رئاسيات 2024.. هذه أبرز المحطات المنتظرة :|: جدول بعثات اختيار مشاريع برنامج "مشروعي مستقبلي" :|: المندوب العام لـ "التآزر" يطلق عملية دعم 150 نشاط انتاجي :|: اتفاق بين الهيئة الوطنية لمحاربة الاتجار بالأشخاص ومدرسة الشرطة :|: انطلاق حملة للتبرع بالدم في موريتانيا :|: افتتاح معرض "أكسبو 2024" بموريتانيا :|: وزيرالخارجية يلتقي نظيره الأمريكي :|: ولد بوعماتو يدعم ترشح الرئيس غزواني لمأمورية ثانية :|: رئيس السنعال : محادثاتي مع نظيري الموريتاني “مشبعة بالود” :|: اتفاقيات تمويل مع البنك الدولي بـ 26.6 مليارأوقية :|:
أخبار
اقتصاد
تحقيقات وتقارير
مقابلات
منوعات
الرأي
مواقع

الأكثر قراءة

من هو الرئيس السنغالي الجديد؟
حديث عن تعديل وزاري وشيك بعد العيد
جنرالات يحالون للتقاعد مع نهاية 2024
وزيرسابق يستنكر سجن ولد غده
تصريح "مثير" لرئيس التحالف الشعبي
ما الأسباب وراء تراجع أسعارالغذاء العالمية؟
من يوميات طالب في الغربة(5) : أول يوم بالسفارة الموريتانية في تونس العاصمة
استعادة عافية الجنوب تعززعلاقة الأشقاء/ عبد الله حرمة الله
ثلاث وفيات في حادث سير لسيارة تهرب ذهبا
طائرة أميركية تقطع رحلتها .. والسبب غريب !!
 
 
 
 

نائب رئيس حزب « تواصل » الموريتاني لـ « العرب » : تجربتنا خاصة والطبقة السياسية ملت الانفراد بالحكم

samedi 31 juillet 2010


يتحدث القيادي الإسلامي الموريتاني محمد غلام ولد الحاج الشيخ نائب رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) في لقائه مع « العرب » عن أهم التحديات التي تواجه التيار الإسلامي الوسطي في موريتانيا، وحيثيات التجربة السياسية التي عاشها حزبه « تواصل » -المحسوب فكريا على حركة الإخوان المسلمين- في العمل الميداني؛ بعد الانتقال من مرحلة القمع والتضييق الرسمي -التي عانى منها قادته ومناضلوه إبان حكم الرئيس السابق معاوية ولد الطايع- إلى مرحلة العمل الحزبي المنظم من خلال هيئاته الحزبية، وممثليه في البرلمان بغرفتيه، وعمده في البلديات، ويستشرف مستقبل الحراك السياسي في نواكشوط من خلال معايشته للواقع المحلي والحراك الدائر حالياً بين المعارضة والموالاة.
ويتطرق محمد غلام -الذي يرأس الرباط الوطني لنصرة فلسطين في موريتانيا- لمشاركته في أسطول الحرية، واصفاً المعاناة التي عاشها نشطاء السلام ودعاة كسر الحصار عن غزة أثناء الاعتداء الإسرائيلي على سفن الأسطول، ومبرزاً العوامل الأساسية التي جعلت الشعوب العربية تعلق آمالاً كبيرة على مواقف الحكومة التركية، بعد أن تخلت أغلب القيادات العربية عن واجبها في دعم الشعب الفلسطيني.

لا تشكيك في انتخابات يوليو 2009
 يمكن القول إن قيادات التيار الإسلامي في موريتانيا عاشت شتى صنوف العمل السياسي، فمن السجن والمطاردة إلى الحضور في البرلمان والمجالس البلدية، مروراً بالمشاركة في آخر حكومة للرئيس السابق، هلا حدثتنا عن تجربتكم هذه؟

أعتقد أن النضال ضد نظام ولد الطايع كان استثناءً في مسلماتنا السياسية، فنحن عندما نترك لحال سبيلنا، وعندما لا نستهدف في أعز ما نملك وهو قيمنا ومبادئنا التي نناضل من أجلها خدمة لمجتمعنا ومشروعنا الذي ندعو إليه، وعندما لا نعامل بالتسلط والقهر السياسي، فوضعنا الدائم هو نقطة الوسط، أي أن نكون للجميع وأن نكون مع الجميع؛ ونمد يدنا للكل، وهذا هو وضعنا الآن.

فمنذ سقوط النظام الماضي في 2005 بدأنا بحوار مفتوح مع السلطة العسكرية يومها من أعلى الهرم إلى أسفله، ثم واصلنا ذلك الحوار مع الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله ومع كل الجهات الأخرى، وبعد الانقلاب الأخير دخلنا في الجبهة الوطنية لمعارضة الانقلاب، لأننا لا نوافق على الاستيلاء على السلطة بالقوة، ثم بعد انتهاء الأزمة باتفاق دكار الذي توصلت إليه القوى السياسية، رأينا أن الوفاء للقيم الديمقراطية وللعهود التي قطعناها على أنفسنا في دكار كل هذا يقتضي أن نعترف بنتائج انتخابات 18 يوليو 2009 التي لم نجد ما يبرر رفضها أو التشكيك فيها عملياً بأي شيء موثوق، ولذلك اعترفنا بنتائج الانتخابات واتخذنا الإجراءات والخطوات التي تترتب على هذا الاعتراف، والتي من أهمها الاعتراف بالنظام الذي أصبح نظاماً منتخباً من طرف الشعب الموريتاني، وأخلاقيات الديمقراطية تحتم علينا إعطاءه الفرصة كاملة لتطبيق برامجه ووعوده، ونحن من عادتنا أن نتخلق بما يفرضه علينا القرآن من قوله تعالى : « ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى »، والعدل مقتض أن نتيح الفرص، وأن لا نتحامل على كل شيء.
لذلك موقفنا اليوم هو موقف تهدئة مع كل الدوائر؛ سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، نحن نحمل الخير للجميع، ونود أن تكون لدينا فرص وأقنية سالكة في كل الاتجاهات.

 يصف البعض مداخلات نواب حزبكم « تواصل » في الجمعية الوطنية بالتحيز أحياناً للحكومة، فيما يقول آخرون إنها تعبر عن دراية أكثر ودراسة متعمقة لمشاريع القوانين التي تعرضها الحكومة، ما رأيك؟

تفرض علينا أخلاقياتنا أن نعدل في النقد والمعارضة؛ وكذلك في التأييد والمساندة، وهناك لجان تهتم بمساعدة النواب والمنتخبين في الحزب وأعضاء الهيئات الاستشارية، وإعداد ما يعينهم على تأدية مهامهم على الوجه الأكمل، سواء بتوفير المعلومات أو تقديم الشروح اللازمة وغيره من الأمور الأخرى، مع أن عمد ونواب الحزب هم أصلاً نخب وطليعة من أبناء الشعب الموريتاني وأطره من المتميزين، مثلا النائب السالك سيدي محمود يقوم بعمل جبار كمقرر للجنة الدائمة لميزانية الدولة، حتى إن بعض المنتسبين لبعض الأحزاب الأخرى يقولون إن ما يقوم به هذا الرجل وحده يعدل عمل مجموعة متكاملة.

كفاءة منتخبينا لا تحتاج برهانا، وهم لا ينظرون للمصلحة العامة من زاوية واحدة، سواء كانوا في المعارضة أو في الحكومة، فإن أحسنت الحكومة في شيء أقروه وثمنوه، وكذلك المعارضة إن أحسنت في أمر آخر أعانوها، وبالتالي مداخلاتهم بكل تأكيد متميزة بالجرأة في قول الحق، وكذلك الشجاعة على الاعتراف بالجميل لأهله، وأعتقد أن التجربة أثبتت أمراً مهماً وهو أن الإسلاميين من خلال أدائهم بإمكانهم أن يكونوا شركاء للجميع، وأن يكونوا جزءاً من الجميع، حتى من منطلق كوني مهتماً بالإصلاح أرى أن الإسلامي يجب أن يثبت أنه ليس شخصية متحجرة غير طبيعية.
والرابط الأهم في مداخلات نوابنا هو أنها جدية، وتنبع من تفكير واطلاع كافٍ على كل الطروحات، بالإضافة للإحساس بمشاكل الشعب.

التيار الإسلامي الموريتاني طبعة خاصة
 تتعدد أسس العمل السياسي الإسلامي في العالم، وعاشت الحركة الإسلامية تجارب ونجاحات في بعض البلدان كتركيا مثلاً، وعانت إخفاقات ومصاعب في بقاع أخرى، من أي التجارب يستلهم التيار الإسلامي الموريتاني فكره؟

الحركات الإسلامية تتقاطع في كثير من الاهتمامات السياسية أو الفكرية، والتشابه في أدائها قد يكون نتيجة الخلفية والمدرسة الواحدة التي تنهل منها هذه الحركات، وربما من الطريقة المتشابهة في الاستنباط.
فعندما يتحدث مثلاً إسلامي وسطي في بنغلاديش تجد صدى لحديثه في المغرب العربي أو أي مكان آخر، وهذا التشابه مرده المعدن الفكري الواحد، وإن اختلفت الضوابط التنظيمية.
والحركة الإسلامية في موريتانيا تتميز بأنها طبعة خاصة نشأت في البيئة الموريتانية، وتميزت بتميز الشخصية الصحراوية الحافظة، التي لديها إنتاج محلي في التجارب الإسلامية، فمنذ الشيخ عمر الفوتي ودعوة الشيخ محمد المامي مروراً بالشيخ سيد المختار الكنتي ووصولاً إلى الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيديا وابنه باب في القرن الماضي، أعطت الحركة الإسلامية في موريتانيا لعملها أبعاداً مجتمعية، فالعلوم الدينية التي تميزت بها هذه البلاد كانت معيناً ومنهلاً للحركة الإسلامية المحلية، وكانت مميزاً للحركة عن غيرها.
كما أن الاطلاع على تاريخ وتطور الحركات الإسلامية الأخرى في الخارج جعل الحالة الإسلامية في موريتانيا تستفيد من جملة التجارب والأخطاء التي مرت بها الحركات الإسلامية الأخرى، سواء كانت في المحيط القريب أو البعيد، لذلك حاولنا منذ فترة أن نجنب بلادنا المزالق التي هوت فيها بلاد أخرى، وحاولنا في أولى التجارب السياسية للتيار الإسلامي الموريتاني أن نطرح أهدافا « مروضة » تسعى للمشاركة وليس الغلبة والسيطرة، ولا الانفراد بالقرار والساحة، خصوصاً بعدما عرفت أجهزة الدولة أن التنكيل بالخصوم لا يمكن أن يطبق على الحالة الفكرية الإسلامية التي تعتبر جزءاً من كينونة الشعب الموريتاني، وغير مقدور على استئصالها عبر تجفيف المنابع.
لذلك أعتقد أنها بشرى للشعب الموريتاني أن يكون هناك جيل سياسي واع منضبط، مثل الحضور الفكري الإسلامي المعاصر بخلفية حضارية متميزة، وبواقعية في الطرح السياسي، وبقبول وإنصاف للآخر والتعامل معه، وأعتقد أن التيار الإسلامي في موريتانيا يقود التحديث اليوم في البلاد، وأتحدث هنا عن الحداثة الحقيقية التي تتناسب وخصوصياتنا كمجتمع متدين تقليدي؛ يحتاج لمن يقود تحديثه وتأطيره حضارياً من جديد؛ بما يتسق وأغلى ما يملك ألا وهو دينه وقيمه وثوابته.

 كيف ترى المستقبل السياسي في موريتانيا في ظل الأزمات الراهنة التي تعرفها العلاقة بين الحكومة والمعارضة؟
المشكلة الحقيقية في طريقة تسيير أمور الحكم، هنالك خياران للحكم أمام الأنظمة في موريتانيا وفي البلدان الأخرى في العالم الثالث، إما حكم فردي أو جماعي.

وأعتقد جازماً أن كل الرؤساء الذين مروا بموريتانيا منذ الاستقلال كانوا يسعون لبناء البلاد وازدهارها، فالقادة العسكريون جميعاً كانوا يحاولون فعل ما يرونه صواباً لبلدهم من وجهة نظرهم هم، فالرئيس ولد هيدالة مثلاً إبان حكمه جال في الأسواق، وعايش هموم الناس، وراقب الأسعار، والرئيس معاوية بذل خلال عقدين من حكمه، ما رآه هو مناسباً للشعب الموريتاني، شق طريقاً هنا، ودشن مستشفى هناك، ولكن في النهاية كل هؤلاء وصلوا لطريق مسدود، لأن طبيعة الحكم الفردي الذي اتبعوه تعني عدم الأخذ بالرأي الآخر، فالحكم الفردي لا يسمح بظهور القيم الحميدة وحرية الرأي والانتقاد، بل يعتبر بيئة خصبة للنفاق والتملق، وظهور أناس لا رأي لهم، وهؤلاء بطبيعتهم ليسوا مخلصين لأنهم يحجبون عن الحاكم حقائق الأمور، ليصل في النهاية أي حكم فردي إلى طريق مسدود.
النظام السليم هو العمل الجماعي، أي عمل الشورى والديمقراطية، العمل الذي يتسع لأصحاب الرأي، وأصحاب المشورة، ويقوم على أساس تقييم الناس وفق الكفاءة والأمانة، والقدرة على النفع العام لمؤسسات الدولة، ولا يقبل أن يساس الناس برؤية شخص واحد أو حزب واحد أو مجموعة وتيار أوحد.
وأنا أعتقد أن الطبقة السياسية في موريتانيا ملت الانفراد بالحكم، ففي كل حقبة يأتي من يحسب أن له من السطوة والمنعة والقوة ما يستطيع به السيطرة على البلاد، ولنتذكر أن آخر خطاب لمعاوية ولد الطايع سنة 2005 قال فيه إنه لن يأتي انقلاب جديد، ليطاح به بعد أيام في انقلاب تلته انقلابات أخرى.
أنا أقول إنه إذا ما وفق الله أهل موريتانيا خصوصا الطبقة الحاكمة لأن تفهم أن الرئيس يحكم كل الناس، ويجب أن لا يسعى من دونه للاستحواذ على أكبر قضمة من الكعكة فيما يبقى السواد الأعظم محروماً من خيرات بلاده، يجب أن تظل أهم مقدرات الأمة مسخرة لخدمة الناس وبناء مستقبل البلاد.
إذا اتفق الفرقاء على صيغة شراكة وطنية في الرأي والتدبير وأتحنا فرصة لمجمل الطيف السياسي المحلي أن يسهم في عملية البناء، فسنعيش سنوات قادمة منزوعة فتيل الفتنة بين المعارضة والموالاة.

 كنتم حزباً مشاركاً في الحكومة التي أطيح بها في انقلاب 6 أغسطس 2008، ما طبيعة علاقتكم حالياً بالرئيس ولد عبدالعزيز وحكومته؟

السؤال يطرح دائماً، ومن الشائع القول إننا اتخذنا مواقف معينة في جهة ما، أنا أعتقد أن الفترة الحالية تأتي بعد مرور البلاد بالكثير من الهزات والأزمات السياسية التي نحسب أن مواقفنا خلالها كانت واضحة ومشرفة، دفاعاً عن الوطنية والديمقراطية، ولكن بعد اتفاق دكار أصبح اليوم من مصلحة الشعب والدولة الموريتانية أن نعطي فرصة للتنمية والاستقرار، خاصة بعد انتخاب الرئيس محمد ولد عبدالعزيز بشكل شرعي، وأن نتيح له فرصة لتطبيق برنامجه.
أعلم أننا اتخذنا مواقف من الناحية السياسية قد تخدمه، وتسحب فتيل الصدام، وهي مواقف مقصودة، ونحن واعون للنتائج المرجوة منها، فنحن لا يسيئنا أن تستفيد الحكومة من فرصة تمكنها من التفرغ للعمل التنموي. وكثيرون في الساحة المحلية يتساءلون عن ما جنيناه من هذا التصرف، فإن كان هذا التساؤل يخص المناصب أو التعيينات فنحن في ظل هذا الحكم لم نسجل أي حالة من التعيينات لأي من أطر الحزب، ولكن أنا أعتقد أننا ما زلنا في البدايات ولعل الجو العام الحالي يساعدنا على التفرغ للبناء السياسي والتفكير خارج نطاق هالة الأزمة، وهذه كلها أنواع من الاستفادة مع مناخ الحرية في إقامة المؤتمرات والفعاليات السياسية التي قاد فيها الإسلاميون ليس فقط العمل السياسي، بل حركوا كذلك راكد العمل الثقافي والفكري في الساحة الموريتانية.
والبلاد محتاجة لمواقف مماثلة من بقية الأطراف السياسية، ونحن تواقون لأن تكون الدولة الموريتانية للجميع، يجد فيها كل منتم لأي حزب حقه ومكانته الحقيقية.

مشاهد من سطح « مرمرة »
 شاركت في أسطول الحرية، وكنت من بين ركاب سفينة مرمرة التي هاجمتها البحرية الإسرائيلية واستشهد على متنها عدد من النشطاء الأتراك، كيف تصور لنا الواقعة؟

الموضوع أوسع من أن أتحدث عنه باختصار، ولكن هناك نقاطا سريعة أوجزها لما رأيته خلال رحلة سفن « الحرية »، أول هذه النقاط أنني كنت مشدوهاً وأنا أنظر للمتضامنين من نشطاء السلام الغربيين من فتيات وشيوخ ورجال من غير أمتنا العربية الإسلامية، وهم يضحون بأرواحهم من أجل قضية قد تكون لا تمسهم كما تمسنا، بعضهم قال لي إنه لا تعنيه حركة حماس أو الجهاد أو من يحكم القطاع، بل هدفه إيصال المواد الغذائية والملابس لأطفال غزة ونسائها وشيوخها.
كل من كان على سفينة مرمرة كان مستعداً -فعلاً لا قولاً- للتضحية، لأن مواجهة العدو الصهيوني أمر حتمي، وتاريخ إسرائيل مع القتل والتنكيل والتعامل المتعسف ليس أمراً جديداً، وهو ما جعل كل من على السفينة متهيئاً لكل الاحتمالات، البعض كتب وصيته، وهناك من رمى هاتفه في البحر، وآخر يتصل بأهله مودعاً ليوصيهم ببعض أموره، كل هذا يؤكد أن كل الاحتمالات كانت واردة والجميع متحسب لها، بما فيها ضرب السفينة بصاروخ أو إغراقها.
هذه الاحتمالات روجتها قبل الرحلة مواقع إسرائيلية، بعضها تحدث عن وجود أسلحة وطائرات هيلكوبتر على السفينة، والهدف من هذه الشائعات تهيئة الشارع الإسرائيلي لأي عملية قد يقوم بها الجيش الإسرائيلي، الخطر كان محققاً والجميع تحسب له.
الدرس الآخر المهم جداً، هو أن المجتمع المدني أثبت أنه يستطيع أن يفعل الشيء الكثير، وأن يغير الواقع المرير الذي يعيشه المحاصرون في غزة، التغيير من غير سلاح ولا جيوش جرارة، بل إن هذه المبادرة أحرجت الكيان الصهيوني، وحطمت اثنين من الأسس التي بنا عليهما خرافة الدولة الصهيونية التي لا تقهر، الخرافة الأمنية التي تؤكد لليهود أن إسرائيل محاطة بجدر من كل النواحي ولا يمكن الوصول إليها، وخرافة أخرى خلقها الإعلام الغربي الذي يصور إسرائيل كدولة ديمقراطية خيرة، مزدهرة اقتصادياً وسياحياً، وتحيط بها بلدان معادية تتحين الانقضاض عليها. أعتقد أن أسطول الحرية حطم الاثنين معاً.
دروس مهمة جداً استلهمها العالم من أسطول الحرية، من أهمها أننا عرفنا مدى معاناة وصبر إخوتنا في فلسطين المستلبة منذ أكثر من 60 عاماً، نحن كمناضلين ضقنا ذرعاً بهم ولم نستطع صبراً عليهم لثمان وأربعين ساعة، كنا نضج ونقرف ولا نتحمل تصرفاتهم العنجهية، تخيل أنهم يرفضون السماح لمرضى السكر بدخول الحمام، ويرفضون إعطاء المياه للأطفال والنساء، وأزيز طائرات الأباتشي -التي كانت فوق رؤوسنا طوال النهار- لم يتوقف منذ اقتربنا من شواطئ غزة، تثير مياه البحر علينا من النوافذ، ولم يحملوا الجرحى من السفينة إلا بعد تفتيش طويل دام ساعات.
الجيش الإسرائيلي سرق أمتعة الموجودين على السفينة، ومستلزماتهم الخاصة، أنا مثلاً سرق كومبيوتري الشخصي بكل ما حواه من ملفات ووثائق عكفت سنين طوال على جمعها وتنقيحها، أي أنهم لم يسرقوا مجرد جهاز يمكن شراؤه من أي مكان، بل سطوا على ذاكرة عقد من الزمن، و « كناشي الأدبي » الذي جمعت فيه نوازل فقهية وأقوال أهل التفسير حول مسائل مهمة، وسرقوا مني شتات الشعر الموريتاني الجميل، لقد سلبوني جزءاً من حياتي، لم أكن أتخيل أن يصل الظلم والتنكيل لهذا الحد.
وللأسف هذا الإجرام الصهيوني ترعاه الحضارة الغربية، لا أعني هنا الحضارة بمفهومها العلمي والتاريخي، ولكن الدول المتحضرة التي تقوم بحماية وترويج مثل هذا الإجرام الذي حدثتكم عنه.

الدور القطري وقمة غزة التاريخية
 كيف تصنف مواقف الدول العربية خلال أحداث أسطول الحرية؟

هنالك أدوار متميزة لبعض الدول العربية، والصورة السوداوية للموقف العربي تتخللها طبعاً بعض النقاط البيضاء هنا وهناك، فمثلاً لا يمكن أن ننسى قمة غزة التي أقيمت في الدوحة برعاية كريمة من حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر المفدى، والتي كانت قمة تاريخية لأول مرة تحدث شرخاً في الموقف الذي يدعو للقبول بشروط الرباعية الدولية، وأصبحت هنالك مواقف معلنة واجتماعات خارج المظلة الصهيو- أميركية، تتقدم هذا الجناح الممانع دولة قطر وسوريا وليبيا وموريتانيا، وغيرها من الدول المهمة التي عبرت عن قدرتها على الفعل من دون أخذ الإذن من أميركا، وهذا العمل مقدر فعلاً، وإن استمر فسيؤدي لا محالة لتغيير الوضع في فلسطين، ولكنه بلا شك يحتاج لإجماع من بقية دول العالم العربي والإسلامي.
فإن كانت منظمات عمل إنساني قليلة العدد والإمكانات استطاعت أن تحرج العدو الصهيوني، فما بالك بدول مجتمعة، تركيا وحدها أحرجت إسرائيل وحركت العالم الغربي، فما بالك بما سيحدث لو كان الحراك من قبل مجموعة بلدان لها الكثير من الإمكانات والقدرات على فعل الكثير من الخطوات؟ !
أنا أعتقد أن سياسة بعض الدول في المنطقة -كدولة قطر- مهمة جداً، على الأقل أعلنت على الملأ أنها تقف إلى جانب قضايا الأمة، ورغم وجود العلاقات الجيدة مع الدول الغربية فإن هذا ليس على حساب ثوابتنا ودماء أبنائنا. وللأسف بعض الدول العربية والإسلامية قدمت تنازلات عن كل شيء ولم يعد يهمها أنين أبنائها وعويل نسائها.

عودة للصفحة الرئيسية

الصفحة الرئيسية   |   أضفنا إلى مفضلتك   |   من نحن؟    |   اتصل بتا