أمريكا تثمن التزام موريتانيا بمعالجة الهجرة غير النظامية :|: الداخلية تحدد ممرات للمسافرين إلى مالي :|: غريب : العزوبية.. تعجّل بالشيخوخة !! :|: إسكوا :حالة من عدم اليقين تلف كل الاقتصادات :|: شخصية جديدة تعلن ترشحها للرئاسيات :|: بحث التحضيرللرئاسيات مع الامم المتحدة والاتحاد الأروبي :|: السيدة لأولى تنظم حفل إفطارلمجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة :|: النيابة العامة تستأنف الحكم في قضية قتل الصوفي :|: حزب التكتل يدين سجن ولد غده :|: مواعيد الافطارليو م18 رمضان بعموم البلاد :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

الموعد الأنسب لممارسة الرياضة في رمضان
من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
مرسوم يحدد صلاحيات الشرطة البلدية
تعيينات هامة في قناة الموريتانية
الاعلان المشترك : شراكة استراتيجية تؤسس لعلاقة جديدة *
توقيف لصوص سرقوا 60 مليون أوقية من شركة بنواكشوط
الوجيه والسياسي عبد الحي ولد محمد لغظف يطالب من مقاطعة تامشكط بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية
ما أقصروأطول ساعات الصيام في رمضان 2024/1445؟
دولتان عربيتان بين أكبرمنتجي ومصدري الطماطم عالميا
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
 
 
 
 

المقال الذي حرك مياه البركة الآسنة

dimanche 21 mars 2010


لما كتب الدكتور الشيخ ولد حرمه مقاله السياسي في جريدة "الشعب" تهافت عليه ذوو النوايا السيئة لإعطائه مضمونا غير الذي يحمل. وتباروا في الرد عليه بأسماء حقيقية وأخرى مستعارة. وقد نعتوه بشتى النعوت التي لا تليق بمن هو في مستواه الأكادمي والوظيفي والسياسي والأخلاقي والاجتماعي. ورغم شراسة الهجمة فقد أعطت تلك الردود نتائج عكسية لأن لغة الشتم تضر بصاحبها قبل غيره ولأنها تدل على الانهزامية وضعف الحجج. وقد ركز صاحب مقال "الدكتور الشيخ والمعركة الفاشلة" على فشل الشيخ، متجاهلا أنه جعل مستقبله وراء ظهره بعد كل نجاحاته منذ جامعة اكرونوبل وحتى مقعد وزير. كما تناول ما قال انه هروب من العدالة، متجاهلا أيضا أن الدكتور يسافر إلى فرنسا والمغرب باستمرار. ولم يكن موضع توقيف أو محاكمة في أي منهما. أما باقي الشتائم فلا تحتاج إلى تعليق.

وفي نفس الوقت صدر عن من أسمت نفسها اللجنة الإعلامية لحزب التكتل بيان اعتبر أنه ردا على مقال نشر في جريدة الشعب بقلم الدكتور الشيخ ولد حرمه ولد بابانا تحت عنوان : "هؤلاء والمعركة الخاسرة"، في وقت كانت تنتظر فيه النخب السياسية والثقافية ردا سياسيا على ما ورد في مقال ولد حرمه من إخفاقات سياسية لقادة المعارضة حول فشلهم سياسيا وإمعانهم في مواقفهم السلبية تجاه كل ما تحقق من تطور سياسي واقتصادي واجتماعي في البلد، إذا بالجميع يتفاجأ بمستوى الرد المتدني اللاأخلاقي للجنة الإعلامية، الذي جاء بعيدا عن الحقيقة، ومليئا بالمغالطات والافتراءات بل وحتى القذف في حق الدكتور، متنكرين لتاريخه النضالي والسياسي والاجتماعي.

فالدكتور ولد حرمه رجل سياسي قدم رؤيته السياسية لغرماء سياسيين يجب أن لا يخرج ردهم عن هذا الإطار، وسنحاول في هذه السطور أن نرد باقتضاب على النقاط التي تضمنها البيان لنعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ونبين للرأي العام مدى تدني مستوى رد اللجنة الذي كان ينتظر أن ينصب على محتوى مقال ولد حرمه، وبدلا من ذلك لجأت إلى أسلوب العاجزين، وهو الرد بالسب والقذف مما جعله متهافتا. ولن يجرنا بيان اللجنة إلى قول ما لا يجب قوله في حق حزب تكتل القوى الديمقراطية.

إن الدكتور الشيخ ولد حرمه ولد بابانا هو نجل من أوقد في عموم هذا البلد روح الوعي والمقاومة ضد الاستعمار. وكان جهاده حافزا لانتفاضة الشعب الموريتاني، وهو المواطن ذو البعد الإسلامي والمغاربي والأممي. وما هذا الرد الذي ورد على لسان اللجنة إلا استمرارا لتاريخ طويل من التنكر ومحاولة طمس الموروث النضالي لهذه الأسرة، من طرف نخب سياسية معروفة، كما ألصقت بها كل التهم وما ذلك إلا أنها فضلت الهجرة والغربة حين اكتشفت أن الاستعمار الفرنسي يعد طبخة مع شيعه لسلخ هذا البلد عن امتداده التاريخي والحضاري، فلم يكن خروج الزعيم أحمدو ولد حرمه يومها من موريتانيا إلى مصر فالمغرب لقيادة جيش التحرير إلا مباغضة للمستعمر ووقوفا في وجه سياساته الاستعمارية في موريتانيا، وقد حصل لديه اليقين بأن المستعمر الفرنسي لن يخرج من البلاد ويمنحها استقلالها وحريتها إلا بالكفاح المسلح، فكانت العمليات التي قادها انطلاقا من الأراضي المغربية وأراضي الجمهورية المالية، وقد تمكن من ذلك ونفذ عمليات ضد المستعمر أدت إلى الحكم عليه بالإعدام سنة 1958.

وفي سنة 1959 أرغمت الأسرة من طرف المستعمر على مغادرة البلاد وكان من ضمنها الدكتور الشيخ الذي لم يتجاوز عمره آنذاك 13 سنة، وفي وقتها لم تكن موريتانيا مستقلة. وكان يحمل بطبيعة الحال الجنسية الفرنسية، ليحمل فيما بعد جوازا مغربيا فغابونيا فسنغاليا، وقد عاد الدكتور مع والده حين اعتقد أن الأجواء صالحة لقبول كل مواطن مخلص لبلده، لكن شتان ما بين التمني والواقع، فقد أدرك الزعيم بعد عودته أن لا غائب ينتظره هو والأبناء سيان، وكانت الأبواب موصدة أمام كل ما يمت بصلة لهذه الأسرة بسبب وحيد هو الاستمرار في تطبيق مخطط سابق كان الاستعمار قد وضعه قبل رحيله وترك مهمة تنفيذه على يد زبانيته، مقتضاه الثأر لما تكبده من خسائر بشرية على يد جيش التحرير الموريتاني، ومن ذلك الثمن عندما طلب الزعيم أحمدو ولد حرمه العمل لأبنائه عند تخرجهم وحصولهم على الدكتوراه والتخصص كان الجواب الرفض من قبل السلطات الحاكمة آنذاك سنة 1975.

وهنا لا أريد سرد التاريخ، ولكن لتوضيح ما جاء في الادعاء بأن الدكتور كان خارج الوطن، وكأنه كان في نزهة اختارها لنفسه، وفيما يخص اتهام الدكتور بجرائم مالية، فتلك مغالطة ما بعدها مغالطة، إذ لم يكن الدكتور يوما يتقلد أية مسؤولية رسمية أو عمومية، بل كان يدير مصحة خاصة به حتى غادر المغرب طواعية، وفعلا عاد الدكتور إلى وطنه رغم فسحة العيش والاحترام والتقدير الذي كان موضعا له.

تلك العودة التي جاءت بعد أن اشتد تجبر نظام معاوية ولد الطايع وحين بطش بمقدرات البلد عاد ليناصبه العداء السياسي وليس للتقرب منه حبا في التسهيلات لإقامة عيادة في نواكشوط كما جاء في البيان، فكان دعمه للمرشح للرئاسيات محمد خونا ولد هيداله، إيمانا منه أنه القادر على منافسة ولد الطايع بشكل جدي في ذلك الوقت، وقد دفع الثمن بذلك التحالف مع ولد هيداله بالسجن الذي اختاره على التنكر لقناعاته ومبادئه، وفضل غياهب السجن على التزلف والتملق لنظام فاسد ومفسد تنكر لكل مقدس في هذا البلد.

ومن خلال ما تقدم من معطيات نستخلص أن رئيس حزب التكتل أراد تحويله من مؤسسة حزبية إلى ملكية شخصية، إذ من المفروض أن للحزب برنامجا وخطا سياسيا.

والدكتور الشيخ ولد حرمه لم ينتقد الحزب وخطه السياسي بقدر ما انتقد رئيس الحزب وتعاطيه السلبي الممنهج مع المستجدات السياسية، وبالتالي لم يكن من الأخلاق الزج بالحزب في هجوم لا علاقة له بالسياسة.

كما أوردت اللجنة الإعلامية في بيانها ما أسمته تقلبات الدكتور السياسية.

نعم، لقد اقتضت الظروف السياسية أن ينسق ولد حرمه مع ولد هيداله وقد فعل، وقد تطلبت منه الظروف التحالف مع مرشح التكتل وقد فعل، وكذلك فعل مع محمد ولد مولود ومسعود ولد بولخير.

وقد اقتضت الظروف أن يدعم أحد المرشحين في الدور الثاني في انتخابات 2007 نزولا عند رغبة بعض قادة حزب التكتل، الذين كانت تربطه بهم علاقات صداقة واحترام، وقد دعم هذا المرشح بصفته مرشحا للحزب، وليس كشخص ومن خلال قرار اتخذته كتلة الوطن السياسية التي كانت تضم إضافة إلى حزبه "تمام"، حزب الجبهة الشعبية برئاسة محمد الأمين الشبيه ولد الشيخ ماء العينين، وحزب التجديد الديمقراطي برئاسة المصطفى ولد اعبيد الرحمن، أما ما قيل في بيان اللجنة الإعلامية عن فشل الدكتور الشيخ ولد حرمه في وزارته لهو أبعد ما يكون من الحقيقة، وإلا فكيف يكون فشل وهو الذي تسلم وزارة الصحة على شفا حافة الإفلاس، فبادر في إطار استراتيجية جديدة لقطاعه إلى اتخاذ إجراءات لتجنيبها المصير المحتوم، وجعلها تتطلع بدورها في مجتمع هو بأمس الحاجة إليها؟

ألم يشرف الدكتور الشيخ ولد حرمه على انطلاقة خدمات المركز الوطني للأنكولوجيا؟

ألم يشرف بنفسه على تقدم العمل في العيادة المجمعة (بولي كلينيك) لتحويلها إلى مركز للحالات المستعجلة.

ألم يقم بنفسه بالإشراف على تسليم المعدات واللوازم الطبية للمراكز الصحية داخل الوطن، أم أن الذين كتبوا البيان أعمتهم عن الحقيقة زوبعة الإضراب المفبرك؟

إن الإضراب حق للعمال مكفول بحق الدستور يمارس وفق القانون، لكن هناك حقيقة يعرفها معدي البيان لكنهم لا يستطيعون الاعتراف بها وهي أن للإضراب مطالب سياسية وليست اجتماعية، وأن الذين يقفون وراءه هم أشخاص معروفون بالصيد في المياه العكرة، فلماذا المكابرة والعناد إذن؟

لقد سار البيان على خطى مما سبقه من تصريحات للمعارضة وهي التنكر لكل الإنجازات التي تحققت منذ السادس من أغسطس 2008 وحتى الآن، وكأنهم كمن يريد أن يحجب ضوء الشمس بغربال !.

إن الإنجازات تتحدث عن نفسها، وهي من الكثرة والأهمية ما لا تكفي صفحات قليلة لحصرها، فعن أيها نتحدث؛ عن طرق لفك العزلة أم عن منشئات مائية لحل مشكلة العطش المستعصية؟، أم عن استحداث خدمات صحية حالت دون تجشم عناء السفر إلى الدول الأجنبية طلبا للعلاج؟ أم عن استتباب للأمن بعد انتشار الجيش والتحسين من وضعه، أم عن تحسين ظروف الموظفين وتمكينهم من التساوي في الامتيازات الممنوحة لهم؟ أم عن تنظيم أكبر عملية اكتتاب في الوظيفة العمومية شهدتها الدولة منذ إنشائها إلى اليوم؟ كم كان يتطلب كل هذا بحساب الأنظمة السابقة؟

كما أعاب البيان على الدكتور الشيخ مواقفه السياسية، في تجاهل تام لحقيقة السياسة وحالة عدم الاستقرار وظاهرة الترحال السياسي التي تعرفها، فأين محررو ذلك البيان من مواقف أقطاب منسقية المعارضة التي كانت قبل أشهر قليلة من الآن تتبادل الشتائم ووصلت حد اتهام أحدهم للآخر بعدم الوعي السياسي، وأنه لو حوسب على أخطائه لما بقي على رئاسة حزبه وهما اليوم يتبادلان المدح والإطراء، فما هو حلال عليهم حرام على غيرهم.

وفي الختام، أذكر بأن الكلمة التي وردت في مقال الدكتور الشيخ ولد حرمه ولد بابانا والتي وردت في الفقرة المتضمنة لكلمة "الإرجاف"، والتي وصف بها قادة المعارضة بالمرجفين، أراد بعض الصائدين في الماء العكر أن يخرجوها عن محتواها ومدلولها ومعناها، الذي قصده الدكتور في مقاله، لا المعنى القدحي الذي ورد في القرآن الكريم والذي يميز بين المسلمين والمشركين، فالإرجاف لغة هو نشر الرعب والخوف بين الناس.

وإذا عدنا إلى خطاب قادة المعارضة منذ حركة التصحيح في السادس من أغسطس 2008 نجد أنه كان مليئا بالمفردات التي تنشر الرعب والخوف في نفوس المواطنين، فهم يتحدثون تارة عن الحرب الأهلية، وتارة عن انعدام الأمن، وتارة عن تفشي الأمراض وتارة أخرى عن المجاعة، وتارة عن العطش، وتارة عن أزمة اقتصادية خانقة، وتارة عن أزمة تهدد الهوية، وتارة عن ارتهان الأمن الوطني للخارج، وتارة الإرهاب وعجز الجيش الوطني وقوات الأمن عن حفظ النظام، وتارة عن أن البلاد تعيش أجواء من الخلاف مع دول الجوار... ألا تخلق هذه الدعايات بين المواطنين خوفا وقلقا ورعبا وانعدام أمل في المستقبل؟؟ ألا يسمى هذا إرجافا؟؟ إذن الدكتور ولد حرمه عندما وصف قادة المعارضة بالمرجفين لم يكن يقصد بذلك سوى المعنى اللغوي، وإذا كان البعض قد فهم منه غير ما قصد الدكتور في مقاله، فالعهدة عليه.

بقلم : خديجة بنت محمد محمود

خريجة جامعة نواكشوط

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا