CENI حصيلة المراجعة الاستثنائية للائحة الانتخابية :|: زعيما حزبي التكتل وقوى التقدم : نتمسك ب"الميثاق الجمهوري" :|: امتنان من الرئيس غزواني لنظيره السنغالي :|: شخصية جديدة تعلن ترشحها للرئاسة :|: رئاسيات 2024.. هذه أبرز المحطات المنتظرة :|: جدول بعثات اختيار مشاريع برنامج "مشروعي مستقبلي" :|: المندوب العام لـ "التآزر" يطلق عملية دعم 150 نشاط انتاجي :|: اتفاق بين الهيئة الوطنية لمحاربة الاتجار بالأشخاص ومدرسة الشرطة :|: انطلاق حملة للتبرع بالدم في موريتانيا :|: افتتاح معرض "أكسبو 2024" بموريتانيا :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
ثلاث وفيات في حادث سير لسيارة تهرب ذهبا
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
 
 
 
 

تراث إنساني على شفا الاندثار (ح1)

الكاتب محمدُّ سالم بن جدُّ

mardi 15 mars 2016


في الشخصية والمجتمع الموريتانيين جوانب لا تخلو من غموض طالما راودتني فكرة الكتابة عنها فأرجأتها إلى أن أجد الوقت الذي لا أجده، أو أجده وأنساها، وها قد طرقتها، والله أعلم هل سآتي على ما أريد منها.

إنها جوانب مختلفة؛ فمنها القولي ومنها الفعلي ومنها التَّرْكي؛ بيد أن من الضروري التنبيه على أن تناولي هنا مقتصر على الناطقين بالحسانية من بني هذه الربوع، وأنه ينطبق على معظمهم لا جميعهم، وأن موقفي من تلك الجوانب بمعزل عن عرضي إياها ولا يُحكم به من خلاله.

توطئة

خلافا للصورة النمطية التي يحملها غير العارف بهؤلاء عنهم فليسوا بسطاء ولا سذجا ولا عديمي الإحساس؛ وإنما هم مجتمع يجري جانب مهم من تعامله بين السطور ! وبذلك يعبر كل عن مرامه في حدود لا تخل بالمتعارف عليه. كما أن نظرة أحدهم إلى نفسه لا تقتصر على شخصه، وإنما يرى أسرته وعائلته جزءا من كيانه؛ فكما لا يثني المرء على يده ولا عينه ولا فمه يندر ثناء أحدهم على زوجه أو ابنه أو أخيه.. لأنه لا يتصور منه عكس ذلك، وإذا حدث أن أثنى عليهم ففتش عن السبب.

وقد يصل التعامل بين السطور إلى ضد ما في القلب أحيانا، ولعلي أن أصل إلى بعض ذلك.

فلان..

لم يكن الموريتانيون في طبعتهم الأصلية (التي تكاد تختفي الآن) مجتمع ألقاب؛ بل كانوا يرون في الثناء على حاضر نوعا من التملق والاستخفاف بعقله، وإذا اضطر أحدهم إلى ذلك قال معتذرا ومبرئا نفسه : "ما هو گدام وجهك" (أي لا أمدحك لأجل كونك حاضرا تسمعني).

وعوضا عن الألقاب كانت نبرتهم عند نطق الاسم تعبر عن قيمة المسمى لدى المتكلم (إعجابا، محبة، بغضا، استخفافا.. إلخ) واستمروا كذلك حتى عهد الرئيس المؤسس الذي كانوا يخاطبونه باسمه المجرد (المختار) دون وصف من أي نوع، لكن النبرة التي ينطقون الاسم بها كانت تفيض إجلالا واحتراما.

بالمقابل صاروا يغدقون الألقاب والأوصاف بشكل أقرب إلى السخرية ! أذكر مرة حضرت نشاطا لاتحاد الكتاب والأدباء فكان ينادى باسم "الشاعر الكبير" فلان الفلاني موصوفا بما عز نيله، فينهض شاب في مقتبل شبابه يختال كالطاوس تحت تأثير ذلك، فقلت للأستاذ كابر هاشم (رئيس الاتحاد وقتها) : ماذا بقي لهؤلاء عندما يكبرون بالفعل (إبداعا وسنا)؟ ! فوافقني الرأي.

هو وآلُه..

بينما تذكر إماء الله في مشارق الأرض ومغاربها من مختلف الفئات البشرية اسم الزوج دون حرج يتحرج الموريتانيات من التلفظ بأسماء أزواجهن، ويرين – ومعهن المجتمع- في ذلك قلة حصافة أو فجاجة أو شيئا من هذا القبيل. لذا لجأن إلى إيماءات وإشارات مختلفة أشهرها ضمير الغائب المعهود (هو) ثم إن منهن من تكني عن الكناية نفسها لأن وضوح دلالتها قربها من الاسم الصريح، فتقول : بعض الناس (على سبيل المثال). ومنهن من يزعمن – على سبيل الدعابة- أن ذكر اسم الزوج يسقط كسوة الزوجة عنه !

أما الرجل فهو أحسن حالا بعض الشيء، لأن بإمكانه ذكر اسم أهله ما لم يكن بمسمع من يحترمه لسنه أو مكانته؛ فحينها لا يختلف حاله عن حالها، وإذا أكثر من ترديد اسمها دون ضرورة كان في ذلك لفت للانتباه !

ويتفرع عما سبق التحفظ في معاملة الأبناء وخطابهم والحديث عنهم، ويبلغ الأمر ذروته في البكر ذكرا كان أم أنثى؛ فلعل كونه فاتحة شكله جعله مظنة التسفيه والحدب فدعاهم إلى التحفظ. ومن أشهر ما اصطلحوا عليه في ندائه والتعبير عنه "الطفل" و"الطفلة" اللذين قد يلازمان البعض طيلة حياته لا لشيء إلا لأنه الابن الأول لأبيه أو أمه أو كليهما. ومنهم من لا يتحلل من هذا القيد بالبكر إذا توفي في وقت، مبكر فيجري تاليه على عرف البكر.

بدانة الإناث

هذه عادة عربية قديمة لم يبق منها إلا البقية الباقية هنا؛ فأشعار العرب وأمثالهم وقصصهم طافحة بذكر من تملأ أطرافُها الأساورَ والخلاخل وبذكر الأرداف الممتلئة والخصر النحيل.. إلى حد لا يحتاج مثالا. ووصل الأمر إلى السنة الشريفة (حديث أم زرع) وحتى أسماء النساء تشهد به كعبلة (الممتلئة) ورملة (الكثيب) وحنتمة (السحابة).. إلخ، بينما يصف الغربيون نساءهم بالفراشات والقطط والحمائم..

ويبدو من الأساليب التي يجري بها الحديث عن بدانة الموريتانيات أن الانبهار بالغرب وصل إلى حد ما يحكى أن قوما أصيبوا بالجنون أجمعين إلا رجلا واحدا، فعمدوا إلى الرجل الشاذ وأوثقوه ظنا أنه المجنون.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا