تابعة لـل"تشغيل" بالجامعة :|: اطلاق المرحلة الثالثة من برنامج تطوير التعليم :|: جدول رحلات الموريتانية للطيران لمسم الحج الحالي :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
تعدين الجبس وتجارته الدولية/ اسلك ولد احمد ازيد بيه
متى يكون أكل البطيخ مميتا.. ؟ !!
تصريح "مثير" للنائب بيرام اعبيدي
 
 
 
 

فَقَدَ بَصَرَهُ مِنْ أَجْلِ الْوَطَنْ فَكَافَأَهُ بالنِّسْيَانْ "قصة مؤثرة"

mercredi 28 septembre 2016


جمعتنا الصُّدفة حين أدركتني صلاة العصر بالقرب من أحد بيوت الله في توجنين، فدَلَفْتُ داخله و حييته بركعتين خفيفتين، مددت يدي لمصافحة شاب أسمَر البشرة يرتدي فضفاضة بيضاءَ يناجي ربّه بأذكار مسائية يجلس على مقربة مِنّي.
بصعوبة تمكن من الإهتداء إلى أطراف أصابع يدي الممدودة إليه.

كان في تلهف لسرد قصته حيث قال : "في مثل هذا اليوم من السنة المنصرمة كنت قوي البنية مفتول العضلات مقبلا على الحياة أمارس الرياضة بشكل منتظم ولا أشكو من عِلَّةٍ في جسدي" .

وتابع بحسرة..عملت ضمن تشكيلة من الهندسة العسكرية مكلفة بنزع الألغام والأجسام المتفجرة المطمورة في أعماق التربة بالشمال الموريتاني.

وأضاف كنا نعمل تحت درجات حرارة مرتفعة قبل أن أشعر بصداع مبرح اعتقدت في البداية أنه بسبب الشمس الحارقة، إلى أن شعرت بنقص كبير في الرؤية.

حينها قررت الذهاب بحثا عن العلاج،حصلت على الإذن من رئيسي في العمل وانطلقت إلى العاصمة انواكشوط".وكم كانت المفاجئة صادمة عندما أخبرني الطبيب بعد اكتمال الفحوص أن على الرِّضَا بالقدر والعيش ضمن ظلمات العمى وتخيل العالم بدل الإحساس بالرؤية.

ومما زاد في إحساسي بالألم شعوري بالإهمال الطبي لأن إصابتي بالعمى كانت محل تدارك لو تم التشخيص والعلاج في وقت مبكر.

أحسست بألم يعتصر سويداء القلب وأنا أرهف السمع لـ"لشيخ ولد صمب" وهو يسرد تفاصيل قصته الحزينة بعد أن كان شابا طموحا يزرع الحياة ويفدي لأبرياء بنفسه في صحراء قاحلة إلا من ألغام مخلفات حروب مدمرة سابقة.

رافقته وعلى بعد خطوات من شارع "سيد المختار الكنتي" صاح دليلنا "الطفل عمر(10 سنوات) ذاك هو منزلنا الذي نقيم فيه؛ بدا منزلا متواضعا يقع وسط أحزمة من الأعرشة وأشباه البيوت تفصح عن فقر ومآس شديدة .

في طريقنا إلى المنزل كنا نصعد التِّلاَلَ وننزل بين الحفر ونتلمس طريقنا بين ركام المنازل الذي خلفته الجرافات أثناء تخطيط الحَيَ وتأهيله.

استقبلتنا زوجته عائشة بالترحاب ...حدثتنا عن المعاناة التي سببها فقد الزوج لبصره وعمله، وقالت : "لقد فرض عليَّ ذلك مضاعفة الجهد لأتمكن من سَدِّ الحاجيات التي تتطلبها الحياة اليومية في مدينة لا ترحم.

وبمرارة تَخْنِقُهاَ العَبَراَتْ أضافت : "منذ أن أصبح زوجي أسير ظلمة العمى لم تُقدِّمْ لنا المؤسسة العسكرية التي كان يعمل بها أي عون.وبقينا عالة على المحسنين الطيبين مع قلتهم.

بسبب العمى يقضي "ولد صمبه" أغلب وقته في الاستماع للأشرطة الدينية والمحاضرات عبر أثير "إذاعة القرآن الكريم" وتمنى أن يصل صدى معاناته إلى أصحاب القلوب الرحيمة ليعينوه على نوائب دهر "قَلبَ لهُ ظَهْرَ المِجَنْ .

ودَّعْتُهُ بعد أن أرخى الليل سدوله.. كنت مهموما لحاله..بذلت جهودا لظهوره في برامج تلفزيونية تعنى بمثل هذه الحالات الإنسانية..في انتظار فرصة قادمة يبقى مصدر رزقه ما يجود به المحسنون.

ما أقسى الشعور بالموت بعد الحياة.. وأقسى الإحساس بظلمة العمى بعد الإبصار.. وَالْأمَرُّ من ذلك كله الإحساس بالضياع في وطن كنت تفديه بنفسك وبصرك.

محمد ولد سيدناعمر..كاتب صحفي

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا